قصيدة حسبي كما حكم الغرام وحسبها للشاعر ابن سناء الملك

البيت العربي

حَسْبي كَما حَكَم الغرامُ وحَسْبُها


عدد ابيات القصيدة:65


حَسْبي كَما حَكَم الغرامُ وحَسْبُها
حَـسْـبـي كَـما حَكَم الغرامُ وحَسْبُها
أَنَّ الغَــرامَ يَـزُورُنـي ويَـغـيِـبُّهـا
هــل تِـلك عَـادتَـي الَّتـي عُـوِّدتُهـا
مِــمَّنــ أُحِــبُ وشــفَّ قَــلبــي حـبُّهـا
أَسْـرِي بـأَوْديـةِ الفَـلا فـتَـخُـصُّنـِي
بِــسـرابِهـا ويَـخُـصُّ غـيـري شُـرْبُهـا
وأُحِــبُّ لَيــلى وهِــي لَيْـس تُـحـبُّنـي
وتــحِــبُّنــي لُبــنـى ولَسْـت أُحِـبُّهـا
بــأَبِــي مُــحــجَّبــةُ الوِصـالِ مَـليَّةٌ
بـالعُـجْـب أَصـبحَ حجْبها هو عُجْبُها
مـا أَنـصـفَـتْـكَ لأَنَّ قَـلْبَـكَ عـندها
أَبـداً ولكـنْ عـنـد غـيـرِك قَـلْبُهـا
بـدويـةُ الأَوْطـانِ لا حـضـريِّةـُ ال
أَعــطــانِ عَــطَّر ثـوبَهـا لَكَ حُـبُّهـا
والدَّلُّ مـنـهـا فِـعْـلُهـا لا قولُها
والحُـسْـنُ مِـنْهـا طبْعُها لا كَسْبها
شـعـثـاءُ مـا عَـرفَ التـكحلَ طرْفُها
يـومـاً ولا عـرفَ التَّخـضُّبـَ كَـعْبُها
فـسـوارهـا هـو نـوبُهـا وخِـبـاؤُها
هـو شِـعْـبـهـا ورقـيبها هو كَلْبها
والمِــســكُ يُــنْـسـبُ للِظِّبـاءِ وَهـذهِ
مــنـهـمْ ولكـنْ مِـسْـك هَـذِي تُـربُهـا
ما السّكر تَجْنِيه المُدامُ وكأْسُها
السُّكـْرُ تَـجـنـيـه الحـليبُ وقَعْبُها
وهـي التـي يـحـيـي حـيـاتـي حُبُّها
شَـغـفـاً ويَـشْـعَـبُ صَدْعَ قَلبي شِعْبها
عُــلِّقــتُ ظَــبْــيـتَه وعـيـشـي أَخـضَـرُ
فَـرَعَـتْهُ ظـنّـاً أَنَّ عَـيِـشـيَ عُـشْـبُهـا
عــهــدي بِـحُـلَّتِهـا تـحـلُّ سـمـاءَهـا
شـمـسُ الضُّحـى وتـنيرُ فِيها شُهبُها
والمـسـتـهـامُ يـرومُ مـن أَتْرابِها
عُــربـاً حَـمَـتْه بـالأَسِـنَّةـِ عـرْبُهـا
فـكـأَنـمـا هـو بـالوُقـوف عَـمودُها
وكــأَنَّمـا هُـو مِـنْ ضَـنَـاه ظُـنْـبُهـا
يـا عـاذلي فـي لوعـةٍ لا تَـنْـطَفِي
الوصـلُ يُـطـفِـيـهـا وَأَنْـتَ تَـشُـبُّهـا
وكــذاكَ تُــذكـي فـي فُـؤادي نـارَه
وأُوارُهـا هَـذي الدُّمـوعُ وسَـكْـبُهـا
وأَبَـى الغَـرامُ لَقد رثيتُ لِمُقلَتي
إِذْ صَـار شَـرق الدَّمْع عندي غربُها
ضـربَـتْـنـيَ الدُّنْيا فلم أَحْفِل بها
إِنَّ المـليـحَـة ليـس يُـوجـعُ ضربُها
عـمِـيَ الأَنـامُ بـها فأَصبحَ عندهم
حُــلواً مـرارَتُهـا وصِـدْقـاً كَـذْبُهـا
ونــعــم لكــم ذنــبٍ أَتَــتْه ســالفٍ
