قصيدة أعد نظرة في صفحتي ذلك الخد للشاعر الأعمى التطيلي

البيت العربي

أعِدْ نظرةً في صفحتيْ ذلك الخدِّ


عدد ابيات القصيدة:40


أعِدْ نظرةً في صفحتيْ ذلك الخدِّ
أعِــدْ نــظــرةً فــي صــفـحـتـيْ ذلك الخـدِّ
فــإنــي أخـافُ اليـاسـمـيـنَ عـلى الوَرْدِ
وَخُــذ لهــمــا دمْــعــي وعَــلَلّلْهُــمـا بـه
فــإنَّ دمُــوعــيْ لا تُــعــيــد ولا تـبـدي
وإلا فـــفـــي كــأسِ المُــدَامَــةِ بــلُغَــةٌ
تــقــومُ مَــقــامَ الريِّ عـنـدكَ أو عـنـدي
وفــي ريــقــكَ المــعــسـولِ لو أنّ روضـةً
تُــعَــلَّلُ بــالكــافـور والمـسـكِ والرّنْـدِ
ومـــاء شـــبــابــي كــانَ أعــذب مــورداً
لو أنّ الليـالي لم تُـزَاحِمْكَ في الوِرْد
مُــنــىً لا أُبــالي أن تــكــونَ كـواذِبـاً
فــتــفــنــى ولكــنّ المَــدَارَ عـلى وَجْـدي
أمِــنْــكَ الخــيــالُ الطَّاـرِقـي كـلّ ليـلةٍ
عـلى مِـثْـلِ حَـدِّ السّـيْـفِ أو طُـرّةِ البُـردِ
يُــبَــاري إليّ الليــلَ لو أنّ شــافــعــاً
مِـنَ النَّومِ أو لولا رقـيـبٌ مـنَ السـهـد
تَــعَــلّمَ مِــنّــي كــيــف يَــنْـعَـمُ بـالهـوى
وَأشْـقَـى فـهـلا كـانَ يَـبْـقَـى على العهد
يَهُــونُ عــليــهِ الوصـلُ مـا دامَ نـازحـاً
وأهــونُ شــيــءٍ حــيـن يَـدنـوُ إلى الصَـدِّ
وليــلةَ وافــانــي وقــد نِــمْــتُ نَــومَــةً
وكـنـتُ أنـا والنـجـمُ مـنـهـا عـلى وَعْـد
ألمّ فـــحـــيَّاــ بــيــن رُقْــبَــى وَرَقْــبَــةٍ
ولا شَــيْــءَ أحــلى مــن دُنُـوٍّ عـلى بُـعْـد
وقـد رَابَهُ لمـحٌ مـن الليـل فـي الدجـى
كـمـا لاح وَسْمُ الشَّيْبِ في الشَّعَر الجَعْدِ
رأى أدمــعــي حــمــراً وشـيـبـيَ نـاصـعـاً
وَفَــرطَ نُــحُــولي واصْــفــراراً عـلى خـدِّي
فَـــــودَّ لو أنـــــي عِــــقْــــدُه ووشــــاحُهُ
وإن لم يُـطـقْ حَـمْـلَ الوشاحِ ولا العِقْد
ألمَّ فــــأعْــــدَانــــي ضَــــنَـــاهُ وَسُهْـــدُهُ
وقـد كـان هـذا الشـوقُ أولى بأن يُعْدِي
وولَّى فـــلا تـــســـألْ بـــحــاليَ بَــعْــدَهُ
ولكــنْ ســلِ الأَيَّاــمَ عــن حــالِهِ بَـعْـدي
تــفــاوَتَ قــومٌ فــي الحــظـوظ وسـبـلهـا
فَــمُــثْــرٍ عــلى حِــرْصٍ وَمُــكْــدٍ عـلى زُهْـدِ
وأمَّاـــ أنـــا والحـــضـــرمــيُّ فــإنــنــا
قَـسَـمْـنَـا العُـلا مـا بين غَوْرٍ إلى نجد
فــأَبْــتُ أنــا بــالشــعــرِ أَحـمـي لواءَهُ
وآب ابــنُ عـيـسـى بـالسـيـادةِ والمـجـد
فـتـىً لا يُـبَـاليَ فـوزَ مَـنْ فازَ بالعُلا
