البيت العربي

تَذَكَّرتُ ما بَينَ العُذَيبِ وَبارِقِ
عدد ابيات القصيدة:47

تَــذَكَّرتُ مــا بَــيـنَ العُـذَيـبِ وَبـارِقِ
مَــجَـرَّ عَـواليـنـا وَمَـجـرى السَـوابِـقِ
وَصُــحــبَــةَ قَـومٍ يَـذبَـحـونَ قَـنـيـصَهُـم
بِـفَـضـلَةِ مـا قَد كَسَّروا في المَفارِقِ
وَلَيــلاً تَــوَسَّدنــا الثَــوِيَّةــَ تَـحـتَهُ
كَــأَنَّ ثَـراهـا عَـنـبَـرٌ فـي المَـرافِـقِ
بِــلادٌ إِذا زارَ الحِـسـانَ بِـغَـيـرِهـا
حَــصــا تُــربِهــا ثَــقَّبـنَهُ لِلمَـخـانِـقِ
سَــقَـتـنـي بِهـا القُـطـرُبُّلـِيَّ مَـليـحَـةٌ
عَــلى كـاذِبٍ مِـن وَعـدِهـا ضَـوءُ صـادِقِ
سُهـــادٌ لِأَجـــفــانٍ وَشَــمــسٌ لِنــاظِــرٍ
وَسُـــقـــمٌ لِأَبــدانٍ وَمِــســكٌ لِنــاشِــقِ
وَأَغــيَــدُ يَهــوى نَــفــسَهُ كُــلُّ عـاقِـلٍ
عَــفــيــفٍ وَيَهــوى جِــسـمَهُ كُـلُّ فـاسِـقِ
أَديــبٌ إِذا مــا جَــسَّ أَوتــارَ مِـزهَـرٍ
بَــلا كُـلَّ سَـمـعٍ عَـن سِـواهـا بِـعـائِقِ
يُــحَــدِّثُ عَــمّــا بَــيــنَ عــادٍ وَبَـيـنَهُ
وَصُــدغــاهُ فــي خَــدَّي غُــلامٍ مُـراهِـقِ
وَما الحُسنُ في وَجهِ الفَتى شَرَفاً لَهُ
إِذا لَم يَـكُـن فـي فِـعـلِهِ وَالخَـلائِقِ
وَمـا بَـلَدُ الإِنـسـانِ غَـيـرُ المُوافِقِ
وَلا أَهـلُهُ الأَدنَـونَ غَـيـرُ الأَصادِقِ
وَجــائِزَةٌ دَعــوى المَــحَــبَّةـِ وَالهَـوى
وَإِن كـانَ لا يَـخـفـى كَلامُ المُنافِقِ
بِـرَأيِ مَـنِ اِنقادَت عُقَيلٌ إِلى الرَدى
وَإِشــمــاتِ مَــخــلوقٍ وَإِســخـاطِ خـالِقِ
أَرادوا عَـلِيّـاً بِـالَّذي يُـعجِزُ الوَرى
وَيـوسِـعُ قَـتـلَ الجَـحـفَـلِ المُـتَـضـايِقِ
فَـمـا بَـسَـطـوا كَـفّـاً إِلى غَـيرِ قاطِعٍ
وَلا حَـمَـلوا رَأسـاً إِلى غَـيـرِ فـالِقِ
لَقَـد أَقـدَمـوا لَو صـادَفوا غَيرَ آخِذٍ
وَقَـد هَـرَبـوا لَو صـادَفوا غَيرَ لاحِقِ
وَلَمّـا كَـسـا كَـعباً ثِياباً طَغَوا بِها
رَمــى كُــلَّ ثَــوبٍ مِــن سِـنـانٍ بِـخـارِقِ
وَلَمّـا سَـقـى الغَـيثَ الَّذي كَفَروا بِهِ
سَـقـى غَـيـرَهُ فـي غَـيرِ تِلكَ البَوارِقِ
وَمـا يـوجِـعُ الحِـرمـانُ مِـن كَفِّ حارِمٍ
كَـمـا يـوجِـعُ الحِـرمـانُ مِن كَفِّ رازِقِ
أَتـاهُـم بِهـا حَـشوَ العَجاجَةِ وَالقَنا
سَـنـابِـكُهـا تَـحـشـو بُـطـونَ الحَـمالِقِ
عَـوابِـسَ حَـلّى يـابِـسُ المـاءِ حُـزمَهـا
فَهُــنَّ عَــلى أَوســاطِهــا كَـالمَـنـاطِـقِ
فَـلَيـتَ أَبـا الهَـيجا يَرى خَلفَ تَدمُرٍ
طِـوالَ العَـوالي فـي طِـوالِ السَمالِقِ
وَسَــوقَ عَــليٍّ مِــن مَــعَــدٍّ وَغَــيــرِهــا
قَــبــائِلَ لا تُـعـطـي القُـفِـيَّ لِسـائِقِ
قُــشَــيــرٌ وَبَـلعَـجـلانِ فـيـهـا خَـفِـيَّةٌ
