قصيدة أصفراء ما في العيش بعدك مرغب للشاعر بَشّارِ بنِ بُرد

البيت العربي

أَصَفراءُ ما في العَيشِ بَعدَكِ مَرغَبُ


عدد ابيات القصيدة:63


أَصَفراءُ ما في العَيشِ بَعدَكِ مَرغَبُ
أَصَـفـراءُ ما في العَيشِ بَعدَكِ مَرغَبُ
وَلا لِلصِـبـى مَـلهـىً فَـأَلهـو وَأَلعَبُ
أَصَـفـراءُ إِن أَهـلِك فَـأَنـتِ قَـتَلتِني
وَإِن طـالَ بـي سُـقـمٌ فَـذَنـبُـكِ أَذنَـبُ
أَصَــفــراءُ أَيّــامُ النَـعـيـمِ لَذيـذَةٌ
وَأَنــتِ مَــعَ البُــؤســى أَلَذُّ وَأَطـيَـبُ
أَصَـفـراءُ فـي قَـلبـي عَـلَيـكِ حَـرارَةٌ
وَفـي كَـبِـدي الهَـيـمـاءِ نـارٌ تَـلَهَّبُ
أَصَـفـراءُ مـالي فـي المَعازِفِ سَلوَةٌ
فَـأَسـلو وَلا فـي الغـانِـيـاتِ مُعَقَّبُ
أَصَــفــراءُ لي نَـفـسٌ إِلَيـكِ مَـشـوقَـةٌ
وَعَــيـنٌ عَـلى مـا فـاتَ مِـنـكِ تَـصَـبَّبُ
أَصَـفـراءُ لَم أَعـرِفـكِ يَـومـاً وَإِنَّني
إِلَيـــكِ لِمُـــشــتــاقٌ أَحِــنُّ وَأَنــصَــبُ
لَقَـد كُـنتُ عَن عَضِّ الصَبابَةِ وَالهَوى
غَــنِــيّــاً وَلَكِـنَّ المَـقـاديـرَ تَـغـلِبُ
بِـعَـيـنِـيَ مِـن صَـفـراءَ بـادٍ عُـجـابُهُ
وَمـا بِـالحَـشـا مِن حُبِّ صَفراءَ أَعجَبُ
وَقَـد زادَنـي شَـوقـاً هَـديـلُ حَـمـامَةٍ
عَــلى إِلفِهــا تَــبــكــي لَهُ وَتُـطَـرِّبُ
فَــقُــلتُ لِنُـدمـانـي طَـرِبـتُ فَـغَـنِّنـي
بِـصَـفراءَ لا يَصفو مَعَ الشَوقِ مَشرَبُ
وَمـا كـانَ إِغـرامـي بِها عَن مَراسِلٍ
جَـرَت بَـيـنَـنـا بَـل كـاعِـبٌ لا تَحَوَّبُ
فَــيــا حَــزَنــاً لا أَنـا غِـرٌّ مُـشَـبَّبٌ
نَعِمتُ وَلا في الشَوقِ إِذ أَنا أَشيَبُ
وَمــا ذاكَ إِلّا حُــبُّ صَـفـراءَ مَـسَّنـي
فَـــيَـــومــي بِهِ مُــرٌّ وَلَيــلي مُــوَصَّبُ
وَما بالُ قَلبي لا يَزولُ عَنِ الصِبى
وَقَــد زَعَــمــوا أَنَّ القُــلوبَ تُـقَـلَّبُ
سَــأَرمــي بِــصَــولانَ المَـفـاوِزَ إِنَّهُ
خَـروجٌ مِـن أَبـوابِ المَـفـاوِزِ مُـنغِبُ
مَـعـوجٌ إِذا أَمـسـى طَـروبٌ إِذا غَـدا
مُـجِـدّاً كَـمـا غَنّى عَلى الأَيكِ أَخطَبُ
لِعَـلَّ اِرتِـحـالي بِـالعَـشِـيِّ وَبِالضُحى
يُــقَـرِّبُـنـي وَالنـازِحُ الدارِ يَـقـرُبُ
عَــتَـبـتُ عَـلى خِـنـزيـرِ كَـلبٍ وَإِنَّنـي
بِـذاكَ عَـلى الكَـلبِ التَـميمِيِّ أَعتَبُ
هُــمـا أَنَّبـانـي أَن نَـعِـمـتُ بِـبَـدرَةٍ
وَمــا مِــنــهُــمــا إِلّا لَئيـمٌ مُـؤَنَّبُ
إِذا شَـبِـعا اِحتالا عَلى صاحِبَيهِما
كَما اِحتالَ بِرذَونُ الأَميرُ المُرَطَّبُ
يَهُــرّانِ آبــاءً لِئامــاً وَفــيــهِـمـا
حُـــقـــوقٌ لِزُوّارِ النَـــدى وَتَـــحَــلُّبُ
