البيت العربي

جاء مضنى السبيل ينفث سما
عدد ابيات القصيدة:47

جـاء مـضـنـى السـبـيـل يـنفث سما
فـي الهـوا يـتـرك الصحيح عليلا
مــســرح الانـس عـنـده مـأتـم يـب
دو وصـوت الغـنـا يـعـيـه عـويـلا
وتـــحـــاكــي أنــفــاســه حــســرات
تــزهــق الروح مـنـه الا قـليـلا
عــرق المــوت كــلمـا سـار يـبـدو
فــي مــحــيــاه عـاقـدا إكـليـلا
وهـو امـا يـغـشـى اللذائذ يـغشا
هـا انـتـحـارا حـتـى يخال جذولا
أو يـــنـــال اللذات نــيــل وداع
كــشــهــاب يـشـع يـبـغـي الأفـولا
قـد جـفـاه الطـبـيـب يـاسـا فممن
يــتــرجّــى الى الشــفــاء وصــولا
يــتــرجّـى تـأجـيـل مـوت وقـلب ال
ســل قــاس لا يـقـبـل التـأجـيـلا
يـتـسـلى حـسـنـا عن الموت أن لو
تــخــلد الروح يـدرك المـجـهـولا
يـــأســـه صـــغـــر الوجــود لديــه
فــرأى أعــظــم الوجــود ضــئيــلا
يـبـصـر المـوت فـي المـسارح إما
عـلل النـفـس بـالهـنـا تـعـليلا
ولديــه حــقــائق الكــون قــد أض
حــت جـمـيـعـا تـذوب حـتـى تـزولا
فــأنــا للســقــام مــن غــيـر سـل
مــن رآنــي يــخــالنــي مــســلولا
خــاف جــســمــي مــن الدنـو اليـه
اذ رأى خـلفـه المـمـات المهولا
غــيــر أنــي رأيــت مــنـه فـراري
يـقـتـل الروح والضـمير النبيلا
مـوت جـسـمـي أحـق مـن مـوت روحـي
ولو أنــي لم ألق عـنـه بـديـلا
وإذا الروح إثــر جــســمــي زالت
وعـليـهـا أضـحـى البـقا مستحيلا
كــان خـيـر مـن أن أعـيـش بـجـسـم
دون روح أحـكـي الجـمـاد خـمـولا
فــلذاك ارتــضــيــتـه لي جـليـسـا
وخــليــلا ولم يـكـن لي خـليـلا
ثــم إنــي ســررت مــنــه لنــظـمـي
فـيـه شـعـرا يـفـيـض عـطفا جزيلا
وقــد اســتــأت مـن سـروري بـأنـي
فـي عـليـل نـظـمـت شـعـرا جـمـيلا
جــاء نـحـوي فـكـدت مـنـه لخـوفـي
آفـــة الســـل أن أفـــر عـــجــولا
ذاك أنـي اسـتـفـدت مـوضـوع شـعـر
مـسـتـغـلا ذاك العـليـل النحيلا
يــتــمـنـى لو يـفـقـد الحـس حـتـى
لو يباع الذهول يشري الذهولا
ذاكـرا مـيْـتَ صـحـبـه حـيـث مـنـهم
يـتـلقـى التـرحـيـب و التـجـليلا
يـعـرض الصـحـب عنه إن يدن منها
وتــريــه وجــهــا عـبـوسـا مـلولا
تـتـجـافـى الأنـام عـنـه كـأن لم
يـتـخـذ فـي الأنام يوما خليلا
فــهــو فــي داره يــعـيـش وحـيـدا
وهــو فــي قــومــه يـخـال دخـيـلا
تـزدريـه العـيـون مـن غـيـر جـرم
فــتــراه وهــو العــزيـز ذليـلا
يــذكــر اليـوم عـزة الأمـس لمـا
كـان يـلقـى مـن صـحـبه التبجيلا
مــات قــبــل المــمـات سـلاً بـصـد
كــاد يــرديــه للصـعـيـد قـتـيـلا
فــر للنــاس مــن رداه وفــر الن
نــاسُ مــنـه حـتـى غـدا مـذهـولا
هـو يـخـشـى الممات والناس تخشى
مــنــه حــتــى تــراه عـزرائيـلا
حـيـثـمـا سـار يـبصر الموت يمشي
دونـه قـاطـعـا عـليـه السـبـيلا
يـبـصـر البـرء فـي الخـيال ولكن
يـقـظـة النـفـس تـدحـض التـخييلا
صـار يـخـشـى المرآة من أن تريه
هــيــكـلا ذاويـاً ووجـهـا هـزيـلا
لو يـرى فـي المـرآة أنـكر وجهاً
شـفـقـا كـان فـاسـتـحـال أصـيـلا
غـالط النـفـس فـي الردى فأقامت
نــظــرات الورى عــليــه دليــلا
فــهــو مـيـت لم يـسـتـرح بـمـمـات
مـن حـيـاة أضـحـت عـذابـا وبـيلا
يـمـسـك الصـدر فـي السـعال وحقا
يــمـسـك الروح خـشـيـة أن تـزولا
قـطـع مـن حـيـاتـه تـسـلب الحمرة
مـــنـــه وتـــصـــبــغ المــنــديــلا
حـاول البـخـل بـالسـعـال ومن ذا
لم يـكـن بـالحـياة يوما بخيلا
يـبـطـئ الخـطـو فـي المسير ولكن
يــســرع الخـطـو للردى تـعـجـيـلا
عــائش فــي الأنــام لكـن كـضـيـف
مـزمـع فـي الغـداة عـنـهم رحيلا
يـتـناسى الاحياء في الكون حتى
يـتـنـاسـى أصـحـابـه و القـبـيـلا
فــيــرى روض خــده كــيــف أضــحــى
زهــره يـشـتـكـي إليـه الذبـولا
ليــت أنـي بـدلت عـن عـذب شـعـري
بــدواء أشــفــي بــه المــســلولا
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد الصافي النجفي
ولد أحمد الصافي النجفي في مدينة النجف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية يتصل نسبها بـ الإمام موسى الكاظم تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا.
ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت.
- من أهم دواوينه ديوان هواجس
قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرباعيات.
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها:
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة أيام لبارئها وهو في "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة