قصيدة أينما كنت تمني وتعد للشاعر الأعمى التطيلي

البيت العربي

أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ


عدد ابيات القصيدة:54


أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ
أَيْــنَــمــا كــنــتَ تُــمَـنَّيـ وَتَـعِـدْ
جــارَ بــي فــيــكَ هــوايَ وَقَــصــدْ
يــا جــليــداً لم يَـدَعْ لي جَـلَداً
هــل لِيَـوْمِ الصـبِّ مِـنْ بُـعْـدِكَ غَـدْ
لا أشــاجــيــك وقــد بَــرَّحْـتَ بـي
دُوْنَــكَ اليــومَ فَــذَرْنـي والسَهَـد
اتــئدْ مِــنْ قــبــلِ أنْ تـوديَ بـي
ثــم لا يَــنْــفَــعُــنِــي أَنْ تَـتَّئـِد
نَــقَــضَ العــهــدَ الذي كـانَ عَهِـدْ
لم أَقُــلْ وَاصَــلَ حــتــى قُـلْتُ صَـدْ
مـرحـاً بـيـن النـصـابـي والصـبا
كــلمــا لا عــتــبـه بـالحـب جـد
هـزَّ مـنـه الحـسـنُ يـثـنـي عـطـفه
لو يـكـونُ الغـصـنُ لدناً لم يَزِد
وجــلا الإدلالُ مــنــه مــنـظـراً
قــام بــالعُــذَّالِ فــيــه وقــعــد
وَأَدارَ المـــوتَ فـــي لحــظِ رشــاً
كــلمــا شـاءَ انْـتَـحـى قـلبَ أَسَـد
يــا شـقـيـقَ النَّفـْسِ رأيـاً وهـوىً
أنـــتَ فـــي قــلبــيَ رُوْحٌ وجــســد
أَمُــضِــيْــعِــي بــيــنَ هَــجْـرٍ ونَـوىً
وعــلى ذاك فــمــالي عَــنْــكَ بُــد
عــلَّمَــتْ عــيـنـاكَ عـيـنـيَّ الهـوى
فــأنــا مــنــكَ ومــنـي فـي كـمـد
رامَ مـــن أُبْـــغِـــضُ مـــنــي خُــطَّةً
طـال مـا نـاضـلت عـنـها مَنْ أوَد
دونَ سِــرّي مــنْ حِــفــاظــي عَـزْمَـةٌ
صَــدَرَ المِــقْــدَارُ عــنــهــا وَوَرَدْ
قـد رمـيـتُ الدَّهْـرَ مـنْ حـيثُ رَمَى
فَـــسَـــلِيـــهِ أيُّنـــا كـــانَ أشـــد
وأخــذتُ النــاسَ عــن هــاكَ وهــا
بـــالتـــي إلا تُــجَــوَّزْ لا تُــرَد
وطـــويـــلِ الليــلِ مُــسْــتَــوْفِــزِهِ
يَـــتَـــلظَّى بـــيـــن خَـــوْفٍ وومـــد
كـــلمـــا حـــدث عـــنــي نــفــســه
حـــل أثـــنـــاء حـــبــاه وعــقــد
قــد تَــعــاطَــانـي وَدُونـي حَـتْـفُهُ
رُبَّمـا أوْدَى الفـتـى مـنْ حيثُ ود
يـــا خـــليـــليَّ ولا واللهِ مـــا
طِــبْــتُ نـفـسـاً قـطُّ عـنـهـا لأحـد
أدركــانــي مــا أرى أن تُـدْرِكـا
سَــدَّت البَـلْوى مـنـاديـحَ الجـسـد
وأعِـــدَّانـــي لأُخْـــرى مِـــثــلِهــا
ليــس للإنــســان إلا مــا أعَــد
لا يَــــغُــــرَّنـــكَ شـــيـــءٌ بـــائدٌ
إنــه لو كــانَ شــيــئاً لم يَـبِـدْ
ســـدَّدَ المـــوتُ لأعــمــارِ الورى
فَـلْيَـعِـشْ مَـنْ شـاءَ مـا عـاشَ لُبَـد
أنــا مــن عــزِّكَ يــا يَــنَّاـق فـي
ذِرْوَةِ العَلْيَا إلى الرُكْنِ الأَشَد
أُقْــتُــلُوا أَنْــفُــسَـكُـمْ يـا حُـسَّدي
قد نَمَى المالُ وقد أَثْرَى العدد
وكــفــانــي نُــوَبَ الدهــرِ فــتــىً
لم يــزلْ مــنــهُ عــليــهــنَّ رَصَــد
طــــلبَ الســـؤددَ حـــتـــى نـــالَهُ