وَطــالِبِ عُـرفٍ يَـسـتَـعـيـنُ عَـلَيـهِـمـا
فَـقُـلتُ لَهُ أَخـطَـأتَ مـا كُـنـتَ تَـطلُبُ
عَـلى الكَـلبِ أَهوالٌ إِذا ما رَأَيتَهُ
وَخِــنــزيـرُ كَـلبٍ بِـالمَـخـازي مُـدَرَّبُ
تَــعَــرَّ فَــلا تَــخــلِطــهُـمـا بِـمَـوَدَّةٍ
وَلا قُـرَبـاً ما في السَماواتِ أَقرَبُ
إِذا لَم تَـرَ الذُهـلِيَّ أَنوَكَ فَاِلتَمِس
لَهُ نَــسَــبــاً غَــيــرَ الَّذي يَــتَـنَـسَّبُ
وَأَمّــا بَــنـو قَـيـسٍ فَـإِنَّ نَـبـيـذَهُـم
كَــثــيــرٌ وَأَمّــا خَــيــرُهُـم فَـمُـغَـيَّبُ
وَفــي جَــحــدَرٍ لُؤمٌ وَفـي آلِ مَـسـمَـعٍ
صَــلاحٌ وَلَكِــن دِرهَـمُ القَـومِ كَـوكَـبُ
وَسَــيِّدُ تَــيــمِ اللاتِ عِــنـدَ غَـدائِهِ
هِـزَبـرٌ وَأَمّـا فـي اللِقـاءِ فَـثَـعـلَبُ
وَقَـد كـانَ فـي شَـيـبـانَ عِـزٌّ فَـحَلَّقَت
بِهِ فـي قَـديـمِ الدَهـرِ عَنقاءُ مُغرِبُ
وَحَــيّــا لُجَــيــمٍ قَــسـوَرانِ تُـنُـزِّعَـت
شَــبـاتُهُـمـا لَم يَـبـقَ نـابٌ وَمِـخـلَبُ
وَأَنـذَلُ مَـن يَـمـشـي ضُـبَـيـعَـةُ إِنَّهـُم
زَعــانِـفُ لَم يَـخـطُـب إِلَيـهِـم مُـحَـجَّبُ
وَيَــشـكُـرُ خِـصـيـانٌ عَـلَيـهِـم غَـضـارَةٌ
وَهَـل يُـدرِكُ المَـجـدَ الخَصِيُّ المُجَبَّبُ
وأَبـــلَجَ مِـــســـهـــاءٍ كَــأَنَّ لِســانَهُ
إِذا راحَ ذو النونَينِ بَل هُوَ أَقرَبُ
يُـجَـلّي العَـمـى عَنّا بِفَصلٍ إِذا قَضى
ضَـريـبَـتَهُ صـافـي الحَـديـدَةِ مِـقـضَـبُ
إِذا شِـئتَ نـادى في الأَنامِ بِصَوتِهِ
لِأَرفَــعِ مــا أَدّى عَــريــبٌ وَمُــعــرِبُ
لَقَد سادَ أَشرافَ العِراقِ اِبنُ حاتِمٍ
كَـمـا سـادَ أَهـلَ المَشرِقَينِ المُهَلَّبُ
لَهُ فَـضَـلاتٌ مِـن قَـبـيـصَةَ في النَدى
وَأَكــرومَــةٌ مِــن حــاتِــمٍ لا تَـعَـطَّبُ
وَمِــن إِرثِ سَــرّاقٍ عَــلَيــهِ مَهــابَــةٌ
تَــظَــلُّ قُـلوبُ القَـومِ مِـنـهـا تَـوَجَّبُ
وَيَــغـدو بِـأَخـلاقِ المُهَـلَّبِ مـولَعـاً
كَـمـا شَمَّرَت عَن ساقِها الحَربُ تَطرَبُ
وَيَــعــطِــفُ كِــنــدِيٌّ عَــلَيــهِ وَظــالِمٌ
مَـــآثِـــرَ أَيّــامٍ تَــطــيــبُ وَتَــرحُــبُ
وَتَــعــرِفُ مِــنــهُ مِـن شَـمـائِلِ ظـالِمٍ
مَــنــاقِــبَ مِـفـضـالٍ تَـعـودُ وَتَـشـعَـبُ
وَكَـم مِـن أَبٍ غَـمـرٍ لِرَوحِ بـنِ حـاتِمٍ
يُــــــزَيِّنــــــُ آبـــــاءً وَزَيَّنـــــَهُ أَبُ
إِذا ذُكِـروا فـي مَأقِطٍ أَطرَقَ العِدى
وَرَنَّحـَ فَـحـلُ القَـريَـتَـيـنِ المُـقَبقِبُ
هُــمُ ذَبَّبــوا عَـن عَـظـمِ ديـنِ مُـحَـمَّدٍ
