البيت العربي
أَلا طَرَقَت أَروى الرِحالَ وَصُحبَتي
عدد ابيات القصيدة:40
أَلا طَـرَقَـت أَروى الرِحـالَ وَصُـحبَتي
بِـأَرضٍ تُـناصي الحَزنَ مِنها سُهولُها
وَقَد غابَتِ الشِعرى العَبورُ وَقارَبَت
لِتَـنـزِلَ وَالشِـعـرى بَـطـيـءٌ نُـزولُها
أَلَمَّتــ بِــشُــعــثٍ راكِـبـيـنَ رُؤوسَهُـم
وَأَكـوارَ عـيـسٍ قَـد بَـراهـا رَحيلُها
تَـبَـيَّن خَليلي ناصِحَ الطَرفِ هَل تَرى
بِـعَـيـنِـكَ ظُـعـنـاً قَـد أُقِلَّت حُمولُها
تَـحَـمَّلـنَ مِـن صَـحـراءِ فَلجٍ وَلَم يَكَد
بَـصـيـرٌ بِهـا مِـن سـاعَـةٍ يَـستَحيلُها
نَـواعِـمَ لَم يَلقَينَ في العَيشِ تَرحَةً
وَلا عَـثـرَةً مِـن جَـدِّ سَـوءٍ يُـزيـلُهـا
وَلَو بـاتَ يَـسري الذَرُّ فَوقَ جُلودِها
لَأَثَّرَ فــي أَبــشــارِهِــنَّ مُــحــيـلُهـا
تَــمــايَـلنَ لِلأَهـواءِ حَـتّـى كَـأَنَّمـا
يَجورُ بِها في السَيرِ عَمداً دَليلُها
فَـلَمّـا اِستَوى نِصفُ النَهارِ وَأَظهَرَت
وَقَـد حـانَ مِن عُفرِ الظِباءِ مَقيلُها
حَـثَـثـنَ الجِـمـالَ فَـاِصمَعَدَّت لِشَأنِها
وَمَــدَّ أَزِمّــاتِ الجِــمــالِ ذَمــيـلُهـا
فَــلَمّـا تَـلاحَـقـنـا نَـبَـذنـا تَـحِـيَّةً
إِلَيـهِـنَّ وَاِلتَـذَّ الحَـديـثَ أَصـيـلُهـا
فَـكـانَ لَدَيـنـا السِرَّ بَيني وَبَينَها
وَلَمـعَ غَـضـيـضـاتِ العُـيـونِ رَسـولُها
وَمــا خِــلتُهــا إِلّا دَوالِحَ أوقِــرَت
وَكُـمَّتـ بِـحَـمـلٍ نَـخـلُهـا وَفَـسـيـلُهـا
تَــسَــلسَـلَ فـيـهـا جَـدوَلٌ مِـن مُـحَـلَّمٍ
إِذا زَعزَعَتها الريحُ كادَت تُميلُها
يَـكـادُ يَـحـارُ المُجتَني وَسطَ أَيكِها
إِذا مـا تَـنـادى بِـالعَـشِـيِّ هَديلُها
رَأَيـتُ قُـرومَ اِبـنَـي نِـزارٍ كِـلَيهِما
إِذا خَـطَـرَت عِـنـدَ الإِمـامِ فُـحولُها
يَــرَونَ لِهَــمّــامٍ عَــلَيــهِـم فَـضـيـلَةً
إِذا مـا قُـرومُ الناسِ عُدَّت فُضولُها
وَأَكــمَــلَهـا عَـقـلاً لَدى كُـلِّ مَـوطِـنٍ
إِذا وُزِنَــت فـيـمـا يُـشَـكُّ عُـقـولُهـا
فَـتـى النـاسِ هَـمّـامٌ وَمـوضِـعُ بَـيتِهِ
بِـرابِـيَـةٍ يَـعـلو الرَوابِـيَ طـولُهـا
فَـلَو كـانَ هَـمّـامٌ مِـنَ الجِـنِّ أَصبَحَت
سُــجــوداً لَهُ جِـنُّ البِـلادِ وَغـولُهـا
نَـمَـتـهُ الذُرى مِـن مـالِكٍ وَتَـعَـطَّفـَت
