البيت العربي

بِكَ اِهتَزَّ عِطفُ الدينِ في حُلَلِ النَصرِ
عدد ابيات القصيدة:50

بِـكَ اِهـتَزَّ عِطفُ الدينِ في حُلَلِ النَصرِ
وَرُدَّت عَــلى أَعــقــابِهـا مِـلَّةُ الكُـفـرِ
فَــقَــد أَصـبَـحَـت وَالحَـمـدُ لِلَّهِ نِـعـمَـةً
يُـقَـصِّرُ عَـنـهـا قُـدرَةُ الحَـمـدِ وَالشُكرِ
يَــقِــلُّ بِهــا بَــذلُ النُــفــوسِ بِـشـارَةً
وَيَـصـغُـرُ فـيـهـا كُـلُّ شَـيـءٍ مِـنَ النَذرِ
أَلا فَـليَـقُـل مـا شـاءَ مَـن هُـوَ قـائِلٌ
وَدونَـكَ هَـذا مَـوضِـعُ النَـظـمِ وَالنَـثـرِ
وَجَـــدتُ مَـــحَــلّاً لِلمَــقــالَةِ قــابِــلاً
فَــمــالَكَ إِن قَـصَّرتَ فـي ذاكَ مِـن عُـذرِ
لَكَ اللَهُ مِـن مَـولىً إِذا جـادَ أَوسَـطا
فَـنـاهـيـكَ مِـن عُـرفٍ وَنـاهـيكَ مِن نُكرِ
تَـمـيـسُ بِهِ الأَيّـامُ فـي حُـلَلِ الصِـبـا
وَتَــرفُــلُ مِــنـهُ فـي مَـطـارِفِهِ الخُـضـرِ
أَيــاديــهِ بــيـضٌ فـي الوَرى مـوسَـوِيَّةٌ
وَلَكِــنَّهــا تَــسـعـى عَـلى قَـدَمِ الخِـضـرِ
وَمِـن أَجـلِهِ أَضـحـى المُـقَـطَّمـُ شـامِـخـاً
يُـنـافِـسُ حَـتّـى طـورَ سيناءَ في القَدرِ
تَـديـنُ لَهُ الأَمـلاكُ بِـالكُرهِ وَالرِضى
وَتَـخـدُمُهُ الأَفلاكُ في النَهيِ وَالأَمرِ
فَــيـا مَـلِكـاً سـامـى المَـلائِكَ رِفـعَـةً
فَـفـي المَلَإِ الأَعلى لَهُ أَطيَبُ الذِكرِ
لِيَهــنِــئكَ مــا أَعــطــاكَ رَبُّكــَ إِنَّهــا
مَـواقِـفُ هُـنَّ الغُـرُّ فـي مَـوقِـفِ الحَـشرِ
وَمـا فَـرِحَـت مِـصـرٌ بِـذا الفَتحِ وَحدَها
لَقَـد فَـرِحَـت بَـغـدادُ أَكـثَـرَ مِـن مِـصـرِ
فَــلَو لَم يَــقُــم بِــاللَهِ حَــقَّ قِـيـامِهِ
لَمـا سَـلِمَـت دارُ السَـلامِ مِـنَ الذُعـرِ
وَأُقــــسِــــمُ لَولا هِـــمَّةـــٌ كـــامِـــلِيَّةٌ
لَخــافَـت رِجـالٌ بِـالمَـقـامِ وَبِـالحَـجـرِ
فَــمَــن مُــبــلِغٌ هَــذا الهَــنـاءَ لِمَـكَّةٍ
وَيَـثـرِبَ تُـنـهـيـهِ إِلى صـاحِـبِ القَـبـرِ
فَــــقُــــل لِرَســــولِ اللَهِ إِنَّ سَـــمِـــيَّهُ
حَـمـى بَـيـضَةَ الإِسلامِ مِن نُوَبِ الدَهرِ
هُـوَ الكـامِلُ المَولى الَّذي إِن ذَكَرتَهُ
فَـيـا طَـرَبَ الدُنـيـا وَيـا فَرَحَ العَصرِ
بِهِ اِرتَـجَـعَـت دِمـياطُ قَهراً مِنَ العِدى
وَطَهَّرَهــا بِــالسَــيــفِ وَالمِـلَّةِ الطُهـرِ
وَرَدَّ عَــلى المِــحــرابِ مِـنـهـا صَـلاتَهُ
وَكَم باتَ مُشتاقاً إِلى الشَفعِ وَالوِترِ
وَأُقـسِـمُ إِن ذاقَت بَنو الأَصفَرِ الكَرى
فَــلا حَــلِمَــت إِلّا بِـأَعـلامِهِ الصُـفـرِ
عَــجَــبـتُ لِبَـحـرٍ جـاءَ فـيـهِ سَـفـيـنُهُـم
أَلَســنـا نَـراهُ عِـنـدَنـا مَـلِكَ الغَـمـرِ
أَلا إِنَّهـــا مِـــن فِــعــلِهِ لَكَــبــيــرَةٍ
سَـيَـطـلُبُ مِـنـهـا عَـفـوَ حِـلمِـكَ وَاليُسرِ
ثَـــلاثَـــةَ أَعــوامٍ أَقَــمــتَ وَأَشــهُــراً
تُـجـاهِـدُ فـيـهِـم لا بِـزَيـدٍ وَلا عَمرِو
صَــبَــرتَ إِلى أَن أَنــزَلَ اللَهُ نَــصــرَهُ
لِذَلِكَ قَــد أَحــمَــدتَ عــاقِـبَـةَ الصَـبـرِ
وَلَيــــلَةِ غَــــزوٍ لِلعَــــدوِّ كَــــأَنَّهــــا
بِــكَــثـرَةِ مَـن أَردَيـتَهُ لَيـلَةُ النَـحـرِ
