البيت العربي
أرأيتَ لنَا ولهم ظُعُنا
عدد ابيات القصيدة:65
أرأيــتَ لنَــا ولهـم ظُـعُـنـا
وصـنـيـعَ البـيـن بـهمْ وبنا
أرأيـتَ نـشـاوَى قـد سـكـروا
بــكـؤوسِ نـوىً مُـلئتْ شـجـنـا
ومــهــاً نَــظَـرَتْ ونـواظـرُهـا
وَصَــلتْ دمـنـاً وجـفـت دمـنـا
رحــلوا فــأثــار رحــيـلُهُـمُ
مـن حـرّ ضـلوعـك مـا كـمـنـا
وحــسـبـتُ سـرابَ تـتـابـعـهـمْ
لجــجــاً وركــائبَهـمْ سُـفُـنـا
ومــهــاً نَــظَـرَتْ ونَـوَاظـرُهـا
خُــلِقَــتْ لنـواظـرنـا فـتـنـا
مــن كــلّ مُــوَدِّعــةٍ نَــطَــقَــتْ
بــالسّــرّ مــدامـعُهَـا عَـلَنَـا
ســفـرتْ لوداعـك شـمـسَ ضـحـىً
وَثَـنَـتْ بـكـثـيـبِ نـقـا غُصُنا
ورَمَــتْــكَ بــمــقــلةِ خــاذلةٍ
هَــجَــرَتْـكَ وعـاوَدتِ الوَسـنَـا
وتــرى للسـحـر بـهـا حـركـاً
فــبــه تــؤذيـك إذا سـكـنـا
كـثـرتْ فـي الحـبّ بها عللي
فـظـهـرتُ أسـىً وخـفـيـتُ ضـنى
يــا وجــدي كـيـف وجـدت بـه
روحـــي وغـــدوت له بَــدنــا
دَعْ ذكــرَ نَــزُوحٍ عــنـك نـأى
وتَــبَــدّلْ مــن سَــكَـنٍ سَـكَـنَـا
ونـــزولَ هـــواكَ بــمــنــزلةٍ
كَـتَـبَـتْ زمـنـاً ومـحـتْ زمـنا
واخــضـبْ يـمـنـاك بِـقـانِـيـة
فـلهـا فَـرَجٌ يـنـفـي الحزنا
وتــريــك نـجـومـاً فـي شَـفَـقٍ
يَـجـلو الظـلمـاءَ لهـنّ سـنَا
مــن كــفِّ مــطــرِّفَــةٍ عَــنَـمـاً
كـالبـدر بَـدا والرئمِ رنـا
لا يـنـكـثُ فـيـهـا ذو شَـغَـفٍ
بـالعَـذْلِ وإن خـلعَ الرّسـنا
إنّـي اسـتـوليـتُ عـلى أمـدي
ووطـئتُ بـفـطـنـتـيَ الفِـطَـنَا
وسـبـقـتُ فـمـنْ ذا يـلحـقـني
في مدح عُلا الحسنِ الحسنا
مــلكٌ فــي المــلك له هِـمَـمٌ
نَـالَتْ بـيـمـيـنـيـه المـنَنا
قُــرِنَـتْ بـاليُـمْـنِ نَـقـيـبَـتُهُ
والعــفــوُ بــقــدرتِهِ قُـرنـا
كـالشـمـسِ نـأتْ عـن مـبصرها
بُـعْـداً وسـنـاهـا مـنـه دنـا
مــن صــانَ الديــنَ بِـصَـولَتِهِ
وأذلّ بـــعـــزّتــهِ الوَثَــنَــا
مـن يَـحْـدِرُ فـقـراً عـنك إذا
فـاضَـتْ نـعـمـاهُ عـليـك غِـنَى
ورأى مَـــنْ ضـــنّ فـــضـــائلَهُ
فـسـخـا وتَـشَـجّـعَ مَـنْ جَـبُـنَـا
وإذا مــــا أَمَّ له حَـــرَمـــاً
مَـنْ خـافَ مِـنَ الدنْـيا أمِنَا
ولئنْ هــدَم الأمــوالَ فَـقَـدْ
شـادَ العـليـاءَ بـهـا وبـنى
إن صــانَ العِــرْضَ وأكْــرَمــهُ
فـقـذال الوفـر قـد امتهنا
وكـــأنّ الحـــجّ لســـاحـــتــه
فــي يــوم نـداه يـومُ مِـنـى
ولنــا مــن فَــضْــلِ مَـذاهِـبِهِ
آمـــالٌ نَـــبْــلُغُهــا ومُــنــى
وصَــــوَارمُ للأقـــدارِ فـــلا
تـقـفُ الكـفّـارُ لهـا جُـنَـنَـا
تَــشْــدوه إذا ســكــرتْ بــدمٍ
فـي ضـرب جـمـاجـمـهـم غـننا
يَــتَــنَــبّــعُ مــاءُ تــألُّقِهَــا
فــيـقـالُ أفـي سَـكَـنٍ سـكـنـا
لا رَوْضَ ذَوَى مــنـهـا قِـدمـاً
بــالدّهْــرِ ولا مــاءٌ أسـنـا