عَـلَيـهِ الرَوابـي فَـرعُهـا وَأُصـولُها
أَجــادَت بِهِ ســاداتُهــا فَــتَــرَغَّبــَت
لِأَخــلاقِهِ أَمــجــادُهــا وَحَـفـيـلُهـا
تَــذَرّى جِــبــالاً مِــنــهُـمُ مُـكـفَهِـرَّةً
يَـكـادُ يَـسُـدُّ الأُفـقَ مِـنها حُلولُها
تَـريـعُ إِلى صَـوتِ المُـنادي خُيولُهُم
إِذا ضُـيِّعـَت عـوذُ النِـسـاءِ وَحـولُها
تُــعَــدُّ لِأَيّــامِ الحِــفــاظِ كَــأَنَهــا
قَـنـاً لَم يُـقَـوِّم دَرأَهـا مُـستَحيلُها
فَـمـا تَـبَـلَت تَـبـلاً فَـيُـدرَكَ عِندَها
وَلا سَـبَـقَـتـهـا فـي سِواها تُبولُها
سَـبـوقٌ لِغـايـاتِ الحِـفـاظِ إِذا جَرى
وَوَهّـابُ أَعـنـاقِ المِـئيـنَ حَـمـولُهـا
وَدَفّـــاعُ ضَـــيــمٍ لا يُــســامُ دَنِــيَّةً
وَقَــطّــاعُ أَقـرانِ الأُمـورِ وَصـولُهـا
وَأَخّــاذُ أَقــصــى الحَــقِّ لا مُـتَهَـضَّمٌ
أَخــوهُ وَلا هَــشُّ القَـنـاةِ رَذيـلُهـا
أَغَــرُّ أَديــبٌ لَيــسَ يُــنــقَــضُ عَهــدُهُ
وَلا شـاهِـداً مَـغـبـونَـةً يَـسـتَقيلُها
جَـوادٌ إِذا مـا أَمـحَـلَ الناسُ مُمرِعٌ
كَـريـمٌ لِجَـوعـاتِ الشِـتـاءِ قَـتـولُها
إِذا نـائِبـاتُ الدَهـرِ شَـقَّتـ عَـلَيهِمِ
كَـفـاهُـم أَذاهـا وَاِسـتُـخِـفَّ ثَـقيلُها
عَــروفٌ لِإِضــعــافِ المَــرازِئِ مــالُهُ
إِذا عَـجَّ مَـنـحـوتُ الصَـفـاةِ بَخيلُها
وَكَــرّارُ خَــلفَ المُــرهَـقـيـنَ جَـوادِهِ
حِـفـاظاً إِذا لَم يَحمِ أُنثى حَليلُها
ثَـنـى مُهـرَهُ وَالخَـيـلُ رَهـوٌ كَـأَنَّهـا
قِـداحٌ عَـلى كَـفَّيـ مُـفـيـضٍ يُـجـيـلُها
يُهـيـنُ وَراءَ الحَـيِّ نَـفـسـاً كَـريـمَةً
لِكَــبَّةـِ مَـوتٍ لَيـسَ يـودى قَـتـيـلُهـا
وَأَعــلَمُ أَنَّ المَــرءَ لَيــسَ بِــخــالِدٍ
وَأَنَّ مَـنـايـا النـاسِ يَسعى دَليلُها
فَـإِن عـاشَ هَـمّـامٌ لَنـا فَهـوَ رَحـمَـةٌ
مِـنَ اللَهِ لَم تُـنفَس عَلَينا فُضولُها
وَإِن مـاتَ لَم تَـستَبدِلِ الأَرضُ مِثلَهُ
لِأَخــذِ نَــصـيـبٍ أَو لِأَمـرٍ يَـعـولُهـا
وَمــا بِــتُّ إِلّا واثِـقـاً إِن مَـدَحـتُهُ
بِــدَولَةِ خَــيـرٍ مِـن نَـداهُ يُـديـلُهـا
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأَخطَل
شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة.