البيت العربي
تَرَحَّلتْ عَنْ زَمَنِي عَائِداً
عدد ابيات القصيدة:39
تَـــرَحَّلـــتْ عَــنْ زَمَــنِــي عَــائِداً
خِــلاَلَ القُــرُونِ إِلىَ مَــا وَرَاءْ
وَمَــا طِــيَّتــِي غَــيْــرَ أَنِّيـ وَقَـفْ
تُ بـآثَـارِ فَـنٍّ عَـدَاهَـا الفَـنَاءْ
هَـــيَـــاكِـــلُ شَـــيَّدَهَـــا لِلخُـــلُو
دِ نُــبُــوغُ جَــبَــابِــرَةٍ أَقْـوِيَـاءْ
فَــجِــسْــمِــيَ فِــي دَهْــرِهِ مَــاكِــثٌ
وَقَــلْبِــيَ فِــي أَوَّلِ الدَّهْـرِ نَـاءْ
أَجَــلْتُ بِــتِـلْكَ الرُّسُـومِ لِحَـاظـاً
يُـغَـالِبُ فِـيـهَا السُّرُورَ البُكَاءْ
فَـمَـا ارْتَهَـنَ الطَّرفَ إِلاَّ مِـثَالٌ
عَـتِـيـقُ الجَـمَـالِ جَـدِيدُ الرُّوَاءْ
مِـــثَـــالٌ لإِيــزِيــسَ فِــي صَــلْدِهِ
تُـحَـسُّ الحَـيَـاةُ وَتَـجْـرِي الدِّمَاءْ
يَـــرُوعُـــكَ مِـــنْ عِـــطْــفِهِ لِيــنُهُ
وَيُـرْوِيـكَ مِـنْ رَوْنَـقِ الوَجْهِ مَاءْ
بِهِ فُــجِــرَ الحُــسْــنُ مِـنْ مَـنْـبِـعٍ
فَــيَـا عَـجَـبـاً لِلرِّمَـالِ الظِّمـَاءْ
فــتــون الدَّلاَلِ وَرَدْعُ الجَــلاَلِ
وَأَمْـرُ الحَـيَـاةِ وَنَهْـيُ الحَـيَـاءْ
فَـأَدْرَكْـتُ كَـيْـفَ اسْتَبَتْ عَابِدِيهَا
بِــسِـحْـرِ الجَـمَـالِ وَسِـرِّ الذَّكَـاءْ
وَبَــثِّ العُــيُــونِ شُــعَـاعَ النُّهـَى
يُــبِــيــحُ السَّرائِرَ مِـنْ كُـلِّ رَاءْ
لَقَــدْ غَــبَــرَتْ حِــقَــبٌ لاَ تُــعَــدُّ
يِــدُولُ النَّعـِيـمُ بِهَـا وَالشَّقـَاءْ
تَـزُولُ البِـلاَدُ وَتَـفْـنَى العِبَادُ
وَإِيـزِيـسُ تَـزْهُـو بِـغَـيْرِ ازْدِهَاءْ
إِذَا انْتَابَهَا الدَّهْرُ مَا زَادَهَا
وَقَــدْ حَــسَــرَ المَـوْجُ إِلاَّ جَـلاَءْ
لَبِـــثْـــتُ أُفَـــكِّرُ فِـــي شَــأْنِهَــا
مُـطِـيفاً بِهَا هَائِماً فِي العَرَاءْ
فَـــلَمَّاـــ بَــرَانِــيَ حَــرُّ الضُّحــَى
وَأَدْرَكَـنِـي فِـي الطَّوَافِ العَـيَاءْ
أَوَيْــتُ إلَى السَّمــْحِ مِــنْ ظِـلِّهَـا
وَفِـي ظِـلِّهَا الرَّوْحُ لِي وَالشِّفَاءْ
يَــجُــولُ بِـيَ الفِـكْـرُ كُـلَّ مَـجَـالٍ
إِذا أَقْـعَـدَ الجِسْمَ فَرْطُ العَنَاءْ
فَــمَـا أَنَـا إِلاَّ وَتِـلْكَ الإِلهَـةُ
ذَاتُ الجَـــلاَلَةِ وَالكِـــبْــرِيَــاءْ
قَــدِ اهْـتَـزَّ جَـانِـبُهَـا وَانْـتَـحَـتْ
تَــخَــطَّرُ بَـيْـنَ السَّنـَى وَالسَّنـَاءْ
