قصيدة بعض الأنام يرى الحقيقة مرة للشاعر أحمد الصافي النجفي

البيت العربي

بعض الأنام يرى الحقيقة مرة


عدد ابيات القصيدة:37


بعض الأنام يرى الحقيقة مرة
بــعـض الأنـام يـرى الحـقـيـقـة مـرة
فـيـفـر مـنـهـا مـطـبـقـا عنها الفما
مــاذا تــهــمــنــي الفـتـوق بـمـئزري
ســيــظــل عــرضـي سـالمـا لن يـثـلمـا
مــا شــأن جــســمـي والرداء فـإنـنـي
مـهـمـا بـي اتـصـلا غـريـب عـنـهـمـا
أبكي على الحيوان أكثر من بني ال
انــسـان مـهـمـا يـقـتـلا أو يـظـلمـا
إذ لا أرى الحــيــوان مــالك حـيـلة
عـنـه يـرد بـهـا البـلاء المـبـرما
ولقـد أرى الحـيـوان حـيـنـا ظـالمـاً
لكــن أرى الانــســان مـنـه أظـلمـا
عــجــبـا مـن الانـسـان فـي أحـكـامـه
إن أنــت تــضــربــه شــكــا وتــبـرّمـا
ويــبــيــد حــيــوانـاً بـريـئاً وداعـاً
قــتــلا وليـس يـحـسّ أن قـد أجـرمـا
ولطــفــل ليــدنـبـرغ إذ خـطـفـوه قـد
ضــج الورى وبــكــوا عــليــه تـألمـا
وبـــكـــل يــوم ألف طــفــلٍ مــن طــوى
تـقـضـي ومـا عـنـهـا تـرى مـسـتفهما
كـــل يـــقـــلد غـــيـــره بـــجـــهـــالة
وأشــدهــم جــهــلا يــســمــى أعــلمــا
ذا جـــاهـــل غـــرٌّ يـــقـــلد جـــاهــلا
ولعـلنـي فـي الجـهـل أعـظـم مـنـهـما
روحــي تــفــر مـن الدمـيـم وإن غـدا
مـضـنـى فـقـيـرا عـدت فـيـه مـتـيـما
حـــتـــى أمـــرضـــه وأســـفـــعــه فــإن
أثــرى وعـوفـي وازدهـى واسـتـعـظـمـا
أبــغــضــتــه وفــررت مــنــه لأنــنــي
أهــوى الشــقـي وأبـغـض المـتـنـعـمـا
أســعــى لإضــعــاف القــوي وقــوة ال
واهـي الضـعـيـف لكي أساوي اثنيهما
إن يـبـصـروا فـتـقـاً بـثـوبي يأسفوا
فــأجــيــل فـيـهـم نـاظـري مـتـهـكـمـا
لنــواقــص الدنـيـا أسـاء فـهـل تـرى
عــن كــل نــقــص ســوف أسـأل مـرغـمـا
عــيــنـي تـرى مـالا يـرون وعـيـنـهـم
مـــالا أراه تـــرى فــفــي أي عــمــى
آلام روحـــــي غـــــيــــر آلام الورى
ولكــم فــرحــت بــمــا رأوه مــؤلمــا
كــي لا تــلاحــقــه فـتـدخـل فـاه أو
يـبـقـى يـشـاهـد وجـهـهـا المـتـجـهما
وأنـــا أراهـــا مـــرة فـــألوكـــهـــا
كـي أغـتـدي مـنـهـا وإن تـكُ عـلقـمـا
ولكــم تــقــاليــد شــغــفــت بـحـبـهـا
زمــنــاً وكــنــت بــظــلهـا مـتـنـعـمـا
دبّ الفــســاد لهــا فــرمـت أصـونـهـا
بــالحــافــظــيـن مـطـهـرا ومـعـقـمـا
لكــن عــيــيــت بـأمـرهـا فـتـركـتـهـا
لمــا رأيــت فــســادهــا مـسـتـحـكـمـا
وقــطــعــتــهــا مــن روح روحـي فـلذة
وتـركـت مـنـها الروح تقطر بالدّما
والحـــق أوثـــره عــلى نــفــعــي وإن
يــك مــدخـلي يـوم الحـسـاب جـهـنـمـا
لكــن أضــحــى الحـق فـي نـفـع الورى
فــعــليــه نــفــعــهــم أراه مــقـدمـا
قــلبــي عــلى نـفـسـي يـفـيـض قـسـاوة
وعـلى بـنـي الدنـيـا يـفـيـض تـرحـما
أبــكــي عــلى غــيـري إذا مـا نـابـه
خــطــب فـيـجـري الدمـع مـنـهـلا دمـا
لكــن أثــور إذا دهــتــنــي نــكــبــة
وأعــود مــن حـكـم القـضـا مـتـبـرمـا
وعــلي دمــعــي فــي البــلا مـتـحـجـر
حـتـى ولو وقـعـت عـلى الأرض السـما
ولئن بــكـت نـفـسـي فـليـسـت تـرتـضـي
بـالدمـع عـنـهـا مـفـصـحـاً ومـتـرجـما
فــدمــوعــهــا ليـسـت سـوى زفـراتـهـا
أو شـعـرهـا بـالدمـع يـبـدو مـفـعـما
يــرثــي الأنـام لحـالتـي إمـا رأوا
بــؤســي وأنــظــر حــالتـي مـتـبـسـمـا
كــم يــحــزنــون لمــا أراه ســعــادة
أو يــرقــصــون بــمــا أراه مــأتـمـا
عـــنـــدي نــواقــص جــمــة وكــأنــنــي
لنــواقــص الدنـيـا أتـيـت مـتـمـمـا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

هو أحمد بن علي الصافي الحسيني العلوي يعود نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم.
ولد أحمد الصافي النجفي في مدينة النجف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية يتصل نسبها بـ الإمام موسى الكاظم تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا.
ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت.
- من أهم دواوينه ديوان هواجس
قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرباعيات.
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها:
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ 
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
             وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة أيام لبارئها وهو في                  "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة