قصيدة أريحيات صبوة ومشيب للشاعر البُحتُرِيّ

البيت العربي

أَريَحِيّاتُ صَبوَةٍ وَمَشيبُ


عدد ابيات القصيدة:53


أَريَحِيّاتُ صَبوَةٍ وَمَشيبُ
أَريَــحِــيّــاتُ صَــبــوَةٍ وَمَــشــيــبُ
مِـن سَـجايا الأَريبُ شَيئاً عَجيبُ
وَبُــكــاءُ اللَبــيـبِ بَـعـدَ ثَـلاثٍ
وَثَــلاثـيـنَ فـي البَـطـالَةِ حـوبُ
فَـالنَـدا بِـالرَحـيلِ حينَ يُنادى
بِــحُــلولٍ عَـلى الشَـبـابِ مُـشـيـبُ
إِنَّ لَيـلاً تَـبَـسَّمـَ الصُـبـحُ فـيـهِ
عَـن زَوالِ الظَـلامِ عَـنـهُ قَـريـبُ
طـالَمـا قَد سَحَبتُ ذَيلَ التَصابي
وَرِداءُ الشَــبــابِ غَــضٌّ قَــشــيــبُ
لَعِــبــاً يَــسـتَـدِرُّ خِـلفَ شَـبـابـي
حَــلَبَ الدَهــرَ زَيــنَــبـاً وَلَعـوبُ
وَالغَــوانـي إِن غَـنَّيـنَ عَـفـافـاً
يَــطَّبــيــهُــنَّ مِـنـهُ حُـسـنٌ وَطـيـبُ
فَـمَـتـى شِـئتَ مـالَ مِـنـهـا قَضيبٌ
وَمَـتـى شِـئتَ هـالَ مِـنـهـا كَـثيبُ
وَلَكَـــــم مُـــــقــــلَةٍ لِذاتِ دَلالٍ
مَــقَــلَتــنـي بِـالوُدِّ وَهِـيَ عَـذوبُ
كُـنـتُ إِنـسـانَهـا فَـصِـرتُ قَـذاها
مَـن لَهـا بِـالشَـبـابِ وَهُـوَ رَطيبُ
وَعِــيــونٍ مَــزَجــنَ فِــيَّ رَكــايــا
مِن رَكايا الشُؤونُ وَهِيَ الغُروبُ
مَــرِهَــت لِلنَــوى فَـلَمّـا رَأَتـنـي
كَــحَــلَّتــهــا نَــحــافَــةٌ وَشُـحـوبُ
نَــكَــبـاتٌ عَـضَـضـنَ حُـرّاً كَـريـمـاً
طـابَ فَـاِسـتَـعـذَبَـتـهُ عَـضّاً نُكوبُ
لِنُــيــوبِ الزَمــانِ فـيـهِ صَـريـفٌ
وَبِهِ مِــــن عِـــضـــاضِهِـــنَّ نُـــدوبُ
ثُــمَّ أَبـقَـت بِـزَعـمِهـا لِيَ عـوداً
عَــجَـمَـتـهُ الخُـطـوبُ وَهُـوَ صَـليـبُ
وَأَخِــلّاءُ عَــزمَــتَــي عَــنــتَـريـسٌ
وَزَمـــــــــاعٌ وَرِحـــــــــلَةٌ وَدُؤوبُ
فَـإِذا الغـانِـيـاتُ أَنكَرنَ شَخصي
عَـــرَفَـــتــنــي فَــدافِــدٌ وَسُهــوبُ
وَعَــزيــمٌ تَــخُــبُّ بِــاِبــنِ عَـزيـمٍ
جــاذِبــاهُ الإِدلاجُ وَالتَـأويـبُ
فَـإِلى العـيسِ مَفزَعي وَالفَيافي
كُـلَّمـا هَـزَّنـي الزَمـانُ العَـصيبُ
وَسِــــراجـــى رَوِيَّةـــٍ أَرَيـــانـــي
مَــن إِلَيــهِ أَنـحـو وَعَـمَّنـ أَؤوبُ
مَـن بِـجَدواهُ مِن صُروفِ اللَيالي
فُــقِــئَت أَعــيُــنٌ وَفُــلَّت نُــيــوبُ
مَـن إِذا قُـلتُ يـا أَبـا زَكَـرَيّـا
سـالَمَـتـنـي الأَيّـامُ وَهِـيَ حُروبُ
أَرِدَ البَـحـرَ لا الثِمادَ فَمِثلي
لا يُـــرَوّيـــهِ جَـــدوَلٌ وَقَـــليــبُ
قَد أَهابَ الرَجاءُ بِاِبنِ المُعَلّى
بِــلِســانِ القَـريـضِ وَهُـوَ خَـطـيـبُ
لَفـــتَـــى سُـــؤدُدٍ لَهُ نَـــفَــحــاتٌ
يَـعـتَـفـيها المَحروبُ وَالمَكروبُ
نَــفَــحــاتٌ يُــعِــدنَ بَـعـدَ شِـمـاسٍ
رَيِّضــَ الدَهــرِ وَهُــوَ عَـودٌ رَكـوبُ
لِعُــيــونِ الخُـطـوبِ بَـعـدُ شِـمـاسٌ
وَلِقَــلبِ الزَمـانِ مِـنـهـا وَجـيـبٌ
وَجَــديــرٌ بِــأَن تُــلَبّــيــكَ مِـنـهُ
غُـــدُرٌ جَـــمَّةـــٌ وَرَوضٌ عَـــشـــيـــبُ
فَهُوَ في هامَةِ العُلى حَيثُ يَأوي
مِـن مُـنـادي النَـدى قَريبٌ مُجيبُ
