البيت العربي

أراني وَضَعْتُ السَّرْدَ عنّي وعزّني
عدد ابيات القصيدة:54

أرانــي وَضَــعْــتُ السَّرْدَ عــنّــي وعــزّنــي
جَـوادي ولم يَـنْهـضْ إلى الغَـزْوِ أمْثالي
وقَــيّــدَنــي العَـوْدُ البَـطـيـءُ وقِـيـل لي
وراءك إنّ الذّئْبَ مــــنــــكَ عـــلى بـــالِ
وآثَــرْتُ أخــلاقَ السّــرابــيــلِ بَــعـدَمـا
أكــونُ وأوْفَــى أدْرُعِ القــوْمِ سِــرْبــالي
مُــكَــرَّمَــةُ الأذْيـالِ عـن مَـسّهـا الحَـصَـى
إذا جَـــرّ يـــوْمــاً دِرْعَهُ كُــلُّ تِــنْــبــال
يــقـومُ بـهـا مِـثْـلُ الرُّدَيْـنِـيّ مـا سَـعـى
بــشِــكّــتِهِ مِــثْـلي الضّـعـيـفُ ولا الآلي
إذا فَــنــيَ الشّهْــرُ الحَــرامُ وجَــدْتَـنـي
وبُـــرْدُ هِـــلالٍ مَــلْبَــســي يــوْمَ إهْــلال
مــتــى نُــثِــلَتْ مِــن عَـيْـبِـةٍ يـومَ سَـبْـرَةٍ
وقــد غِــيــمَ أُفْــقٌ أرْسَــلَتْ جــاريَ الآل
وهــل تَـرَكَـتْ مـنـهـا الصّـوارِمُ والقَـنـا
لمُـــلْتَـــمِـــسٍ إلاّ بـــقِـــيّـــةُ أسْـــمـــال
مِــن البــيــضِ مــا حِــرْبــاؤهـا مُـتَـعَـوَّدٌ
سِــوَى مَــرْكَــبِ الخُــرْصـانِ رِكْـبـةَ أجـذال
ومــــا هُــــوَ إلاّ مَـــيّـــتٌ زادَ عُـــمْـــرُهُ
عــلى نَــسْــرِ لُقْـمـانَ الأخـيـرِ بـأحـوال
وتَــصْــرِفُ أطــفــالَ السّــيــوفِ كــأنــهــا
أخـو السّـنّ لم تـقْـبَـلْ حُـكـومَـةَ أطـفـال
أضَــــاةٌ يَــــرومُ السّــــمْهَـــرِيُّ وُرُودَهـــا
فــتُــشْــرِقُهُ مــنــهــا بــأبْــيَــضَ سَـلْسـال
وتَــرْجِــعُ خِــرْصــانُ العَــواسِــلِ هُــيّــبــاً
كـــخِـــرْصــانِ رَقْــلٍ أو مَــخــارِصِ عَــسّــال
مِــن البِــيــضِ فِـرْعَـوْنِـيّـةٌ ليـس مِـثـلُهـا
بــمُــشْــتَــمَــلٍ حَــيْــرِيَّ دهــرٍ عــلى حــال
إذا كَـــرّةٌ كـــانــت لبَــيْــضــاءَ نَــثْــرَةٍ
دَواءً أرَتْ كَــــرّاً بــــجَــــيْـــبٍ وأذْيـــال
ولو أنــهــا أضْــحَــتْ لكَــعْــبٍ حَــقــيـبَـةً
لأرْوَى الفـتـى النِّمـْرِيَّ مِـن غـيـرِ تَسْآل
يَـــظَـــلُّ بـــمَـــرْآهــا المُــسَــوِّفُ جــازئاً
كــمــا اجْــتَــزَأتْ بــالرَّوْضِ رادةُ آجــال
تُــرِيــكَ رَبــيـعـاً فـي المَـقِـيـظِ كـأنّهـا
لدِجـــلَةَ بِـــنْـــتٌ مِـــن صَـــفـــاءٍ وَدَجّــال
