البيت العربي
تِلْكَ الدُّجُنَّةُ آذَنَتْ بِجَلاَءِ
عدد ابيات القصيدة:128
تِـــلْكَ الدُّجُـــنَّةـــُ آذَنَـــتْ بِـــجَـــلاَءِ
وَبَـــدَا الصَّبـــَاحُ فَــحَــيِّ وَجْهَ ذُكَــاءِ
أَلعَــدْلُ يَــجْــلُوهَــا مُــقِــلاًّ عَـرشَهَـا
وَالظُّلــمُ يَــعْــثُــرُ عَـثْـرَةَ الظَّلـْمَـاءِ
يَــا أَيُّهــَا اليَـومُ العَـظِـيـمُ تَـحِـيَّةً
فُــكَّ الأَسَــارَى بَــعْــدَ طُــولِ عَــنــاءِ
أَوْشَــكْـتُ فـيـكَ وَقَـدْ نَـسَـيـتُ شَـكِـيَّتـِي
أَنْ أُوسِـــعَ الأَيَّاـــمَ طِــيــبَ ثَــنَــاءِ
حَـسْـبَـي اعـتِذَارُكَ عَن مَسَاءَةِ مَا مَضَى
بِـــــمَـــــبَــــرَّةٍ مَــــوْفُــــورَةِ الآلاَءِ
أَلشَّمــْسُ يَــزدَادُ ائتِــلاقــاً نُـورُهَـا
بَــعــدَ اعْــتَـكـارِ اللَّيْـلَةِ اللَّيْـلاَءِ
ويُــضَــاعِــفُ السَّرَّاءَ فِــي إِقْــبَـالِهَـا
تَــــذْكَــــارُ مَــــا وَلَّى مِــــنَ الضَّرَّاءِ
لاَ كَـانَـتِ الحِـجَـجُ الَّتِـي كَـابَـدْتُهَـا
مِــنْ بَــدْءِ تِــلكَ الغــارةِ الشّـعـوَاءِ
ألحــزنُ حـيـثُ أبـيـتُ مـلءُ جـوانـحـي
والنــارُ مِــلءُ جَــوَانِــبِ الغَــبْــرَاءِ
دَامِـي الْحُـشَـاشَـةِ لَمْ أَخَـلْنِـي صَابِراً
بَــعْــدَ الفِــرَاقِ فَــظَــافِــراً بِـلِقَـاءِ
مُــنْهَــدُّ أَرْكَــانِ العَـزِيـمَـةِ لَمْ أَكـدْ
يَــأْســاً أُمَــنِّيــ مُهْــجَــتِــي بِــشِـفـاءِ
حــجَــج بَـلَوْتُ المَـوْتَ حِـيـنَ بَـلَوْتُهَـا
مُــتَــعَــرِّضــاً لِي فِــي صُــنُــوفِ شَـقَـاءِ
لَكِـــنَّهـــَا وَالْحَــمْــدُ لِلهِ انــقْــضَــتْ
وَتَـــكَـــشَّفـــَتْ كَـــتــكــشــفِ الغَــمَّاــءِ
وَغَـــدَا الْخَـــلِيــلُ مُهَــنِّئــاً وَمُهَــنَّأً
بَــعْــدَ الأَسَــى وتَــعَــذُّرِ التَّأــْسَــاءِ
جَــذْلاَنَ كَــالطِّفـْلِ السَّعـِيـد بِـعِـيـدِهِ
مُــسْــتَـرْسِـلاً فِـي اللَّفْـظِ وَالإِيـمَـاءِ
يَـــقْـــضِـــي وَذلِكَ نَـــذْرُهُ فِــي يَــوْمِهِ
حَـــاجَـــاتِ سَـــائِلِهِ بِـــلاَ إِبْـــطَـــاءِ
مَـــا كَـــانَ أَجْــوَدَهُ عَــلَى بُــشَــرَائِهِ
بِـــــثَـــــرَائِهِ لَوْ كَــــانَ رَبَّ ثَــــرَاءِ
عَـادَ الْحَـبِـيـبُ الْمُـفْـتَـدَى مِـنْ غُرْبَةٍ
أَعْـــلَتْ مَـــكَـــانَـــتَهُ عَــنِ الْجَــوْزَاءِ
إِنَّ الأَدِيــبَ وَقَــدْ سَــمَــا بِــبَــلاَئِهِ
