قصيدة إثن عنان القلب واسلم به للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ


عدد ابيات القصيدة:56


إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ
إِثــنِ عَـنـانَ القَـلبِ وَاِسـلَم بِهِ
مِــن رَبــرَبِ الرَمــلِ وَمِـن سِـربِهِ
وَمِـن تَـثَـنّـي الغـيـدِ عَـن بـانِهِ
مُــرتَــجَّةــَ الأَردافِ عَــن كُـثـبِهِ
ظِــبــاؤُهُ المُـنـكَـسِـراتُ الظُـبـا
يَـــغـــلِبــنَ ذا اللُبِّ عَــلى لُبِّهِ
بـيـضٌ رِقـاقُ الحُـسـنِ فـي لَمـحَـةٍ
مِــن نــاعِــمِ الدُرِّ وَمِــن رَطــبِهِ
ذَوابِـــلُ النَـــرجِــسِ فــي أَصــلِهِ
يَـــوانِـــعُ الوَردِ عَــلى قُــضــبِهِ
زِنَّ عَــلى الأَرضِ سَــمـاءَ الدُجـى
وَزِدنَ فــي الحُــســنِ عَـلى شُهـبِهِ
يَـمـشـيـنَ أَسـرابـاً عَـلى هـيـنَـةٍ
مَـشـيَ القَـطـا الآمِـنِ فـي سِربِهِ
مِـن كُـلِّ وَسـنـانٍ بِـغَـيـرِ الكَـرى
تَــنــتَــبِهُ الآجــالُ مِــن هُــدبِهِ
جَــفــنٌ تَــلَقّــى مَــلَكــا بــابِــلٍ
غَـــرائِبَ السِـــحــرِ عَــلى غَــربِهِ
يـا ظَـبـيَـةَ الرَملِ وُقيتِ الهَوى
وَإِن سَـمِـعَـت عَـيـنـاكِ فـي جَـلبِهِ
وَلا ذَرَفــتِ الدَمــعَ يَـومـاً وَإِن
أَسـرَفـتِ فـي الدَمـعِ وَفـي سَـكبِهِ
هَذي الشَواكي النُحلُ صِدنَ اِمرأً
مُـلقـى الصِـبـا أَعـزَلَ مِـن غَربِهِ
صَـــيّـــادَ آرامٍ رَمـــاهُ الهَـــوى
بِـــشـــادِنٍ لا بُـــرءَ مِـــن حُــبِّهِ
شــــابٌّ وَفـــي أَضـــلُعِهِ صـــاحِـــبٌ
خِــلوٌ مِــنَ الشَــيـبِ وَمِـن خَـطـبِهِ
واهٍ بِــجَــنــبــي خــافِــقٌ كُـلَّمـا
قُــلتُ تَــنــاهــى لَجَّ فــي وَثــبِهِ
لا تَـنـثَـنـي الآرامُ عَـن قـاعِهِ
وَلا بَــنــاتُ الشَـوقِ عَـن شِـعـبِهِ
حَـمَّلـتُهُ فـي الحُـبِّ مـا لَم يَـكُن
لِيَـــحـــمِــلَ الحُــبُّ عَــلى قَــلبِهِ
مــا خَــفَّ إِلّا لِلهَــوى وَالعُــلا
أَو لِجَــلالِ الوَفــدِ فــي رَكــبِهِ
أَربَـــعَـــةٌ تَـــجـــمَـــعُهُـــم هِــمَّةٌ
يَــنــقُـلُهـا الجـيـلُ إِلى عَـقـبِهِ
قِـطـارُهُـم كَـالقَـطـرِ هَـزَّ الثَـرى
وَزادَهُ خِـــصـــبــاً عَــلى خِــصــبِهِ
لَولا اِسـتِـلامُ الخَـلقِ أَرسـانَهُ
شَــبَّ فَــنـالَ الشَـمـسَ مِـن عُـجـبِهِ
كُــــلُّهُــــمُ أَغــــيَـــرُ مِـــن وائِلٍ
عَـــلى حِـــمـــاهُ وَعَـــلى شَــعــبِهِ
لَو قَــدَروا جــاؤوكُــمُ بِـالثَـرى
مِــن قُــطــبِهِ مُـلكـاً إِلى قُـطـبِهِ
وَمـا اِعـتِراضُ الحَظِّ دونَ المُنى
مِــن هَـفـوَةِ المُـحـسِـنِ أَو ذَنـبِهِ
وَلَيــسَ بِــالفــاضِــلِ فــي نَـفـسِهِ
مَــن يُــنــكِـرُ الفَـضـلَ عَـلى رَبِّهِ
مـا بـالُ قَومي اِختَلَفوا بَينَهُم
فـي مِـدحَـةِ المَـشـروعِ أَو ثَـلبِهِ
كَـــأَنَّهـــُم أَســرى أَحــاديــثُهُــم
فــي لَيِّنــِ القَــيــدِ وَفـي صُـلبِهِ
يــا قَــومِ هَــذا زَمَــنٌ قَـد رَمـى
بِـالقَـيـدِ وَاِسـتَـكـبَـرَ عَـن سَحبِهِ
