قصيدة أبثكم أني مشوق بكم صب للشاعر سِبطِ اِبنِ التَعاويذي

البيت العربي

أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ


عدد ابيات القصيدة:75


أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ
أُبِـــثُّكـــُمُ أَنّـــي مَـــشـــوقٌ بِـــكُـــم صَـــبُّ
وَأَنَّ فُـــؤادي لِلأَســـى بَـــعـــدَكُــم نَهــبُ
تَـــنـــاسَــيــتُــمُ عَهــدي كَــأَنّــي مُــذنِــبٌ
وَمـــا كـــانَ لي لَولا مَـــلالُكُـــم ذَنــبُ
وَقَـد كُـنتُ أَرجو أَن تَكونوا عَلى النَوى
كَــمــا كُـنـتُـمُ أَيّـامَ يَـجـمَـعُـنـا القُـربُ
وَقَــد كــانَــتِ الأَيّـامُ سِـلمـي وَشَـمـلُنـا
جَــمـيـعٌ فَـأَمـسَـت وَهـيَ لي بَـعـدَهـا حَـربُ
فـــيـــا مَــن لِقــلبٍ لا يُــبَــلُّ غَــليــلُهُ
وَأجــفــانِ عَــيــنٍ لا يَــجِــفُّ لَهــا غَــربُ
حَــظَـرتُ عَـليـهـا النَـومَ بَـعـدَ فِـراقِـكُـمُ
فَـمـا يَـلتَـقي أَو يَلتَقي الهُدبُ وَالهُدبُ
وَبــالقَــصـرِ مِـن بَـغـداذَ خـودٌ إِذا رَنَـت
لَواحِــظُهــا لَم يَــنـجُ مِـن كَـيـدِهـا قَـلبُ
كَـعـابٌ كَـخـوطِ البـانِ لا أَرضُهـا الحِمى
وَلا دارُهــا سَــلعٌ وَلا قَــومُهــا كَــعــبُ
مُــنَــعَّمــَةٌ غــيــرُ الهَــبــيــدِ طَــعـامُهـا
وَمِــن غــيــرِ أَلبـانِ اللِقـاحِ لَهـا شُـربُ
وَلا دونَهــا بــيــدٌ يُــخــاضُ غِــمــارُهــا
قِـــفـــارٌ وَلا طَــعــنٌ يُــخــافُ وَلا ضَــربُ
مَـــحَـــلَّتُهـــا أَعـــلا الصَــراةِ وَدارُهــا
عَـلى الكَـرخِ لا أَعلامُ سَلعٍ وَلا الهَضبُ
إِذا نُــسِـبَـت آبـاؤُهـا التُـركُ وَاِنـتَـمَـت
إِلى قَــومِهـا أَخـفَـت مَـنـاسِـبَهـا العُـربُ
وإِن حُــجِــبَــت بِـالسُـمـرِ وَالبـيـضِ غـادَةٌ
فَـــليـــسَ لَهـــا إِلّا غَـــلائِلِهــا حُــجــبُ
وَلَم أَنــسَهــا كــالظَــبـي لَيـلَةَ أَقـبَـلَت
تُهــادي وَمِــن أَتــرابِهــا حَــولَهـا سِـربُ
وَسَــقَّتــ عَــنِ الوَردِ المُــضـرَّجِ بِـالحَـيـا
لَنـا بَـيـنُهُـم تِـلكَ المَـعـاجِـرُ وَالنُـقـبُ
وَلَمّــا تَــلاقَــت بِــالصَــراةِ رِكــابُــنــا
وَرَقَّ لَنــا مِــن حَــرِّ أَنــفـاسِـنـا الرَكـبُ
عَـلى الجـانِـبِ الغَـربـي والجَـوُّ مَـوهِـناً
رَقــيـقُ الحَـواشـي وَالنَـسـيـمُ بِهـا رَطـبُ
وَغـــابَ رَقـــيـــبٌ نَـــتَّقـــيـــهِ وَكـــاشِـــحٌ
وَراقَـت لَنـا الشَـكـوى وَلَذَّ لَنـا العَـتبُ
وَبــاتَــت بِــكَـفّـيـهـا مِـنَ النَـقـشِ رَوضَـةٌ