بــطــلٌ شَــيــحْــانُ أو خَــصْــمٌ أَلَدْ
قــلْ لمــن أَذْعَــنَــتِ الدُّنـيـا لهُ
لا تَــمَــتَّعــْتَ بِهــا إنْ لم تَـسُـد
نــعــمَ رِدْءُ المـوتِ بـأسٌ أو ردى
كـــلمـــا أوعــدَ خَــطْــبٌ أو وعــد
فـــإذا لذَّ لك العـــيـــشُ فَـــصُــلْ
وإذا أَعْـــجَـــبَــكَ المــالُ فَــجُــد
وإذا تُـــدْعَـــى لمــجــدٍ فــاحْــوِهِ
إنـمـا العَـاجِـزُ مَـنْ لا يَـسْـتـبد
كـاعـتـزامِ ابـنِ عـبـيد اللهِ لا
هَــوَّنَ القُــرْبَ ولا هــابَ البُـعُـد
طـــبَّقـــَ الآفـــاقَ مـــنــهُ عَــارِضٌ
ذو شـــآبـــيــبَ تَهَــادَى أو تَهُــد
فــإذا شــيــتَ فــشُــؤْبُــوبُ حــيــاً
وإذا شـــيـــتَ فـــشـــؤبــوبُ بَــرَدْ
ألمـــعـــيٌّ والقـــضـــايـــا شُـــبَهٌ
أوْحَــــدِيٌّ وصــــروفُ الدهـــر حُـــد
قُــلَّبِــيُّ القــلبِ مــشـدودُ القُـوَى
لم يَــــغِــــبْ غـــائبُهُ إلا شَهِـــدْ
رابـــطُ الجـــأشِ وقــد جَــدَّتْ بــه
عَــزَمــاتُ الدهــر مــنْ هَـزْلٍ وَجِـد
ارْجُهُ يـــومـــاً وَخَـــفْهُ حِـــقْــبَــةً
فــبــأَخــطـار العـدا راش الأوَد
وادْعُ نَـــجْـــلَيــهِ إذا لم تَــدْعُهُ
فَـــعَـــلى ذلك أَنْـــشَـــا مَــنْ وَلد
أَســـدا عـــرِّيـــســـةٍ بــدرا دُجــىً
بـلغـا كُـنْهَ النُّهـى قَـبْـلَ الأشُد
شــدَّ هـذا فـي المـعـالي أزْرَ ذا
مــثــلمــا نِــيــطَـتْ ذراعٌ بِـعَـضُـد
لســتُ للسُّبــَّاق إن لم يَــســبـقـا
فــي مــدى كــلِّ طِــرادٍ مَــنْ طَــرَد
وطـــئا تُـــرْبـــك إنْ لم يَـــرثــا
مــجــدك المــوروثَ عـن جَـدٍّ فـجـد
هـــذه شِـــنْـــشِـــنَـــةٌ مـــن أَخْــزَم
وســواءٌ مَــنْ نَــفَـى أو مَـنْ جَـحَـد
اقــضِ مُــشْــتــطــاً عــلى كـلِّ هـوىً
واجــرِ مُــسْــتَــولٍ عــلى كـلِّ أمـد
إن أُصِــبْـنَـا فـإليـكَ المُـشْـتَـكـى
أو أَصَـبْـنَـا فـعـليـكَ المُـعْـتَـمـد
أوْ نَــبَــتْ دنـيـا عـلى عـادتـهـا
فــعــلى دنــيــاك نَــعْــلُو وَنُـعَـد
وَفِـــدَاكَ اليـــومَ مـــن أَرْشَـــدْتَهَ
فــأَبَــى إلا عِــنَــاداً أَوْ فَــنَــد
كـــلُّ مـــغـــلوبٍ عـــلى أَكـــثـــرِهِ
لا رأى حَــزْمــاً ولا قــال سَــدَد
غــاظَهُ أَنْ لم يَــنَــلْ مــا نــلتَهُ
حـيـثُ لم يـجـهـدْ ومـن حـيـثُ جهد
يــا ســراجَ الفــخـرِ يـا غـايـتَهُ
دعـوةً لم تُـبْـقِ فـي العَـيْـشِ نكد
هــذه فــانــشــطْ إليــهــا مِـدَحـي
تَـنْـفُـثُ الآدابَ سِـحْراً في العُقَد
كـــلُّ عـــذراءَ إذا أَهْـــدَيْـــتُهَــا
لم تَـرِدْ قـومـاً ولم تَـخْـصُـصْ بلد
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:


ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:
له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.
تصنيفات قصيدة أَيْنَما كنتَ تُمَنَّي وَتَعِدْ