قصيدة ألم تدر ما قال الظباء السوانح للشاعر الراعي النُمَيري

البيت العربي

أَلَم تَدرِ ما قالَ الظِباءُ السَوانِحُ


عدد ابيات القصيدة:46


أَلَم تَدرِ ما قالَ الظِباءُ السَوانِحُ
أَلَم تَــدرِ مـا قـالَ الظِـبـاءُ السَـوانِـحُ
مَـــرَرنَ أَمـــامَ الرَكـــبِ وَالرَكـــبُ رائِحُ
فَــسَــبَّحــَ مَـن لَم يَـزجُـرِ الطَـيـرَ مِـنـهُـمُ
وَأَيــــقَــــنَ قَــــلبـــي أَنَّهـــُنَّ نَـــواجِـــحُ
فَــأَوَّلُ مَــن مَــرَّت بِهِ الطَــيــرُ نِــعــمَــةٌ
لَنـــا وَمَـــبـــيـــتٌ عِــنــدَ لَهــوَةَ صــالِحُ
سَــبَــتــكَ بِــعَــيــنَــي جُـؤذَرٍ حَـفَـلَتـهُـمـا
رِعـــــاثٌ وَبَـــــرّاقٌ مِــــنَ اللَونِ واضِــــحُ
وَأَســـوَدَ مَـــيّـــالٍ عَـــلى جــيــدِ مُــغــزِلٍ
دَعـــاهـــا طَــلىً أَحــوى بِــرَمّــانَ راشِــحُ
وَعَـذبُ الكَـرى يَـشـفـي الصَـدى بَعدَ هَجعَةٍ
لَهُ مِـــن عُـــروقِ المُـــســـتَــظِــلَّةِ مــائِحُ
غَـــذاهُ وَحَـــولِيُّ الثَـــرى فَـــوقَ مَــتــنِهِ
مَــــــــدَبُّ الأَتِــــــــيِّ وَالأَراكِ الدَوائِحُ
فَـلَمّـا اِنـجَـلى عَـنـهُ السُـيـولُ بَدا لَها
سَـــقِـــيُّ خَــريــفٍ شُــقَّ عَــنــهُ الأَبــاطِــحُ
إِذا ذُقــتَ فــاهــا قُــلتَ طَــعــمَ مُـدامَـةٍ
دَنــا الزِقُّ حَــتّــى مَــجَّهــا وَهــوَ جـانِـحُ
وَفــي العــاجِ وَالحِــنّــاءِ كَـفٌّ بَـنـانُهـا
كَـشَـحـمِ النَـقـا لَم يُـعطِها الزَندَ قادِحُ
فَـكَـيـفَ الصِـبـى بَـعـدَ المَـشـيـبِ وَبَعدَما
تَــمَــدَّحــتَ وَاِســتَــعــلى بِــمَــدحِـكَ مـادِحُ
وَقَـــد رابَـــنــي أَنَّ الغَــيــورَ يَــوَدُّنــي
وَأَنَّ نَـــدامـــايَ الكُهـــولُ الجَـــحــاجِــحُ
وَصَـــدَّ ذَواتُ الضِـــغــنِ عَــنّــي وَقَــد أَرى
كَــلامِــيَ تَهــواهُ النِــســاءُ الجَــوامِــحُ
وَهِـــزَّةَ أَظـــعـــانٍ عَـــلَيـــهِـــنَّ بَهـــجَـــةٌ
طَــلَبــتُ وَرَيــعــانُ الصِــبــى فِــيَّ جـامِـحُ
بِـــأَســـفَــلِ ذي بــيــضٍ كَــأَنَّ حُــمــولَهــا
نَــخــيــلُ القُــرى وَالأَثـأَبُ المُـتَـنـاوِحُ
فَــعُــجــنَ عَــلَيــنــا مِــن عَـلاجـيـمَ جِـلَّةٍ
لِحــاجَــتِــنــا مِــنــهــا رَتــوكٌ وَفــاسِــحُ
يُــحَــدِّثــنَــنــا بِــالمُــضـمَـراتِ وَفَـوقَهـا
ظِـــلالُ الخُـــدورِ وَالمَـــطِـــيُّ جَـــوانِـــحُ
يُــنــاجـيـنَـنـا بِـالطَـرفِ دونَ حَـديـثِـنـا
وَيَـــقـــضـــيـــنَ حـــاجـــاتٍ وَهُــنَّ مَــوازِحُ
وَخـــالَطَـــنــا مِــنــهُــنَّ ريــحُ لَطــيــمَــةٍ
مِــنَ المِــســكِ أَدّاهــا إِلى الحَـيِّ رابِـحُ
صَـــلَيـــنَ بِهـــا ذاتَ العِـــشــاءِ وَرَشَّهــا
عَــلَيــهِــنَّ فــي الكَــتّــانِ رَيــطٌ نَـصـائِحُ
فَـبِـتـنـا عَلى الأَنماطِ وَالبيضُ كَالدُمى
تُـــضـــيــءُ لَنــا لَبّــاتِهِــنَّ المَــصــابِــحُ
إِذا فـاطَـنَـتـنـا فـي الحَـديـثِ تَهَـزهَـزَت
إِلَيـــهـــا قُـــلوبٌ دونَهُـــنَّ الجَـــوانِـــحُ
وَظَـــلَّ الغَـــيـــورُ آنِـــفـــاً بِـــبَــنــانِهِ
كَــمــا عَــضَّ بِــرذَونٌ عَـلى الفَـأسِ جـامِـحُ
كَـــئيـــبـــاً يَـــرُدُّ اللَهــفَــتَــيــنِ لِأُمِّهِ
وَقَـــد مَـــسَّهــُ مِــنّــا وَمِــنــهُــنَّ نــاطِــحُ
