البيت العربي

إِذا وَقتُ السَعادَةِ زالَ عَنّي
عدد ابيات القصيدة:52

إِذا وَقــتُ السَــعــادَةِ زالَ عَـنّـي
فَــكِــلنــي إِن أَرَدتَ وَلا تُــكَـنّـي
نَـبَـذتُ نَـصـيـحَـتـي أَن رَثَّ جِـسـمـي
وَكَــم نَـقَـعَ الغَـليـلَ خَـبـيـءُ شَـنِّ
وَقَــد عَــدِمَ التَــيَـقُّنـُ فـي زَمـانٍ
حَـصَـلنـا مِـن حِـجـاهُ عَلى التَظَنّي
فَــقُــلنــا لِهِــزبَــرِ أَأَنــتَ لَيــثٌ
فَـــشَـــكَّ وَقــالَ عَــلَيَّ أَو كَــأَنّــي
وَضَـعـتُ عَـلى قَـرا الأَيّـامِ رَحـلي
فَــمــا أَنــا لِلمُـقـامِ بِـمُـطـمَـئِنِّ
وَلاقَـتـبـي عَـلى العَـودِ المُـزَجّى
وَلا سَــرجــي عَـلى الفَـرَسِ الأَدَنِّ
وَلَكِــن تَــرقُـلُ السـاعـاتُ تَـحـتـي
بَــرِئنَ مِــنَ التَــمَـكُّثـِ وَالتَـأَنّـي
أَحِـــنُّ وَمـــا أَجُـــنُّ سِـــوى غَــرامٍ
بِـــغَـــيــرِ الحَــقِّ مِــن حِــنٍّ وَجِــنِّ
نَـصَـحـتُـكِ نـاقَـتـي سَـلَبـي وَنَـفسي
وَنُـحـرِكُ فـي الحَـنـيـنِ فَلا تَحِنّي
أَضَــيــفَ الفَـقـرِ ضَـيـفَـنُـكَ اِدِّلاجٌ
فَهَــل لَكَ مِــن ذُؤالَةَ فــي ضِــفَــنِّ
غِــنــىً وَتَــصَــعــلُكٌ وَكَــرىً وَسُهــدٌ
فَــقَــضَّيــنــا الحَــيـاةَ بِـكُـلِّ فَـنِّ
زَمــانٌ لا يَــنــالُ بَـنـوهُ خَـيـراً
إِذا لَم يَــلحَـظـوهُ مِـنَ التَـمَـنّـي
عَــرَفــتُ صُــروفَهُ فَــأَزَمـتُ مِـنـهـا
عَــلى سِــنِّ اِبــنِ تَــجــرِبَــةٍ مُـسِـنِّ
وَأَفــقَـرَنـي إِلى مَـن لَيـسَ مِـثـلي
كَـمـا اِفتَقَرَ السِنانُ إِلى المِسَنِّ
أَنـا اِبـنُ التُربِ ما نَسَبي سِواهُ
قَــلَلتُ عَــنِ التَـسَـمّـي وَالتَـكَـنّـي
إِذا أَلهَـمَـتـنِـيَ الغَـبـراءُ يَوماً
فَــقَـد أَمِـنَ التَـجَـنُّبـُ وَالتَـجَـنّـي
وَمــا أَهــلُ التَــحَــنُّؤُ وَالتَـحَـلّي
إِلى أَهــلِ التَــحَــلُوِّ وَالتَــحَـنّـي
وَيَــكــفـيـكَ التَـقَـنُّعـُ مِـن قَـريـبٍ
عَــظــائِمَ لَيـسَ تُـبـلَغُ بِـالتَـوَنّـي
صَــريــرَ الرُمــحِ فـي زَرَدٍ مَـنـيـعٍ
وَوَقــعَ المَــشــرَفِـيِّ عَـلى المِـجَـنِّ
وَحَــمــلَ مُهَــنَّدٍ يَــســطــو بِــعَـيـرٍ
وَفـــورٍ لَيـــسَ بِــالأَشِــرِ المُــرِنِّ
وَلا شَــــلّالِ عـــانـــاتٍ خِـــمـــاصٍ
