قصيدة أعن وخد القلاص كشفت حالا للشاعر أَبو العَلاء المَعَرِي

البيت العربي

أعَن وَخْدِ القِلاصِ كشَفْتِ حالا


عدد ابيات القصيدة:81


أعَن وَخْدِ القِلاصِ كشَفْتِ حالا
أعَـن وَخْـدِ القِـلاصِ كـشَفْتِ حالا
ومـن عِـنـد الظّـلام طَلَبتِ مالا
ودُرّاً خِـــلْتِ أنْـــجُـــمَه عـــليــه
فـــهـــلاّ خِــلْتِهِــنّ بــه ذُبــالا
وقُـلْتِ الشّـمْـسُ بـالبَـيْـداءِ تِبْرٌ
ومِــثْــلُكِ مَـنْ تَـخَـيّـلَ ثُـمّ خـالا
وفـي ذَوْب اللُّجَـيْـنِ طَـمِـعْـتِ لمّا
رأيْـتِ سَـرَابَهـا يَـغْشَى الرّمَالا
رَمَـــاكِ اللّهُ مِـــنْ نُــوقٍ بِــرُوقٍ
مـن السّـنَـواتِ تُـثْكِلُكِ الإفالا
فـقـد أكْـثَـرْتِ نُـقْـلَتَـنـا وكانتْ
صِـغـارُ الشُّهب أسْرَعَهَا انْتِقالا
تُـــذَكّـــرُكِ الثَّوِيَـــةَ مِـــنْ ثُــدَيٍّ
ضَـــلالٌ مـــا أرَدْتِ بــه ضَــلالا
ولَوْ أنّ المَــطِــيّ لهــا عُــقُــولٌ
وَجَــدَّكِ لم نَــشُــدّ بـهـا عـقـالا
مُــوَاصَــلَةً بــهــا رَحْــلي كـأنّـي
عنِ الدّنْيا أُريدُ بها انْفِصَالا
سـألْنَ فـقـلْت مَـقْـصِـدُنـا سـعـيـدٌ
فـكـانَ اسْـمُ الأمِـيرِ لهُنّ فالا
مِــكَــلِّفُ خَــيْـلِهِ قَـنَـصَ الأعَـادي
وجـاعِـلُ غـابِهِ الأسَـلَ الطّوَالا
تَــكــادُ قِــسِــيُّهـُ مِـنْ غـيـرِ رامٍ
تُـمَـكّـنُ فـي قُـلُوبِهِـمُ النّـبَـالا
تــكــادُ سُــيُــوفُهُ مِـنْ غَـيـرِ سَـلٍّ
تُــجِــدّ إلى رِقـابِهِـمُ انْـسِـلالا
تَــكـادُ سَـوَابِـقٌ حَـمَـلَتْهُ تُـغْـنـي
عـنِ الأقْـدارِ صَـوْنـاً وابْتِذالا
نَــشَــأنَ مــع النَّعــَامِ بـكُـلّ دَوٍّ
فـقَـدْ ألِفَـتْ نـتائِجُها الرّئالا
ولمّــا لم يُــســابِــقْهُــنّ شَــيــءٌ
مِـنَ الحَـيَـوانِ سـابَقْنَ الظّلالا
تَـرَى أعْـطَـافَهـا تَـرمـي حَـمـيماً
كــأجْــنِــحَــةِ البُــزَاةِ نِــســالا
وقـد ذابَـتْ بِـنـارِ الحِقْدِ منها
شَــكــائِمُهـا فـمـازَجَـتِ الرُّوَالا
يُذِقْنَ بَني العُصَاةِ اليُتْمَ صِرْفاً
ويَــتْــرُكْــنَ الجَـآذِرَ والسِّخـَالا
فـمـا يَـرْمِـيـنَ بـالآجـالِ إجْـلاً
وَيَـرمِـيـنَ المَـقَـانِـبَ والرِّعَالا
يُــغــادِرْنَ الكَــواعِــبَ حـاسِـرَاتٍ
يُـنِـلْنَ مِن العُداةِ من اسْتَنالا
يَـــبِـــعْــنَ تُــراثَ آبــاءٍ كِــرَام
ويَـشْـرِيـنَ الحُـجُولَ أوِ الحِجالا
يُــغـاَلِيـنَ المَـدَارِعَ والمَـدَاري
وَيُـرْخِـصْـنَ المَـنَـاصِـلَ والنّصَالا
يُـمِـلّ بـهـا السّباسِبَ والمَوَامي
فــتــىً لم تَــخْـشَ هِـمّـتُه مَـلالا
ذكـيُّ القَـلْبِ يَـخْـضِـبُهـا نَـجِـيعاً
بـمـا جَـعَـلَ الحَرِيرَ لها جِلالا
مَــتــى يُـذْمِـمْ عـلى بَـلَدٍ بِـسَـوْطٍ
فـقـدْ أمِـنَ المُـثَـقَّفـَةَ النِّهالا
إذا سـقَـتِ السماءُ الأرْضَ سَجْلاً
سَــقــاهــا مـن صَـوارِمِهِ سِـجـالا
ويُـضْـحـي والحـديـدُ عـليـه شـاكٍ
وتَــكْــفِــيـهِ مَهـابَـتُهُ النّـزَالا
فـيُـفْني الدّرْعَ لُبْساً واليَماني
صِـحـابـاً والرُّدَيْـنـيَّ اعْـتِـقـالا
يَــبِـيـتُ مُـسَهَّداً واللّيْـلُ يَـدْعـو
بـضـوْءِ الصّـبْـح خالِقَه ابْتِهالا
إذا سَـــئِمَـــتْ مُهَــنَّدَهُ يَــمِــيــنٌ
لِطُــولِ الحَــمْــلِ بَــدّلَه شِـمـالا
أفــادَ المُـرْهَـفـاتِ ضِـيـاءَ عَـزْمٍ
فـصـارَ عـلى جَـواهِـرِهَـا صِـقـالا
وأبْـصَـرَتِ الذّوَابِـلُ مـنـه عَـدْلاً
فـأصْـبَـحَ فـي عَوَامِلِها اعْتِدالا
وجُـنْـحٍ يَـمْـلأ الفَـوْدَيـنِ شَـيْـباً
ولكــنْ يَـجْـعَـلُ الصّـحْـرَاءَ خَـالا
أرَدنــا أن نَــصِــيــدَ بـه مَهـاةً
فــقَـطَّعـَتِ الحـبَـائِلَ والحِـبـالا
ونَــمّ بِـطَـيْـفِهـا السّـاري جَـوَادٌ
فـجَـنّـبَـنَـا الزّيـارَةَ والوِصَالا
وأيْـقَـظَ بـالصّهـيـلِ الرّكـبَ حتى
ظَــنَــنْـتُ صَهِـيـلَهُ قِـيـلاً وقـالا
ولولا غَـــيْـــرَةٌ مـــنْ أعْـــوَجــيّ
لَبَـاتَ يَـرى الغزالَةَ والغزَالا
يُـحِـسّ إذا الخَـيَـالُ دنا إلينا
فـيَـمْـنَـعُ مـن تَـعَهّدِنا الخَيالا
سَــرَى بَـرْقُ المَـعَـرّةِ بَـعـدَ وَهْـنٍ
فــبـاتَ بَـرامَـةٍ يَـصِـفُ الكَـلالا
شَــجَـا رَكْـبـاً وأفْـراسـاً وإبْـلاً
وزاد فـكـاد أنْ يَشْجو الرّحالا
بــهــا كـانـتْ جـيـادُهُـمُ مِهـاراً
وهُــمْ مُــرْداً وبُــزْلُهُــمُ فِـصـالا
وَمَــنْ صَــحِــبَ اللْيــالي عَـلّمَـتْهُ
خِـداعَ الإلْفِ والقـيلَ المُحالا
وغَــيّــرَتِ الخُـطـوبَ عـليـه حـتّـى
تُـرِيـهِ الذَّرَّ يَـحْـمِـلْنَ الجِـبالا
فـلَيْـتَ شَـبَـابَ قَـوْمٍ كـان شَـيْـباً
ولَيْــتَ صِـبـاهُـمُ كـان اكـتِهَـالا
صَـحِـبْـنـا بـالبُـدَيّـةِ مـن حُـصَـيْنٍ
وحِــصْـنٍ شَـرَّ مَـن صَـحِـبَ الرّجـالا
إذا سُـقِـيَـتْ ضُـيوفُ الناسِ محضاً
سَـقَـوْا أضْـيـافَهُـمْ شَـبِماً زُلالا
ولكِــنْ بــالعَــواصِــمِ مــن عَــدِيّ
أمِــيـرٌ لا يُـكَـلّفُـنـا السّـؤالا
إذا خَـفَـقَـتْ لمَـغْـرِبِهـا الثّريّا
تَــوَقّــتْ مـن أسِـنّـتِهِ اغْـتِـيـالا
ولو شـمْـسُ الضّـحـى قَدَرَتْ لعادتْ
مُــــشَـــرِّقَـــةً إذا رأتِ الزّوالا
فـقُـلْ لمُـجـيـلِهَـا فوقَ الأعادي
إذا مـا لم يَـجِـدْ فَـرَسٌ مَـجَـالا
لقــد جــشّــمْـتَ طِـرْفَـكَ مُـثْـقِـلاتٍ
فــجَــشّــمَهُــنّ أرْبَــعَــةً عِــجــالا
أذَالَ الجَــرْيُ مــنـه زَبَـرْجَـدِيّـاً
ومــا حَـقُّ الزّبَـرْجَـدِ أن يُـذالا
وقــد يُـلْفَـى زَبَـرْجَـدُهُ عَـقـيـقـاً
إذا شـهِـدَ الأميرُ به القِتالا
أخـفَّ مـن الوَجِـيـهِ يـداً ورِجْـلاً
وأكْـرَمَ فـي الجِيادِ أباً وخالا