وَذَراهُ فــيــهِ الحَــمــيـمُ سَـواءٌ
حـيـنَ يَـعـفوهُ وَالنَزيعُ الجَنيبُ
مَــألِفٌ لِلغَــريـبِ مـا فـيـهِ إِلفٌ
مِـن وُفـودِ العُفاةِ إِلّا الغَريبُ
يُـرتَـجـى مِـن يَـمـيـنِهِ مـا يُرَجّى
مِـن يَـمـيـنِ الحَـيـا مَكانٌ جَديبُ
عـــارِضٌ صَـــوبُهُ حِــجــىً وَعَــفــافٌ
وَنَــوالٌ مِــنَ اللُجَــيــنِ صَــبـيـبُ
يَمتَريهِ الثَناءُ وَالمَجدُ ما لَم
تَـمـرِ أَطباءَ ما يَليها الجَنوبُ
وَحَــبــيــبٌ إِذ قــالَ وَهُـوَ مَـروقٌ
ديــمَـةٌ سَـمـحَـةُ القِـيـادِ سَـكـوبُ
لَو رَأَت عَـيـنُهُ حَـيـا كَـفِّ يَـحيى
لَم تَـرُقـهُ الغُـيـوثُ وَهِـيَ تَـصوبُ
مُــســتَــخِــفٌّ يَـمُـدِّ كَـفَّيـهِ عِـلمـاً
أَنَّ لِلدَهـــرِ نـــائِبــاتِ تَــنــوبُ
فَــيَــمــيــنــاهُ جَـعـفَـرٌ وَسَـعـيـدٌ
وَهُــمــا تــارَةَ شَــرىً وَشَــبــيــبُ
وَعَــديــمُ الغَـريـبِ طَـوراً ذُعـافٌ
شـيـبَ بِـالصـابِ وَهُوَ طَوراً ضَريبُ
وَبِـعَـيـنِ الوَفـاءِ وَالمَـجـدِ فيهِ
كُـــلُّ هَـــذاكَ أَنَّهـــُ لا يَـــحــوبُ
وَإِذا المُــشـكِـلاتُ ضـافَـت ذَراهُ
وَعَــــرَتــــهُ حَــــوادِثٌ وَخُـــطـــوبُ
تَــفــرِهــاتــي وَتِــلكَ هَـبَّةـُ رَأيٍ
يُـخـطِـىءُ المَـشـرِفِـيُّ وَهِـيَ تُـصيبُ
مـا عَـلَيـهِ أَلّا يَـكـونَ حُـسـامـاً
وَلَهُ فـي الخُـطـوبِ ذاكَ الهُـبوبُ
كُـلَّ يَـومٍ تَـرى سَـمـاحـاً وَبَـأسـاً
مَــكـرُمـاتِ يَـحـلو بِهـا وَيَـطـيـبُ
وَفَــعــالٌ إِلى قُــلوبِ المَـعـالي
وَقُــلوبِ الآمــالِ مِــنـهُ حَـبـيـبُ
وَإِذا عــارِضُ المَــنِــيَّةــِ أَوفــى
وَبَــنــوهــا يَــبُــلُّهُــم شُــؤبــوبُ
وَأَرتَـكَ الهَـيـجـاءُ مِنهُم غُروراً
لِنُــجـومِ الرِمـاحِ مِـنـهـا وُجـوبُ
قـامَ فـيـهـا بِـحُـجَّةِ البَأسِ عَنهُ
ذَكَـــرٌ مُـــرهَـــفٌ وَبـــاعٌ رَحــيــبُ
فَبَدَت بي إِلَيكَ يا اِبنَ المُعَلّى
هِـــمَّةـــٌ هِـــمَّةـــٌ وَدَهــرٌ نَــكــوبُ
فـي بِـلادٍ تَـرى الكَـريمَ أَكيلاً
ثَــمَّ لِلجَــدبِ وَالزَمــانُ خَــصـيـبُ
رَيـبُ هَـذا الزَمـانِ فـيـهِ عَـضوضٌ
وَمُــحَــيّـا الزَمـانِ عَـنـهُ قَـطـوبُ
قَـد شَـكَـونـا إِلَيكَ شَكوى شَكاها
عـامُ مَـحـلٍ إِلى الغَـمـامِ جَـدوبُ
وَرَضـيـنـا بِـحُـكـمِ غَـيـثِـكَ فـيها
أَنَّهـــُ صـــائِبٌ وَأَنـــتَ مُـــصــيــبُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

الوليد بن عبيد بن يحيى الطائي أبو عبادة البحتري. شاعر كبير، يقال لشعره سلاسل الذهب، وهو أحد الثلاثة الذين كانوا أشعر أبناء عصرهم، المتنبي وأبو تمام والبحتري، قيل لأبي العلاء المعري: أي الثلاثة أشعر؟ فقال: المتنبي وأبو تمام حكيمان وإنما الشاعر البحتري. وأفاد مرجوليوث في دائرة المعارف أن النقاد الغربيين يرون البحتري أقل فطنة من المتنبي و أوفر شاعرية من أبي تمام. ولد بنمنبج بين حلب والفرات ورحل إلى العراق فاتصل بجماعة من الخلفاء أولهم المتوكل العباسي وتوفي بمنبج. له كتاب الحماسة، على مثال حماسة أبي تمام.
تصنيفات قصيدة أَريَحِيّاتُ صَبوَةٍ وَمَشيبُ