البيت العربي
أَسَلَّةُ سَيْفٍ أَمْ عَقِيقَةُ بَارِقِ
عدد ابيات القصيدة:51
أَسَـــلَّةُ سَـــيْـــفٍ أَمْ عَـــقِـــيـــقَــةُ بَــارِقِ
أَضَـــاءَتْ لَنَـــا وَهْــنَــاً سَــمَــاوَةَ بَــارِقِ
لَوَى الرَّكْـبُ أَعْـنَـاقَـاً إِلَيْهَـا خَـوَاضِـعَـاً
بِــــزَفْـــرَةِ مَـــحْـــزُونٍ وَنَـــظْـــرَةِ وَامِـــقِ
وَفِــــي حَـــرَكَـــاتِ الْبَـــرقِ لِلشَّوْقِ آيَـــةٌ
تَـــدُلُّ عَـــلَى مَـــا جَـــنَّهـــُ كُـــلُّ عَــاشِــقِ
تَـــفُـــضُّ جُـــفُـــونــاً عَــنْ دُمُــوعٍ سَــوَائِلٍ
وَتَـــفْـــرِي صُــدُورَاً عَــنْ قُــلُوبٍ خَــوَافِــقِ
وَكَــيْــفَ يَــعِــي سِــرَّ الْهَـوَى غَـيْـرُ أَهْـلِهِ
وَيَــعْــرِفُ مَـعْـنَـى الشَّوْقِ مَـنْ لَمْ يُـفَـارِقِ
لَعَــمْــرُ الْهَـوَى إِنِّيـ لَدُنْ شَـفَّنـِي النَّوَى
لَفِـــي وَلَهٍ مِـــنْ سَــوْرَةِ الْوَجْــدِ مَــاحِــقِ
كَــفَــى بِــمُــقَـامِـي فِـي سَـرَنْـدِيـبَ غُـرْبَـةً
نَــزَعْــتُ بِهَــا عَــنِّيــ ثِــيَــابَ الْعَــلائِقِ
وَمَـنْ رَامَ نَـيْـلَ الْعِـزِّ فَـلْيَـصْـطَـبِـرْ عَـلَى
لِقَـاءِ الْمَـنَـايَـا وَاقْـتِـحَـامِ الْمَـضَـايِـقِ
فَــإِنْ تَــكُــنِ الأَيَّاــمُ رَنَّقــْنَ مَــشْــرَبِــي
وَثَـــلَّمْـــنَ حَـــدِّي بِـــالْخُــطُــوبِ الطَّوَارِقِ
فَــمَــا غَــيَّرَتْـنِـي مِـحْـنَـةٌ عَـنْ خَـلِيـقَـتِـي
وَلا حَــوَّلَتْــنِــي خُــدْعَــةٌ عَــنْ طَــرَائِقِــي
وَلَكِـــنَّنـــِي بَـــاقٍ عَـــلَى مَــا يَــسُــرُّنِــي
وَيُــغْــضِــبُ أَعْــدَائِي وَيُــرْضِــي أَصَــادِقــي
فَــحَــسْــرَةُ بُــعْــدِي عَــنْ حَــبِـيـبٍ مُـصَـادِقٍ
كَـــفَـــرْحَــةِ بُــعْــدِي عَــنْ عَــدُوٍّ مُــمَــاذِقِ
فَـــتِـــلْكَ بِهَـــذِي وَالنَّجـــَاةُ غَــنِــيــمَــةٌ
مِــنَ النَّاــسِ وَالدُّنْــيَــا مَـكِـيـدَةُ حَـاذِقِ
أَلا أَيُّهــــَا الزَّارِي عَــــلَيَّ بِــــجَهْــــلِهِ
وَلَمْ يَـــدْرِ أَنِّيـــ دُرَّةٌ فِـــي الْمَـــفَــارِقِ
تَــعَــزَّ عَـنِ الْعَـلْيَـاءِ بِـاللُّؤْمِ وَاعْـتَـزِلْ
فَــإِنَّ الْعُــلا لَيْــسَـتْ بِـلَغْـوِ الْمَـنَـاطِـقِ
فَــمَـا أَنَـا مِـمَّنـْ تَـقْـبَـلُ الضَّيـْمَ نَـفْـسُهُ
وَيَــرْضَــى بِــمَــا يَــرْضَــى بِهِ كُــلُّ مَــائِقِ
إِذَا الْمَـرْءُ لَمْ يَـنْهَـضْ لِمَـا فِـيـهِ مَجْدُهُ
قَــضَــى وَهْــوَ كَــلٌّ فِــي خُــدُورِ الْعَـوَاتِـقِ
وَأَيُّ حَــــيَــــاةٍ لاِمْــــرِئٍ إِنْ تَــــنَــــكَّرَتْ
لَهُ الْحَـالُ لَمْ يَـعْـقِـدْ سُـيُـورَ الْمَـنَـاطِقِ
فَـــمَـــا قُـــذُفَـــاتُ الْعِــزِّ إِلَّا لِمَــاجِــدٍ
إِذَا هَــــمَّ جَــــلَّى عَـــزْمُهُ كُـــلَّ غَـــاسِـــقِ
