قصيدة تغاضيت عن رسم العظيم بغرفتي للشاعر أحمد الصافي النجفي

البيت العربي

تغاضيتُ عن رسم العظيم بغرفتي


عدد ابيات القصيدة:23


تغاضيتُ عن رسم العظيم بغرفتي
تـغـاضـيـتُ عن رسم العظيم بغرفتي
وأبــعــدتـه عـنـي فـكـنـت حـكـيـمـا
فـخـذ من عظيم القوم مسعاه قدوةً
ودع مـنـه شـخـصـاً يـسـتـحيل رميما
عـجـبـت مـن الانـسـان يـعـبد مثله
ويــتــرك ربــاً خــالقــاً ورحــيـمـا
فــهـل مـن نـبـي للإله يـعـيـدنـا
ويـتـرك تـمـثـال العـظـيـم حـطـيما
ومـا الرسـم مـعـبـوداً سـوى وثنية
حـديـثـاً بـهـا ضـل الورى وقـديـما
لقـد حـرّم التـصـويـر قـدماً لأننا
عـبـدنـا تـمـاثـيـلاً لنـا ورسـومـا
وأبـصـر فـي آيـاتـه ان سـمـعـتـهـا
نـجـومـاً لشـيـطـان النـفـوس رجوما
مــتــى أتــلُ مــن قــرآنـه أيّ آيـةٍ
رأيــت شــمــوسـاً أشـرقـت ونـجـومـا
فـلو يـعـبـد الانـسـان كنت عبدته
ومـا كـنـت فـي هذا الضلال ملوما
فذاك العظيم الفذّ في الكون كله
وان كـان كـالدرّ اليـتـيـم يـتيما
أرى فـي جـمـيـع الكـون صـورة ربه
فــأبــصــرُ فــيـهـا جـنـةً ونـعـيـمـا
وإنــي مــا ألهّــت حــتــى مــحـمـداً
وان شــعَّ نــوراً خــالداً وعــلومــا
إلهــي أنّــي ســرت فــهـو مـرافـقـي
مُــكــوّن نــفــســي رازقـاً وكـريـمـا
إلهـي مـقـيـم فـي فـنـائي وغـرفتي
أأرضــى شــريــكــاً للإله قـسـيـمـا
كـثـيرون تفنى في العظيم نفوسهم
وتــعـشـق فـيـه كـالفـراش جـحـيـمـا
وإنــي تـعـودت الصـراع فـهـل تـرى
أصـارع رسـمـاً فـي الجـدار مـقيما
يــصــارعـنـي مـسـتـخـدمـاً نـظـراتـه
فـأغـضـي وإن كـنـت القـويَّ حـليـما
صـغـار وإن كـانـوا كـبـاراً بسنّهم
فـكـم مـن كـبـيـر لا يزال فطيما
تـركـت له غـيـري صـغـاراً يـنـيمها
فــتــهــوى لديــه خُــشّـعـاً ووجـومـا
يـحـاول تـصـغـيـري بـكـبـر يـبـيـنه
وتــنــويـم نـفـس أُوجـدت لتـنـيـمـا
يـكـلفـنـي تـعـظـيـمـه حـين لا أرى
سـوى النـفس والله العظيم عظيما
يــفـتـش غـيـري عـن إلهٍ مـن الورى
ويــعــبـد أشـبـاحـاً لهـم وجـسـومـا
فـيُـمـحـى سواها ثم أُمحي أنا بها
ويــصــبــح كـلٌّ مـا عـداه عـديـمـا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

هو أحمد بن علي الصافي الحسيني العلوي يعود نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم.
ولد أحمد الصافي النجفي في مدينة النجف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية يتصل نسبها بـ الإمام موسى الكاظم تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا.
ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت.
- من أهم دواوينه ديوان هواجس
قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرباعيات.
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها:
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ 
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
             وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة أيام لبارئها وهو في                  "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة
تصنيفات قصيدة تغاضيتُ عن رسم العظيم بغرفتي