وكُـــلُّ ذُؤابَـــةٍ فـــي رأسِ خَـــوْدٍ
تَــمــنّــى أنْ تَـكـونَ له شِـكـالا
يَـوَدّ التّـبْـرُ لو أمْـسَـى حَـديداً
إذا حُــذِيَ الحَـديـدُ له نِـعـالا
إذا ما الغَيْمُ لم يُمْطِرْ بِلاداً
فــإنّ له عــلى يــدِكَ اتّــكــالا
ولو أنّ الرّيــاحَ تَهُــبّ غَــرْبــاً
وقُــلْتَ لهـا هَـلا هَـبّـتْ شِـمـالا
وأُقْـسِـمُ لو غَـضِـبْـتَ عـلى ثَـبِـيرٍ
لأزْمَــعَ عــن مَـحِـلّتِهِ ارْتِـحـالا
فـإنْ عَـشِـقَـتْ صَـوارِمُـكَ الهَوادي
فـلا عَـدِمَـتْ بـمنْ تَهَوى اتّصَالا
ولولا مـا بـسَـيْـفِـكَ مِـن نُـحُـولٍ
لقُـلْنـا أظْهَـرَ الكَـمَدَ انْتِحالا
سَــليــلُ النــارِ دَقّ وَرَقّ حــتــى
كـــأنّ أبـــاه أوْرَثَهُ السُّلــالا
مُــحَــلّى البُــرْدِ تَـحْـسَـبُهُ تَـرَدَّى
نُـجُـومَ اللّيْلِ وانْتَعَلَ الهِلالا
مُـقـيـمُ النّـصْـلِ فـي طَرَفَيْ نَقيضٍ
يـكُـونُ تَـبـايُـنٌ مـنـه اشْـتِكالا
تَــبَــيّــنُ فَــوْقَهُ ضَــحْــضَـاحَ مـاءٍ
وتُـبْـصِـرُ فـيـه للنّـارِ اشْتِعالا
غَـــرَاراهُ لِســـانَـــا مَـــشْــرَفِــيّ
يَـقُـولُ غَـرَائبَ المَـوْتِ ارْتِجالا
إذا بُـصِـرَ الأمـيـرُ وقـد نَـضَاهُ
بــأعْــلى الجَـوّ ظُـنّ عـليـه آلا
وَدَبّــتْ فــوْقـه حُـمْـرُ المَـنَـايـا
ولكِــنْ بَـعـدمـا مُـسِـخَـتْ نِـمـالا
يُــذيــبُ الرّعْـبُ مـنـه كـلَّ عَـضْـبٍ
فـلوْلا الغِـمْـدُ يُـمْـسِـكُهُ لَسَالا
ومَـنْ يَـكُ ذا خَـليـلٍ غَـيْـرِ سَـيْـفٍ
يُــصَــادِفُ فـي مَـوَدّتِهِ اخْـتِـلالا
وذي ظـــمَـــإٍ ولَيْــسَ بِهِ حَــيــاةٌ
تَــيَــقَّنــَ طــولَ حـامِـلِهِ فـطـالا
تَــوَهَّمــَ كــلَّ ســابِــغَــةٍ غَـديـراً
فَـرَنّـقَ يَـشْـرَبُ الحَـلَقَ الدُّخـالا
مَــلأتَ بــه صُــدوراً مِــن أُنَــاسٍ
فـلاقـتْ عـن ضَـغائِنها اشْتِغالا
لِيَهْـنِـكَ في المكارِم والمعَالي
كَــمَـالٌ عَـلّمَ القَـمَـرَ الكَـمـالا
وأنْــكَ لوْ تَــعَــلّقَــتِ الرّزايــا
بـنَـعْـلِكَ مـا قَـطَـعْنَ لها قِبالا
حَـفـظْـتَ المُـسْـلِمِـينَ وقَدْ تَوالَتْ
سَـحـائِبُ تَـحْـمِلُ النُّوَبَ الثِّقالا
وصُــنْــتَ عِـيـالَهُـمْ إذْ كُـلُّ عَـيـنٍ
تَــعُــدّ سَـوَادَ نـاظِـرِهـا عِـيـالا
بـوَقْـتٍ لا يُـطِـيـقُ اللّيْـثُ فـيـه
مُـسـاوَرَةً ولا السِّيـدُ اخْـتِتالا
وأنْــتَ أجَــلّ مــن عِــيــدٍ تُهَـنّـى
بِــعَــوْدَتِهِ فــهُــنّــيـتَ الجَـلالا
ومُـرْ بـفِـرَاقِ شِـيمتِها الليالي
تُـجِـبْـكَ إلى إرادتِـكَ امْـتِـثالا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.
شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،
من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).
تصنيفات قصيدة أعَن وَخْدِ القِلاصِ كشَفْتِ حالا