غـــيْـــرُ الأَدِيـــبِ وَلَيْـــسَ رَبَّ بَــلاَءِ
فِــي بَــرْشَــلُونَــةَ نَــازِحٌ عَــنْ قَــوْمِهِ
وَدِيَــــارِهِ وَالأَهْــــلِ وَالقُــــرْبَــــاءِ
نَـاءٍ وَلَوْ أَغْـنَـتْ مِـنَ المُـقَـلِ النُّهى
مَــا كَــانَ عَــنْهُــمْ لَحْـظَـةً بِـالنَّاـئِي
بـالأَمْـسِ فِـيـهِ العَـيـنُ تَحسُدُ قَلْبَهَا
وَاليَــومَ يَــلتَــقِــيَــانِ فِـي نَـعْـمَـاءِ
أَهــلاً بِـنَـابِـغَـةِ البِـلاَدِ وَمَـرْحَـبـاً
بِــالعَــبْــقَــرِيِّ الفَــاقِــدِ النُّظــَرَاءِ
شَـوقِـي أَمِـيـرِ بِـيـانِهَـا شَـوقِـي فَـتَى
فِــتــيـانِهَـا فِـي الوَقْـفَـةِ النَّكـْرَاءِ
شَــوقِــي وَهَــلْ بَـعْـدَ اسـمِهِ شَـرَفٌ إِذَا
شَــرُفَــتْ رِجَــالُ النُّبــْلِ بِــالأَسْـمَـاءِ
وَافَـى وَمَـنْ لِلفَـاتِـحـيـنَ بِـمِـثـلِ مَـا
لاَقَـــى مِـــنَ الإِعْــظَــام وَالإِعْــلاَءِ
مِـــصْـــرٌ تُـــحَـــيِّيـــهِ بِـــدَمــعٍ دَافِــقٍ
فَــــرَحــــاً وَأَحْــــدَاقٍ إِلَيْهِ ظِـــمَـــاءِ
مِـــصْـــرٌ تُـــحَـــيِّيـــهِ بِـــقَــلْبٍ وَاحِــدٍ
مُــــوفٍ هَــــواهُ بِهِ عَـــلَى الأَهْـــوَاءِ
جَـــذْلَى بـــعَــوْدِ ذَكِــيِّهــَا وَسَــرِيِّهــَا
جَـــذْلَى بِـــعَــوْدِ كَــمِــيِّهــَا الأَبَــاءِ
حَــامِـي حَـقِـيـقَـتَهَـا وَمُـعْـلِي صَـوتَهَـا
أَيَّاــــــمَ كَـــــانَ الصَّوتُ لِلأَعْـــــدَاءِ
أَلمُـنْـشِـيـءِ اللَّبِـقِ الحَـفِـيـلِ نَظيمُهُ
وَنَــــثِــــيــــرُهُ بِـــرَوَائِعِ الأَبْـــدَاءِ
أَلْبَــالِغِ الخَــطَــرَ الَّذِي لَمْ يَــعْــلُهُ
خَـــطَـــرٌ بِـــلاَ زَهْـــوٍ وَلاَ خُـــيَـــلاَءِ
أَلصَّاــدِقِ السَّمـْحِ السَّريـرَةِ حَـيْـثُ لاَ
تَــعْــدُو الرِّيَـاءَ مَـظَـاهِـرُ السُّمـَحَـاءِ
أَلرَّاحِـمِ المِـسْـكِـيـنَ وَالْمَـلْهُوفَ وَالْ
مَــظْــلُومَ حِــيــنَ تَــعَــذُّرِ الرُّحَــمَــاءِ
عِــلْمــاً بِــأَنَّ الأَقْــوِيَــاءَ لِيَـوْمِهِـمْ
هُــمْ فِــي غَــدَاةِ غَــدٍ مِــن الضُّعـَفَـاءِ
أَلطَّيــِّبِ النَّفــَّسِ الكَــريــمِ بِــمَــالِهِ
فِــي ضِــنَّةــٍ مِــنْ أَنْــفُــسِ الكُــرَمَــاءِ
أَلكَــاظِـمِ الغَـيْـظَ الْغَـفُـورَ تَـفَـضُّلـاً
وَتَـــــطَـــــوُّلاً لِجِهَــــالَةِ الْجُهَــــلاَءِ