لَنـــا وَغَـــديــرٌ مِــن مُــقَــبَّلــِهــا عَــذبُ
وَهـــانَ عَـــليـــهـــا أَن أَبــيــتَ مُــسَهَّداً
أَخــالَوعَــةٍ لا يَــألَفُ الأَرضَ لي جَـنـبُ
إذا قُــلتُ يــالَمــيــاءُ حُــبُّكــِ قــاتِــلي
تَــقــولُ وَكَــم مِــن عــاشِــقٍ قَــتَـلَ الحُـبُّ
وَإِن قُــلتُ قَــلبــي فــي يَــدَيـكِ ضَـريـبَـةٌ
تَــقــولُ وَأَيــنَ المُـسـتَـطـيـبُ لَهُ الضَـربُ
رُوَيــــــدَكِ إِنَّ المــــــالَ غــــــادٍ وَرائِحٌ
وَمِــن شِــيَــمِ الدَهــرِ العَـطِـيَـةُ وَالسَـلبُ
لَئِن ضـــاقَـــتِ الزَوراءُ عَــنــي مَــنــزِلاً
فَــلي فــي بِــلادِ اللَهِ مُــرتَــكَــضٌ رَحــبُ
سَــأُرهِــفُ حَــدَّ العَــزمِ فـي طَـلَبِ الغِـنـى
وَأُســهِــبُ حَــتّـى يَـعـجَـبَ الحَـزنُ وَالسَهـبُ
فَــمـا خـابَ مَـن كـانَـت وَسـائِلَهُ الظُـبـا
إِلى الحَــظِّ وَالقــودُ المُــطَهَّمــَةُ القُــبُّ
وَمـا أَنـا مِـن يَـثـنـي الهَوى مِن عِنانِهِ
وَيُـــمـــلَكُ فـــي حُـــبِّ الحِـــســـانِ لَهُ لُبُّ
وَمــا أَدَّعــي أَنّــي عَــلى الحُــبِّ صَــخــرَةٌ
وَأَنَّ فُـــؤادي لايَـــحِـــنُّ وَلا يَـــصـــبـــو
وَلَكِــنَّهــا الأَيّــامُ تَــعــصِــفُ بِــالفَـتـى
إِلى غَـيـرِ مـا يَهـوى زَعـازِعُهـا النُـكـبُ
وَقَـد يُـصـحـبُ القَـلبُ الأَبـيُّ عَلى النَوى
وَيَـسـلو عَـلى طـولِ المَدى الهائِمُ الصَبُّ
وَفــي كُــلِّ دارٍ حَــلَّهــا المَــرءُ جــيــرَةٌ
وَفــي كُــلِّ أَرضٍ لِلمُــقــيــمِ بِهــا صَــحــبُ
وَإِنَ عـــادَ لي عَـــطــفُ الوَزيــرِ مُــحَــمَّدٍ
فَــقَـد أَكـثَـبَ النّـائي وَلانَ لي الصَـعـبُ
وَزيـــرٌ إِذا اِعـــتَـــلَّ الزَمـــانُ فَــرَأيُهُ
هِــنــاءٌ بِهِ تُــشــفــى خَــلا إِقُهُ الجُــربُ
لَهُ خُـــلُقـــا بـــأسِ وَجـــودٍ إِذا سَـــقـــى
بِــسِــجـليـهِـمـا لَم يُـخـشَ جَـورٌ وَلا جَـدبُ
عَــليــهِ مِــنَ الرَأيِ الحَــصــيـنِ مُـفـاضَـةٌ
وَفــي كَــفِّهــِ مِــن عَــزمِهِ بــاتِــرٌ عَــضــبُ
يَــفُــلُّ العِــدى بِــالرُعــبِ قَــبـلَ لِقـائِهِ
فَــــلِلَّهِ مَــــلكٌ مِــــن طَـــلائِعِهِ الرُعـــبُ
نُهــيــبُ بِهِ فــي لَيــلِ خَــطــبٍ فَـيَـنـجَـلي
وَنَــدعــوهُ فــي كَــربٍ فَــيـنـفَـرِجُ الكَـربُ
وَتَــلقــاهُ يَــومَ الرَوعِ جَـذَلانَ بـاسِـمـاً
وَقَـد عَـبَّسـَت فـي وَجـهِ أَبـطـالِهـا الحَربُ
فَـطـوراً سِـنـانُ السَـمـهَـري بِـكَـفِهِ يَـراعٌ