يَـــقُـــولُ أُنَـــاسٌ إِنَّنـــِي ثُــرْتُ خَــالِعــاً
وَتِــلْكَ هَــنَــاتٌ لَمْ تَــكُــنْ مِــنْ خَـلائِقِـي
وَلَكِــنَّنــِي نَــادَيْــتُ بِــالْعَــدْلِ طَــالِبَــاً
رِضَـا اللَّهِ وَاسْـتَـنْهَـضْـتُ أَهْـلَ الْحَـقَـائِقِ
أَمَــرْتُ بِــمَــعْــرُوفٍ وَأَنْــكَــرْتُ مُــنْــكَــراً
وَذَلِكَ حُــــكْــــمٌ فِــــي رِقَـــابِ الْخَـــلائِقِ
فَــإِنْ كَــانَ عِــصْـيَـانـاً قِـيَـامِـي فَـإِنَّنـِي
أَرَدْتُ بِــعِــصْــيَــانِــي إِطَــاعَــةَ خَــالِقِــي
وَهَـــلْ دَعْـــوَةُ الشُّورَى عَـــلَيَّ غَـــضَــاضَــةٌ
وَفِـيـهَـا لِمَـنْ يَـبْـغِـي الْهُـدَى كُـلُّ فَـارِقِ
بَــــلَى إِنَّهـــا فَـــرْضٌ مِـــنَ اللَّهِ وَاجِـــبٌ
عَـــلَى كُـــلِّ حَـــيٍّ مِـــنْ مَـــسُـــوقٍ وَسَــائِقِ
وَكَــيْــفَ يَــكُــونُ الْمَــرْءُ حُــرَّاً مُهَــذَّبــاً
وَيَــرْضَــى بِــمَــا يَــأْتِــي بِهِ كُــلُّ فَـاسِـقِ
فَـإِنْ نَـافَـقَ الأَقْـوَامُ فِـي الدِّيـنِ غَدْرَةً
فَــإِنِّيــ بِــحَــمْــدِ اللَّهِ غَــيْــرُ مُــنَـافِـقِ
عَــلَى أَنَّنــِي لَمْ آلُ نُــصْــحَــاً لِمَــعْــشَــرٍ
أَبَــى غَــدْرُهُـمْ أَنْ يَـقْـبَـلُوا قَـوْلَ صَـادِقِ
رَأَوْا أَنْ يَسُوسُوا النَّاسَ قَهْرَاً فَأَسْرَعُوا
إِلَى نَــقْــضِ مَـا شَـادَتْهُ أَيْـدِي الْوَثَـائِقِ
فَــلَمَّاـ اسْـتَـمَـرَّ الظُّلـْمُ قَـامَـتْ عِـصَـابَـةٌ
مِـنَ الْجُـنْـدِ تَـسْـعَـى تَـحْـتَ ظِـلِّ الْخَـوَافِقِ
وَشَــايَــعَهُــمْ أَهْــلُ الْبِــلادِ فَــأَقْـبَـلُوا
إِلَيْهِـــمْ سِـــرَاعـــاً بَـــيْـــنَ آتٍ وَلاحِـــقِ
يَـرُومُـونَ مِـنْ مَـوْلَى الْبِـلادِ نَـفَـاذَ مَـا
تَـــأَلَّاهُ مِـــنْ وَعْــدٍ إِلَى النَّاــسِ صَــادِقِ
فَــلَمَّاــ أَبَــى الْحُــكَّاــمُ إِلَّا تَــمَـادِيَـاً
وَحَــــالَ طِــــلابُ الْحَـــقِّ دُونَ التَّوَافُـــقِ
أُنَــاسٌ شَــرَوْا خِــزْيَ الضَّلــالَةِ بِـالْهُـدَى
نِـفَـاقـاً وَبَـاعُـوا الدِّيـنَ مِـنْهُـم بِدَانِقِ
فَــجَــاؤُوا إِلَيْهِــمْ يَــنْــصُــرُونَ ضَـلالَهُـمْ
بِـــخُـــدْعَـــةِ مُـــغْــتَــالٍ وَحِــيــلَةِ سَــارِقِ
فَـلَمَّاـ اطْـمَـأَنُّوا فِـي الْبِـلادِ وَأَيْقَنُوا
بِــعَــجْــزِ الْمُـحَـامِـي دُونَهَـا وَالْمـوَاثِـقِ
أَقَـامُـوا وَقَـالُوا تِـلْكَ يَـا قَـوْمُ أَرْضُنَا
وَمَـــا أَحَـــدٌ مِـــنَّاـــ لَهَـــا بِـــمُــفَــارِقِ
وَعَـاثُـوا بِهَـا يَـنْـفُـونَ مَـنْ خِـيـفَ بِـأْسُهُ
عَــلَيْهِــمْ وَكَــانَـتْ تِـلْكَ إِحْـدَى الْبَـوائِقِ
وَأَصْــبَــحَ وَادِي النَّيـلِ نَهْـبَـاً وَأَصْـبَـحَـتْ
إِمَـــارَتُهُ الْقَـــعْـــسَـــاءُ نُهْـــزَةَ مَـــارِقِ
فَهَــذَا هُــوَ الْحَــقُّ الْمُـبِـيـنُ فَـلا تَـسَـلْ
