قصيدة ألم تر أن الشمس قد ضمها القبر للشاعر ابن زيدون

البيت العربي

أَلَم تَرَ أَنَّ الشَمسَ قَد ضَمَّها القَبرُ


عدد ابيات القصيدة:30


أَلَم تَرَ أَنَّ الشَمسَ قَد ضَمَّها القَبرُ
أَلَم تَـرَ أَنَّ الشَـمـسَ قَـد ضَمَّها القَبرُ
وَأَن قَـد كَـفانا فَقدَنا القَمَرَ البَدرُ
وَأَنَّ الحَــيــا إِن كــانَ أَقــلَعَ صَــوبُهُ
فَـقَـد فـاضَ لِلآمـالِ فـي إِثـرِهِ البَحرُ
إِســاءَةُ دَهـرٍ أَحـسَـنَ الفِـعـلَ بَـعـدَهـا
وَذَنــبُ زَمــانٍ جــاءَ يَــتــبَـعُهُ العُـذرُ
فَــلا يَــتَهَــنَّ الكـاشِـحـونَ فَـمـا دَجـا
لَنـا اللَيـلُ إِلّا رَيـثَـما طَلَعَ الفَجرُ
وَإِن يَــــكُ وَلّى جَهــــوَرٌ فَــــمُــــحَــــمَّدٌ
خَـليـفَـتُهُ العَـدلُ الرِضى وَاِبنُهُ البَرُّ
لَعَـمـري لَنِـعـمَ العِـلقُ أَتـلَفَهُ الرَدى
فَــبـانَ وَنِـعـمَ العِـلقُ أَخـلَفَهُ الدَهـرُ
هَــزَزنــا بِهِ الصَــمّـامَ فَـالعَـزمُ حَـدُّهُ
وَحِـليَـتُهُ العَـليـا وَإِفـرِنـدُهُ البِـشـرُ
فَــتــىً يَـجـمَـعُ المَـجـدَ المُـفَـرَّقَ هَـمُّهُ
وَيُـنـظَـمُ فـي أَخـلاقِهِ السَـودَدُ النَثرُ
أَهـــابَـــت إِلَيــهِ بِــالقُــلوبِ مَــحَــبَّةٌ
هِيَ السِحرُ لِلأَهواءِ بَل دونَها السِحرُ
سَـرَت حَـيثُ لاتَسري مِنَ الأَنفُسِ المُنى
وَدَبَّتـ دَبـيـبـاً لَيـسَ يُـحـسِـنُهُ الخَـمـرُ
لَبِـسـنـا لَدَيـهِ الأَمـنَ تَـنـدى ظِـلالُهُ
وَزَهــرَةَ عَـيـشٍ مِـثـلَمـا أَيـنَـعَ الزَهـرُ
وَعــادَت لَنــا عــاداتُ دُنـيـا كَـأَنَّهـا
بِهــا وَسَــنٌ أَو هَــزَّ أَعــطـافَهـا سُـكـرُ
مَــليـكٌ لَهُ مِـنّـا النَـصـيـحَـةُ وَالهَـوى
وَمِنهُ الأَيادي البيضُ وَالنِعَمُ الخُضرُ
نُــسِــرُّ وَفــاءً حــيــنَ نُــعــلِنُ طــاعَــةً
فَـــمـــا خـــانَهُ سِـــرٌّ وَلا رابَهُ جَهــرُ
فَـقُـل لِلحَـيـارى قَـد بَـدا عَلَمُ الهُدى
وَلِلطـامِـعِ المَـغـرورِ قَـد قُـضِيَ الأَمرُ
أَبا الحَزمِ قَد ذابَت عَلَيكَ مِنَ الأَسى
قُـلوبٌ مُـناها الصَبرُ لَو ساعَدَ الصَبرُ
دَعِ الدَهــرَ يَـفـجَـع بِـالذَخـائِرِ أَهـلَهُ
فَـمـا لِنَـفـيـسٍ مُـذ طَـواكَ الرَدى قَـدرُ
تَهــونُ الرَزايــا بَــعـدُ وَهـيَ جَـليـلَةٌ
وَيُـعـرَفُ مُـذ فـارَقتَنا الحادِثُ النُكرُ
فَـقَـدنـاكَ فِـقـدانَ السَـحـابَـةِ لَم يَزَل
لَهـا أَثَـرٌ يُـثـنـي بِهِ السَهـلُ وَالوَعرُ
مَـــســـاعـــيـــكَ حَــليٌ لِلَّيــالي مُــرَصَّعٌ
وَذِكــرُكَ فــي أَردانِ أَيّــامِهــا عِــطــرُ
فَــلا تَــبــعَــدَن إِنَّ المَــنِـيَّةـَ غـايَـةٌ
إِلَيـهـا التَناهي طالَ أَو قَصُرَ العُمرُ
عَـزاءً فَـدَتـكَ النَـفـسُ عَـنـهُ فَـإِن ثَوى
فَـإِنَّكـَ لا الواني وَلا الضَرَعُ الغُمرُ
وَما الرُزءُ في أَن يودَعَ التُربَ هالِكٌ
بَلِ الرُزءَ كُلَّ الرِزءِ أَن يَهلِكَ الأَجرُ
أَمــامَــكَ مِــن حِــفــظِ الإِلَهِ طَــليـعَـةٌ
وَحَـــولَكَ مِـــن آلائِهِ عَــســكَــرٌ مَــجــرُ
وَمــا بِـكَ مِـن فَـقـرٍ إِلى نَـصـرِ نـاصِـرٍ
كَــفَـتـكَ مِـنَ اللَهِ الكَـلاءَةُ وَالنَـصـرُ
لَكَ الخَــيــرُ إِنّــي واثِــقٌ بِــكَ شـاكِـرٌ
لِمَـثـنـى أَيـاديكَ الَّتي كُفرُها الكُفرُ
تَـحـامـى العِـدا لَمّا اِعتَلَقتُكَ جانِبي
وَقـالَ المُـنـاوي شَـبَّ عَـن طَـوقِهِ عَـمـرُ
يَــليــنُ كَــلامٌ كــانَ يَــخــشُـنُ مِـنـهُـمُ
وَيَــفــتُـرُ نَـحـوي ذَلِكَ النَـظَـرُ الشَـزرُ
فَــصَــدِّق ظُــنــونــاً لي وَفِــيَّ فَــإِنَّنــي
لَأَهـلُ اليَـدِ البَـيـضاءَ مِنكَ وَلا فَخرُ
وَمَــن يَــكُ لِلدُنــيــا وَلِلوَفــرِ سَـعـيُهُ
فَـتَـقـريـبُـكَ الدُنـيا وَإِقبالُكَ الوَفرُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، أبو الوليد.
وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.
ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.
وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.
ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.
وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.
تصنيفات قصيدة أَلَم تَرَ أَنَّ الشَمسَ قَد ضَمَّها القَبرُ