وَلَكِـــن خَـــيــلِ جَــيــشٍ مُــرجَــحَــنِّ
يَــرى عَــذمَ الأَوابِــدِ غَــيـرَ حِـلٍّ
وَيَــعــذِمُ هــامَـةَ البَـطَـلِ الرِفَـنِّ
وَمــا يَــنَـفـكُّ مُـحـتَـمِـلاً ذُبـابـاً
أَبـى التَـغريدُ في الخَضِرِ المُغَنِّ
تَــــذوبُ حِـــذارَهُ زُرقُ الأَعـــادي
وَيَــســخــى بِـالحَـيـاةِ حَـليـفُ ضَـنِّ
وَيَــنـفُـثُ فـي فَـمِ الحَـيّـاتِ سُـمّـاً
وَيَــــمـــلَأُ ذِلَّةً أَنـــفَ المِـــصِـــنِّ
وَخَــرقُ مَــفــازَةٍ كُــسِـيَـت سَـرابـاً
يُــعَــرّي الذِئبَ مِــن وَبَــرٍ مُــكِــنِّ
شَـكَـت سَـحَـراً مِـنَ السَـبَـراتِ قُـرّاً
فَـأَوسَـعَهـا الهَـجـيـرُ مِـنَ القُـطُنِّ
وَتَـــعـــزِفُ جِــنُّهــا وَاللَيــلُ داجٍ
إِذا خَــلَتِ الجَـنـادِبُ مِـن تَـغَـنّـي
يَــخــالُ الغِـرُّ سَـرحَ بَـنـي أُقَـيـشٍ
يُــؤَنَّقــُ فــي مَــراتِــعِهــا بِــسَــنِّ
أَراكَ إِذا اِنـفَـرَدتَ كُـفـيـتَ شَـرّاً
مِــنَ الخَــلِّ المُــعـاشِـرِ وَالمِـعَـنِّ
وَمَـن يَـحـمِـل حُـقـوقَ الناسِ يوجَد
لَدى الأَغــراضِ كَـالفَـرَسِ المُـعَـنِّ
أَتَـعـجَـبُ مِـن مُلوكِ الأَرضِ أَمسَوا
لِلَذّاتِ النُـــفـــوسِ عَــبــيــدَ قِــنِّ
فَـإِن دانَـيـتُهُـم لَم تَـعـدُ ظُـلَمـاً
وَمَــنّــاً فـي الأُمـورِ بِـغَـيـرِ مَـنِّ
نَهَـيـتُـكَ عَـن خِلاطِ الناسِ فَاِحذَر
أَقــارِبَــكَ الأَدانــي وَاِحــذَرَنّــي
وَإِن أَنـا قُـلتُ لا تَـحـمِل جُرازاً
فَهُـزَّ أَخـا السَـفـاسِـقِ وَاِضـرِبَـنّـي
فَـنَـصـلُ السَـيـفِ وَهـوَ اللُجُّ يَرمي
غَــريــقــاً فَــوقَ سَــيــفٍ مُــرفَــئِنِّ
وَضــاحــيــهِ يُــزيــلُ غُــضـونَ وَجـهٍ
وَيَــبــسُــطُ مِــن وِدادِ المُــكـبَـئِنِّ
فَــمــا حَــمَـلَت يَـداهُ بِهِ خَـؤونـاً
وَلا نَــــبَــــراتُهُ نَــــبَــــراتُ وَنِّ
سَنا العَيشِ الخُمولُ فَلا تَقولوا
دَفـيـنُ الصـيـتِ كَـالمَـيـتِ المُـجَنِّ
وَتُــؤثِــرُ حـالَةَ الزِمّـيـتِ نَـفـسـي
وَأَكــرَهُ شــيــمَـةَ الرَجُـلِ المِـفَـنِّ
كَـفـى حُـزنـاً رَحـيـلُ القَـومِ عَـنّي
وَلَيـــسَ تَـــخَــيُّري وَطَــنَ المِــبِــنِّ
تَـبَـنَّوا خَـيـمَهُـم فَـوُقـوا هَـجيراً
وَأَعـــوَزَنـــي مَــكــانٌ لِلتَــبَــنّــي
