قصيدة أبعد نأي المليحة البخل للشاعر المُتَنَبّي

البيت العربي

أَبعَدُ نَأيِ المَليحَةِ البَخَلُ


عدد ابيات القصيدة:44


أَبعَدُ نَأيِ المَليحَةِ البَخَلُ
أَبــعَــدُ نَـأيِ المَـليـحَـةِ البَـخَـلُ
فـي البُـعـدِ مـا لا تُكَلَّفُ الإِبلُ
مَـــلولَةٌ مـــا يَــدومُ لَيــسَ لَهــا
مِــــن مَــــلَلٍ دائِمٍ بِهــــا مَــــلَلُ
كَــأَنَّمــا قَــدُّهــا إِذا اِنــفَـتَـلَت
سَــكـرانُ مِـن خَـمـرِ طَـرفِهـا ثَـمِـلُ
يَــجــذِبُهــا تَــحـتَ خَـصـرِهـا عَـجُـزٌ
كَـــأَنَّهـــُ مِـــن فِـــراقِهـــا وَجِـــلُ
بـــي حَـــرُّ شَــوقٍ إِلى تَــرَشُّفــِهــا
يَــنــفَــصِــلُ الصَـبـرُ حـيـنَ يَـتَّصـِلُ
الثَـغـرُ وَالنَـحـرُ وَالمُخَلخَلُ وَال
مِــعــصَـمُ دائي وَالفـاحِـمُ الرَجِـلُ
وَمَهـــمَهٍ جُـــبـــتُهُ عَـــلى قَــدَمــي
تَــعــجِــزُ عَـنـهُ العَـرامِـسُ الذُلُلُ
بِــصــارِمــي مُــرتَــدٍ بِــمَـخـبُـرَتـي
مُــجــتَــزِئٌ بِــالظَــلامِ مُــشــتَـمِـلُ
إِذا صَـــديـــقٌ نَـــكِـــرتُ جــانِــبَهُ
لَم تُـعـيِـنـي فـي فِـراقِهِ الحِـيَـلُ
فــي سَــعَـةِ الخـافِـقَـيـنِ مُـضـطَـرَبٌ
وَفــي بِــلادٍ مِــن أُخــتِهــا بَــدَلُ
وَفي اِعتِمارِ الأَميرِ بَدرِ بنِ عَم
مــارٍ عَـنِ الشُـغـلِ بِـالوَرى شُـغُـلُ
أَصــبَــحَ مــالٌ كَــمــالُهُ لِذَوي ال
حــاجَــةِ لا يُــبــتَــدى وَلا يُـسَـلُ
هــانَ عَــلى قَـلبِهِ الزَمـانُ فَـمـا
يَـــبـــيــنُ فــيــهِ غَــمٌّ وَلا جَــذَلُ
يَــكــادُ مِــن طـاعَـةِ الحِـمـامِ لَهُ
يَــقــتُــلُ مَــن مــادَنــا لَهُ أَجَــلُ
يَــكـادُ مِـن صِـحَّةـِ العَـزيـمَـةِ مـا
يَــفـعَـلُ قَـبـلُ الفِـعـالِ يَـنـفَـعِـلُ
تُـــعـــرَفُ فــي عَــيــنِهِ حَــقــائِقُهُ
كَـــأَنَّهـــُ بِــالذَكــاءِ مُــكــتَــحِــلُ
أُشــفِــقُ عِــنــدَ اِتِّقــادِ فِــكــرَتِهِ
عَــلَيــهِ مِــنــهـا أَخـافُ يَـشـتَـعِـلُ
أَغَــــرُّ أَعــــداؤُهُ إِذا سَـــلِمـــوا
بِـالهَـرَبِ اِستَكبَروا الَّذي فَعَلوا
يُــقــبِــلُهُــم وَجــهَ كُــلِّ ســابِـحَـةٍ
أَربَــعُهــا قَــبــلَ طَــرفِهــا تَـصِـلُ
جَــرداءَ مِــلءِ الحِــزامِ مُــجـفَـرَةٍ
تَـكـونُ مِـثـلَي عَـسـيـبِهـا الخُـصَـلُ
إِن أَدبَــرَت قُـلتَ لا تَـليـلَ لَهـا
أَو أَقــبَـلَت قُـلتَ مـا لَهـا كَـفَـلُ
وَالطَــعــنُ شَــزرٌ وَالأَرضُ واجِـفَـةٌ
كَـــأَنَّمـــا فـــي فُـــؤادِهــا وَهَــلُ
