البيت العربي

أَغَمْزُ عُيُونٍ وَانكسارُ حَوَاجِبِ
عدد ابيات القصيدة:47

أَغَــمْــزُ عُــيُــونٍ وَانــكــســارُ حَــوَاجِــبِ
أمِ البـرقُ فـي جُـنْـحٍ مـن الليـل دَائبِ
ســرى وســرى طــيـفُ الخـيـالِ كـلاهـمـا
يَــــوَدُّ لو أنَّ الليــــلَ ضَـــرْبَـــةُ لازب
وفـي مـضـجـعي أَخْفَى على العينِ منهما
وأَثْــقَــبُ فــي أَجــوازِ تـلكَ الغـيـاهـب
لقــىً غــيــرَ نــفــسٍ حُــرَّةٍ نــازعـت بـه
نــجــومَ الدُّجـى مـا بـيـن سـارٍ وسـارب
مـــــعـــــودةٍ ألاَّ تــــطــــبِّقــــَ روعــــةٌ
بـهـا مـذهـبـاً والمـوت شـتـى المذاهب
إليـكَ ابـنَ حـمـديـنٍ وإنْ بَـعُـدَ المَـدَى
وإن غَـرَّبَـت بـي عَـنْـكَ إحـدى المـغـارب
صـــبـــابـــةَ ودٍّ لم يـــكـــدِّر جِـــمَــامَهُ
مُـــرُورُ الليـــالي وازدحــامُ الشَّوائِبِ
وذكـــرى عَـــسَــاهــا أن تــكــونَ مَهَــزَّةً
تـــردُّ عـــلى أَعـــقـــابِهِ كُـــلَّ شـــاغــب
بــآيــةِ مــا كــان الهــوى مُـتَـقَـاربـاً
وخَــطَــوْيَ فــيــه ليــسَ بــالمــتــقــارب
أُمُــخْــلِفَــةٌ تــلك الوســائلُ بــعــدمــا
شَــدَدنــا قُــوَاهـا بـالنُّجـومِ الثَّواقـب
وكـــم غَـــدْوَةٍ لي فـــي رِضَـــاكَ ورَوَحَــةٍ
عــلى مَــنْهَــجٍ مــن سُــنَّةــِ البِــرِّ لازب
ليـاليَ لم تـمـشِ الأخـابـيـث بـيـنـنـا
بـمـا كـادَ يـسـتـهـوي حُـلُومَ الأطـايـب
ولم يُــــــــــرِجــــــــــفُـــــــــوا فـــــــــي
بـــصـــمـــانـــة يَــنْــمُــوَنَهــا وأشــائب
وأيــامَ لم يَـجْـنِ الدَّلالُ عـلى الهـوى
هـنـاتٍ جَـنَـت عُـتْـبـى عـلى غـيـر عـاتـب
أفــالآن لمــا كــنــتُ أحــكــمَ قــاصــدٍ
وَسَــــرَّك أنــــي جــــئتُ أصْــــدَقَ تــــائب
ولم يــبــقَ إلا نــزغـة تـرتـقـي بـهـا
شـيـاطـيـنُ تَـخْـشَـى القَـذفَ من كلِّ جانب
أَضــعــتَ حُــقُــوقــي أو حــقــوقَ مـودتـي
فــدونــكــهــا أعـجـوبـةً فـي الأعـاجـب
وَفَـــجَّعـــْتَ بـــي حـــيّــاً نــوادبَ كــلمَّا
تــذكــرنــنــي أسْــعَــدنَ غــيــرَ نــوادب
وقــال العــدا ليــلُ الخــمــولِ أَجَــنَّهُ
عــلى رِسْــلِهِــم إنِّيـ عِـيَـاضُ بـنُ نـاشـب
فــلا تــتــبــاهــى بــي صــدورُ مَـجَـالسٍ
أَسُـــرُّكَ فـــيـــهـــا أو صــدورُ مــواكــب
وَأصـبـحـتُ لا يَـرتَـاعُ مـن خَـوفِ سَـطْوَتي
عَــدوُيِّ ولا يــرجــو غَــنَــائيَ صــاحـبـي
ولا يــتــلقَّاــنــي العُــفَــاةُ كــأنـمـا
أَهَــلُّوا بــمــنــلٍ مــن الغَــيْــث سـاكِـب
ولا أَمــــتــــري أخــــلافَ كـــلِّ مُـــرِنَّة
بــأيــدي صَــبَــا مـن عـزمـتـي وَجَـنَـائب
أُعـــاتِـــبُ إدلالاً وأعْـــتِـــبُ طـــاعـــةً