جِــــدِّ الْوَفِــــيِّ لِصَــــحْـــبِهِ وَلأَهْـــلِهِ
وَلِقَـــــوْمِهِ إِنْ عَـــــزَّ جِـــــدُّ وَفَـــــاءِ
أَلمــفْـتَـدِي الْوَطَـنَ الْعـزِيـزَ بِـرُوحِهِ
هَــلْ يَــرْتَــقِــي وَطَــنٌ بِــغَــيْـرِ فِـدَاءِ
مُــتَــصَــدِّيــاً لِلْقُـدْوَةِ المُـثْـلَىَ وَمَـا
زَالَ السَّرَاةُ مَـــنَـــائِرَ الدَّهْـــنَـــاءِ
هَـــذِي ضُـــرُوبٌ مِــنْ فَــضَــائِلِهِ الَّتِــي
رَفَـــعَـــتْهُ فَــوْقَ مَــنَــازِلِ الأُمَــرَاءِ
جَــمَــعَــتْ حَـوَالَيْهِ القُـلُوبَ وَأَطْـلَقَـتْ
بَــعْــدَ اعْــتِــقَــالٍ أَلْسُـنَ الْفُـصَـحَـاءِ
مَــا كَــانَ لِلإِطْــراءِ ذِكْـرَى بَـعْـضَهَـا
وَهْــيَ الَّتِــي تَــسْــمُــو عَـنِ الإِطْـرَاءِ
قُـلتُ اليَـسِـيـرَ مِنَ الكَثِيرِ وَلَمْ أَزِدْ
شَـيْـئاً وَكَـمْ فِـي النَّفـْسِ مِـنْ أَشْـيَـاءِ
أَرْعَــى اتِّضــَاعَ أَخِــي فَـأُوجِـزُ وَالَّذِي
يُـــرْضِـــي تَــوَاضُــعَهُ يَــسُــوءُ إِخــائِي
إِنَّ البِـــلاَدَ أَبـــا عَـــلِيٍّ كَـــابَــدَتْ
وَجْـــداً عَـــلَيْــكَ حَــرَارَةَ البُــرَحَــاءِ
وَزَكَــا إِلَى مَــحــبُـوبِهَـا تَـحْـنَـانُهَـا
بِــــتَـــبَـــغُّضـــِ الأَحْـــدَاثِ وَالأَرْزَاءِ
لاَ بِــدْعَ فِــي إِبْــدَائِهَــا لَكَ حُـبَّهـَا
بِــنِهَــايَــةِ الإِبَــدَاعِ فِـي الإِبْـدَاءِ
فَـالْمُـنْـجِـبَـاتُ مِـنَ الدِّيَـارِ بِـطَبْعِهَا
أحَــنَــى عَــلَى أَبْـنَـائِهَـا العُـظَـمَـاءِ
أَلقُــطْــرُ مُهْــتَــزُّ الجَــوانِـبِ غِـبْـطَـةً
فِــيــمَــا دَنَــا وَنَــأَى مِـنَ الأَرْجَـاءِ
رَوِيَ العِـطَـاشُ إِلى اللِّقَاءِ وَأَصبَحُوا
بَــعْــدَ الجَــوَى فِــي بَهْــجَــةٍ وَصَـفَـاءِ
وَبِــجَــانِــبِ الفُــسْــطَــاطِ حَــيٌّ مُـوْحِـشٌ
هُــوَ مَــوْطِـنُ المَـوْتَـى مِـنَ الأَحْـيَـاءِ
فِــيــهِ فُــؤادٌ لَم يَــقَـرَّ عَـلَى الرَّدَى
لأَبَــــرِّ أُمٍّ عُــــوجِــــلَتْ بِــــقَـــضَـــاءِ
لاَحَ الرَّجَـاءُ لَهَـا بِأَنْ تَلْقَى ابنَهَا
وَقَــضَــتْ فَــجَــاءَ اليَـأْسُ حِـيـنَ رَجَـاءِ
أَوْدَى بِهَــا فَــرْطُ السَّعـَادَةِ عِـنْـدَمَـا
شَــامَــتْ لِطَــلْعَــتِهِ بَــشِــيــرَ ضِــيَــاءِ
لَكِــنَّمــَا عَــوْدُ الْحَــبِــيــبِ وَعِــيــدُهُ
رَدَّا إِلَيـــهَـــا الْحــسَّ مِــنْ إِغْــفَــاءِ
