قصيدة بأبي شخصك الذي لا يغيب للشاعر طلائع بن رزيك

البيت العربي

بأبي شخصك الذي لا يغيب


عدد ابيات القصيدة:64


بأبي شخصك الذي لا يغيب
بــأبــي شــخــصــك الذي لا يــغـيـب
عـن عـيـانـي وهـو البـعيد القريب
يـا مـقـيـمـاً فـي الصـدر قـد خِـفـت
أن يــؤذيـك للقـلب حـرقـة ووجـيـب
وأرى الدمع ليس يطفيء حرَّ الوجد
إن جـــاد غـــيـــثـــه المـــســـكــوب
كــل يــوم لنــا رشــوقِـيَ مـا بـيـن
ضــلوعــي بــمــاء جــفــنــي لهــيــب
وكــذا الصَّبــ يــحــســن الجـور فـي
الحــبِّ لديــه ويــعــذب التــعـذيـب
لا يـــهـــاب الأســود فــي حــومــة
الحـرب ويـقـتـاده الغزال الربيب
ويــــجــــازى عـــن النـــفـــار مـــن
الأحـبـاب بـالقـرب إنَّ ذا لعـجـيب
يـا مـليح القوام عطفاً فقد يعطف
مــن ليــنــه القــضــيــب الرطــيــب
لك قـلب أقـسـى عـليـنـا من الصخر
ومـــا هـــكـــذا تـــكـــون القـــلوب
وبــحــكــم العـدو تـحـكـم ألحـاظـك
فـــي قـــلبــنــا وأنــت الحــبــيــب
أنـت عـنـدي مـثـل ابـن سبراي منه
الداء يـردي النـفوس وهو الطبيب
مـا لدمـعـي يـسـقـى بـه ورد خـديك
ومــــرعــــاه فـــوق خـــدَّي جـــديـــب
ولأهــل الصـفـاء مـا مـنـهـم الآن
خــــليــــل إذا دعــــوت يــــجـــيـــب
مـا ظـننَّا نفوسهم بانصداع الشمل
يـــومـــاً ولا الفـــراق تـــطـــيـــب
يــا أخــلاي بــالشـآم لئن غـبـتـم
فـــشـــوقـــي إليـــكــمُ لا يــغــيــب
غــصــبـتـنـا الأيـام قـربـكـم مـنَّا
ولا بـــــد أن تـــــردُّ الغــــصــــوب
ولكـم إن نـشـطـتم عندنا الإكرام
والرفـــد والمـــحـــل الخـــصـــيـــب
قـد عـلمـتـم بـأن غـيـث أيـاديـنـا
عــلى النــاس بــالنــضــار ســكــوب
وبـنـا يـدرك المـؤمـل مـا يـرجـوه
قــــدمـــاً ويـــنـــقـــذ المـــكـــروب
نـحـن كـالسـحـب بـالبوارق والرعد
لديــنــا التــرغــيــب والتــرهـيـب
تـارة نـسـعـر الحـروب عـلى الناس
وطـــوراً بـــالمـــكـــرمــات نــصــوب
كــره الشــام أهـله فـهـو مـحـقـوق
بـــألا يـــقـــيـــم فـــيـــه لبــيــب
إن تــجــلَّت عــنـه الحـروب قـليـلاً
خــــلفــــتــــهــــا زلازل وخـــطـــوب
رقــصــت أرضـه عـشـيـة غـنَّى الرعـد
فــــي الجــــو والكــــريـــم طـــروب
وتــثــنــت حــيــطـانـه فـأمـالتـهـا
شــــمــــال بــــزمـــرهـــا وجـــنـــوب
لا هــبــوب لنــائم مــن أمــانـيـه
وللعـــاصـــفـــات فـــيــهــا هــبــوب
وأرى البـرق شـامـتـاً ضـاحـك السن
وللجــــو بــــالغــــيــــوم قـــطـــوب
ذكــروا أنــه تــذوب بــه الســحــب
فـــمـــا للصـــخـــور أيــضــاً تــذوب
أبـــذنـــب أصـــابـــهــا قــدر اللّه
فـــــللأرض كـــــالأنـــــام ذنـــــوب
إنَّ ظـنـي والظـن مـثل سهام الرمي
مـنـهـا المـخـطـي ومـنـهـا المـصيب
إنَّ هــذا لان غــدت ســاحـة القـدس
ومــا للاســلام فــيــهــا نــصــيــب
مــنــزل الوحــي قــبـل بـعـث رسـول
اللّه فـهـو المـحـجـوج والمـحـجـوب
نـزلت وسـطـه الخـنـازيـر والخـمـر
وبـارى النـاقـوس فـيـهـا الصـليـب
لو رآه المــســيـح لم يـرض فـعـلاً
زعــــمــــوا أنــــه له مــــنـــســـوب
أبـــعـــد النــاس عــن عــبــادة ربِّ
النـــاس قـــوم إلهـــهـــم مــصــلوب
لهـف نـفـسـي على ديار من السكان
أقـــوت فـــليـــس فـــيــهــا عــريــب
ولكـن حـلتُّها فأنسته أوطان صباه
والأهــــــل يـــــومـــــاً غـــــريـــــب
فــاحــتـسـب مـا أصـاب قـومـك مـجـد
الديـن واصـبـر فـالحـادثـات ضروب
هـكـذا الدهر حكمه الجور والقصد
وفـــيـــه المــكــروه والمــحــبــوب
إن تــخــصــصــكــم نـوائب مـا زالت
لكـــم دون مـــن ســـواكـــم تــنــوب
فـكـذاك القـنـاة يكسر يوم الروع
مـــنـــهــا صــدر وتــبــقــى كــعــوب
ولعـمـري إن المـنـاصـح فـي الدين
عــــلى اللّه أجــــره مــــحــــســــوب
وجــهـاد العـدو بـالفـعـل والقـول
عــــلى كــــل مــــســـلم مـــكـــتـــوب
ولك الرتـبـة العلية في الأمرين
مـــذ كـــنـــتَ إذ تـــشـــبُّ الحـــروب
أنت فيها الشجاع مالك في الطعن
ولا فــي الضــراب يــومــاً ضــريــب
وإذا مـــا حـــرضـــت فـــالشـــاعـــر
المـفـلق فـيـمـا تـقـوله والخـطيب
وإذا مــا أشــرت فــالحـزم لا يـن
كــر أن التــدبــيــر مــنـك مـصـيـب
لك رأي يــقــظــان إن ضـعـف الرأي
عـــلى حـــامــلي الصــليــب صــليــب
فـانـهـض الآن مـسـرعـاً فـبـأمثالك
مـــــا زال يـــــدرك المـــــطـــــلوب
والق عـنَّاـ رسالة عند نور الدين
مـــا فـــي القــائهــا مــا يــريــب
قــــل له دام مــــلكــــه وعـــليـــه
مــن لبــاس الإقـبـال بـرد قـشـيـب
أيــهــا العــادل الذي هـو للديـن
شــــبــــاب وللحــــروب شــــبــــيــــب
والذي لم يزل قديماً عن الاسلام
بــالعــزم مــنــه تــجــلى الكــروب
وغــدا مــنـه للفـرنـج إذا لاقـوه
يــــوم مــــن الزمــــان عــــصـــيـــب
إن يــرم نــزف حـقـدهـم فـلأشـطـان
قـــنـــاة فـــي كـــل قـــلب قـــليــب
غـيـرنـا مـن يـقـول ما ليس يمضيه
بــــفـــعـــل وغـــيـــرك المـــكـــذوب
قــد كــتــبـنـا إليـك فـأوضـح لنـا
الآن بـمـاذا عـن الكـتـاب تـجـيـب
قــصــدنـا أن يـكـون مـنَّاـ ومـنـكـم
أجـــل فـــي مـــســـيــرنــا مــضــروب
فــلديـنـا مـن العـسـاكـر مـا ضـاق
بـــأدنـــاهــم الفــضــاء الرحــيــب
وعـليـنـا أن يـسـتـهـل عـلى الشام
مـــكـــان الغــيــوث مــال صــبــيــب
أو تــراهـا مـثـل العـروس تـراهـا
كـــلَّه مـــن دم العـــدا مـــخــضــوب
لطــنــيــن الســيــوف فـي فـلق الص
بــح عــلى هــام أهــلهــا تــطـريـب
ولجــمــع الحــشــود مــن كــلِّ حـصـن
ســــلب مـــهـــمـــل لهـــم ونـــهـــوب
وبـــــــحـــــــول الإِله ذاك ومــــــن
غــــالب ربــــي فـــإِنـــه مـــغـــلوب
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

