قصيدة أصحوت اليوم أم شاقتك هر للشاعر طَرَفَة بن العَبد

البيت العربي

أَصَحَوتَ اليَومَ أَم شاقَتكَ هِر


عدد ابيات القصيدة:76


أَصَحَوتَ اليَومَ أَم شاقَتكَ هِر
أَصَــحَــوتَ اليَــومَ أَم شـاقَـتـكَ هِـر
وَمِـــنَ الحُـــبِّ جُــنــونٌ مُــســتَــعِــر
لا يَـــكُـــن حُـــبُّكـــِ داءً قــاتِــلاً
لَيـــسَ هَـــذا مِــنــكِ مــاوِيَّ بِــحُــر
كَــيـفَ أَرجـو حُـبَّهـا مِـن بَـعـدِ مـا
عَــلِقَ القَــلبُ بِــنُــصــبٍ مُــســتَـسِـر
أَرَّقَ العَـــيـــنَ خَــيــالٌ لَم يَــقِــر
طــافَ وَالرَكــبُ بِــصَــحــراءِ يُــسُــر
جـــازَتِ البـــيـــدَ إِلى أَرحُـــلِنــا
آخِـــرَ اللَيـــلِ بِــيَــعــفــورٍ خَــدِر
ثُـــمَّ زارَتـــنـــي وَصَـــحــبــي هُــجَّعٌ
فــي خَــليــطٍ بَــيــنَ بُــردٍ وَنَــمِــر
تَــخــلِسُ الطَــرفَ بِــعَــيـنَـي بَـرغَـزٍ
وَبِــــــخَــــــدَّي رَشَــــــإٍ آدَمَ غِــــــر
وَلَهـــا كَـــشــحــا مَهــاةٍ مُــطــفِــلٍ
تَـقـتَـري بِـالرَمـلِ أَفـنـانَ الزَهَـر
وَعَــلى المَــتــنــيـنِ مِـنـهـا وارِدٌ
حَــسَــنُ النَــبــتِ أَثــيــثٌ مُـسـبَـطِـرّ
جـــابَـــةُ المِــدرى لَهــا ذو جُــدَّةٍ
تَــنــفُـضُ الضـالَ وَأَفـنـانَ السَـمُـر
بَــيــنَ أَكــنــافِ خُــفــافٍ فَــاللِوى
مُــخــرِفٌ تَـحـنـو لِرَخـصِ الظِـلفِ حُـر
تَــحــسِــبُ الطَــرفَ عَــلَيـهـا نَـجـدَةٌ
يــا لِقَـومـي لِلشَـبـابِ المُـسـبَـكِـر
حَــيـثُـمـا قـاظـوا بِـنَـجـدٍ وَشَـتَـوا
حَـولَ ذاتِ الحـاذِ مِـن ثِـنـيَـي وُقُر
فَــلَهُ مِــنــهــا عَــلى أَحــيــانِهــا
صَـــفـــوَةُ الراحِ بِــمَــلذوذٍ خَــصِــر
إِن تُـــنَـــوِّلهُ فَـــقَـــد تَـــمـــنَــعُهُ
وَتُــريــهِ النَـجـمَ يَـجـري بِـالظُهُـر
ظَـــلَّ فـــي عَــســكَــرَةٍ مِــن حُــبِّهــا
وَنَـــأَت شَـــحـــطَ مَـــزارِ المُــدَّكِــر
فَــــلَئِن شَــــطَّتـــ نَـــواهـــا مَـــرَّةً
لَعَــلى عَهــدِ حَــبــيــبٍ مُــعــتَــكِــر
بــادِنٌ تَــجـلو إِذا مـا اِبـتَـسَـمَـت
عَــن شَــتــيــتٍ كَـأَقـاحِ الرَمـلِ غُـر
بَــدَّلَتــهُ الشَــمــسُ مِــن مَــنــبَــتِهِ
بَــرَداً أَبــيَــضَ مَــصــقــولَ الأُشُــر
وَإِذا تَـــضـــحَــكُ تُــبــدي حَــبَــبــاً
كَـرُضـابِ المِـسـكِ بِـالمـاءِ الخَـصِـر
صـــادَفَـــتــهُ حَــرجَــفٌ فــي تَــلعَــةٍ
فَــسَــجــا وَســطَ بِــلاطٍ مُــســبَــطِــر
وَإِذا قـــامَـــت تَـــداعـــى قــاصِــفٌ
مــالَ مِــن أَعـلى كَـثـيـبٍ مُـنـقَـعِـر
تَــــطــــرُدُ القُـــرَّ بِـــحُـــرٍّ صـــادِقٍ
وَعَــكــيــكَ القَــيـظِ إِن جـاءَ بِـقُـر
لا تَــلُمــنــي إِنَّهــا مِــن نِــســوَةٍ
رُقَّدِ الصَـــيـــفِ مَـــقـــاليــتٍ نُــزُر
كَــبَــنــاتِ المَــخــرِ يَـمـأَدنَ كَـمـا
أَنــبَـتَ الصَـيـفُ عَـسـاليـجَ الخُـضَـر
فَــجَــعــونــي يَــومَ زَمّـوا عـيـرَهُـم