وتــســيــلُ ســيـولُ جـحـافـله
فـحـقـائقـهـا تـنفي الظَّنَنا
وإذا مــا هَـبْـوتُهـا كَـثُـفَـتْ
تـجِـدُ العـقـبـانُ بـها وُكُنَا
إن ابـــنَ عـــليّ حــازَ عُــلاً
فــالفـعـلُ له والقـولُ لنـا
قَــمَــرٌ تُـسْـتَـمْـطَـرُ مِـنـه يَـدٌ
فــتــجــودُ أنــامــلُه مُـزُنـا
يــنــحــو الآراءَ بـفـكـرتـه
فـيـصـيـبُ لهـا نُـقَـبـاً بِهِنَا
مـن غُـلْبِ أسُـودٍ مـا عَـمَـرُوا
إلّا آجـــامَ ظـــبــاً وقَــنَــا
وكــأنّ الحــربَ إذا فــتـحَـتْ
تــبــدي لهــمُ مـرأىً حَـسـنَـا
وتــخـالهـمُ فـيـهـا ادّرَعـوا
بِـسَـلُوق وقـد سَـلّوا اليَمنَا
وكـــأنّ ســـوابــغَهُــمْ حَــبَــبٌ
قــد جـاشَ بـهـم مـاءٌ أجِـنـا
يغشى الإظلامَ بها الضرغا
مُ فــتــجــعَـلُ مُـقْـلَتَهُ أذُنـا
ولهــم بــإزاءِ قــرابــتـهـم
أســمــاءٌ نُــعْــظِـمُهـا وَكُـنَـى
شَـــجَـــرٌ بـــالبّـــرِ مــورّقَــةٌ
نــنــتــابُ لهـا ظـلّاً وَجَـنـى
وإذا مَــتَــحَــتْ مُهــجـاً يـدُهُ
جــعــل الخـطّـيّ لهـا شـطـنـا
وكـفـاه الرمحُ فَعالَ السيف
فــقـيـل أيـضـربُ مَـنْ طَـعَـنـا
يـا مـن أحـيـا بـالفـخر له
بــمــكــارمــه أدبــاً دُفِـنَـا
فــأفــادَ الشّــعــرَ مُــنَـقِّحـه
وأصــابَ بـمـنـطـقِهِ اللّسـنَـا
أشـبـهـتَ أبـاكَ وكـنـتَ بـمـا
أشــبــهــتَ مَـعـاليـه قـمـنـا
وحــصــاةُ أنــاتـك لو وُزِنَـتْ
أنْـسَـتْ بـرجـاحـتـهـا حَـضَـنَـا
أنـــشـــأتَ شــوانــيَ طــائرةً
وبــنــيــتَ عـلى مـاءٍ مُـدُنـا
بــبــروجِ قــتـالٍ تـحـسـبـهـا
فــي شُـمّ شـواهـقـهـا قُـنَـنَـا
تــرْمــي بــبــروجٍ إنْ ظَهَــرَتْ
لعـــدوٍّ مـــحــرقــةً بَــطَــنَــا
وبــنــفــطٍ أبــيــضَ تَــحْـسَـبُهُ
مــاءً وبـه تـذكـي السّـكَـنَـا
ضَـمِـنَ التـوفـيـقُ لهـا ظَفَراً
مـن هُـلْكِ عـداتـك مـا ضـمنا
أنـا مَـن أهـدى لك مُـمْتَدحاً
دُرَراً أغــليــتُ لهـا ثـمـنـا
وقـديـمُ الوِرْدِ جديدُ الحَمْدِ
هــنــاك أفــوهُ بــه وهــنــا
ومــدَحـتُ غـلامـاً جـدّ أبـيـك
وهــا أنــذا شـيـخـاً يَـفَـنَـا
وتــخــذتُ تَــجِـنّـةَ لي وطـنـاً
وهــجــرتُ صــقــلّيَــةً وطــنــا
لَقِــيَــتــكَ عُــداتُــكَ صـاغـرَةً
تـرجـو مـن نَـوْءَيْـكَ الهُـدنا
فـسـحـابُ نـداكَ هَـمَـتْ مِـنَـحاً
وسـمـاءُ ظـبـاك هَـمَـتْ مَـحـنَا
وبــقــيــتَ بــقـاءَ مـجـاهـدة
وســلكــتَ لكــلّ عُـلاً سـفُـنُـا
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن حمديس
شاعر مبدع، ولد وتعلم في جزيرة صقلية، ورحل إلى الأندلس سنة 471هـ، فمدح المعتمد بن عباد فأجزل له عطاياه.
وانتقل إلى إفريقية سنة 516 هـ. وتوفي بجزيرة ميورقة عن نحو 80 عاماً، وقد فقد بصره.
له (ديوان شعر- ط) منه مخطوطة نفيسة جداً، في مكتبة الفاتيكان (447 عربي)، كتبها إبراهيم بن علي الشاطبي سنة 607.