قصيدة ألا رب ذي أجل قد حضر للشاعر أبو العَتاهِيَة

البيت العربي

أَلا رُبَّ ذي أَجَلٍ قَد حَضَر


عدد ابيات القصيدة:33


أَلا رُبَّ ذي أَجَلٍ قَد حَضَر
أَلا رُبَّ ذي أَجَـــلٍ قَـــد حَـــضَـــر
كَـثـيـرِ التَـمَـنّـي قَـليـلِ الحَذَر
إِذا هَــزَّ فــي المَـشـيِ أَعـطـافَهُ
تَـعَـرَّفـتَ فـي مَـنـكِـبَـيـهِ البَـطَر
يُـــؤَمِّلـــُ أَكـــثَـــرَ مِــن عُــمــرِهِ
وَيَــزدادُ يَــومــاً بِــيَــومٍ أَشَــر
وَيُــمــســي وَيُــصــبِـحُ فـي نَـفـسِهِ
كَـريـمَ المَـسـاعـي عَـظيمَ الخَطَر
تَــــكــــونُ لَهُ صَــــولَةٌ تُـــتَّقـــى
وَأَمـــرٌ يُـــطــاعُ إِذا مــا أَمَــر
يَـــريـــشُ وَيَــبــري وَفــي يَــومِهِ
لَهُ شُـــغُـــلٌ شـــاغِـــلٌ لَو شَــعَــر
يَـعُـدُّ الغُـرورَ وَيَـبـنـي القُصورَ
وَيَـنـسـى الفَـناءَ وَيَنسى القَدَر
وَيَـنـسـى القُـرونَ وَرَيبَ المَنونِ
وَيَـنـسـى الخُـطوبَ وَيَنسى الغِيَر
وَيَـنـسـى شُهـوراً تُـحـيلُ الأُمورَ
فَــإِمّــا بِــخَــيــرٍ وَإِمّــا بِــشَــرِّ
يُــجَــرِّعُهُ الحِــرصُ كَــأسَ الفَـنـا
وَيَــحــمِــلُهُ فَــوقَ ظَهــرِ الغَــرَر
وَكَـــم مِـــن مُــلوكٍ عَهِــدنــاهُــمُ
تَـفـانـوا وَنَـحـنُ مَـعـاً بِـالأَثَر
أَمـا تَـعـجَـبـونَ لِأَهـلِ القُـبـورِ
كَــأَنَّهــُمُ لَم يَــكــونــوا بَــشَــر
أَخَــــيَّ أَضَــــعـــتَ أُمـــوراً أَراكَ
لِنَـفـسِـكَ فـيـهـا قَـليـلُ النَـظَـر
فَــحَــتّــى مَــتـى أَنـتَ ذو صَـبـوَةٍ
كَـأَن لَيـسَ تَـزدادُ فـيـهـا قِـصَـر
تُـؤَمَّلـُ فـي الأَرضِ طـولَ الحَياةِ
وَعُــمــرُكَ يَــزدادُ فــيــهِ قِــصَــر
أَرى لَكَ أَلّا تَــــمَـــلَّ الجِهـــازَ
لِقُــربِ الرَحـيـلِ وَبُـعـدِ السَـفَـر
وَأَن تَـــتَـــدَبَّرَ مــاذا تَــصــيــرُ
إِلَيــهِ فَــتُــعـمِـلَ فـيـهِ الفِـكَـر
وَأَن تَــســتَــخِــفَّ بِـدارِ الغُـرورِ
وَأَن تَــســتَــعِـدَّ لِإِحـدى الكُـبَـر
هِـيَ الدارُ دارُ الأَذى وَالقَـذى
وَدارُ الفَـــنـــاءِ وَدارُ الغَــرَر
وَلَو نِــلتَهــا بِــحَــذافــيــرِهــا
لَمُــتَّ وَلَم تَـقـضِ مِـنـهـا الوَطَـر
لَعَــمــري لَقَــد دَرَجَــت قَــبـلَنـا
قُــرونٌ لَنــا فــيــهِــمُ مُـعـتَـبَـر
فَـيـا لَيـتَ شِـعري أَبَعدَ المَشيبِ
سِـوى المَـوتِ مِـن غـائِبٍ يُـنـتَظَر
كَــأَنَّكــَ قَــد صِــرتَ فــي حُــفــرَةٍ
وَصــارَ عَــلَيــكَ الثَـرى وَالمَـدَر
فَــلا تَـنـسَ يَـومـاً تُـسَـجّـى عَـلى
سَــريــرِكَ فَــوقَ رِقــابِ البَــشَــر
وَقَــــدِّم لِذاكَ فَــــإِنَّ الفَـــتـــى
لَهُ مـــا يُـــقَــدِّمُ لا مــا يَــذَر
وَمَــن يَـكُ ذا سِـعَـةٍ فـي الغِـنـى
يُـعَـظَّمـ وَمَـن يَـفـتَـقِـر يُـحـتَـقَـر
وَمَـــن يَـــكُ بِــالدَهــرِ ذا غِــرَّةٍ
فَـإِنّـي مِـنَ الدَهـرِ عِـنـدي خَـبَـر
تَــرى الدَهــرَ يَــضــرُبُ أَمـثـالَهُ
لَنــا وَيُــريــنـا صُـروفَ العِـبَـر
فَـــلا تَـــأمَـــنَـــنَّ لَهُ عَـــثـــرَةً
فَــكَــم مِـن كَـريـمٍ بِهِ قَـد عَـثَـر
يَــحـولُ عَـلى المَـرءِ حَـتّـى تَـرا
هُ يَـشـرَبُ بَـعـدَ الصَـفـاءِ الكَدَر
وَحَــتّــى تَــراهُ قَــصـيـرَ الخُـطـى
بَـطـيـءَ النُهـوضِ كَـليـلَ النَـظَـر
أَيــا مَـن يُـؤَمِّلـُ طـولَ الحَـيـاةِ
وَطــولُ الحَــيــاةِ عَــليــهِ ضَــرَر
إِذا مـا كَـبِـرتَ وَبـانَ الشَـبـابُ
فَلا خَيرَ في العَيشِ بَعدَ الكِبَر
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

إسماعيل بن القاسم بن سويد العيني، العنزي، أبو إسحاق.
شاعر مكثر، سريع الخاطر، في شعره إبداع، يعد من مقدمي المولدين، من طبقة بشار وأبي نواس وأمثالهما. كان يجيد القول في الزهد والمديح وأكثر أنواع الشعر في عصره. ولد ونشأ قرب الكوفة، وسكن بغداد.
كان في بدء أمره يبيع الجرار ثم اتصل بالخلفاء وعلت مكانته عندهم. وهجر الشعر مدة، فبلغ ذلك الخليفة العباسي المهدي، فسجنه ثم أحضره إليه وهدده بالقتل إن لم يقل الشعر، فعاد إلى نظمه، فأطلقه. توفي في بغداد.
تصنيفات قصيدة أَلا رُبَّ ذي أَجَلٍ قَد حَضَر