قصيدة أعبد الغني ابني إلى ربك الرجعى للشاعر أبو الحسن الحصري

البيت العربي

أَعبدَ الغنيّ اِبني إِلى رَبّكَ الرجعى


عدد ابيات القصيدة:47


أَعبدَ الغنيّ اِبني إِلى رَبّكَ الرجعى
أَعـبـدَ الغـنـيّ اِبني إِلى رَبّكَ الرجعى
فَـكُـن شـافِـعي عِندَ الَّذي أَخرَجَ المَرعى
فَــقَــد أَوثَــقَــتـنـي السَـيِّئـاتُ وَبَـزّنـي
مَـــغـــارُ مُــلمّــاتٍ أَثَــرنَ بِهِ نَــقــعــا
وَأَورَيـنَ قَـدحـاً بـالجَـوى فـي جَـوانِـحي
وَفَــرَّقــنَ دَمــعـي أَن وَسَـطـنَ بِهِ جَـمـعـا
جَــزى اللَهُ أمّــا أَيــتَــمَــتــكَ إِســاءَةً
وَجـازى الإِمـاءَ المُحسِنات بِكَ الصنعا
بَـذَلتُ العَـطـاءَ الجَـزَل كـيـما أَصونها
فَـبـاعَـتـكَ بِـالأَوطـارِ وَاِدَّعَـت المَـنعا
وَكُــنــتُ أُداريــهــا وَأَرقــي سِــمـامَهـا
عَـلى أَنَّ أَفـعـالي تـسـم بِهـا الأَفـعـى
عَــلَيــكَ حــذارَ اليــتــمِ حَـتّـى تَـمَـرَّدَت
وَقــيــلَ اِتــرُكـهـا إِنِّهـا حَـيَّةـٌ تَـسـعـى
رَأَيــتُ أَحَــبَّ الغــانِــيــاتِ لِبَــعــلِهــا
إِذا شـابَ لا تَـرضى وَإِن غابَ لا تَرعى
فَـقُـل لِلهَـوى حَـسـبـي بِـمـا مَـلَكَـت يَدي
وَلَو أَنَّنـي اِسـتَـبـدَلتُ بِالدُرر الجزعا
أَلا إِنَّمــا طــيــبُ الحَــيــاةِ قَــنـاعَـةٌ
كَــفَــت وَأَعَـزَّت مَـن يَـرى ضـيـقـهُ وسـعـا
وَمــــا ليَ إِلّا الهَـــمّ بَـــعـــدَكَ هِـــمَّةً
أَلَســتُ غَــريـبـاً لا رَبـيـعَ وَلا ربـعـا
وَمــا لاذَ بِـاللَّذّاتِ مَـن جـاوَرَ العِـدا
فَـسـيـء بِهِـم عـيـشـاً وَضـاقَ بِهِـم ذَرعـا
ضَــرَبــتُ طــلى الأَيّــامِ مِــنــكَ بِـصـارِمٍ
تَـعَـلَّمَـتِ الأَسـيـافَ مِـن حَـدِّهِ القَـطـعـا
وَزنــتُ سَــمــاءَ المَــجـدِ مِـنـكَ بِـكَـوكَـبٍ
رَجَـمـتُ بِهِ عَـنـهـا مَـن اِسـتَـرَقَ السَمعا
لَقَــد صَــرَعَــتـكَ العَـيـنُ قـيـلَ كَـريـهَـةٍ
تَـرى القَـومَ فـيـهـا عَـن سُروجِهِم صَرعى
وَحــارَبَــنــي فــيــكَ المـنـى بِـمَـنـاصِـلٍ
إِذا ضـربـت قـدّت عَـلى البَـطَـلِ الدرعا
وَمــا الأَسَــد الضــرغـام حـامٍ لِشِـبـلِهِ
وَلا مــالِكٍ لِلنَّفــسِ ضــرّاً ولا نــفـعـا
فَـقَـدتُ أَبـي ذا الخَـيـرِ وَاِبـنـي سَـميّه
وَما اِسطَعت عَن نَفسي وَلا عَنهُما دَفعا
حَـــبـــيـــبٌ كَـــأَنَّ اللَّهَ يَـــومَ وَفـــاتِهِ
طَوى السَبعَ للميقاتِ أَو زَلزَلَ السَبعا
فَــلَو لَم يَــكُـن يَـومَ العـروبَـةِ دمـتـهُ
كَـمـا هَدَّ منّي الأَصل وَاِستَأصَلَ الفَرعا
وَأَنـبَـتَ فـي جِـسـمـي البَـلابِـلَ وَالبلى
وَأَمــطَــرَ مِــن آمـاقـيَ الدَمَ وَالدَمـعـا
فَــقَــدَّرت الأَعــداء نــاعــيــكَ وَالهــا
وَقَــد دَرَت العَــليـاء أَيّ فَـتـى يـنـعـى
هَــنــيــئاً لَكَ الفَـوزُ العَـظـيـمُ بِـجَـنَّةٍ
جِــوارَ رَســولِ اللَهِ مُــثــمِــرَةً يَــنـعـى
وَمَـــســـكـــوبَـــةً مــاءً وَمَــمــدودَةً ذرى
وَمَــخــضــودَةً سِــدراً وَمَــنـضـودَةً طَـلعـا
تَــقَــدَّمــتَ يــا عَــبــدَ الغــنـيّ وَأخّـرَت
أَبــــاكَ ذُنــــوب إِن دَعـــا زدنَهُ دَعـــا
فَــخُــذ بِــيَـدي أَو سَـل لي اللَهَ عَـفـوَهُ
تَـجِـدهُ كَـريـمـاً يَـسـتَـجـيـبُ إِذا يُـدعـى
