قصيدة أعرفك راح في عرف الرياح للشاعر ابن زيدون

البيت العربي

أَعَرفُكِ راحَ في عُرفِ الرِياحِ


عدد ابيات القصيدة:47


أَعَرفُكِ راحَ في عُرفِ الرِياحِ
أَعَــرفُـكِ راحَ فـي عُـرفِ الرِيـاحِ
فَهَـزَّ مِـنَ الهَـوى عِـطفَ اِرتِياحي
وَذِكــرُكِ مــا تَــعَــرَّضَ أَم عَــذابٌ
غَـصِـصـتُ عَـلَيـهِ بِـالعَذبِ القَراحِ
وَهَـل أَنـا مِـنـكِ في نَشَواتِ شَوقٍ
هَـفَـت بِـالعَـقـلِ أَو نَـشَواتِ راحِ
لَعَــمــرُ هَـواكِ مـا وَرِيَـت زِنـادٌ
لِوَصـلٍ مِـنـكِ طـالَ لَها اِقتِداحي
وَكَــم أَسـقَـمـتِ مِـن قَـلبٍ صَـحـيـحٍ
بِـسُـقـمِ جُـفونِكِ المَرضى الصِحاحِ
مَـتـى أُخـفِ الغَـرامَ يَصِفهُ جِسمي
بِـأَلسِـنَةِ الضَنى الخُرسِ الفِصاحِ
فَـلَو أَنَّ الثِـيـابَ فُـحِـصـنَ عَـنّـي
خَـفـيـتُ خَـفاءَ خَصرِكِ في الوِشاحِ
لَلُقّــيــنـا مِـنَ الواشـيـنِ حَـتّـى
رَضـيـنـا الرُسـلَ أَنفاسَ الرِياحِ
وَرُبَّ ظَـــلامِ لَيـــلٍ جَــنَّ فَــوقــي
فَـنُـبتِ عَنِ الصَباحِ إِلى الصَباحِ
فَهَـل عَـدَتِ العَـفـافَ هُناكَ نَفسي
فَـدَيـتُـكِ أَو جَـنَحتُ إِلى الجُناحِ
وَكَـيـفَ أَلِجُّ لا يَـثـنـي عِـنـانـي
رَشـادُ العَـزمِ عَـن غَـيِّ الجِـمـاحِ
وَمِــن سِــرِّ اِبــنِ عَــبّــادٍ دَليــلٌ
بِهِ بــانَ الفَـسـادُ مِـنَ الصَـلاحِ
هُــوَ المَــلِكُ الَّذي بَــرَّت فَـسَـرَّت
خِــلالٌ مِـنـهُ طـاهِـرَةُ النَـواحـي
هُـمـامٌ خَـطَّ بِـالهِـمَـمِ السَـوامـي
مِنَ العَلياءِ في الخِطَطِ الفِساحِ
أَغَـــرُّ إِذا تَـــجَهَّمــَ وَجــهُ دَهــرٍ
تَـبَـلَّجَ فـيـهِ كَـالقَـمَـرِ اللِيـاحِ
سَـمـيـعُ النَـصـرِ لِاِسـتِعداءِ جارٍ
أَصَــمُّ الجـودِ عَـن تَـفـنـيـدِ لاحِ
ضَـرائِبُ جَهـمَـةٌ فـي العَتبِ تُتلى
بِــأَخــلاقٍ لَدى العُـتـبـى مِـلاحِ
إِذا أَرِجَ الثَـنـاءُ الرَوعُ مِنها
فَـكَـم لِلمِـسـكِ عَـنـهُ مِنِ اِفتِضاحِ
هُـوَ المُـبقي مُلوكَ الأَرضِ تَدمى
قُـــلوبُهُـــمُ كَــأَفــواهِ الجِــراحِ
رَآهُ اللَهُ أَجــوَدَ بِــالعَــطـايـا
وَأَطــعَـنَ بِـالمَـكـايِـدِ وَالرِمـاحِ
وَأَفــرَسَ لِلمَــنـابِـرِ وَالمَـذاكـي
وَأَبهى في البُرودِ وَفي السِلاحِ
وَأَمــنَــعَهُــم حِــمـى عِـرضٍ مَـصـونٍ
وَأَوسَـــعَهُـــم ذُرا مــالٍ مُــبــاحِ
فَــراضَ لَهُ الوَرى حَــتّــى تَــأَدَّت
إِلَيــهِ إِتــاوَةُ الحَــيِّ اللِقــاحِ
لِمُــعــتَــضِــدٍ بِهِ أَرضـاهُ سَـعـيـاً
فَــأَقــبَــلَ وَجــهَهُ وَجـهَ الفَـلاحِ
فَـمَـن قـاسَ المُـلوكَ إِلَيهِ جَهلاً
كَـمَـن قـاسَ النُـجـومَ إِلى بَـراحِ
