قصيدة إلى عرفات الله يا خير زائر للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ


عدد ابيات القصيدة:42


إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ
إِلى عَــرَفـاتِ اللَهِ يـا خَـيـرَ زائِرٍ
عَــلَيــكَ سَــلامُ اللَهِ فــي عَــرَفــاتِ
وَيَـومَ تُـوَلّى وُجـهَـةَ البَـيـتِ ناضِراً
وَسـيـمَ مَـجـالي البِـشـرِ وَالقَـسَـماتِ
عَــلى كُــلِّ أُفــقٍ بِـالحِـجـازِ مَـلائِكٌ
تَــزُفُّ تَــحــايــا اللَهِ وَالبَــرَكــاتِ
إِذا حُــدِيَـت عـيـسُ المُـلوكِ فَـإِنَّهـُم
لِعـيـسِـكَ فـي البَـيـداءِ خَـيـرُ حُداةِ
لَدى البـابِ جِـبريلُ الأَمينُ بِراحِهِ
رَســائِلُ رَحــمــانِــيَّةــُ النَــفَــحــاتِ
وَفـي الكَـعـبَـةِ الغَـرّاءِ رُكـنٌ مُرَحِّبٌ
بِــكَــعــبَــةِ قُــصّــادٍ وَرُكــنِ عُــفــاةِ
وَمــا سَـكَـبَ المـيـزابُ مـاءً وَإِنَّمـا
أَفــاضَ عَــلَيــكَ الأَجــرَ وَالرَحَـمـاتِ
وَزَمـزَمُ تَـجـري بَـيـنَ عَـينَيكَ أَعيُناً
مِـنَ الكَـوثَـرِ المَـعـسـولِ مُـنـفَجِراتِ
وَيَـرمـونَ إِبـليـسَ الرَجـيـمَ فَيَصطَلي
وَشــانـيـكَ نـيـرانـاً مِـنَ الجَـمَـراتِ
يُــحَــيّــيــكَ طَهَ فــي مَـضـاجِـعِ طُهـرِهِ
وَيَــعــلَمُ مــا عـالَجـتَ مِـن عَـقَـبـاتِ
وَيُـثـنـي عَـلَيـكَ الراشِـدونَ بِـصـالِحٍ
وَرُبَّ ثَــــنـــاءٍ مِـــن لِســـانِ رُفـــاتِ
لَكَ الديـنُ يـا رَبَّ الحَجيجِ جَمَعتَهُم
لِبَــيــتٍ طَهــورِ الســاحِ وَالعَـرَصـاتِ
أَرى النـاسَ أَصـنافاً وَمِن كُلِّ بُقعَةٍ
إِلَيـكَ اِنـتَهَـوا مِـن غُـربَـةٍ وَشَـتـاتِ
تَساوَوا فَلا الأَنسابُ فيها تَفاوُتٌ
لَدَيــكَ وَلا الأَقــدارُ مُــخــتَـلِفـاتِ
عَـنَـت لَكَ فـي التُـربِ المُقَدَّسِ جَبهَةٌ
يَـديـنُ لَهـا العـاتـي مِـنَ الجَبَهاتِ
مُــنَــوِّرَةٌ كَـالبَـدرِ شَـمّـاءُ كَـالسُهـا
وَتُــخــفَــضُ فــي حَــقٍّ وَعِــنــدَ صَــلاةِ
وَيــا رَبِّ لَو سَــخَّرتَ نــاقَــةَ صــالِحٍ
لِعَــبــدِكَ مـا كـانَـت مِـنَ السَـلِسـاتِ
وَيــا رَبِّ هَــل سَــيّــارَةٌ أَو مَـطـارَةٌ
فَـيَـدنـو بَـعـيـدُ البـيـدِ وَالفَلَواتِ
وَيـا رَبِّ هَـل تُـغـني عَنِ العَبدِ حَجَّةٌ
وَفـي العُـمـرِ مـا فيهِ مِنَ الهَفَواتِ
وَتَـشـهَـدُ مـا آذَيـتُ نَـفساً وَلَم أَضِر
وَلَم أَبـغِ فـي جَهـري وَلا خَـطَـراتـي
وَلا غَــلَبَــتـنـي شِـقـوَةٌ أَو سَـعـادَةٌ
عَــلى حِــكــمَــةٍ آتَــيــتَــنـي وَأَنـاةِ
وَلا جـالَ إِلّا الخَـيرُ بَينَ سَرائِري
لَدى سُـــدَّةٍ خَـــيـــرِيَّةـــِ الرَغَــبــاتِ
وَلا بِـتُّ إِلّا كَـاِبـنِ مَـريَـمَ مُـشفِقاً
عَــلى حُــسَّدي مُــسـتَـغـفِـراً لِعِـداتـي
وَلا حُــمِّلــَت نَــفـسٌ هَـوىً لِبِـلادِهـا
كَـنَـفـسِـيَ فـي فِـعـلي وَفـي نَـفَـثاتي
وَإِنّــي وَلا مَــنٌّ عَــلَيــكَ بِــطــاعَــةٍ
أُجِــلُّ وَأُغــلي فـي الفُـروضِ زَكـاتـي
أُبــلَغُ فــيــهــا وَهـيَ عَـدلٌ وَرَحـمَـةٌ
وَيَــتـرُكُهـا النُـسّـاكُ فـي الخَـلَواتِ
وَأَنـتَ وَلِيُّ العَـفـوِ فَـاِمـحُ بِـنـاصِـعٍ
مِـنَ الصَـفـحِ مـا سَـوَّدتُ مِـن صَفَحاتي
وَمَـن تَـضـحَـكِ الدُنيا إِلَيهِ فَيَغتَرِر
يَـمُـت كَـقَـتـيـلِ الغـيـدِ بِـالبَـسَماتِ
وَرَكِــبَ كَــإِقــبــالِ الزَمــانِ مُـحَـجَّلٍ
كَـريـمِ الحَـواشـي كـابِـرِ الخُـطُـواتِ
يَــســيــرُ بِــأَرضٍ أَخـرَجَـت خَـيـرَ أُمَّةٍ
وَتَــحــتَ سَــمــاءِ الوَحـيِ وَالسُـوَراتِ
يُـفـيـضُ عَـلَيـهـا اليُمنَ في غَدَواتِهِ
وَيُـضـفي عَلَيها الأَمنَ في الرَوَحاتِ
إِذا زُرتَ يــا مَــولايَ قَـبـرَ مُـحَـمَّدٍ
وَقَـبَّلـتَ مَـثـوى الأَعـظَـمِ العَـطِـراتِ
وَفـاضَـت مَـعَ الدَمـعِ العُيونُ مَهابَةً
لِأَحــمَــدَ بَـيـنَ السِـتـرِ وَالحُـجُـراتِ
وَأَشـــرَقَ نـــورٌ تَــحــتَ كُــلِّ ثَــنِــيَّةٍ
وَضـــاعَ أَريـــجٌ تَــحــتَ كُــلِّ حَــصــاةِ
لِمُــظــهِـرِ ديـنِ اللَهِ فَـوقَ تَـنـوفَـةٍ
وَبــانـي صُـروحِ المَـجـدِ فَـوقَ فَـلاةِ
فَـقُـل لِرَسـولِ اللَهِ يـا خَـيـرَ مُرسَلٍ
أَبُــثُّكــَ مــا تَــدري مِــنَ الحَـسَـراتِ
شُـعـوبُـكَ فـي شَـرقِ البِـلادِ وَغَربِها
كَــأَصــحـابِ كَهـفٍ فـي عَـمـيـقِ سُـبـاتِ
بِــأَيــمــانِهِــم نــورانِ ذِكـرٌ وَسُـنَّةٌ
فَـمـا بـالُهُـم فـي حـالِكِ الظُـلُمـاتِ
وَذَلِكَ مــاضــي مَــجــدِهِـم وَفَـخـارِهِـم
فَــمــا ضَــرَّهُــم لَو يَـعـمَـلونَ لِآتـي
وَهَــــذا زَمــــانٌ أَرضُهُ وَسَــــمــــاؤُهُ
مَــجــالٌ لِمِــقــدامٍ كَــبــيــرِ حَـيـاةِ
مَشى فيهِ قَومٌ في السَماءِ وَأَنشَئوا
بَــوارِجَ فــي الأَبـراجِ مُـمـتَـنِـعـاتِ
فَــقُــل رَبِّ وَفِّقــ لِلعَــظــائِمِ أُمَّتــي
وَزَيِّنــ لَهــا الأَفـعـالَ وَالعَـزَمـاتِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة إِلى عَرَفاتِ اللَهِ يا خَيرَ زائِرٍ