فَـــفُـــؤادُهُـــا يَـــقِـــظٌ لَهُ فَـــرَحٌ بِهِ
وَبِـــفَـــرْقَـــدَيْهِ مِـــنْ أَبَـــرِّ سَـــمَــاءِ
يَــرْعَـى خُـطَـى حُـفَـدَائِهَـا وَيُـعِـيـذُهُـمْ
فِـــي كُـــلِّ نُــقْــلَةِ خُــطْــوَةٍ بِــدُعَــاءِ
فِــي رَحْــمَــةِ الرِّحْـمَـنِ قَـرِّي وَاشْهَـدِي
تَــمْــجِــيــدَ أَحْـمَـدَ فَهْـوَ خَـيْـرُ عَـزَاءِ
وَلأُمِّهـــِ الكُـــبْـــرَى وَأُمِّكـــَ قَــبْــلَهُ
خَــــلِّي وَلِيـــدَكِ وَارْقـــدِي بِهَـــنَـــاءِ
مــصْــرُ بــشَــوْقِـي قَـدْ أُقِـرَّ مَـكَـانُهَـا
فِــي الذُّرْوَةِ الأَدَبِــيَّةــِ الْعَــصْـمَـاءِ
هُــوَ أَوْحَــدُ الشَّرقَـيْـنِ مِـنْ مُـتَـقَـارِبٍ
مُــتَــكَــلِّمٍ بِــالضَّاــدِ أَوْ مُــتَــنَــائِي
مَـــا زَالَ خَـــلاَّقـــاً لِكُـــلِّ خَــرِيــدَة
تُــصْــبِــي الْحَــلِيــمَ بِــرَوْعَـةٍ وَبَهَـاءِ
كَـــالبَـــحْـــرِ يُهْـــدِي كُــلَّ يَــوْمٍ دُرَّةَ
أَزْهَــى سَـنـىً مِـنْ أُخْـتِهَـا الْحَـسْـنَـاءِ
قُــلْ لِلْمُــشَــبِّهــِ إِنْ يُــشَـبِّهـْ أَحْـمَـداً
يَـــوْمـــاً بَــمَــعْــدُودٍ مِــنَ الأُدَبَــاءِ
مَــنْ جَـال مِـن أَهـلِ اليَـرَاعِ مَـجـالَهُ
فِــي كُــلِّ مِــضْــمــارٍ مِــنَ الإِنْــشَــاءِ
مَـنْ صَـالَ فِـي فَـلَكِ الخَـيَـالِ مَـصَـالَهُ
فَـــأَتَـــي بِـــكُـــلِّ سَـــبِـــيَّةــٍ عَــذْرَاءِ
أَصَــحِــبْــتَهُ وَالنــجْــمُ نُـصْـبَ عُـيُـونِهِ
وَالشَّأـــْوُ أَوْجَ القُـــبَّةـــِ الزَّرْقَـــاءِ
إِذا بَـاتَ يَـسْـتَـوحِـي فَـأَوْغَـلَ صَـاعِداً
حَـــتَّى أَلمَّ بِـــمَـــصْـــدَرِ الإِيـــحَـــاءِ
أَقَـــرَأْتَ فِـــي الطَّيـــَرَانِ آيَـــاتٍ لَهُ
يَـــجْـــدُرْنَ بِــالتَّرتِــيــلِ وَالإِقْــرَاءِ
فَــرَأَيـتَ أَبـدَعَ مَـا يُـرَى مِـنْ مَـنْـظَـرٍ
عَـــالٍ وَلَمْ تَـــرْكَـــبْ مَـــطِـــيَّ هَـــوَاءِ
وَشَهِــدتَ إِفــشــاءَ الطَّبــيـعَـةِ سِـرَّهَـا
لِلعَــقــلِ بَــعــدَ الضَّنــِّ بِــالإِفْـشَـاءِ
أَشَــفَــيْــتَ قَــلْبَـكَ مِـن مَـحَـاسِـنِ فَـنِّهِ
فِـــي شُـــكْــرِ مَــا لِلنِّيــلِ مِــنْ آلاَءِ
يَــا حُــسْــنَهُ شَـكـراً مِـنِ ابـنٍ مُـخِـلصٍ
لأَبٍ هُــــوَ المَــــفْــــدِيُّ بِـــالآبَـــاءِ
أَغْــلَى عَـلَى مَـاءِ الَّلآلِيـءِ صَـافـيـاً