فَــلَمّــا تَــفَــرَّقــنــا شَــجــيــنَ بِــعَـبـرَةٍ
وَزَوَّدنَـــنـــا نُـــصـــبـــاً وَهُـــنَّ صَــحــائِحُ
فَـــرَفَّعـــَ أَصــحــابــي المَــطِــيَّ وَأَبَّنــوا
هُــنَــيــدَةَ فَـاِشـتـاقَ العُـيـونُ اللَوامِـحُ
فَـــوَيـــلُ اِمِّهــا مِــن خُــلَّةٍ لَو تَــنَــكَّرَت
لِأَعــدائِنــا أَو صــالَحَــت مَــن نُــصــالِحُ
وَصَهــبــاءَ مِــن حــانـوتِ رَمّـانَ قَـد غَـدا
عَــلَيَّ وَلَم يَــنــظُــر بِهـا الشَـرقَ صـابِـحُ
فَــســاقَــيــتُهــا سَــمــحــاً كَــأَنَّ نَـديـمَهُ
أَخـا الدَهـرِ إِذ بَـعـضَ المُـسـاقينَ فاضِحُ
فَــــقَــــصَّرَ عَـــنّـــي اليَـــومَ كَـــأسٌ رَوِيَّةٌ
وَرَخـــصُ الشِـــواءِ وَالقِــيــانُ الصَــوادِحُ
إِذا نَــحــنُ أَنــزَفـنـا الخَـوابِـيَ عَـلَّنـا
مَــعَ اللَيــلِ مَــلثـومٌ بِهِ القـارُ نـاتِـحُ
لَدُن غُــــدوَةً حَــــتّــــى نَــــروحَ عَـــشِـــيَّةً
نُــحَــيّــا وَأَيــديــنــا بِــأَيــدٍ نُــصـافِـحُ
إِذا مــا بَــرَزنــا لِلفَــضــاءِ تَــقَــحَّمــَت
بِــأَقــدامِــنـا مِـنّـا المِـتـانُ الصَـرادِحُ
وَداوِيَّةـــٍ غَـــبـــراءَ أَكـــثَـــرُ أَهـــلِهــا
عَـــزيـــفٌ وَهـــامٌ آخِـــرُ اللَيــلِ ضــابِــحُ
أَقَــــرَّ بِهــــا جَــــأشــــي بِــــأَوَّلِ آيَــــةٍ
وَمـــاضٍ حُـــســـامٍ غِـــمـــدُهُ مُـــتَــطــايِــحُ
يَــمــانٍ كَــلَونِ المِــلحِ يُــرعَــدُ مَــتــنُهُ
إِذا هُــزَّ مَــطــبــوعٌ عَــلى السَــمِّ جــارِحُ
يُــزيــلُ بَــنــاتِ الهـامِ عَـن سَـكَـنـاتِهـا
وَمـــا يَـــلقَهُ مِــن ســاعِــدٍ فَهــوَ طــائِحُ
كَــأَنَّ بَــقــايــا الأُثــرِ فَــوقَ عَــمــودِهِ
مَــدَبُّ الدَبــا فَــوقَ النَـقـا وَهـوَ سـارِحُ
وَطَــخــيــاءَ مِــن لَيـلِ التِـمـامِ مَـريـضَـةٍ
أَجَــنَّ العَــمــاءُ نَــجــمَهــا فَهــوَ مـاصِـحُ
تَــعَــسَّفــتُهــا لَمّــا تَــلاوَمَ صُــحــبَــتــي
بِــمُــشــتَــبِهِ المَــومــاةِ وَالمـاءُ نـازِحُ
وَعِـــدٍّ خَـــلا فَــاِخــضَــرَّ وَاِصــفَــرَّ مــاؤُهُ
لِكُـــدرِ القَـــطـــا وِردٌ بِهِ مُـــتَـــطـــاوِحُ
نَــشَــحــتُ بِهــا عَـنـسـاً تَـجـافـى أَظَـلُّهـا
عَــنِ الأُكـمِ إِلّا مـا وَقَـتـهـا السَـرائِحُ
فَــســافَــت جَــبــاً فــيــهِ ذُنــوبٌ هَــراقَهُ
عَـــلى قُـــلُصٍ مِـــن ضَـــربِ أَرحَــبَ نــاشِــحُ
تَـــريـــكٍ يَــنِــشُّ المــاءَ فــي حَــجَــراتِهِ
كَــمــا نَــشَّ جَــزرٌ خَــضـخَـضَـتـهُ المَـجـادِحُ
كَـــريـــحِ خُــزامــى حَــرَّكَــتــهــا عَــشِــيَّةً
شَــمــالٌ وَبَــلَّتــهــا القِـطـارُ النَـواضِـحُ
فَــأَصــبَــحَـتِ الصُهـبُ العِـتـاقُ وَقَـد بَـدا
لَهُــــنَّ المَــــنـــارُ وَالجَـــوادُ اللَوائِحُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

عُبَيد بن حُصين بن معاوية بن جندل، النميري، أبو جندل.
من فحول الشعراء المحدثين، كان من جلّة قومه، ولقب بالراعي لكثرة وصفه الإبل وكان بنو نمير أهل بيتٍ وسؤدد.
وقيل: كان راعَي إبلٍ من أهل بادية البصرة.
عاصر جريراً والفرزدق وكان يفضّل الفرزدق فهجاه جرير هجاءاً مُرّاً وهو من أصحاب الملحمات.
وسماه بعض الرواة حصين بن معاوية.
تصنيفات قصيدة أَلَم تَدرِ ما قالَ الظِباءُ السَوانِحُ