قصيدة ألم يبلغك فتكي بالمواضي للشاعر أَبو العَلاء المَعَرِي

البيت العربي

ألم يَبْلُغْكَ فَتْكي بالمَواضي


عدد ابيات القصيدة:32


ألم يَبْلُغْكَ فَتْكي بالمَواضي
ألم يَـبْـلُغْـكَ فَـتْكي بالمَواضي
وسُــخْــري بـالأسِـنّـةِ والزُّجـاجِ
وأنّــي لا يُــغَـيِّرُ لي قَـتـيـراً
خِــضــابٌ كـالمُـدامِ بـلا مِـزاجِ
مَنَعْتُ الشّيْبَ مِن كَتَمِ التراقي
ولم أمْـنَـعْهُ مِـنْ خِـطْرِ العَجاج
فـهـل حُـدّثْـتَ بـالحِـرْباءِ يُلْقي
بـرأسِ العَـيْـرِ مُـوضِحَةَ الشِّجاج
تَـصـيـحُ ثَـعـالِبُ المُـرّانِ كَرْباً
صِـيـاحَ الطّـيـرِ تَطْرَبُ لابْتِهاج
غَــديــرٌ نَـقّـتِ الخُـرْصـانُ فـيـه
نَــقــيـقَ عَـلاجِـمٍ واللّيـلُ داج
أضَـاةٌ لا يَـزالُ الزَّغْـفُ مـنها
كفِيلاً بالإضاءَةِ في الدّياجي
حَــرامٌ أنْ يُــرَاقَ نَـجـيـعُ قِـرْنٍ
يـجُـوبُ النَّقـْعَ وهْـوَ إليّ لاجي
يُـقَـضِّبـُ عـنـه أمْـرَاسَ المَنَايا
لِبــاسٌ مِــثْــلُ أغْـراسِ النِّتـاج
تَـعَـوَّذَ بـي حَـليفُ التاجِ قِدْماً
وفــارِسُ لم تَهُــمّ بـعَـقْـدِ تـاج
شَهِـدْتُ الحـرْبَ قبلَ ابْنَيْ بَغِيضٍ
وكُـنْـتُ زَمـانَ صَـحْـراءِ النِّبـاجِ
فلا يُطْمِعْكَ في الغَمَراتِ وِرْدي
فــإنّــي رَبّــةُ المُــرّ الأُجــاج
فـإنْ تَـرْكُـدْ بـغِمْدِكَ لا تَخَفْني
وإنْ تَهْــجُـمْ عـلَيّ فـغَـيْـرُ نـاج
متى تَرُمِ السّلوكَ بيَ الرّزايا
تَـجِـدْ قَـضّـاءَ مُـبْهَـمَـةَ الرِّتـاج
يَــرُدّ حــديـدَكَ الهِـنْـديَّ سَـرْدي
رُفـاتـاً كـالحَـطيمِ مِن الزُّجاج
تُناجِيني إذا اختَلَفَ العَوالي
أتَـدري وَيْـبَ غـيـرِكَ مَن تُناجي
كــأنّ كُــعُــوبَهــا مُـتَـنَـاثِـراتٍ
نَــوَى قَــسْــبٍ تُـرَضَّخـُ للنّـواجـي
مُـمَـوَّهَـةٌ كـأنّ بـهـا ارتِـعـاشاً
لفَـرْطِ السّـنّ أو داءِ اخـتِـلاج
تَـضَـيَّفـُنـي الذّوابِـلُ مُـكْـرَهـاتٍ
فـتَـرْحَـلُ مـا أُذيـقَـتْ مِن لَماج
تَــفِـيـء غُـرُوبُهُـنّ الزُّرْقُ عـنّـي
بــلا كَــرْبٍ يُــعَــدّ ولا عُـنـاج
فـلو كـان المُـثَـقَّفُ جُمْلَةَ اسْمٍ
أبـى التّـرخيمَ صارَ حُروفَ هاج
كـنَـجْـمِ الرَّجْـمِ صُـكّ بـه مَـريـدٌ
فـأبْـدَعَ فـي انـجِذامٍ وانعِراج
كــبَــيْــتِ الشِّعــْرِ قَـطَّعـَهُ لِوَزْنٍ
هَجينُ الطَّبْعِ فهْوَ بلا انتِساج
إذا ما السّهْمُ حاوَلَ فيّ نَهْجاً
فــإنّــي عـنـه ضَـيِّقـَةُ الفِـجـاج
وهـل تَـعْشُو النّبالُ إلى ضِياءٍ
ثَـنَـى السّمْراءَ مُطْفَأَةَ السّراج
يَهُــونُ عــلَيّ والحِــدْثـانُ طـاغٍ
أتُـنْـذِرُني الفوارِسُ أم تُفاجي
فـلو طُـعِـنَ الفـتـى بـأشَدّ غُصْنٍ
حَـنَـاهُ أشَـدُّ حِـصْـنٍ فـي الهِياج
أخــالَتْـنـي ظِـمـاءُ الخَـطّ لُجّـاً
فـألْفَـتْ رُكْنَ شابَةَ في اللَّجاج
وليــسَ لكَــرّ يــوْمِ الشّـرّ نـافٍ
سِــوى كَــرٍّ مــن الأدْراعِ ســاج
مِـــن المـــاذِيّ كــالآذِيّ أرْدَى
عَـواسِـلَ غـيـرَ طَـيّـبَـةِ المُـجاج
وكانَ العارُ مِثْلَ الحتْفِ يأتي
عـلى نَـأْيِ المَـنـازِلِ والخِلاج
فــإنّ بَـنـي نُـوَيْـرَةَ أدرَكَـتْهُـمْ
مَــسَـبّـتُهُـمْ بـعَـبْـدِ أبـي سُـواج
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن عبد الله بن سليمان، التنوخي المعري.
شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،
من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).
تصنيفات قصيدة ألم يَبْلُغْكَ فَتْكي بالمَواضي