مَــا فَــاضَ ثَــمَّةــَ مِـنْ مَـشُـوبِ المَـاءِ
أَتَهَـــادَتِ الأَهْـــرَامُ وَهْــيَ طَــرُوبَــةٌ
لِمَـــديـــحِهِ تَهْـــتَـــزُّ كَـــالأَفْـــيَــاءِ
فَــعَــذَرْتُ خَــفَّتــَهَــا لِشِــعْــرٍ زَادَهَــا
بِــجَــمَــالِهِ البَــاقِــي جَـمـالَ بَـقَـاءِ
أَنَـظَـرْتَ كَـيْـفَ حَبَا الْهَيَاكِلَ وَالدُّمَى
بِــحُــلىً تُــقَــلِّدُهَــا لِغَــيْــرِ فَــنَــاءِ
فـــكَـــأَنَّهــا بُــعِــثَــتْ بِهِ أَرْوَاحُهَــا
وَنَـــجَـــتْ بِـــقُـــوَّتِه مِـــنَ الإِقْـــوَاءِ
أَتَــمَــثَّلــَتْ لَكَ مِــصْــرُ فِـي تَـصْـوِيـرهِ
بِــضَــفَــافِهَــا وَجِـنَـانِهَـا الْفـيْـحَـاءِ
وَبَــدَا لِوَهْــمِــكَ مِــنْ حُـلِيِّ نَـبَـاتِهَـا
أَثَـــرٌ بِـــوَشْـــيِ بَـــيَــانِهِ مُــتَــرَائِي
أَسَــمِـعْـتَ شَـدْوَ الْبُـلْبُـلِ الصَّدَّاحِ فِـي
أَيْـــكَـــاتِهَــا وَمَــنَــاحَــةَ الَوَرْقَــاءِ
فَـعَـجِـبْـتَ أَنَّيـ صَـاغَ مِـنْ تِـلْكَ اللُّغَى
كَـــلِمَـــاتِ إِنْـــشَـــادٍ وَلَفْــظَ غِــنَــاءِ
للهِ يَـــا شَـــوْقِــي بَــدَائِعُــكَ الَّتِــي
لَوْ عُـــدِّدَتْ أَرْبَـــتْ عَــلَى الإِحْــصَــاءِ
مَــنْ قَــالَ قَــبْــلَكَ فِـي رِثَـاءٍ نِـقْـسُهُ
يَـجْـرِي دَمـاً مَـا قُـلْتَ فِـي الْحَـمْـرَاءِ
فِــي أَرضِ أَنْــدُلُسٍ وَفِــي تَــارِيــخِهَــا
وَغَــرِيــبِ مَــا تُـوحِـي إِلى الغُـرَبَـاءِ
جَـارَيْـتَ نَـفْـسَـكَ مُـبْـدِعـاً فِـيـهَا وَفِي
آثَـــارِ مِـــصْــرَ فَــظَــلْتَ أَوْصَــفَ رَائِي
وَبَــلَغْــتَ شَــأْوَ الْبُــحْــتُـرِيِّ فَـصَـاحَـةً
وَشَــــأَوْتَهُ مَــــعْــــنـــىً وَجَـــزْلَ أَدَاءِ
بَــلْ كُــنْــتَ أَبْـلَغَ إِذْ تَـعَـارِضُ وَصْـفَهُ
وَتَــفُــوقُ بِــالتَّمــْثِــيــلِ وَالإِحْـيَـاءِ
يَـا عِـبْـرَةَ الدُّنْـيَـا كَـفَانا مَا مَضَى
مِـــنْ شـــأْنِ أَنْـــدُلُسٍ مَـــدىً لِبُــكَــاءِ
مَـا كَـان ذَنْبُ الْعُربِ مَا فَعَلُوا بِهَا
حَـــتَّى جَـــلَوْا عَـــنْهَـــا أَمَــرَّ جَــلاَءِ
خَـرَجُـوا وَهُـمْ خُـرْسُ الْخُـطَـى أَكْبَادُهُمْ
حَـــرَّى عَـــلَى غَـــرْنَـــاطَــةَ الْغَــنَّاــءِ
أَلْفُــلْكُ وَهْـيَ الْعَـرْشُ أَمْـسِ لِمَـجْـدِهِـمْ
حَـــمَـــلَتْ جَــنَــازَتَهُ عَــلَى الدَّأْمَــاءِ
