البيت العربي

أهلِّي بالبكاءِ وبالنحيب
عدد ابيات القصيدة:30

أهــلِّي بــالبـكـاءِ وبـالنـحـيـب
فـقـد نَـزَحَ المـحـبُّ عـن الحبيب
وقــد وَسِــعَ الحـوادثَ يـومُ رزء
تـضـيـقُ له الصـدورُ عن القلوب
وآذَنَــتِ المــكــارمُ والمـعـالي
بِـخَـطْـبٍ عـاثَ حـتـى فـي الخـطوب
أيـا لهـفَ العَـلاءِ عـلى حَـصَـانٍ
مُــبَـرَّأَةِ العـيـونِ مـن العـيـوب
ربــيــبــةُ عـزةٍ قـعـسـاءَ نـابَـتْ
مـنـابَ الشـمـسِ إلا في الغُروب
ونــشــأةُ نِــعْــمَـةٍ خـضـراءَ رَفّـتْ
رَفـيـفَ الغُـصْـنِ مالَ مع الجَنُوب
ولم أرَ مـثـلَ مَـنْـعَـاهـا مُصَاباً
هَــفَــا بــقــلوبِ شُــبَّاــنٍ وشـيـب
لئنْ نَفَضُوا الأناملَ مِنْ ثَرَاهَا
لقــد مَــلَؤوهُ مــنْ حُـسْـنٍ وطـيـب
وقـد تـركوا به إحدى الغَوَادي
فــحــدِّثْ عــن ضــريــحٍ أو قـليـب
إذا هَــبَّتــْ بــه ريــحٌ شَــجَـاهـا
بــه ألاَّ ســبـيـلَ إلى العـبـوب
ومــا خَـلَصَـتْ إليـه الريـحُ إلا
مـــغـــالطــةً عــلى أمَــلٍ كــذوب
أقـولُ وقـد نـعـاهـا نـاعـيـاها
وأشْــبُــلُهــا بــمــنــهــلٍ سـكـوب
ألم يــرِبِ الرَّدى تــضـيـيـعُ سـرٍّ
تَــبَــلدُ فــيـه أوهـامُ الغـيـوب
وكـيـف سَـمَـا الزمـانُ إلى مَـحَلٍّ
يَـضِـلُّ الطـيـفُ فـيـه عن الدَّبيب
تـخـطـى نـحـوه حُـمْـرَ المـنـايـا
يـنـدبُّ إليـه فـي سُـوْدِ الحـروب
وكــــلَّ مُــــجَــــرَّبٍ ذَرِبٍ تَـــحـــلَّى
بِــوَسْــمٍ لا يُــضــافُ إلى ضـريـب
تـرى المـوتَ الزؤام يَجُولُ فيه
مجالَ السّحْرِ في اللحظ المُريب
تَــحُــشُّ بــه المــنـيـةُ كـلَّ قَـرْمٍ
نــجــيــبٍ فــوق مُـنْـجَـرِدٍ نـجـيـب
وكــــلَّ أصـــمَّ أخـــرسَ عَـــلَّمَـــتْهُ
صـروفُ الدهـر تـشـتـيـتَ الشُّعوب
إذا مـا اهـتـزَّ فـي يُـمْـنى كميٍّ
رأيـت المـوتَ يـخـطـرُ فـي قضيب
لتـبـكِ المـكـرمـاتُ وإن عَـدَتْها
عـــوادٍ مـــن عَــذولٍ أو رقــيــب
عـلى أُمِّ اليـتـامَـى والأيـامَـى
إذا نَـبَـتِ المـواضـع بـالجُـنُوب
تَـخَـلَّصـهـا الرَّدى مِـن خِـدْرِ ليثٍ
تُــدَاريـه الأسـودُ عـنِ الوثـوب
غــدا مــنــهـا بِـوِجْـدانٍ بـعـيـدٍ
عــلى عــهــدٍ بـلُقْـيَـاهـا قـريـب
يُـحَـدِّثُ نَـفْـسَهُ بـالغـيـبِ عـنـهـا
بِــظَــنٍّ مــخــطـىءٍ وضَـنـىً مـصـيـب
تَهَّدى الخـيـرُ مـن كَـثَـبٍ إليـها
فــكـيـف أضـلهـا حَـوْلُ الطـبـيـب
أبـا عَـبْـدِ الألهِ وقـد تـسـامَتْ
لك الأيـامُ بـالعَـجَـبِ العـجـيب
أتَــجْــزَعُ للزمــانِ وأنــت مـنـه
مـكـانَ الحَـزْم مـن صدر اللبيب
عــزاءَك إنــمـا الإنـسـانُ نَهْـبٌ
عـلى أَيـدي الحـوادث والخـطوب
وأنـت نـصـيـبُـنَـا مـنْ كـلِّ شـيـءٍ
فَـدُمْـتَ وَحَـسْـبُـنَـا أوْفَـى نـصـيـب
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأعمى التطيلي
ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:
له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.