أَنـا الوتـر فـي فَـضـلي بِـإِقرارِ حسَّدي
وَلَو عِـشـتَ كَـنّـا فـي فَـضائِلنا الشَفعا
تَــمَــنَّيــتُ أَن تَـبـغـي مُـنـاكَ فَـأَخـلَفَـت
أَمـانٍ أَرَتـنـي فـيـكَ مِـن بَـرقِهـا لَمعا
أَولَّتـــنـــي الأَيّـــامُ ثُـــمَّ بَــدا لَهــا
فَـمـا كـانَ أَدنـى مِـن ولايَـتي الخلعا
وَلَم يَــكــســنــي بَـردُ الشَـبـابِ وَطَـرزهُ
حُـلى وَلدي حَـتّـى تـقـاضـيـنـي النَـزعـا
شَـبـيـهـي لَو أَربـى عَـلى العَشرِ أَربعاً
رَوى عَـنّـي القُـرآن وَالشِـعـر وَالشـرعا
وَفَـــنّـــدَنـــي فـــي كُــلِّ مَــدحٍ أَحــوكــهُ
لِقَــومٍ أســمّــيــهِــم وَهُــم عَـربٌ نَـبـعـا
قَــرَأتُ أَعــاريــضَ الخَــليــلِ وَلَم أَكُــن
لِأَقــرَأَهــا لَو كُــنــتُ أشـبـهـهُ طَـبـعـا
يَـكـادُ وَإِن لَم يَـقـرأ النَـحـوَ يـافِـعاً
يـعـلّل مِـنـهُ النَـصـب وَالخَفض وَالرَفعا
وَيُهــدي إِليّ الدرّ مِــن فــيــهِ حِــكـمَـةً
وَيــوري عَــليّ النــارَ مِــن لبّهِ لَذعــا
سَـمـاءُ المَـعـالي خَـرّ مِـنـهـا هِـلالهـا
فَـبـيـض اللَيـالي عدنَ في ناظِري سَفعا
كَـــم اِدَّرَأَت مِـــن نِــقــمَــةٍ بَــرَكــاتــهُ
وَدَرَّت بِهِ مِــن نِــعــمَــةٍ حــافِــل ضَـرعـا
أَنـا الآنَ إِذ أَودى وَأَودَعـتـهُ الثَـرى
وَأَبـقَـت شـعـوبٌ فـي شـعوبِ العلا صَدعا
أَبـــيـــت خَــليّــاً مِــن حَــديــثِ حَــوادِثٍ
تَـسـومُ بـنـانـي العَـضّ أَو سنّي القَرعا
مَـــضـــى أُنــسُ أَوطــاري فَــيــا حــزنــي
وَيـا جَـزعـي مـا أَوحَشَ الحزنُ وَالجَزعا
أفــاضــلُ هــذا الدَهــر تَـشـكـو صُـروفَهُ
وَمــا كُــنـتُ فـيـهِ مِـن أَفـاضِـلِهِ بِـدعـا
بَــلى حَــلّ مـا بـي مِـنـهُ حَـتّـى لَو اِنَّهُ
بِــطَــرفــي لَم أَســمَــع لِأَربـعـهِ وَقـعـا
يُــصــبّــرُنــي مَـن لَم يَـجِـد مـا وَجَـدتـهُ
وَبِــالقَــلبِ خَــرقٌ لا أطـيـقُ لَهُ رَقـعـا
أَلَم يَـقـتَـنِـص مِـنـكَ الرَدى فَـرخ أَجـدلٍ
يَــرد البــزاةَ الشُهـبَ أَغـرِبَـةً بُـقـعـا
وَضَــعــتُـكَ تَـحـتَ الأَرض وَالمَـجـدُ راغِـمٌ
وَما كُنتُ فَوقَ النَجمِ أَرضى لَكَ الوَضعا
وَكُــنــت كَــمِــثــلِ الزَرعِ أخــرجَ شَـطـأَهُ
فَـــآزرَهُ لكِـــن أَصــابَ الرَدى الزَرعــا
عَـــلَيـــكَ سَـــلامُ اللَهِ مِـــن مُــتَــفَــجِّعٍ
مَـعَ الورقِ يَـبـكـي كُـلَّمـا هَـتَـفت سَجعا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

علي بن عبد الغني الفهري الحصري الضرير أبو الحسن.
شاعر مشهور كان ضريراً من أهل القيروان انتقل إلى الأندلس ومات في طنجة حفظ القرآن بالروايات وتعلم العربية على شيوخ عصره.
اتصل ببعض الملوك ومدح المعتمد بن عباد بقصائد، وألف له كتاب المستحسن من الأشعار.
وهو ابن خالة إبراهيم الحصري صاحب زهر الآداب.
وقد ذاعت شهرته كشاعر فحل، شغل الناس بشعره، ولفت أنظار طلاب العلم فتجمعوا حوله، وتتلمذوا عليه ونشروا أدبه في الأندلس.
له ديوان شعر بقي بعضه مخطوطاً و(اقتراح القريح واجتراح الجريح -خ) مرتب على حروف المعجم في رثاء ولد له، و(معشرات الحصري -خ) في الغزل و(النسيب على الحروف والقصيدة الحصرية -خ) 212 بيتاً في القراءت، كتاب المستحسن من الأشعار.
تصنيفات قصيدة أَعبدَ الغنيّ اِبني إِلى رَبّكَ الرجعى