أَوْجَــزْتَ حِــيــنَ بَــلَغْـتَ ذِكْـرَى غِـبِّهـِمْ
إِيــــجَــــازَ لاَ عِــــيٍّ وَلاَ إِعْـــيَـــاءِ
بَــعْــضُ السُّكــُوتِ يَــفُـوقُ كُـلَّ بَـلاَغـةٍ
فِــي أَنْــفُــسِ الفَهِــمِــيـنَ وَالأُرَبَـاءِ
وَمِـنَ التَّنـَاهِـي فِـي الْفَصَاحَةِ تَرْكُهَا
وَالْوَقْــتُ وَقْــتُ الخُــطْـبَـةِ الْخَـرْسَـاءِ
قَــدْ سُــقْــتَهَـا لِلشَّرْقِ دَرْسـاً حَـافِـلاً
بِـــمَـــوَاعِـــظِ الأَمْـــوَاتِ لِلأحْــيَــاءِ
هَــلْ تُــصْــلِحُ الأَقْــوَامَ إِلاَّ مُــثْــلَةٌ
فَــدَحَــتْ كَــتِــلْكَ المُـثْـلَةِ الشَّنـْعَـاءِ
يَـا بُـلْبُلَ الْبَلَدِ الأَمِينِ وَمُؤنِسَ الْ
لَيْــلِ الْحَــزِيــنِ بِــمُــطْـرِبِ الأَصْـدَاءِ
غَـبـرَتْ وَقَـائِعُ لَمْ تَـكُـنْ مُـسْـتَـنْـشَـداً
فِـيـهَـا وَلاَ اسْـمُـكَ مَـالِيءَ الأَنْبَاءِ
لَكِـــنْ بِـــوَحْــيِــكَ فَــاهَ كُــلُّ مُــفَــوَّهٍ
وَبِـــرَأْيِـــكَ اسْــتَهْــدَى أُولُو الآرَاءِ
هِــيَ أُمَّةــٌ أَلْقَــيْــتَ فِــي تَـوحِـيـدَهَـا
أُسًّاــ فَــقَــامَ عَــلْيِه خَــيْــرُ بِــنَــاءِ
وَبَــذَرْتَ فِــي أَخــلاَقِهَــا وَخِــلاَلِهَــا
أَزْكَــى البُــذُورِ فَــآذَنَــتْ بِــنَــمَــاءِ
أَمَّاــ الرِّفَــاقُ فَـمَـا عَهِـدْتِ وَلاَؤُهُـمْ
بَــلْ زَادَهُــمْ مَــا سَــاءَ حُــســنَ وَلاَءِ
وشَـبَـابُ مِـصْـرَ يَـروَنَ مِـنْـكَ لَهُـمْ أَباً
ويَــرَوْنَ مِــنْــكَ بِــمَــنــزِلِ الأَبـنَـاءِ
مِـنْ قَـوْلِكَ الحُـرِّ الجَـرِيـءِ تَـعَـلَّمُـوا
نَــبَــرَاتِ تِــلْكَ العِــزَّةِ القَــعْــسَــاءِ
لا فَـضـلَ إِلاَّ فَـضـلُهُـم فِـيمَا انْتَهَي
أَمُــــر البِــــلاَدِ بَــــعْــــدَ عَـــنَـــاءِ
كانوا هُمُو الأشْيَاخَ وَالفِتْيَانَ وَال
قُــوَّادَ وَالأَجْــنَــادَ فِــي البَــأْســاءِ
لَمْ يَـثْـنِهِـم يَـومَ الذِّيَادِ عَنِ الحِمَى
ضَـــــنٌّ بِـــــأَمــــوَالٍ وَلاَ بِــــدِمَــــاءِ
أَبــطَـالُ تَـفْـدِيَـةٍ لَقُـوا جُهْـدَ الأَذَى
فِـي الحَـقِّ وَامْـتَـنَـعُـوا مِنَ الإِيذَاءِ
سَـلِمَـتْ مَـشـيِـئَتُهُـم وَمَـا فِـيـهـمْ سِوَى
مُــتَــقَــطِّعــِي الأَوصَــالِ وَالأَعــضَــاءِ
إِنَّ العَـــقِـــيـــدَةَ شِـــيــمَــةٌ عُــلْوِيَّةٌ
تَــصــفُــو عَــلَى الأَكْـدَارِ وَالأَقْـذَاءِ
تَـجْـنِـي مَـفَـاخِـرَ مِـن إِهَـانَاتِ العِدَى