وحــسْــبُــكَ بــي مــن مُــعــتْـب وَمُـعَـاتـب
أبــوءُ بــذنــبـي ليـس شـعـري بـمـقـتـضٍ
عُـــلاكَ ولو فَـــقَـــيْـــتُهُ بــالكــواكــب
ولكـــنَّهـــُ مـــا أَســـتـــطـــيــعُ وَعُــوذَةٌ
لِفَــضْــلِكَ إلا نَــمْــحُ ذنــبــي تُــقــارب
ويـــجـــحــدُكَ الحــسَّاــدُ أَنّــك سُــدْتَهُــمْ
عــلى شــاهــدٍ مــمـا انـتـحـيـت وغـائب
وقـــد وقـــفــوا دون الذي عــزَّ شــأوه
بــأنــفــسـهـم أو بـالظـنـون الكـواذب
غـضـابـاً عـلى مَـنْ نـاكرَ الدهرَ بينهم
وقـــد عَـــرَفـــوه بـــيــنَ راضٍ وغــاضــب
سـراعـاً إلى الدنـيـا وحـيـثُ بدا لهم
ولو أنَّهــ بــيــنَ الظــبــا والضــرائب
إذا المرءُ لم يَكْسِب سوى المالِ وحده
فــــألأمُ مَــــكْـــسُـــوبٍ لألأمِ كـــاســـب
عــجــبـتُ لمـن لم يَـقْـدُرِ التـربَ قَـدْرَهُ
وقـد تـاهَ فـي نَـقْـدِ النـجومِ الثواقب
ومـــن لم يـــوطِّنـــ للنـــوائبِ نَــفْــسَهُ
وقــد لجَّ فــي تــعــريــضــهـا للنـوائب
أعِــد نــظــراً فـيـهـم وفـي حـرمـاتـهـم
وإن لم يُـعـيـدوا نـظـرةً فـي العواقب
وكُــن بــهـمُ أَدنـى إلى الرشـد مـنـهـمُ
تــكْــن هــذه إحــدى عُــلاك العــجــائب
لعــــلهــــمُ والدهــــرُ شــــتَّى صُــــرُوفُهُ
وَمَــجْــدُكَ أولى بــارتــقــاءِ المـراتـب
قــد انـصـرفـت تـلك الهـمـومُ لواغـبـاً
إلى المــقـصـدِ الأدنـى وغـيـرَ لواغـب
وثـــابـــت حــلومٌ ربــمَّاــ زال يَــذْبُــلٌ
وزالَ سُهَـــيْـــلٌ وهـــي غـــيـــر ثـــوائب
وَأَيــقَــنَ قــومٌ أنــهــا هــيَ تــرتــمــي
بــهــم بــيــن مــجــنـوب إليـك وجـانـب
وألقَــوا بــأيــدٍ صــاغـريـنَ وأخْـلَصُـوا
ضــمــائرَ مــكــذوبِ المُـنَـى والتـجـارب
وأهـــونُ مـــغــلوبٍ عــلى أمــرِ نــفــسِهِ
مــن النَّاـسِ مَـنْ لا يَـتَّقـي بـأسَ غـالب
إليــك ابــنَ حـمـديـنٍ نـصـيـحـةَ مُـشْـفِـقٍ
تَــنَــحَّلــَهــا أثــنــاءَ تــلك النــوائب
بــرغــمــي ورغــمِ المـكـرمـات تَـقَـضَّبـَتْ
حِــبَــالٌ بـأيـدي الحـادثـاتِ القـواضـب
ورغـــمِ رجـــالٍ عـــلَّمَـــتْهُــمْ ذنــوبُهُــمْ
حِــذَارَ الأعـادي واحـتـقـارَ المـصـائب
قَـضَـوْا نـحـبـهـم إلا أسـىً غَـيْـرَ نـافعٍ
عــلى ذاهــبٍ مـن أمـءرِهِـمْ غـيـرِ ذاهـب
يـــلوذون مـــنــه بــالخــضــوع مُــرَدَّداً
إذا عــزَّهــم فــيـضُ الدمـوع السـواكـب
فــإن تَــنْــتَــصِــف مـنـهـمْ فـأَعْـذَرُ آخـذٍ
وإن تـــتـــداركْهُـــمْ فـــأَكــرمُ صــاحــب
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأعمى التطيلي
ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:
له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.