وَتَــرمُــقُــنِــي بِـالعُـيُـونِ الَّتِـي
تَــفِــيــضُ مَـحَـاجِـرُهَـا بِـالضِّيـَاءْ
بِـتِـلْكَ العُـيُـونِ الَّتِـي لمْ تَـزَلْ
يُـــدَانُ لِعِـــزَّتــهَــا مِــنْ إِبْــاءْ
فَــمَـا فِـي المُـلُوكِ سِـوَى أَعْـبُـدٍ
وَمَـا فِـي المَـلِيـكَاتِ إِلاَّ إِمَاءْ
وَقَــالتْ بِـذاكَ الفَـمِ الكَـوْثَـرِيِّ
الَّذِي رَصَّعــَتْهُ نُــجُــومُ السَّمــَاءْ
أَيَـا نَـاشِـدَ الحُـسْـنِ فِـي كُلِّ فَنٍّ
رَصِـيـنِ المَـعَـانِي مَكِينِ البِنَاءْ
لَقَــدْ جِـئْتَ مِـنْ آهِـلاَتِ الدِّيَـارِ
تَــحُــجُّ الجَـمَـالَ بِهـذَا العَـرَاءْ
فَــلاَ يُــوحِــشَــنِّكــَ فَـقْـدُ أَنِـيـسٍ
سِـوَى الذِّكْـرِ يَعْمُرُ هذَا الخَلاَءْ
وَإِنَّ الرُّسُـــومَ لَحَـــالٌ تَـــحُـــولُ
وَلِلْحُـسْـنِ دُونَ الرُّسُـومِ البَـقَاءْ
لَهُ صُـــوَرٌ أَبَـــداً تَـــسْـــتَـــجِـــدُّ
وَجَـــوْهَـــرُهُ أَبَــداً فِــي صَــفــاءْ
بِـــكُـــلِّ زَمَـــانٍ وَكُـــلِّ مَـــكَـــانٍ
يُــنَـوَّعُ فِـي الشَّكـْلِ لِلأَتْـقِـيـاءْ
فَـلَيْـسَ القَـدِيـمُ وَلَيْـسَ الحَـدِيثُ
لَدَى قُــــدْرَةِ اللهِ إِلاَّ سَــــوَاءْ
رَفَــعْــتُ لَكَ الحُـجُـبَ المُـسْـدَلاَتِ
وَأَبْـرَحْـتُ عَـنْ نَـاظِـرَيْـكَ الخَفَاءْ
تَــيَــمَّمــْ بِــفِــكْــرِكَ أَرْضـاً لَنَـا
بِهَــا صِــلَةٌ مِـنْ قَـدِيـمِ الإِخَـاءْ
بِــلاَدَ الشَّآــمِ الَّتِــي لَمْ تَــزَلْ
بِــلاَدَ النَّوَابِــغِ وَالأَنْــبِـيـاءْ
فَــفِــي سَــفْــحِ لُبْــنَــانَ حُــورِيَّةٌ
تَــفَــنَّنــَ مُــبْــدِعُهَـا مَـا يَـشَـاءْ
إِذَا مَـا بَـدَتْ مِنْ خِبَاءِ العَفَافِ
كَــمَــا تَــتَـجَـلَّى صَـبَـاحـاً ذُكَـاءْ
تَـــبَـــيَّنــْتَهَــا وَهْــيَ لِي صُــوَرةٌ
أُعِيدَتْ إلىَ الخَلْقِ بَعْدَ العَفَاءْ
فَــتَــعْــرِفُهَــا وَبِهَــا حِــلْيَـتَـايَ
سِــحْــرُ الجَــمَــالِ وَسـرُّ الذَّكَـاءْ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: خليل مطران
شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.
ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.
ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين.
وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.
وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.