وَتُـــصِـــيـــبُ إِعـــزازاً مِــنَ الإِزرَاءِ
بــكْــرٌ بِـأَوجِ الحُـسْـنِ أَغَـلى مَهْـرَهَـا
شَــــرَفٌ فَــــلَيْـــس غَـــلاَؤُهُ بِـــغَـــلاَءِ
أَيُــضَــنُّ عَــنْهَــا بِـالنَّفـِيـسِ وَدُونَهـا
يَهَــبُ الحُــمَــاةُ نُــفُــوسَهُـمْ بِـسَـخـاءِ
تِــلْكَ القَــوَافِــي الشَّاــرِدَاتُ وَهــذِهِ
آثَـــارُهَـــا فِـــي أَنـــفُـــسِ القُـــرَّاءِ
شَــوْقِــي إِخَـالُكَ لَمْ تَـقُـلْهَـا لاَهِـيـاً
بِــالنَّظــمِ أَوْ مُــتَــبَــاهِـيـاً بِـذَكَـاءِ
حُــبُّ الحِــمَـى أَمْـلَى عَـلَيْـكَ ضُـرُوبَهَـا
مــتَــأَنِّقــاً مَــا شَــاءَ فِـي الإِمـلاَءِ
أَعْــظِــمْ بِـآيـاتِ الهَـوَى إِذْ يَـرْتَـقِـي
مُـــتـــجَـــرِّداً كَـــالجَــوهَــرِ الوضَّاــءِ
فَــــيُــــطَهِّرُ الوِجْـــدَانَ مِـــنْ أَدْرَانِهِ
وَيَـــزِيـــنُهُ بِـــسَـــواطِـــعِ الأًضـــوَاءِ
وَيُــعِــيــدُ وَجْهَ الغَـيْـبِ غَـيْـرَ مُـحَـجَّبٍ
وَيَـــرَدُّ خَـــافِــيــةً بِــغَــيــرِ خَــفَــاءِ
أَرْسَــلْتَهــا كَـلِمـاً بَـعِـيـدَاتِ المَـدَى
تَــرْمِــي مَــرَامِــيَهَــا بِــلاَ إِخْــطَــاءِ
بـيْـنَـا بَـدَتْ وَهْيَ الرُّجُومُ إِذ اغْتَدَتْ
وَهْــــيَ النُّجــــُومُ خَــــوَالِدَ اللَّأْلاَءِ
مَــلأَتْ قُــلُوبَ الْهــائِبِــيـنَ شَـجَـاعَـةً
وَهَــدَتْ بَــصــائِرَ خَــابِـطِـي العَـشْـوَاءِ
مِــنْ ذلِكَ الرُّوحِ الكَــبِــيـرِ وَمَـا بِهِ
يَــزدَانُ نَــظْــمُــكَ مِــن سَـنـىً وَسَـنَـاءِ
أَعْـــدِدْ لِقَـــوْمِــكَ وَالزَّمَــانُ مُهَــادِنٌ
مَــا يَــرتَــقُــونَ بِهِ ذُرَى العَــليَــاءِ
أَلْيَــوْمَ يَــوْمُــكَ إِنَّ مِــصــرَ تَــقَـدَّمَـتْ
لِمَــــآلِهَــــا بِــــكَــــرَامَـــةٍ وَإبَـــاءِ
فَــصــغِ الحُــليَّ لَهَــا وَتَــوِّجْ رَأْسَهَــا
إِذْ تَـــسْـــتَـــقِـــلُّ بِــأَنْــجُــمٍ زَهْــرَاءِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: خليل مطران
شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.
ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.
ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين.
وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.
وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.