يُــصــافِـحُ راحَـةً بِـاليَـأسِ قَـلبـي
وَلَدنُ الشَـــرخِ حُـــوِّلَ مِــن لَدُنّــي
وَمـا أَنـا وَالبُـكـاءَ لِغَـيـرِ خَطبٍ
أَعـيـنُ بِـذاكَ لِمَـن لَم يَـسَـتَـعِـنّي
حَـسِـبـتُـكَ لَو تُـوازِنُ بـي ثَـبـيراً
وَرَضـوى فـي المَـكـارِمِ لَم تَـزِنّـي
وَمــا أَبـغـي كِـفـاءَكَ عَـن جَـمـيـلٍ
وَأَمّــا بِــالقَــبــيـحِ فَـلا تَـدِنّـي
وَلا تَــكُ جـازِيـاً بِـالخَـيـرِ شَـرّاً
وَإِن أَنـا خُـنـتُ فـي سَـبَـبٍ فَـخُـنّي
جَـليـسـي مـا هَـويـتُ لَكَ اِقتِراباً
وَصُــنـتُـكَ عَـن مُـعـاشَـرَتـي فَـصُـنّـي
أَرى الأَقــوامَ خَــيــرُهُــمُ سَــوامٌ
وَإِن أُهِــنِ اِبــنَ حــادِثَــةٍ يُهِـنّـي
إِذا قُـتِـلَ الفَـتـى الشِرّيبُ مِنهُم
فَــلا يَهِــجِ الغَــرامَ كَــسـيـرُ دَنِّ
رَأَيـتُ بَـني النَضيرِ مِن آلِ موسى
أَعــارَهُــمُ الشَــقــاءُ حَـطـيـمَ ثِـنِّ
سَــعَــوا وَسَــعَــت أَوائِلُهُـم لِأَمـرٍ
فَــمــا رَبِـحـوا سِـوى دَأبٍ مُـعَـنّـي
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أَبو العَلاء المَعَرِي
شاعر وفيلسوف، ولد ومات في معرة النعمان، كان نحيف الجسم، أصيب بالجدري صغيراً فعمي في السنة الرابعة من عمره.
وقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، ورحل إلى بغداد سنة 398 هـ فأقام بها سنة وسبعة أشهر، وهو من بيت كبير في بلده، ولما مات وقف على قبره 84 شاعراً يرثونه، وكان يلعب بالشطرنج والنرد، وإذا أراد التأليف أملى على كاتبه علي بن عبد الله بن أبي هاشم، وكان يحرم إيلام الحيوان، ولم يأكل اللحم خمساً وأربعين سنة، وكان يلبس خشن الثياب، أما شعره وهو ديوان حكمته وفلسفته، فثلاثة أقسام: (لزوم ما لا يلزم-ط) ويعرف باللزوميات، و(سقط الزند-ط)، و(ضوء السقط-خ) وقد ترجم كثير من شعره إلى غير العربية وأما كتبه فكثيرة وفهرسها في معجم الأدباء. وقال ابن خلكان: ولكثير من الباحثين تصانيف في آراء المعري وفلسفته،
من تصانيفه كتاب (الأيك والغصون) في الأدب يربو على مائة جزء، (تاج الحرة) في النساء وأخلاقهن وعظاتهن، أربع مائة كراس، و(عبث الوليد-ط) شرح به ونقد ديوان البحتري، و(رسالة الملائكة-ط) صغيرة، و(رسالة الغفران-ط)، و(الفصول والغايات -ط)، و(رسالة الصاهل والشاحج).