وَأَحــــيــــانــــاً كَــــتــــائِبُهُ الكُـــتـــبُ
إِذا أَمَـــرَتـــهُ بِــالعِــقــابِ حَــفــيــظَــةٌ
نَهـاهُ المُـحَـيّـا الطَـلقُ وَالخُـلقُ العَذبُ
إِلى عَــضُــدِ الديـنِ الوَزيـرِ سَـمَـت بِـنـا
رَكــائِبُ آمــالٍ طَــواهــا السُــرى نُــجــبُ
إِلى الضَيِّقِ الأَعذار في الجودِ بِاللُهى
ولا عُــذرَ إِن ضَــنَّتــ بِــدَرَّتِهــا السُـحـبُ
أَأَظـــمـــى وَدونــي مِــن حِــيــاضِ مُــحَــمَّدٍ
مَــنــاهِــلُ جــودٍ مــاوئهــا غَــلَلٌ سَــكــبُ
وَأَخــشــى اللَيـالي أَن تَـجـورَ خُـطـوبُهـا
وَمـا جـارَ فـي عَـصـرِ الوَزيـرِ لَهـا خَـطبُ
وَقَــد عِــشــتُ دَهــراً رائِقـاً فـي جَـنـابِهِ
فَــمــا شُــلَّ لي سَــرحٌ وَلا ريـعَ لي سَـربُ
أَروحُ وَلي مِــنــهُ الضِــيــافَــةُ وَالقِــرى
وَأَغــدو وَلي مِــنــهُ الكَــرامَـةُ وَالرُحـبُ
وَمـــازِلتُ فـــي آلِ الرَفــيــلِ بِــمَــعــزِلٍ
عَـنِ الضَـيـمِ مَـبذولاً لي الأَمنُ وَالخِصبُ
إِذا أَنــا غــالَبــتُ اللَيــالي تَــكَـفَّلـَت
بِــنَــصــري عَــليــهــا مِــنـهُـم أُسُـدٌ غُـلبُ
مَــغــاويــرُ لَولا بَـأسُهُـم أَورَقَ القَـنـا
وَلَولا النَـدى ذابَـت بِـأَيـديـهِـم القُضبُ
إِذا سُــئِلوا جــادوا وَإِن وَعَـدوا وَفـوا
وَإِن قَــدَروا عَــفّـوا وَإِن مَـلَكـوا ذَبـوا
هُـمُ عَـلَّمُـوا نَـفـسـي الإِبـاءَ فَـكَـيـفَ لي
بِــتَــركِ إِبــاءِ النَــفـسِ وَهـوَ لَهـا تِـربُ
صَـــحِـــبــتُهُــمُ وَالعــودُ يَــقــطُــرُ مــاؤُهُ
رَطــيــبٌ وَأَثــوابُ الصِــبــى جُــدُدٌ قُــشــبُ
وَهــا أَنــا قَـد أودى المَـشـيـبُ بِـلِمَّتـي
وَلاحَــت بِــفَــودَيــهــا طَــوالِعُهُ الشُهــبُ
وَكــــم مِـــنَـــنٍ عِـــنـــدي لَهُ وَصَـــنـــائِعٍ
حَــليــتُ بِهـا وَهِـيَ الخَـلاخـيـلُ وَالقُـلبُ
أَحِـــــنُّ إِلى أَيّـــــامِهــــا وَعُهــــودِهــــا
كَــمــا حَــنَّتــِ الوَرقُ المُــوَلَّهَـةُ السُـلبُ
وَلي إِن قَــضــى عَهــدُ التَــواصُــلِ نَـحـبَهُ
مَــدائِحُ لا يُــقــضــى لَهــا أَبَــداً نَـحـبُ
مَـدَحَـتـهُـمُ حُـبّـاً لَهُـم وَإِخـالُهـا سَـتَروى
وَمِــــن فَــــوقـــي الجَـــنـــادِلُ وَالتُـــربُ
فَــإِن أَقــتَــرِف ذَنــبــاً بِــمَــدحِ سِـواهُـمُ
فَــإِنَّ خِــمــاصَ الطَــيـرِ يَـقـنِـصُهـا الحَـبُّ
أَعِــد نَــظَــراً فــيــمَــن صَـفـا لَكَ قَـنـبُهُ