بِـأَسـيـافِهِـم إِذ لَيـسَ فـيـنـا مُذَبِّبُ
حَــدا بِـأَبـي أُمِّ الرَيـالِ فَـأَجـفَـلَت
نَـــعـــامَـــتُهُ عَـــن عــارِضٍ يَــتَــلَهَّبُ
وَلاحَــت وَمــاءُ الأَزرَقَــيــنِ عَـشِـيَّةً
أَنــاقـيـعُ تَـعـفـوهـا نُـسـورٌ وَأَذأُبُ
صَـفَـت لي يَدُ الفَيّاضِ رَوحِ بن حاتِمٍ
فَـتَـلكَ يَـدٌ كَـالمـاءِ تَـصـفـو وَتَعذُبُ
وَمـــا وَلَدوا إِلّا أَغَـــرَّ مُــتَــوَّجــاً
لَهُ راحَــةٌ تُــبــكــي وَأُخــرى تَـحَـلَّبُ
وَأَيّــامُ أَبــطــالٍ عَــلَيـهـا بَـسـالَةٌ
وَجــودٌ كَـمـا جـادَ الفُـراتِـيُّ أَغـلَبُ
مُــلوكٌ إِذا هـابَ العَـطـاءَ مَـعـاشِـرٌ
وَضَـربَ الطُـلى سَـنّـوهُـمـا وَتَـعَـجَّبوا
سَــيُـخـبِـرُ عَـن رَوحٍ ثَـنـائي وَفِـعـلُهُ
وَمـا مِـنـهُـمـا إِلّا رِضـىً لا يُـكَـذِّبُ
تَــعَــصَّبــَ رَوحٌ وَالمَــكـارِمُ تـابِـعـاً
لِأَشــيــاخِهِ وَالســابِــقُ المُــتَـعَـصِّبُ
لَهُ حُـــكـــمُ لُقــمــانٍ وَجَــزمُ مُــوَفَّقٍ
وَلِلمَـوتِ مِـنـهُ مَـخـرَجٌ حـيـنَ يَـغـضَـبُ
مِــنَ الوارِديــنَ الرَوعَ كُــلَّ عَـشِـيَّةٍ
إِذا هِــيَ قـامَـت حـاسِـراً لا تَـنَـقَّبُ
وَأَصـــيَـــدَ نَـــرجـــوهُ لِكُـــلِّ مُـــلِمَّةٍ
عَـلَيـنـا وَيَـرجـوهُ الهُـمامُ المُحَجَّبُ
مِــنَ الغُــرِّ مِــنـعـامٌ كَـأَنَّ جَـبـيـنَهُ
هِــلالٌ بَــدا فــي ظُــلمَــةٍ مُــتَـنَـصِّبُ
يُــطَــيِّبــُ ذَفــراءَ الدُروعَ بِــجِــلدِهِ
وَيُـثـنـى بِـمِـسـكٍ كَـأسُهُ حـيـنَ يَـشرَبُ
طَــلوبٌ وَمَــطــلوبٌ إِلَيــهِ إِذا غَــدا
وَخَـيـرُ خَـليـلَيـكَ الطَـلوبُ المُـطَـلَّبُ
وَمــا زالَ فــي آلِ المُهَــلَّبِ قــائِلٌ
وَخَــيــلٌ تُــسَــرّى لِلطِــعــانِ وَتـجـلَبُ
وَلَمّـا رَأى الحُـسّـادُ رَوحَ بـنَ حاتِمٍ
أَمــيــراً عَــلَيـهِ بَـيـتُ مُـلكٍ مُـطَـنَّبُ
أَصـاخـوا كَـأَنَّ الطَـيـرَ فَـوقَ رُؤُسِهِم
يَــشـيـمـونَ مَـوتـاً فَـوقَهُـم يَـتَـقَـلَّبُ
فَــدامَ لَهُــم غَــمٌّ بِـرَوحِ بـنِ حـاتِـمٍ
وَدامَ لِرَوحٍ مُـــــلكُهُ المُـــــتَــــرَقَّبُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

بشار بن برد العُقيلي، أبو معاذ.
أشعر المولدين على الإطلاق. أصله من طخارستان غربي نهر جيحون ونسبته إلى امرأة عقيلية قيل أنها أعتقته من الرق. كان ضريراً.
نشأ في البصرة وقدم بغداد، وأدرك الدولتين الأموية والعباسية، وشعره كثير متفرق من الطبقة الأولى، جمع بعضه في ديوان. اتهم بالزندقة فمات ضرباً بالسياط، ودفن بالبصرة
تصنيفات قصيدة أَصَفراءُ ما في العَيشِ بَعدَكِ مَرغَبُ