يــقــولُ إذا مــا رَمْــلَةٌ أُلْقِــيَــتْ بـهـا
جَهُـــولُ أُنـــاس جـــاءَ رَمْـــلٌ بـــأوْشـــال
وصـــانَ مُـــجِـــيـــدٌ شَــكَّهــا مُــنْــخِــلِيّــةً
أدِيــمَ أخِــيــهــا أنْ يَــعُــودَ كــغِـربَـال
فـــلا قِـــدَمُ الأيّــامِ ألْبَــسَ غَــلْفَــقــاً
جِــبــاهــا ولكــنْ نــارُ قَـيْـنٍ لهـا صـال
وتُــشْـبـي شَـبـاةُ الرّمْـحِ مـنـهـا كـأنّهـا
شَــبــاً وهْـيَ لِيـنـاً مـن تَـرائِبِ مِـكْـسـال
ومــا صَــدَأٌ يــعْــتــادُهــا غــيــرَ خُـضْـرَةٍ
تُـجَـلّلُ عِـطْـفَـيْهـا مـن العَـرْمَـضِ البـالي
كــلائحــةِ البــاغــي المُـضِـلّ رأى ضُـحـىً
شَــذاً مــن سَــرابٍ فــي مَهــامِهَ أغــفــال
جَـرُورٌ كـمـا انـسـابـتْ مـن الحَـزْنِ حَـيّـةٌ
إلى الســهــلِ فَــرّتْ غِــبّ دَجــنٍ وتَهْـطـال
فــإن تـحْـكِ ثـوْبَ الصِّلـّ مـن بـعـدِ خَـلعِه
فــقــد كــان مـن فـرْسـانِهـا صِـلُّ أصْـلال
تُــبــايَــعُ وَزْنــاً مــن حَــديــدٍ بــمِـثْـلِهِ
مـن التِّبـْرِ إنّ السّـتْـرَ أوْقى من المال
ومـــا غُـــبِــنَ الغــادي بــهــا ولوَ انَّهُ
تــمــلَّكَهــا عَــيْــنُ الدَّبــاةِ بــمِــثْـقـال
وإنّ قَـــمـــيــصــاً جــالَ فــي الظّــنّ أنّه
يَـــذُودُ الرّزايـــا لا يُــقــالُ له غــال
إذا فَــضّ مـنـهـا الطّـعْـنُ مَـعْـقِـدَ حَـلْقَـةٍ
أتـــى هـــالِكــيٌّ للفَــضِــيــضِ بــأقْــفــال
غَـــدَتْ مَـــعْـــقِـــلَ الزَّرّادِ قــبْــلَ مُــزَرِّدٍ
ومَـــعْـــقِـــلهِ وقَـــبْــلَ غــارَةِ سِــنْــجــال
ظَـــفِـــرْتُ بــهــا خــالَ النّــجــاء وعــمَّهُ
وجَـدَّ الفـتـى عَـصْـرَ الشّـبـيـبـةِ والخـال
أعِــيــدي إليــهــا نَــظْــرَةً لا مُــرِيــدَةً
لها البَيْعَ واعْصي الخادِعي لكِ بالخال
تَــرَيْ زَرَدَ الفَــقْــعــاءِ حــاطَ قَــتِــيــرَهُ
جَــنــى الكَـحْـصِ مَـسْـقِـيّـاً بـعَـلٍّ وإنـهـال
تَـــــنَـــــبَــــأ داوُدٌ بِــــرَمّ دَرِيــــسِهــــا
فـــجـــاء بـــآيٍ لم تُـــشَـــرَّفْ بـــإنْــزال
تَــنــافَــسَ فـيـهـا المُـنْـذِرانِ ولم يَـرُمْ
عـليـهـا ابـنُ آشـي غـيـرَ ذِكْـرٍ بـإجْـمال
ومــا بُــرْدَةٌ فــي طَــيّهــا مِــثْــلُ مِـبْـرَدٍ
بـــعـــاجِـــزَةٍ عـــن ضَــمّ شَــخْــصٍ وأوصــال
فــلا تُــلْبِــسـيـهـا أنـتِ غـيـرِيَ بـاسِـلاً
إذا مُــتُّ لم يــحْــفِــلْ رَدايَ وإبــســالي
وخُـــطّـــي لهـــا قَـــبْــراً يَــضــلّونَ دونَهُ
كـــقَـــبْـــرٍ لمُـــوســـى ضَـــلَّهُ آلُ إسْــرال
ولا تَـدْفِـنـيـهـا الجَهْـرَ بـل دَفْـنَ فاطِمٍ
ودَفْــنَ ابــنِ أرْوَى لم يُــشَـيّـعْ بـإعْـوال
لقــد نَــضَــبَ الغُــدْرانُ وهْــيَ غَــريــضَــةٌ
كــمــاءِ غَــمــامٍ لم يُــخــالَطْ بــصَـلْصـال
فــمــا غــاضَ مـنـهـا نـاجِـرٌ شُـخْـبَ أرْنَـب
ولا ســامَــنِــيــهـا تـاجِـرٌ عِـنْـدَ إقْـلال
لكِ السُّورُ والخَـــلْخَـــالُ وهْـــيَ لرَبّهـــا
أعَـــزُّ عـــليـــه مِـــن سِـــوارٍ وخَـــلْخــال
وقــد طــالَ فــوْق الأرضِ كــوْنــي وشَــبَّهَ
تْ ثَــغـامـاً بـجَـوْنـي عـاذلاتـي وعُـذّالي
وحَـــرّمْـــتُ شُــرْبَ الراحِ لا خــوْفَ ســائطٍ
ولكــنّهــا تَــرْمــي العُــقــولَ بــعُــقّــال
أُبِـــلُّ مـــن الأمـــراضِ والعِـــلمُ واقــعٌ
بـــعِـــلّةِ يـــوْمٍ جـــانَــبَــتْ كــلَّ إبــلال
فــمــا أســتَــقــي بــاللَّدْنِ أسْـوَدَ فـارِسٍ
ولا أرْتَــقــي فــي هَــضْــبَــةٍ أُمِّ أوْعــال
ولم تُــغْــدِرِ الأيّــامُ بــيــن مَــفـارِقـي
وأرْجــــائِهــــا كِـــنّـــاً لأدْهَـــمَ جَـــوّال
ومَــــنْ سَــــرّهُ ثَــــوْبٌ يَـــعِـــزّ بـــلُبْـــسِهِ
فــلا تَــجْــرِ مــنــه أُمُّ دَفْــرٍ عـلى بـال
هَــلُوكٌ تُهِــيــنُ المُــسْــتَهــامَ بــحُــبّهــا
وتَـلْقـى الرّجـالَ المُـبْـغِـضـيـنَ بـإجـلال
بَـنـو الوَقْـتِ إن غَـرّوكَ مـنـهـمْ بـحِـكْـمَةٍ
فـــمـــا خَـــلْفَهـــا إلاّ غَـــرائِزُ جُهّـــال
لِذاكَ ســجَــنْــتُ الجَــدْبَ فَـرْداً بـلا أذىً
فــسَــقْــيــاً له مِـن رَوضَـةٍ غـيـرِ مِـحْـلال
إِذَامَـــاحَـــلَلتُ الجَــدبَ فَــرداًبِــلا أذاً
فَــسَــقــيــاًله مِــن رَوضَــةٍ غَـيْـرِمِـحـلالي
وقــد وَصَــفْــت لي كُــنْهَ يــوْمــي عَـواطِـفٌ
مِـنَ الشّـرّ تَـغْـيِـيـري عـليـهـا وإبْـدالي
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أَبو العَلاء المَعَرِي
شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،
من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).