فَــيــا لَيــلَةً قَـد شَـرَّفَ اللَهُ قَـدرَهـا
وَلا غَـروَ إِن سَـمَّيـتُهـا لَيـلَةَ القَـدرِ
سَـدَدتَ سَـبـيـلَ البَـرِّ وَالبَـحـرِ عَـنـهُـمُ
بِـــســـابِـــحَـــةٍ دُهــمٍ وَســابِــحَــةٍ غُــرِّ
أَسـاطـيـلُ لَيـسَـت فـي أَساطيرِ مَن مَضى
بِــكُــلِّ غُــرابٍ راحَ أَفــتَــكَ مِــن صَـقـرِ
وَجَـيـشٍ كَـمِـثـلِ اللَيـلِ هَـولاً وَهَـيـبَـةً
وَإِن زانَهُ مــا فـيـهِ مِـن أَنـجُـمٍ زُهـرِ
وَكُـــلِّ جَـــوادٍ لَم يَــكُــن قَــطُّ مِــثــلُهُ
لَآلِ زُهَـــيـــرٍ لا وَلا لِبَـــنـــي بَــدرِ
وَبــاتَــت جُــنــودُ اللَهِ فَــوقَ ضَـوامِـرٍ
بِـأَوضـاحِهـا تُـغني السُراةَ عَنِ الفَجرِ
فَـــمـــا زِلتَ حَــتّــى أَيَّدَ اللَهُ حِــزبَهُ
وَأَشـرَقَ وَجـهُ الأَرضِ جَـذلانَ بِـالنَـصـرِ
فَـرَوَّيـتَ مِـنـهُـم ظـامِئَ البيضِ وَالقَنا
وَأَشـبَـعـتَ مِـنهُم طاوِيَ الذِئبِ وَالنَسرِ
وَجــاءَ مُــلوكُ الرومِ نَــحــوَكَ خُــضَّعــاً
تُــجَــرِّرُ أَذيــالَ المَهــانَــةِ وَالصُـغـرِ
أَتَــوا مَــلِكــاً فَــوقَ السِـمـاكِ مَـحَـلُّهُ
فَـمِـن جـودِهِ ذاكَ السَـحابُ الَّذي يَسري
فَــمَــنَّ عَــلَيــهِــم بِــالأَمـانِ تَـكَـرُّمـاً
عَلى الرَغمِ مِن بيضِ الصَوارِمِ وَالسُمرِ
كَــفـى اللَهُ دِمـيـاطَ المَـكـارِهَ إِنَّهـا
لَمِـن قِـبلَةِ الإِسلامِ في مَوضِعِ النَحرِ
وَمــا طــابَ مــاءُ النــيــلِ إِلّا لِأَنَّهُ
يَــحُــلُّ مَـحَـلَّ الريـقِ مِـن ذَلِكَ الثَـغـرِ
فَــلِلَّهِ يَــومُ الفَــتــحِ يَــومُ دُخـولِهـا
وَقَـد طـارَتِ الأَعـلامُ مِـنها عَلى وَكرِ
لَقَــد فــاقَ أَيّــامَ الزَمـانِ بِـأَسـرِهـا
وَأَنـسـى حَـديـثـاً عَـن حُـنَـينٍ وَعَن بَدرِ
وَيـا سَـعـدَ قَـومٍ أَدرَكـوا فـيـهِ حَـظَّهُم
لَقَـد جَـمَـعـوا بَـيـنَ الغَنيمَةِ وَالأَجرِ
وَإِنّــــي لَمُـــرتـــاحٌ إِلى كُـــلِّ قـــادِمٍ
إِذا كـانَ مِـن ذاكَ الفُـتـوحِ عَلى ذِكرِ
فَــيُــطــرِبُــنــي ذاكَ الحَـديـثُ وَطـيـبُهُ
وَيَـفـعَـلُ بـي ما لَيسَ في قُدرَةِ الخَمرِ
وَأُصــغــي إِلَيــهِ مُــسـتَـعـيـداً حَـديـثُهُ
كَـــأَنِّيـــَّ ذو وَقــرٍ وَلَســتُ بِــذي وَقــرِ
يَقومُ مَقامَ البارِدِ العَذبِ في الظَما
وَيُغني عَنِ الأَزوادِ في البَلَدِ القَفرِ
فَــكَــم مَــرَّ لي يَــومٌ إِذا مـاسَـمِـعـتُهُ
أَقَـــرَّ بِهِ سَـــمــعــي وَأَذكَــرَهُ فِــكــري
وَهـا أَنـا ذا حَـتّـى إِلى اليَومِ رُبَّما
أُكَــذِّبُ عَــنــهُ بِـالصَـحـيـحِ مِـنَ الأَمـرِ
لَكَ اللَهُ مَــن أَثــنــى عَـلَيـكَ فَـإِنَّمـا
مِـنَ القَـتلِ قَد أَنجَيتَهُ أَو مِنَ الأَسرِ
يُــقَــصِّرُ عَــنــكَ المَـدحُ مِـن كُـلِّ مـادِحٍ
وَلو جـاءَ بِـالشَـمـسِ المُنيرَةِ وَالبَدرِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: بهاء الدين زهير
شاعر من الكتاب، ولد بمكة ونشأ بقوص، واتصل بالملك الصالح أيوب بمصر، فقرّبه وجعله من خواص كتّابه وظلَّ حظيّا عنده إلى أن مات الصالح فانقطع زهير في داره إلى أن توفي بمصر.