البيت العربي
بلغتُ بحمد الله ما أنا طالبُ
عدد ابيات القصيدة:58
بــلغــتُ بـحـمـد الله مـا أنـا طـالبُ
زمــانــاً وهــنَّتــنـي لديـكَ المـطـالبُ
فـأصـبـحـتُ لا أرجـو سـوى مـا رجـوتهُ
مــرامــاً ومــا لي فــي ســواكَ مــآربُ
وقد كنت من غيظي على الدهر عاتباً
فـمـا أنـا فـي شيءٍ على الدهر عاتبُ
لئن كـانَ قـبلَ اليوم والأمس مُذنباً
فــقـد جـاءَنـي مـن ذنـبـه وهـو تـائبُ
وجــدتُ بــك الأيــام مــولاي طــلقــةً
وســالمــنـي فـيـك الزمـان المـحـاربُ
وقــد شِـمـتُ مـن جـدواكَ لي كـلَّ بـارقٍ
ونـــوؤك مـــرجـــوٌّ وغـــيــثُــك ســاكــبُ
فـلا الأمـلُ الأقـصـى البعيدُ بنازحٍ
لديَّ ولا وجـــهُ المـــطـــالب شـــاحــبُ
وهــل تــنــجــح الآمــالُ وهــي قـصـيَّة
وتـــبـــلغُ إلاَّ فــي نــداكَ الرغــائبُ
لقــد حَـسُـنَـتْ فـيـك الرعـيَّةـ بـعـدمـا
أســاءَت إليـهـا بـالخـطـوب النـوائبُ
وألهـمـتـهـا فـيـمـا تـصـدَّيـتَ رشـدَهـا
ألا إنَّ هــذا الرشــدَ للخــيـر جـالبُ
كــفـفـتَ يـدَ الأشـرار مـن كـلِّ وجـهـةٍ
فــلا ثــمَّ مــنــهــوبٍ ولا ثــمَّ نـاهـبُ
ومــــن لوزيــــر قــــلَّد الأمــــر ربَّه
نــظــيـرك شـيـخـاً حـنـكـتـه التـجـاربُ
بــصــيــرٌ بــتــدبـيـر الأمـور وعـارفٌ
بــمــبــدئِهـا مـاذا تـكـون العـواقـب
أذلَّ بـــكَ الأخـــطــارَ وهــي عــزيــزة
فـهـانـتْ عـليـه فـي عـلاك المـصـاعـب
تـريـه صـبـاح الرأي والأمـر مُـبـهـم
فـتـنـجـاب مـن ليـلِ الخطوب الغياهبُ
ألَنْـتَ له فـي قـسـوة البـأس جـانـبـاً
فــلانَ له فــي قــسـوة البـأس جـانـبُ
فـأصـبـح لم يـعـرض عـن النـاس لطـفه
ويــحــضــر فــيـهـم بـأسـه وهـو غـائبُ
وبـأسـكَ لا البـيـض الصوارم والقنا
وجــودك لا مــا تــســتـهـلُّ السـحـائبُ
ومــا زلت حــتَّى يـدرك المـجـد ثـأرَهُ
وتُــشْــرِقُ فــي آفــاقــهــنَّ المــنـاقـبُ
بـأيـديـك سـحرُ الخطّ لا الخطّ تنثني
فـتـثـنـي عـليـها المرهفات القواضبُ
تـخـرُّ لك الأقـلام فـي الطـرسِ سُـجَّداً
لمــا أنـتَ تـمـليـه ومـا أنـتَ كـاتـبُ
إذا شـئت كـانـت فـي العداة كتايباً
وهـيـهـات مـنـهـا إذ تـصـولُ الكتايبُ
تـــقـــرّط آذان الرجـــال بـــحــكــمــةٍ
حـكـتـهـا اللئالي رونـقـاً أو تقاربُ
مـتـى أفـرِغـتْ فـي قـالب الفكر زيَّنتْ
وزانــت مـن الألبـاب تـلك القـوالب
بـــهـــنَّ غـــذاء للعـــقـــولِ وشِـــرْعَــةٌ
تــســوغ وتــصــفـو عـنـدهـنَّ المـشـاربُ
تــصــرَّفــتَ فــي حــلوِ الكــلام ومــرِّهِ
فـــأنـــتَ مُــجِــدٌّ كــيــف شــئتَ ولاعــبُ
ذَهَــبْــتَ بــكــلٍّ مــنــهــمـا كـلَّ مـذهـب
ذهـابـاً ومـا ضـاقـت عـليـك المـذاهبُ
فــمــن ذكــر وجـدٍ يـسـلب المـرءَ لبَّه
عــلى مــثــله دمــع المــتــيَّمــ ذائبُ
ومـــن غَـــزَلٍ عَـــذب كـــأنَّ بُـــيُـــوتــه
مـــســـارحُ آرام النـــقـــا ومــلاعــبُ
وفـي البـاقـيـات الصـالحـات مـثـوبة
مـن الله مـا يـبـدو من الشمس حاجبُ
دَمَــغْــتَ بــهــا مــن آل حـربٍ عـصـابـةً