كَــراءَيــنِ فــي أَلفـاظِ أَلثَـغَ نـاطِـقِ
تُــخَــلِّيــهِـمِ النِـسـوانُ غَـيـرَ فَـوارِكٍ
وَهُــم خَــلَّوِ النِــسـوانَ غَـيـرَ طَـوالِقِ
يُـفَـرِّقُ مـا بَـيـنَ الكُـمـاةِ وَبَـيـنَهـا
بِـــضَـــربٍ يُــسَــلّي حَــرُّهُ كُــلَّ عــاشِــقِ
أَتـى الظُـعـنَ حَـتّـى مـا تَطيرُ رَشاشَةٌ
مِـنَ الخَـيـلِ إِلّا فـي نُحورِ العَواتِقِ
بِــكُــلِّ فَـلاةٍ تُـنـكِـرُ الإِنـسَ أَرضُهـا
ظَـعـائِنُ حُـمـرُ الحَـليِ حُـمرُ الأَيانِقِ
وَمَـــلمـــومَـــةٌ سَـــيــفِــيَّةــٌ رَبَــعِــيَّةٌ
يَـصـيـحُ الحَـصى فيها صِياحَ اللَقالِقِ
بَـعـيـدَةُ أَطـرافِ القَـنـا مِـن أُصـولِهِ
قَـريـبَـةُ بَـيـنَ البـيضِ غُبرُ اليَلامِقِ
نَهـاهـا وَأَغـنـاهـا عَـنِ النَهبِ جودُهُ
فَـمـا تَـبـتَـغـي إِلّا حُـمـاةَ الحَقائِقِ
تَــوَهَّمــَهــا الأَعــرابُ سَــورَةَ مُـتـرَفٍ
تُـــذَكِّرُهُ البَـــيــداءُ ظِــلَّ السُــرادِقِ
فَــذَكَّرتَهُــم بِــالمــاءِ ســاعَـةَ غَـبَّرَت
سَــمــاوَةُ كَــلبٍ فــي أُنـوفِ الحَـزائِقِ
وَكـانـوا يَروعونَ المُلوكَ بِأَن بَدَوا
وَأَن نَـبَـتَت في الماءِ نَبتَ الغَلافِقِ
فَهـاجـوكَ أَهدى في الفَلا مِن نُجومِهِ
وَأَبـدى بُـيـوتـاً مِن أَداحي النَقانِقِ
وَأَصــبَــرَ عَــن أَمــواهِهِ مِــن ضِـبـابِهِ
وَآلَفَ مِــــنـــهـــا مُـــقـــلَةً لِلوَدائِقِ
وَكــانَ هَـديـراً مِـن فُـحـولٍ تَـرَكـتَهـا
مُهَــلَّبَــةَ الأَذنــابِ خُـرسَ الشَـقـاشِـقِ
فَـمـا حَـرَمـوا بِـالرَكـضِ خَـيـلَكَ راحَةً
وَلَكِـن كَـفـاهـا البَـرُّ قَـطعَ الشَواهِقِ
وَلا شَـغَـلوا صُـمَّ القَـنـا بِـقُـلوبِهِـم
عَـنِ الرِكـزِ لَكِـن عَـن قُلوبِ الدَماسِقِ
أَلَم يَحذَروا مَسخَ الَّذي يَمسَخُ العِدا
وَيَـجـعَلُ أَيدي الأُسدِ أَيدي الخَرانِقِ
وَقَــد عــايَـنـوهُ فـي سِـواهُـم وَرُبَّمـا
أَرى مـارِقـاً فـي الحَـربِ مَصرَعَ مارِقِ
تَــعَــوَّدَ أَن لا تَـقـضَـمَ الحَـبَّ خَـيـلُهُ
إِذا الهامُ لَم تَرفَع جُنوبَ العَلائِقِ
وَلا تَــرِدَ الغُــدرانَ إِلّا وَمــاؤُهــا
مِـنَ الدَمِ كَـالرَيـحـانِ تَحتَ الشَقائِقِ
لَوَفــدُ نُــمَــيــرٍ كــانَ أَرشَـدَ مِـنـهُـمُ
وَقَـد طَـرَدوا الأَظعانَ طَردَ الوَسائِقِ
أَعَـدّوا رِمـاحـاً مِـن خُـضـوعٍ فَطاعَنوا
بِهـا الجَـيـشَ حَـتّى رَدَّ غَربَ الفَيالِقِ
فَــلَم أَرَ أَرمـى مِـنـهُ غَـيـرَ مُـخـاتِـلٍ
وَأَسـرى إِلى الأَعـداءِ غَـيـرَ مُـسـارِقِ
تُـصـيـبُ المَـجـانـيـقُ العِـظـامُ بِـكَفِّهِ
دَقــائِقَ قَــد أَعـيَـت قِـسِـيَّ البَـنـادِقِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: المُتَنَبّي
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.