طلائع بن رزيك الملقب بالملك الصالح أَبي الغارات.
وزير عصامي يعد من الملوك، أَصله من الشيعة الإمامية في العراق، قدم مصر فقيراً، فترقى في الخدم حتّى ولي منية ابن خصيب من أَعمال الصعيد المصري ، وسنحت له الفرصة فدخل القاهرة بقوة فولي وزارة الخليفة الفائز الفاطمي سنة 549 هـ.
واستقل بأمور الدولة دفعت بالملك الصالح فارس المسلمين نصير الدين ومات الفائز (555 هـ ) وولي العاضد فتزوج بنت طلائع.
واستمر هذا في الوزارة فكرهت عمة العاضد استيلاؤه على أمور الدولة واموالها فأكمنت له جماعة من السودان في دهليز القصر فقتلوه وهو خارج من مجلس العاضد.
وكان شجاعاً حازماً مدبراً جواداً صادق العزيمة عارفاً بالأدب.
شاعراً له ديوان (شعر ـ ط) صغير، ووقف أَوقافاً حسنة ومن أثاره جامع على باب زويلة بظاهر القاهرة وكان لا يترك غزو الفرنج في البر والبحر ولعمارة اليمني وغيره مدائح فيه ومراث.
له كتاب سماه (الاعتماد في الرد عَلى أهل العناد).