تــنــاقــشـهـم فـي صـنـعـهـم وتـحـاسـبُ
تـنـاقَـلَهـا الركـبـانُ عـنـك فـأَصـبحت
تُــجــابُ بــهــا أرض وتــطـوى سـبـاسـبُ
مـغـيـظـاً مـن القـوم الذيـن تـقـدَّمـت
لهـم فـي المـخـازي الموبقات مكاسبُ
غــضــبــت بــهــا لله غــيــر مَــداهــنٍ
وغــيــركَ يــخــشــى كــاشـحـاً ويـراقـبُ
مـــواهـــب مــن ربٍّ كــريــمٍ رُزِقْــتَهــا
ومــا هــذه الأشــيــاء إلاَّ مــواهــبُ
أروح أجـــرُّ الذيـــل أســحــب فــضــله
وإنِّيـــ لأذيـــال الفــخــار لســاحــبُ
بـمـن لم يـقـم فـي الأكـرمين مقامه
ولا نـابَ عـنـه فـي الحـقـيـقـة نائبُ
فــقــد وجــدت بـغـداد والنـاس راحـةً
وقـد أَتْـعَـبَـتْهـا قـبـل ذاكَ المـتاعبُ
قــضــى عــمـري طـال فـي العـزِّ عـمـره
أقـــاربـــه مـــســـرورة والأجـــانـــبُ
وإن قـلتُ مـا جـاء العـراق ولا نرى
نـظـيـراً له فـيـنـا فـمـا أنـا كـاذبُ
بــنــادرة الدُّنــيــا وفـرحـةِ أهـلهـا
أضــاءَت لنــا أقــطـارهـا والجـوانـبُ
أمــولاي مــا عــنــدي إليــك وسـيـلة
تـــقـــرّبـــنـــي زلفــى وإنِّيــ لراغــبُ
مـحـاسـنُ شـعـري مـا إذا أنـا قـستها
بــشــعــرك والإِنــصــاف فـهـي مـثـالبُ
وإنِّيــ مــع الإِطــنــاب فــيــك مـقـصِّرٌ
وإن كـانَ شـعـري فـيـك مـمَّاـ يـنـاسـبُ
أهــنِّيــكَ فــيــه مَـنـصِـبـاً أنـت فـوقَه
بــمــرتــبــة لو أنـصـفـتـك المـراتـبُ
فــإنَّكــ شــرَّفــتَ المــنــاصــبَ كــلَّهــا
ومــا أنــتَ مــمَّنـ شـرَّفَـتْهُ المـنـاصـبُ
وَهَــنَّيــْت نــفــســي والعــراق وأهــلَهُ
وكــــلَّ امـــرئ أهـــل لذاك وصـــاحـــبُ
وزفَّتـــ إليـــه كـــلَّ عـــذراء بــاكــرٍ
كـمـا زفَّتـ البـيـضُ الحـسانُ الكواعبُ
قــوافٍ بــهـا نـشـفـي الصـدورَ وربَّمـا
تَــدبُّ إلى الحــسَّاــد مــنـهـا عـقـاربُ
شـكـرتُـكَ شـكـر الروض بـاكـره الحـيا
وشـــكـــرك مـــفـــروض ومــدحــك واجــبُ
وليــسَ يــفــي شــعــري لشــكــرك حــقَّهُ
ولو نُــظـمـتْ للشـعـر فـيـك الكـواكـبُ
ومـمَّاـ حـبـاهُ الله مـن طـيِّبـ الثـنا
مــشــارقــهــا مــمــلوءة والمــغــاربُ
وكـــلِّي ثـــنـــاء فـــي عــلاك وألســن
إذا كـنـت مـمـدوحـي وأنـت المـخـاطبُ
وإنِّيــ لأبــدي حــاجـةً قـد حـجـبـتُهـا
إليــك ومــا بــيــنـي وبـيـنـك حـاجـبُ
ســواي يــروم المــالَ مــكـتـرثـاً بـه
ويــرغــبُ فــي غـيـر الذي أنـا راغـبُ
وإنَّكــ أدرى النــاس فــيــمـا أريـده
وأعــلمــهــم فــيــمــا له أنـا طـالبُ
وكــيــف وهــل يــخـفـى وعـلمـك سـابـق
بــمــطــلبــي الأسـنـى وفـكـرك ثـاقـبُ
فـلا زلتَ طـلاَّع الثـنـايـا ولم تـزلْ
تــطـالعـنـي مـنـك النـجـوم الغـواربُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأخرس
شاعر من فحول المتأخرين، ولد في الموصل، ونشأ في بغداد، وتوفي في البصرة.
ارتفعت شهرته وتناقل الناس شعره، ولقب بالأخرس لحبسة كانت في لسانه.
له ديوان يسمى (الطراز الأنفس في شعر الأخرس -ط).