وجــنـتـه لكـن قـد تـكَـفَّرَ ذَنْـبُهـا
رجَــعَــتْ وأَقــبـل خِـصْـبُهـا فـكـأَنَّه
مـا جـدَّ بِـي حـتَّى بـرانـي جَـدْبُهـا
جـاءَت إِليَّ وقـد حَـمِـدْتُ مـجـيـئَهـا
مــسـحـوبـةً وبـكـف أَحْـمَـد سُـحْـبُهـا
وبــه تَــبــدَّى مِــن إِســاري غُـلُّهـا
وتَــذَلَّلت بــعـد التـعـزُّزِ غَـلْبـهـا
وبِه ارْعَوت بَعْد الجِماحِ فَصَارَ لِي
بَــرْداً حـرارَتُهـا وسَـلْمـاً حَـرْبُهـا
وبــه رأَتْ نـفـسـي تَـنَـفُّسـَ كَـرْبِهـا
ولقــد تـكَـرَّرَ لي وعـنـدي كَـرْبُهـا
حـمْـداً لأَحْـمـدَ كَـمْ له مِـن نِـعْـمةٍ
أَوْرَتْ أَشِــعَّتــُهــا وأَرْوَتْ سُــحْـبُهـا
الأَشْـرفُ القـاضـي الذي شَـرُفَتْ به
أَسْـلافُه وعـلا القـبَـائِلَ شَـعْـبُها
عـادتْ بـه أَيَّاـمُهـم لمَّاـ انْـقَـضَـتْ
فـكـأَنَّهـا لَم يُـقْـضَ مِـنْهـا نَـحْبُها
وهـم الَّذيـن شَـفَـوْا وَطُّبوا دَاءَها
مِـن بـعـد أَنْ قَـدْ كَانَ أَعْيا طِبُّها
وبـهـم خَـبـا بَـعْـد التَّوقُّد شـرُّهـا
وبِهـم صَـفَـا بَـعْـد التَّكـَدُّر شرْبُها
وأَتـت لدُورِهِـمُ المـلوكُ يـقـودُهـا
لهـمُ ومـنـهـم رُعْـبـهـا أَو رَغْـبها
دارَت بِـدُورِهـمُ المـلوكُ وكَـيْفَ لا
وهُـمُ وقـد دارت عـليـهـم قُـطْـبُهـا
ورأَوا بِـنُـجْـلِهـمُ طـلوعَ نُـجـومِهـم
مِـن بَـعْـد مَـا قَـدْ غَـيَّبَتْها تُربُها
سَـمـعـوا بِـعـدْنٍ عـنه ما قد سرَّهم
مـن سـيـرةٍ قُـرِئَت عـليـهـم كُـتْبُها
المُـــنْهِـــبُ الآلافَ عـــلمـــاً إِنَّه
لا يَـحْـرسُ العـليـاءَ إِلاَّ نَهْـبُهـا
والمـشـتـرِي حُـرَّ الثـنـاءِ بـأَنْـعُمٍ
رَكَــضَـتْ بِه جُـردُ الجِـيـاد وقَـبُّهـا
المــعْــتَــلِي فـوقَ السـمـاءِ بِهـمَّةٍ
لم تـرضَ إِلاَّ والكـواكـبُ صَـحْـبُهـا
ولكــمْ له مِــن عَــزْمــةٍ فـي أَزْمـةٍ
تُـرضَـى عـواقِـبُهـا ويُـحْـمَـد غـبُّهـا
تـاهَـت بـه الأَيَّاـمُ وازْدَانَـت بـه
وبِه ازْدَهـى شَـرْقُ البلاد وغَرْبُها
وبــه أُعــيــدَتْ لِلمــعـالي رُوحُهـا
وبــجــودِه رَحِــم الخــلائقَ ربُّهــا
وأَقـامَ شَـرعـاً للمـعـارفِ خـيـرُهـا
مِــنــه وفَـرْضـاً للمـكـارم نَـدْبُهـا
طَـلْقُ الخـلائق أَشوسٌ يَسْتصغِر الدَّ
نـيـا ويـصْـغُـر فـي يَـديـه خَـطْـبُها
زان الشَّبـيـبةَ بالتَّنسك وهو بال
عـليـاءِ عـاشُـقـهـا المـتَّيـمُ حبُّها
عـجِـزَت سـيـوفُ الهـنـدِ من أَقْلامِه
عـن قَـطْـعـهـا فـكـأَنَّمـا هي قِرْبُها