بِــرَخــيــمِ الصَــوتِ مَــلثــومٍ عَـطِـر
وَإِذا تَــــلسُــــنُـــنـــي أَلسُـــنُهـــا
إِنَّنـــي لَســـتُ بِـــمَـــوهــونٍ فَــقِــر
لا كَــــبــــيــــرٌ دالِفٌ مِـــن هَـــرَمٍ
أَرهَــبُ اللَيــلَ وَلا كَــلُّ الظُــفُــر
وَبِـــــلادٍ زَعِـــــلٍ ظِــــلمــــانُهــــا
كَالمَخاضِ الجُربِ في اليَومِ الخَدِر
قَــد تَــبَــطَّنــتُ وَتَــحــتــي جَــســرَةٌ
تَــتَّقــي الأَرضَ بِــمَــلثــومٍ مَــعِــر
فَـــتَـــرى المَــروَ إِذا مــا هَــجَّرَت
عَـن يَـدَيـهـا كَـالفِـراشِ المُـشـفَتِر
ذاكَ عَــــصــــرٌ وَعَــــدانـــي أَنَّنـــي
نــابَـنـي العـامَ خُـطـوبٌ غَـيـرُ سِـر
مِـــن أُمـــورٍ حَــدَثَــت أَمــثــالُهــا
تَــبـتَـري عـودَ القَـويِّ المُـسـتَـمِـر
وَتَــشَــكّــى النَــفـسُ مـا صـابَ بِهـا
فَــاِصــبِــري إِنَّكــِ مِــن قَــومٍ صُـبُـر
إِن نُــصـادِف مُـنـفِـسـاً لا تُـلفِـنـا
فُــرُحَ الخَــيــرِ وَلا نَــكــبـو لِضُـر
أُســـدُ غـــابٍ فَــإِذا مــا فَــزَعــوا
غَـــيـــرُ أَنــكــاسٍ وَلا هــوجٍ هُــذُر
وَلِيَ الأَصـــلُ الَّذي فـــي مِـــثـــلِهِ
يُــصــلِحُ الآبِــرُ زَرعَ المُــؤتَــبِــر
طَــــيِّبـــو البـــاءَةِ سَهـــلٌ وَلَهُـــم
سُـــبُـــلٌ إِن شِــئتَ فــي وَحــشٍ وَعِــر
وَهُــمُ مــا هُــم إِذا مــا لَبِــســوا
نَـــســـجَ داوُودَ لِبَــأسٍ مُــحــتَــضِــر
وَتَــســاقــى القَــومُ كَــأســاً مُــرَّةً
وَعَــلا الخَــيــلَ دِمــاءٌ كَــالشَـقِـر
ثُـــمَّ زادوا أَنَّهـــُم فــي قَــومِهِــم
غُـــفُـــرٌ ذَنـــبَهُـــمُ غَـــيـــرُ فُــخُــر
لا تَـعِـزُّ الخَـمـرُ إِن طـافـوا بِها
بِــسِـبـاءِ الشَـولِ وَالكـومِ البُـكُـر
فَــإِذا مــا شَــرِبــوهـا وَاِنـتَـشـوا
وَهَــــبــــوا كُـــلَّ أَمـــونٍ وَطِـــمِـــر
ثُــمَّ راحــوا عَــبَــقُ المِــسـكِ بِهِـم
يُـــلحِـــفــونَ الأَرضَ هُــدّابَ الأُزُر
وَرِثـــوا السُـــؤدُدَ عَــن آبــائِهِــم
ثُــمَّ ســادوا سُــؤدُداً غَــيــرَ زَمِــر
نَـحـنُ فـي المَـشتاةِ نَدعو الجَفَلى
لا تَــرى الآدِبَ فــيـنـا يَـنـتَـقِـر
حــيــنَ قـالَ النـاسُ فـي مَـجـلِسِهِـم
أَقُــــتـــارٌ ذاكَ أَم ريـــحُ قُـــطُـــر
بِـــجِـــفــانٍ تَــعــتَــري نــادِيَــنــا
مِــن سَــديــفٍ حــيـنَ هـاجَ الصِـنَّبـِر
كَــالجَــوابــي لا تَــنــي مُــتـرَعَـةً
لِقِــرى الأَضــيــافِ أَو لِلمُـحـتَـضِـر
ثُــمَّ لا يَــخــزُنُ فــيــنــا لَحـمُهـا
إِنَّمـــا يَـــخـــزُنُ لَحـــمُ المُــدَّخِــر
وَلَقَــــد تَــــعـــلَمُ بَـــكـــرٌ أَنَّنـــا
آفَــةُ الجُــزرِ مَــســامــيــحٌ يُــسُــر
وَلَقَــــد تَــــعـــلَمُ بَـــكـــرٌ أَنَّنـــا
واضِــحـو الأَوجُهِ فـي الأَزمَـةِ غُـر
وَلَقَــــد تَــــعـــلَمُ بَـــكـــرٌ أَنَّنـــا
فــاضِــلو الرَأيِ وَفـي الرَوعِ وُقُـر
وَلَقَــــد تَــــعـــلَمُ بَـــكـــرٌ أَنَّنـــا