قَـد صَـبَـغَـت خَـدَّهـا الدِمـاءُ كَـما
يَــصــبُــغُ خَــدَّ الخَـريـدَةِ الخَـجَـلُ
وَالخَـيـلُ تَـبـكـي جُـلودُهـا عَـرَقاً
بِـــأَدمُـــعٍ مــا تَــسُــحُّهــا مُــقَــلُ
ســارَ وَلا قَــفــرَ مِــن مَــواكِــبِهِ
كَـــأَنَّمـــا كُـــلُّ سَـــبــسَــبٍ جَــبَــلُ
يَــمــنَــعُهــا أَن يُـصـيـبُهـا مَـطَـرٌ
شِــدَّةُ مــا قَــد تَــضــايَـقَ الأَسَـلُ
يـا بَـدرُ يـا بَـحرُ يا عَمامَةُ يا
لَيـثَ الشَـرى يـا حَـمـامُ يـا رَجُلُ
إِنَّ البَــــنــــانَ الَّذي تُـــقَـــلِّبُهُ
عِــنــدَكَ فــي كُــلِّ مَــوضِــعٍ مَــثَــلُ
إِنَّكــَ مِــن مَــعــشَــرٍ إِذا وَهَـبـوا
مـا دونَ أَعـمـارِهِـم فَـقَـد بَخَلوا
قُـلوبُهُـم فـي مَـضاءِ ما اِمتَشَقوا
قـامـاتُهُم في تَمامِ ما اِعتَقَلوا
أَنـتَ نَـقـيـضُ اِسـمِهِ إِذا اِخـتَلَفَت
قَـواضِـبُ الهِـنـدِ وَالقَـنـا الذُبُلُ
أَنـتَ لِعَـمـري البَـدرُ المُنيرُ وَلَ
كِــنَّكــَ فــي حَــومَــةِ الوَغـى زُحَـلُ
كَـــتـــيــبَــةٌ لَســتَ رَبَّهــا نَــفَــلٌ
وَبَـــلدَةٌ لَســـتَ حَـــليَهـــا عُــطُــلُ
قُــصِــدتَ مِــن شَــرقِهـا وَمَـغـرِبِهـا
حَـتّـى اِشـتَـكَـتـكَ الرِكابُ وَالسُبُلِ
لَم تُــبــقِ إِلّا قَــليــلَ عــافِـيَـةٍ
قَــد وَفَــدَت تَـجـتَـدِيـكَهـا العِـلَلُ
عُــذرُ المَــلومَـيـنِ فـيـكَ أَنَّهـُمـا
آسٍ جَـــبـــانٌ وَمِـــبـــضَـــعٌ بَـــطَــلُ
مَــدَدتَ فـي راحَـةِ الطَـبـيـبِ يَـداً
وَمــا دَرى كَــيــفَ يُـقـطَـعُ الأَمَـلُ
إِن يَــكُــنِ البَـضـعُ ضَـرَّ بـاطِـنِهـا
فَــرُبَّمــا ضَــرَّ ظَهــرَهــا القُــبَــلُ
يَــشُـقُّ فـي عِـرقِهـا الفِـصـادُ وَلا
يَــشُــقُّ فــي عِـرقِ جـودِهـا العَـذَلُ
خــــامَـــرَهُ إِذ مَـــدَدتَهـــا جَـــزَعٌ
كَـــأَنَّهـــُ مِـــن حَـــذافَـــةٍ عَـــجِــلُ
جــازَ حُــدودَ اِجــتِهــادِهِ فَــأَتــى
غَــيــرَ اجــتِهــادٍ لِأُمِّهــِ الهَـبَـلُ
أَبـلَغُ مـا يُـطـلَبُ النَجاحُ بِهِ ال
طَــبــعُ وَعِــنــدَ التَــعَـمُّقـِ الزَلَلُ
اِرثِ لَهــا إِنَّهــا بِــمــا مَــلَكَــت
وَبِــالَّذي قَــد أَسَــلتَ تَــنــهَــمِــلُ
مِــثــلُكَ يـا بَـدرُ لا يَـكـونُ وَلا
تَــــصــــلُحُ إِلّا لِمِـــثـــلِكَ الدُوَلُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب.
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.
تصنيفات قصيدة أَبعَدُ نَأيِ المَليحَةِ البَخَلُ