وَخــاطِــرُهُ فــالشِــعــرُ مَــنــبِـتُهُ القَـلبُ
أَيَـــطـــمَــعُ فــي إِدراكِ شَــأويَ مُــفــحَــمٌ
وَأَيـنَ الدَنّـيُ النِـكـسُ وَالفـاضِـلُ النَدبُ
يُــطــاوِلُنــي فــي نَــظــمِ كُــلِّ غَــريــبَــةٍ
لي الحَــفـلُ مِـن أَخـلافِهـا وَلَهُ العَـصـبُ
يُـــنـــازِعُـــنـــي عِــلمَ القَــوافــي وَإِنَّهُ
لَيَـجـهَـلُ مِـنـهـا ما العَروضُ وَما الضَربُ
أَبـــيـــتُ وَهَــمّــي أَن تَــســيــرَ شَــوارِدي
إِذا هَــمَّهـُ مِـنـهـا المَـعـيـشَـةُ وَالكَـسـبُ
فَــسَــوِّ عَــلى قَــدرِ القَــرائِحِ بَــيــنَـنـا
وَمِـن عَـجَـبٍ أَن يَـسـتَـوي الرَأسُ وَالعَـجـبُ
فَـثِـب فـي خَـلاصـي مِـن يَدِ الدَهرِ وازِعاً
حَــوادِثَهُ عَــنّــي فَــقــاد أَمــكَـنَ الوَثـبُ
وَسَـــقِّ غُـــروسَ المَـــكـــرُمـــاتِ فَـــإِنَّنــي
أُعــــيـــذُكَ أَن تَـــذوى وَأَنـــتَ لَهـــا رَبُّ
وَحـــاشـــى لِمَــدحــي أَن تَــجِــفَّ غُــصــونُهُ
وَمِــن بَـحـرِ جَـدواك المَـعـيـنِ لَهـا شُـربُ
وَلا أَجـــدَبَـــت أَرضٌ وَأَنــتَ لَهــا حَــيّــاً
وَلا مَـــرِضَـــت حـــالٌ وَأَنـــتَ لَهـــا طَـــبُّ
وَلا عَــــدِمَــــت مِــــنـــكَ الوِزارَةُ هِـــمَّةً
تَـبـيـتُ وَمِـن تَـدبـيـرِهـا الشَرقُ وَالغَربُ
وَدونَــكَ مِــن وَشــي القَــوافــي حَـبـائِراً
لَأَذيــالِهــا فــي مَــدحِــكُـم أَبَـداً سَـحـبُ
هِــيَ الدُرُّ فــي أَصـدافِهـا مـا طَـوَيـتَهـا
وَإِن نُــشِــرَت فَهِــيَ اليَـمـانِـيَـةُ القُـضـبُ
إِذا فُــضَّ يَــومــاً فــي يَــدَيَّ خِــتــامُهــا
تَــضَــوَّعَ مِــن إِنــشـادِهـا فـيـكُـم التُـربُ
فَــداكَ قَــصــيـرُ البـاعِ وَانٍ عَـنِ العُـلي
سَـــريـــعٌ إِلى أَعــتــافِهِ الذَمُّ وَالثَــلَبُ
لَهُ مَــــنــــزِلٌ رَحــــبٌ وَلَكِــــن نَـــزيـــلُهُ
بِــبَــيــداءَ لا مــاءٌ لَديـهـا وَلا عُـشـبُ
وَلازِلَت مَــرهـوبَ السُـطـا وَاكِـفَ الحَـيـا
حُــســامُـكَ لا يَـنـبـو وَنـارُكَ لا تَـخـبـو
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

محمد بن عبيد الله بن عبدالله، أبو الفتح، المعروف بابن التعاويذي أو سبط ابن التعاويذي.
شاعر العراق في عصره، من أهل بغداد مولداً ووفاةً، ولي فيها الكتابة في ديوان المقاطعات، وعمي سنة 579 هـ وهو سبط الزاهد أبي محمد ابن التعاويذي، كان أبوه مولى اسمه (نُشتكين) فسمي عبيد الله.
تصنيفات قصيدة أُبِثُّكُمُ أَنّي مَشوقٌ بِكُم صَبُّ