إذا امــتـلأتْ كـفَّاـ يـديـهِ مِـنَ الحـمـد
وســيــفٌ يــبــاهــي كــلَّ ســيــفٍ بــنـفـسِهِ
إذا السـيـفُ بـاهَـى بـالحـمائلِ والغِمْدِ
ونــجــمُ ســنــاءٍ أو ســنــا كــلمَّاـ بـدا
تــهــلَّلَ بــالإســعــادِ وانـهـلَّ بـالسَّعـْد
وطــودٌ ومــا رَضْــوَى بــأكــبــرَ شــيــقــةً
ولكــن بـعـض القـول أشـهـى إلى الرشـد
ومــا بــالُ رَضْــوى إنــمــا هــو شــاهِــقٌ
رســا مــن أمــيـلٍ عـانـكٍ أو صَـفَـاً صَـلْد
وكـــم جَـــبَــلٍ فــي الأَرضِ أشــمــخُ ذروةً
وأحــمــى حــمــىً لو أنَّ نَــجْــوَتَهُ تُـجـدي
وكــانَ لهــمْ فــي طــورِ سَـيْـنَـا شـبـيـهُهُ
عــلى خــطــأٍ مــمــا ادَّعَـوْا وعـلى عَـمْـدِ
ولكـــنَّهـــا طــارتْ بِــرَضْــوَى مَــطَــارَهَــا
ولم نــر أحــظــى مــن مــســاعـدةِ الجَـدِّ
وبـــحـــرٌ تــرى الألبــابَ غــائصــة بــه
على اللؤلؤِ المكنونِ في الحَلِّ والعَقْد
تَــــرَاجَــــعَ عــــبـــراهُ وَعَـــبَّ عُـــبَـــابُهُ
ولا فُــــلْكَ إلا مِــــنْ رجـــاءٍ وَمِـــنْ وُد
فَــعَــرِّجْ بــشــطَــبْهِ إذا كــان ســاكــنــاً
خِــلالَ جــمــيــمٍ نــاضــرٍ فـي ثـرىً جَـعْـدِ
وإن مــاجَ واســطــعــت الحــزامـةَ فَـأْتِهِ
فـإنَّ النـجـومَ الزَّهْـرَ في الظلم الربد
بــلغــتُ بــعــيــســى مُــنْـتَهـى كـلَّ سُـؤْدَدٍ
فــلســتُ بــمــثــرٍ إن حُــرمــتُ ولا مـكـد
وَدَعْ مــالكــاً حــتــى تَــرَى كـيـفَ سَـعْـيُهُ
فـمـا منكما من لم يَسُدْ وهو في المهد
هُــوَ المــجــدُ مــنــكــمْ أَصْــلُهُ وَفُــرُوْعُهُ
تَـــرَدَّدَ بـــيـــن الإِبـــنِ والأبِ والجــد
أتـتـكَ قـوافِـي الشِّعـْرِ وَفْـداً عنِ الهوى
وبـعـضُ قـوافـي الشـعـرِ أَحْظَى من الوفد
أآذنـــةٌ عُـــلْيـــاك لِلْعِـــيـــدِ إن دَنَـــا
عـلى الطّـائرِ الميمونِ والطّالَعِ السَّعد
وقــد جــاءَ يـطْـوي الأرضَ والدهـرُ آخـذٌ
بـــأيـــســـرِ حـــظٍّ بـــيـــنَ وَصْــلِك والصَّدِّ
أمـــــولايَ لم أَقْـــــدُرْكَ قَــــدْرَكَ كُــــلَّهُ
ولكـــنـــه جُهْـــدُ القـــصــائدِ لا جُهْــدِي
فــلم يــبــقَ إلا أن تــســامـحَ مُـجْـمِـلاً
ومِــنْ كَــرَمِ المَــوْلى مُـسـامَـحَـة العَـبْـد
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:


ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:
له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.
تصنيفات قصيدة أعِدْ نظرةً في صفحتيْ ذلك الخدِّ