سِـــوَايَ فَـــإِنِّيـــ عَـــالِمٌ بِـــالْحَـــقَــائِقِ
فَــيَــا مِــصْــرُ مَــدَّ اللهُ ظِــلَّكِ وَارْتَــوَى
ثَـــرَاكِ بِـــسَــلْسَــالٍ مِــنَ النِّيــلِ دَافِــقِ
وَلا بَــرِحَــتْ تَــمْـتَـارُ مِـنْـكِ يَـدُ الصِّبـَا
أَرِيـــجَـــاً يُـــدَاوِي عَـــرْفُهُ كُــلَّ نَــاشِــقِ
فَــأَنْــتِ حِــمَــى قَــوْمِـي وَمَـشْـعَـبُ أُسْـرَتِـي
وَمَــلْعَــبُ أَتْــرَابِــي وَمَــجْــرَى سَــوَابِـقِـي
بِـــلادٌ بِهَـــا حَــلَّ الشَّبــَابُ تَــمَــائِمِــي
وَنَــاطَ نِــجَــادَ الْمَــشْــرَفِــيِّ بِــعَــاتِـقِـي
إِذَا صَــاغَهَــا بَهْــزَارُ فِــكْــرِي تَــصَــوَّرَتْ
لِعَـــيْـــنِــي فِــي زِيٍّ مِــنَ الْحُــسْــنِ رَائِقِ
تَــرَكْــتُ بِهَــا أَهْــلاً كِــرَامــاً وَجِــيــرَةً
لَهُــمْ جِــيــرَةٌ تَــعْــتَــادُنِــي كُــلَّ شَــارِقِ
هَــجَــرْتُ لَذِيــذَ الْعَــيْــشِ بَـعْـدَ فِـراقِهِـمْ
وَوَدَّعْـــتُ رَيْـــعَــانَ الشَّبــَابِ الْغُــرانِــقِ
فَهَــلْ تَــسْــمَــحُ الأَيَّاــمُ لِي بِــلِقَـائِهِـمْ
وَيَــسْــعَــدُ فِــي الدُّنْـيَـا مَـشُـوقٌ بِـشَـائِقِ
لَعَــمْــرِي لَقَــدْ طَــالَ النَّوَى وَتَــقَــطَّعــَتْ
وَسَــائِلُ كَــانَــتْ قَــبْــلُ شَــتَّى الْمَـوَاثِـقِ
فَــإِنْ تَــكُــنِ الأَيَّاــمُ سَــاءَتْ صُــرُوفُهَــا
فَــــإِنِّيــــ بِـــفَـــضْـــلِ اللهِ أَوَّلُ وَاثِـــقِ
فَـقَـدْ يَـسْـتَـقِـيـمُ الأَمْـرُ بَـعْـدَ اعْوِجَاجِهِ
وَيَــــرْجِــــعُ لِلأَوْطَــــانِ كُــــلُّ مُـــفَـــارِقِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: محمود سامي البارودي
أول ناهض بالشعر العربي من كبوته، في العصر الحديث، وأحد القادة الشجعان، جركسي الأصل من سلالة المقام السيفي نوروز الأتابكي (أخي برسباي).
نسبته إلى ( إيتاي البارود)، بمصر، وكان لأحد أجداده في عهد الالتزام مولده ووفاته بمصر، تعلم بها في المدرسة الحربية.
ورحل إلى الأستانة فأتقن الفارسية والتركية، وله فيها قصائد دعاء إلى مصر فكان من قواد الحملتين المصريتين لمساعدة تركيا.
الأولى في ثورة كريد سنة1868، والثانية في الحرب الروسية سنة 1877، وتقلب في مناصب انتهت به إلى رئاسة النظار، واستقال.
ولما حدثت الثورة العرابية كان في صفوف الثائرين، ودخل الإنجليز القاهرة، فقبض عليه وسجن وحكم بإعدامه، ثم أبدل الحكم بالنفي إلى جزيرة سيلان.
حيث أقام سبعة عشر عاماً، أكثرها في كندا تعلم الإنجليزية في خلالها وترجم كتباً إلى العربية وكفَّ بصره وعفي عنه سنة 1317ه فعاد إلى مصر.
أما شعره فيصح اتخاذه قاتحة للأسلوب العصري الراقي بعد إسفاف النظم زمناً غير معتبر.
له (ديوان شعر -ط)، جزآن منه، (ومختارات البارودي -ط) أربعة أجزاء.