قصيدة أمن ازديارك في الدجى الرقباء للشاعر المُتَنَبّي

البيت العربي

أَمِنَ اِزدَيارَكِ في الدُجى الرُقَباءُ


عدد ابيات القصيدة:47


أَمِنَ اِزدَيارَكِ في الدُجى الرُقَباءُ
أَمِــنَ اِزدَيــارَكِ فــي الدُجــى الرُقَـبـاءُ
إِذ حَـــيـــثُ أَنــتِ مِــنَ الظَــلامِ ضِــيــاءُ
قَــلَقُ المَــليــحَــةِ وَهــيَ مِــسـكٌ هَـتـكُهـا
وَمَــســيــرُهــا فــي اللَيــلِ وَهــيَ ذُكــاءُ
أَسَــفــي عَــلى أَسَــفــي الَّذي دَلَّهــتِــنــي
عَـــــن عِـــــلمِهِ فَــــبِهِ عَــــلَيَّ خَــــفــــاءُ
وَشَــــكِـــيَّتـــي فَـــقـــدُ السَـــقـــامِ لِأَنَّهُ
قَــــد كــــانَ لَمّـــا كـــانَ لي أَعـــضـــاءُ
مَــثَّلــتِ عَــيــنَــكِ فــي حَــشــايَ جِــراحَــةً
فَـــتَـــشـــابَهـــا كِــلتــاهُــمــا نَــجــلاءُ
نَــــفَــــذَت عَــــلَيَّ الســــابِـــرِيَّ وَرُبَّمـــا
تَـــنـــدَقُّ فـــيـــهِ الصَــعــدَةُ السَــمــراءُ
أَنــا صَــخــرَةُ الوادي إِذا مــا زوحِـمَـت
وَإِذا نَــــطَــــقـــتُ فَـــإِنَّنـــي الجَـــوزاءُ
وَإِذا خَــفــيــتُ عَــلى الغَــبِــيِّ فَــعــاذِرٌ
أَن لا تَــــرانـــي مُـــقـــلَةٌ عَـــمـــيـــاءُ
شِــيَــمُ اللَيــالي أَن تُــشَــكِّكــَ نــاقَـتـي
صَـــدري بِهـــا أَفـــضـــى أَمِ البَـــيـــداءُ
فَــتَــبــيــتُ تُــســئِدُ مُــسـئِداً فـي نَـيِّهـا
إِســـآدَهـــا فـــي المَهـــمَهِ الإِنـــضـــاءُ
أَنـــســـاعُهــا مَــمــغــوطَــةٌ وَخِــفــافُهــا
مَــــنــــكـــوحَـــةٌ وَطَـــريـــقُهـــا عَـــذراءُ
يَـــتَـــلَوَّنُ الخِــرّيــتُ مِــن خَــوفِ التَــوى
فـــيـــهـــا كَـــمــا يَــتَــلَوَّنُ الحِــربــاءُ
بَـــيـــنـــي وَبَـــيــنَ أَبــي عَــلِيٍّ مِــثــلُهُ
شُــــمُّ الجِــــبــــالِ وَمِـــثـــلَهُـــنَّ رَجـــاءُ
وَعِــقــابُ لُبــنــانٍ وَكَــيــفَ بِــقَــطــعِهــا
وَهُـــوَ الشِـــتـــاءُ وَصَـــيـــفُهُـــنَّ شِــتــاءُ
لَبَـــسَ الثُـــلوجُ بِهــا عَــلَيَّ مَــســالِكــي
فَــــكَــــأَنَّهـــا بِـــبَـــيـــاضِهـــا سَـــوداءُ
وَكَـــذا الكَـــريــمُ إِذا أَقــامَ بِــبَــلدَةٍ
ســـالَ النُـــضـــارُ بِهـــا وَقــامَ المــاءُ
جَــمَــدَ القِــطــارُ وَلَو رَأَتـهُ كَـمـا تَـرى
بُهِـــتَـــت فَـــلَم تَـــتَـــبَـــجَّســِ الأَنــواءُ
فــــي خَــــطِّهــــِ مِـــن كُـــلِّ قَـــلبٍ شَهـــوَةٌ
حَـــــتّـــــى كَـــــأَنَّ مِـــــدادَهُ الأَهــــواءُ
وَلِكُـــــلِّ عَـــــيــــنٍ قُــــرَّةٌ فــــي قُــــربِهِ
حَــــتّــــى كَــــأَنَّ مَـــغـــيـــبَهُ الأَقـــذاءُ
مَـن يَهـتَـدي فـي الفِـعـلِ مـا لا تَهـتَدي
فــي القَــولِ حَــتّــى يَــفــعَــلَ الشُـعَـراءُ
فــــي كُــــلِّ يَــــومٍ لِلقَــــوافـــي جَـــولَةٌ
فـــــــي قَـــــــلبِهِ وَلِأُذنِهِ إِصــــــغــــــاءُ
وَإِغـــارَةٌ فـــيــمــا اِحــتَــواهُ كَــأَنَّمــا
فــــي كُــــلِّ بَـــيـــتٍ فَـــيـــلَقٌ شَهـــبـــاءُ
مَــن يَــظــلِمُ اللُؤَمــاءَ فــي تَـكـليـفِهِـم
أَن يُــــصـــبِـــحـــوا وَهُـــمُ لَهُ أَكـــفـــاءُ
وَنَـــذيـــمُهُــم وَبِهِــم عَــرَفــنــا فَــضــلَهُ