صـادِقـو البَـأسِ وَفـي المَـحـفِلِ غُر
يَــكــشِــفــونَ الضُـرَّ عَـن ذي ضُـرِّهِـم
وَيُــبِــرّونَ عَــلى الآبــي المُــبِــر
فُـــضُـــلٌ أَحــلامُهُــم عَــن جــارِهِــم
رُحُـــبُ الأَذرُعِ بِـــالخَـــيـــرِ أُمُــر
ذُلُقٌ فــــي غــــارَةٍ مَـــســـفـــوحَـــةٍ
وَلَدى البَــأسِ حُــمــاةٌ مــا نَــفِــر
نُــمــسِــكُ الخَـيـلَ عَـلى مَـكـروهِهـا
حــيــنَ لا يُـمـسِـكُهـا إِلّا الصُـبُـر
حــيــنَ نــادى الحَـيُّ لَمّـا فَـزَعـوا
وَدَعــا الداعــي وَقَــد لَجَّ الذُعُــر
أَيُّهــا الفِــتــيـانُ فـي مَـجـلِسِـنـا
جَـــرِّدوا مِـــنــهــا وِراداً وَشُــقُــر
أَعــــوَجــــيّـــاتٍ طِـــوالاً شُـــزَّبـــاً
دوخِــلَ الصَـنـعَـةُ فـيـهـا وَالضُـمُـر
مِـــن يَـــعـــابـــيـــبَ ذُكـــورٍ وُقُــحٍ
وَهِـــضَـــبّــاتٍ إِذا اِبــتَــلَّ العُــذُر
جــــافِــــلاتٍ فَـــوقَ عـــوجٍ عُـــجُـــلٍ
رُكَّبــَت فــيــهــا مَــلاطــيــسُ سُـمُـر
وَأَنــــــافَــــــت بِهَــــــوادٍ تُــــــلُعٍ
كَــجُــذوعٍ شُــذَّبَــت عَــنـهـا القِـشَـر
عَـــلَتِ الأَيـــدي بِـــأَجـــوازٍ لَهــا
رُحُــبِ الأَجــوافِ مــا إِن تَــنـبَهِـر
فَهــيَ تَــردي فَــإِذا مــا أَلهَــبَــت
طــارَ مِــن إِحــمــائِهـا شَـدُّ الأَزُر
كـــائِراتٍ وَتَـــراهـــا تَـــنــتَــحــي
مُـــســـلَحِــبّــاتٍ إِذا جَــدَّ الحُــضُــر
ذُلُقُ الغــــارَةِ فــــي إِفـــزاعِهِـــم
كَــرِعــالِ الطَــيــرِ أَسـرابـاً تَـمُـر
نَــذَرُ الأَبــطــالَ صَــرعـى بَـيـنَهـا
مــا يَــنـي مِـنـهُـم كَـمِـيٌّ مُـنـعَـفِـر
فَـــفِـــداءٌ لِبَـــنـــي قَـــيـــسٍ عَــلى
مــا أَصــابَ النــاسَ مِــن سُـرٍّ وَضُـر
خــالَتــي وَالنَــفــسُ قِــدمـاً أَنَّهـُم
نَـعِـمَ السـاعـونَ في القَومِ الشُطُر
وَهُــــمُ أَيــــســــارُ لُقـــمـــانٍ إِذا
أَغــلَتِ الشَــتــوَةُ أَبــداءَ الجُــزُر
لا يُــــلِحّــــونَ عَــــلى غـــارِمِهِـــم
وَعَـلى الأَيـسـارِ تَـيـسـيـرُ العَـسِر
كُــنــتُ فــيــكُــم كَـالمُـغَـطّـي رَأسَهُ
فَــاِنـجَـلى اليَـومَ قِـنـاعـي وَخُـمُـر
وَلَقَــد كُــنــتُ عَــلَيــكُــم عــاتِـبـاً
فَــعَــقَــبــتُــم بِــذُنــوبٍ غَــيـرِ مُـر
ســـادِراً أَحـــسَـــبُ غَـــيِّيـــ رَشَـــداً
فَــتَــنــاهَــيــتُ وَقَــد صـابَـت بِـقُـر
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

طرفة بن العبد بن سفيان بن سعد، أبو عمرو، البكري الوائلي.
شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، كان هجاءاً غير فاحش القول، تفيض الحكمة على لسانه في أكثر شعره، ولد في بادية البحرين وتنقل في بقاع نجد.
اتصل بالملك عمرو بن هند فجعله في ندمائه، ثم أرسله بكتاب إلى المكعبر عامله على البحرين وعُمان يأمره فيه بقتله، لأبيات بلغ الملك أن طرفة هجاه بها، فقتله المكعبر شاباً.
تصنيفات قصيدة أَصَحَوتَ اليَومَ أَم شاقَتكَ هِر