لَو أَنَّ قَــيــداً جــاءَهُ مِــن عَــلِ
خَــشــيــتُ أَن يَــأتــي عَــلى رَبِّهِ
وَهَــــذِهِ الضَـــجَّةـــُ مِـــن نـــاسِهِ
جَـــــنـــــازَةُ الرِقِّ إِلى تُــــربِهِ
مَـن يَـخـلَعُ النـيـرَ يَـعِـش بُـرهَةً
فــي أَثَــرِ النــيــرِ وَفـي نَـدبِهِ
يـا نَـشـأَ الحَـيِّ شَـبـابَ الحِـمـى
سُــلالَةَ المَــشــرِقِ مِــن نُــجــبِهِ
بَــنـي الأُلى أَصـبَـحَ إِحـسـانُهُـم
دارَت رَحــى الفَــنِّ عَــلى قُـطـبِهِ
مــوســى وَعـيـسـى نَـشَـآ بَـيـنَهُـم
فــي سَــعَــةِ الفِـكـرِ وَفـي رُحـبِهِ
وَعـــالَجـــا أَوَّلَ مـــا عـــالَجــا
مِـــن عِـــلَلِ العـــالَمِ أَو طِـــبِّهِ
مــا نَــسِــيَـت مِـصـرُ لَكُـم بِـرَّهـا
فــي حــازِبِ الأَمـرِ وَفـي صَـعـبِهِ
مَـــزَّقـــتُـــمُ الوَهـــمَ وَأَلِفــتُــمُ
أَهِــــــلَّةَ اللَهِ عَـــــلى صُـــــلبِهِ
حَــتّــى بَـنَـيـتُـم هَـرَمـاً رابِـعـاً
مِـــن فِـــئَةِ الحَــقِّ وَمِــن حِــزبِهِ
يَــومٌ لَكُــم يَـبـقـى كَـبَـدرٍ عَـلى
أَنــصــارِ سَــعــدٍ وَعَــلى صَــحــبِهِ
قَــد صــارَتِ الحــالُ إِلى جِـدِّهـا
وَاِنــتَــبَهَ الغــافِــلُ مِـن لُعـبِهِ
اللَيـــثُ وَالعـــالَمُ مِــن شَــرقِهِ
فــي هَــيـبَـةِ اللَيـثِ إِلى غَـربِهِ
قَــضــى بِـأَن نَـبـنـي عَـلى نـابِهِ
مُــلكَ بَــنــيــنــا وَعَــلى خِــلبِهِ
وَنَــبــلُغُ المَــجــدَ عَــلى عَـيـنِهِ
وَنَــدخُــلُ العَــصــرَ إِلى جَــنــبِهِ
وَنَـــصِـــلَ النـــازِلَ فـــي سِــلمِهِ
وَنَــقــطَــعَ الداخِــلَ فــي حَــربِهِ
وَنَـــصـــرِفَ النـــيـــلَ إِلى رَأيِهِ
يَــقــسِــمُهُ بِــالعَــدلِ فـي شِـربِهِ
يُــبــيـحُ أَو يَـحـمـي عَـلى قُـدرَةٍ
حَــقَّ القُـرى وَالنـاسُ فـي عَـذبِهِ
أَمــرٌ عَـلَيـكُـم أَو لَكُـم فـي غَـدٍ
مــا ســاءَ أَو مـا سَـرَّ مِـن غَـبِّهِ
لا تَــســتَــقِــلّوهُ فَـمـا دَهـرُكُـم
بِــحــاتِــمِ الجــودِ وَلا كَــعــبِهِ
نَــســمَــعُ بِــالحَــقِّ وَلَم نَــطَّلــِع
عَــلى قَــنــا الحَــقِّ وَلا قُـضـبِهِ
يَـنـالُ بِـالليـنِ الفَتى بَعضَ ما
يَــعــجَــزُ بِــالشِــدَّةِ عَــن غَـصـبِهِ
فَـإِن أَنِـسـتُـم فَـليَـكُـن أُنـسُـكُـم
فـي الصَـبـرِ لِلدَهـرِ وَفـي عَـتبِهِ
وَفي اِحتِشامِ الأُسدِ دونَ القَذى
إِذا هِـــيَ اِضـــطُــرَّت إِلى شُــربِهِ
قَــد أَسـقَـطَ الطَـفـرَةَ فـي مُـلكِهِ
مَــن لَيـسَ بِـالعـاجِـزِ عَـن قَـلبِهِ
يـــا رُبَّ قَـــيــدٍ لا تُــحِــبّــونَهُ
زَمـــانُـــكُـــم لَم يَـــتَــقَــيَّد بِهِ
وَمَــطــلَبٍ فــي الظَـنِّ مُـسـتَـبـعَـدٍ
كَــالصُــبــحِ لِلنـاظِـرِ فـي قُـربِهِ
وَاليَــأسُ لا يَـجـمُـلُ مِـن مُـؤمِـنٍ
مـا دامَ هَـذا الغَـيـبُ في حُجبِهِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة إِثنِ عَنانَ القَلبِ وَاِسلَم بِهِ