وَمُـعـتَـقِـدُ الرِيـاسَـةِ فـي سِـواهُ
كَـمُـعـتَـقِـدِ النُـبُـوَّةِ فـي سَـجـاحِ
أَبَـحـرَ الجودِ في يَومِ العَطايا
وَلَيـثَ البَـأسِ فـي يَـومِ الكِفاحِ
لَقَــد سَـفَـرَت بِـعِـلَّتِـكَ اللَيـالي
لَنــا عَــن وَجــهِ حــادِثَـةٍ وَقـاحِ
أَلَســتَ مُــصِــحَّهــا مِــن كُــلِّ داءٍ
وَمُـبـدي حُـسـنَ أَوجُهِهـا الصِـباحِ
وَلَو كَـشَـفَـت عَـنِ الصَفَحاتِ شامَت
بُـروقَ المَـوتِ مِـن بـيضِ الصِفاحِ
وَقــاكَ اللَهُ مـا تَـخـشـى وَوالى
عَـلَيـكَ بِـصُـنعِهِ المُغدى المُراحِ
فَــلَو أَنَّ السَــعــادَةَ سَـوَّغَـتـنـا
تِــجـارَتَهـا المُـلِثَّةـَ بِـالرَبـاحِ
تَـجـافَـيـنـا عَـبـيـدَكَ عَـن نُـفوسٍ
عَـلَيـكَ مِـنَ الضَـنـى حَـرّى شِـحـاحِ
تُهَـنَّأـُ فـيـكَ بِـالبُـرءِ المُـوَفّـى
وَتُـبـهَـجُ مِـنـكَ بِـالأَلَمِ المُزاحِ
فَـدَيـتُـكَ كَـم لِعَـيـنِـيَ مِـن سُـمُـوٍّ
لَدَيـكَ وَكَـم لِنَـفـسِـيَ مِـن طَـمـاحِ
أَلا هَـل جـاءَ مَـن فـارَقـتُ أَنّـي
بِـسـاحـاتِ المُـنـى رَفـلُ المَراحِ
وَأَنّــي مِــن ظِــلالِكَ فــي زَمــانٍ
نَـدي الآصـالِ رَقـراقِ الضَـواحي
تُــحَــيِّيـنـي بِـرَيـحـانِ التَـحَـفّـي
وَتُــصــبِـحُـنـي مُـعَـتَّقـَةُ السَـمـاحِ
فَها أَنا قَد ثَمِلتُ مِنَ الأَيادي
إِذِ اِتَّصَلَ اِغتِباقي في اِصطِباحي
فَـإِن أَعـجِـز فَـإِنَّ النُـصـحَ ثَـقـفٌ
وَإِن أَشــكُــر فَـإِنَّ الشُـكـرَ صـاحِ
لِمـا أَكـسَـبـتَ قَـدري مِـن سَـنـاءٍ
وَمــا لَقَّيــتَ سَـعـيـي مِـن نَـجـاحِ
لَقَـد أَنـفَـذتَ فـي الآمالِ حُكمي
وَأَجـرَيـتَ الزَمانَ عَلى اِقتِراحي
وَهَــل أَخــشــى وُقــوعـاً دونَ حَـظٍّ
إِذا مـا أُثَّ ريـشُـكَ مِـن جَـنـاحي
فَـمـا اِسـتَـسـقَـيتُ مِن غَيمٍ جَهامٍ
وَلا اِسـتَـورَيـتُ مِـن زَنـدٍ شَـحاحِ
وَواصَـلَنـي جَـمـيـلُكَ فـي مَـغـيبي
وَطـالَعَـنـي نَـداكَ مَـعَ اِنـتِزاحي
وَلَم أَنــفَــكُّ إِذ عَـدَتِ العَـوادي
إِلَيــكَ رَهــيــنَ شَــوقٍ وَاِلتِـيـاحِ
فَـحَـسـبـيَ أَنـتَ مِـن مُـسـدٍ لِنُعمى
وَحَــسـبُـكَ بـي بِـشُـكـرٍ وَاِمـتِـداحِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، أبو الوليد.
وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.
ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.
وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.
ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.
وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.
تصنيفات قصيدة أَعَرفُكِ راحَ في عُرفِ الرِياحِ