وَبِـــضِـــدِّهـــا تَـــتَـــبَـــيَّنـــُ الأَشـــيــاءُ
مَــــن نَــــفـــعُهُ فـــي أَن يُهـــاجَ وَضَـــرُّهُ
فــــي تَــــركِهِ لَو تَـــفـــطَـــنُ الأَعـــداءُ
فَــالسَــلمُ يَــكــسِــرُ مِــن جَـنـاحَـي مـالِهِ
بِـــنَـــوالِهِ مـــا تَـــجــبُــرُ الهَــيــجــاءُ
يُــعـطـي فَـتُـعـطـى مِـن لُهـى يَـدِهِ اللُهـى
وَتُــــــــرى بِـــــــرُؤيَـــــــةِ رَأيِهِ الآراءُ
مُــتَــفَــرِّقُ الطَــعـمَـيـنِ مُـجـتَـمِـعُ القُـوى
فَــــــكَـــــأَنَّهـــــُ السَـــــرّاءُ وَالضَـــــرّاءُ
وَكَــــأَنَّهــــُ مــــا لا تَــــشـــاءُ عُـــداتُهُ
مُــــتَـــمَـــثِّلـــاً لِوُفـــودِهِ مـــا شـــاؤوا
يـــا أَيُّهـــا المُـــجـــدى عَـــلَيـــهِ روحُهُ
إِذ لَيـــسَ يَـــأتِــيــهِ لَهــا اِســتِــجــداءُ
اِحــمَــد عُــفــاتَـكَ لا فُـجِـعـتَ بِـفَـقـدِهِـم
فَـــلَتَـــركُ مـــا لَم يَـــأخُــذوا إِعــطــاءُ
لا تَـــكـــثُـــرُ الأَمـــواتُ كَــثــرَةُ قِــلَّةٍ
إِلّا إِذا شَــــقِــــيَـــت بِـــكَ الأَحـــيـــاءُ
وَالقَـــلبُ لا يَـــنـــشَـــقُّ عَــمّــا تَــحــتَهُ
حَــــتّــــى تَــــحُـــلَّ بِهِ لَكَ الشَـــحـــنـــاءُ
لَم تُــســمَ يــا هـارونُ إِلّا بَـعـدَمـا اِق
تَـــرَعَـــت وَنــازَعَــتِ اِســمَــكَ الأَســمــاءُ
فَــغَــدَوتَ وَاِســمُــكَ فــيــكَ غَـيـرُ مُـشـارِكٍ
وَالنـــاسُ فـــيــمــا فــي يَــدَيــكَ سَــواءُ
لَعَــمَــمــتَ حَــتّــى المُــدنُ مِــنــكَ مِــلاءُ
وَلَفُــــتَّ حَــــتّـــى ذا الثَـــنـــاءُ لَفـــاءُ
وَلَجُـــدتَ حَـــتّــى كِــدتَ تَــبــخَــلُ حــائِلاً
لِلمُـــنـــتَهـــى وَمِـــنَ السُـــرورِ بُـــكــاءُ
أَبَـــدَأتَ شَـــيـــءً مِـــنــكَ يُــعــرَفُ بَــدؤُهُ
وَأَعَــــدتَ حَــــتّــــى أُنــــكِـــرَ الإِبـــداءُ
فَــالفَــخــرُ عَــن تَــقــصــيـرِهِ بِـكَ نـاكِـبٌ
وَالمَـــجـــدُ مِـــن أَن تُـــســتَــزادَ بَــراءُ
فَــــإِذا سُــــئِلتَ فَـــلا لِأَنَّكـــَ مُـــحـــوِجٌ
وَإِذا كُــــتِــــمــــتَ وَشَــــت بِــــكَ الآلاءُ
وَإِذا مُـــدِحـــتَ فَــلا لِتَــكــسِــبَ رَفــعَــةً
لِلشــــاكِــــريـــنَ عَـــلى الإِلَهِ ثَـــنـــاءُ
وَإِذا مُــــطِــــرتَ فَـــلا لِأَنَّكـــَ مُـــجـــدِبٌ
يُــســقــى الخَــصــيــبُ وَتُـمـطَـرُ الدَأمـاءُ
لَم تَـــحـــكِ نـــائِلَكَ السَـــحــابُ وَإِنَّمــا
حُـــمَّتـــ بِهِ فَـــصَـــبــيــبُهــا الرُحَــضــاءُ
لَم تَــلقَ هَــذا الوَجــهَ شَــمــسُ نَهـارِنـا
إِلّا بِــــوَجــــهٍ لَيــــسَ فـــيـــهِ حَـــيـــاءُ
فَــبِــأَيِّمــا قَــدَمٍ سَــعَــيــتَ إِلى العُــلا
أُدُمُ الهِــــلالِ لِأَخــــمَـــصَـــيـــكَ حِـــذاءُ
وَلَكَ الزَمـــانُ مِـــنَ الزَمـــانِ وِقـــايَــةٌ
وَلَكَ الحِـــمـــامُ مِـــنَ الحِـــمــامِ فِــداءُ
لَو لَم تَكُن مِن ذا الوَرى الَّذي مِنكَ هو
عَـــقِـــمَـــت بِـــمَـــولِدِ نَـــســلِهــا حَــوّاءُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، أبو الطيب.
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.
تصنيفات قصيدة أَمِنَ اِزدَيارَكِ في الدُجى الرُقَباءُ