وكـذا العـقودُ حسدْن ما قد سطَّرت
يُـمـنـاه حـتَّى اصـفّـر مـنـها حَبُّها
أَمـقـرِّبَ النـعـمـاءِ مـنِّيـ بـعد ما
شـطَّ المـزارُ بـهـا وأَبـعـدَ قُرْبها
أَصـبـحـتُ لا شَـعثاً يُرى في حالتي
أَنَّيـــ وأَنْـــتَ تــرمُّهــا وتَــرُبُّهــا
طــيّــرتُ أَعــدائِي عــليــك وحُـسّـدي
بــريــاح جــودٍ لا يُــسَـدُّ مـهـبُّهـا
وإِذا مــدَحْــتُـكَ سـرَّنـي ويـسـوؤهـا
مــا ســرَّنــي فـكـأَنَّمـا هُـو سـبُّهـا
ولطــالَمــا ضــجَّتــ عــليَّ ذِئَابُهــا
وتـحـكَّكـَت بـيَ فـي زمـانِـي جُـرْبُها
والمدح فيك يغيظها وعلى القتا
دِ يـجـرُّهـا وعـلى الوجـوهِ يـكبُّها
مـا مـنـهـمُ مـن قـال فِيك مَدائِحي
لا لَفْـظُهـا لا وَزْنُهـا لا ضَـرْبها
أُثـنـي عـليـكَ ثَناءَ مَنْ لاَ يبتَغِي
إِلاَّ المـثـوبـةَ بِـالودَاد فَحَسْبُها
مـلأَت يَـداكَ يَـدي بِـعـشْـر سَـحـائِبٍ
قـد كَـانَ يُـغـرِقُ قَـطْـرُها بَلْ صَبُّها
لم يـبـقَ عِـنْـدي مـوضـعٌ لِنـوَالِهَـا
مَـلأَتْ شِـعـابـيَ وَهْـدُهَـا أَوْ هُضْبُها
ولقـد وَثِـقْـتُ بِـكُـلِّ مـا تَـرْضَـى به
نَـفْـسـي وزَالَ عَـن اللَّيالِي عَتْبُها
ولقـد مَـدَحْـتُ عُـلاكَ مِـنْ حُـبِّي لها
وهْـي الَّتـي ليـسـت يُـلام مُـحِـبُّهـا
ولقــد أَطَـلْتُ مَـدائِحـي وأَطَـبْـتُهـا
وأُجَـاجُ فِـكْـري جَـاء مِـنْهـا عَذْبُها
عُـذراً فـإنَّ صِـفَـاتِ مـجـدِك أَعْـجـزَت
فِـكْـري وقـد أَعْـيـا يـميني كَتْبُها
وتَهَــنَّ شــهــراً مُــؤذِنـاً بـسـعـادة
رُفِـعَـتْ إِليـكَ وعَـنْـك تُـرفَعُ حُجْبها
وبـهـا تَـنـالُ مـن الحـظوظِ أَجلَّها
ويَـفُـلُّ عـنـك مـن النـوائِب غَربُها
أَمّـا البَـرِيَّةُ فالقشورُ لهذه الدُّ
نــيــا وأَمَّاــ أَنْــتَ أَنــت فَـلُبُّهـا
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

هبة الله بن جعفر بن سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله السعدي أبو القاسم القاضي السعيد.
شاعر من النبلاء، مصري المولد والوفاة، كان وافر الفضل، رحب النادي جيد الشعر بديع الإنشاء، كتب في ديوان الإنشاء بمصر مدة، ولاه الملك الكامل ديوان الجيش سنة 606 هـ.وكان ينبز بالضفدع لجحوظ في عينيه
له (دار الطراز- ط) في عمل الموشحات، (وفصوص الفصل- خ) جمع فيه طائفة من إنشاء كتاب عصره ولاسيما القاضي الفاضل، و(روح الحيوان) اختصر به الحيوان للجاحظ و "كتاب مصايد الشوارد"، و(ديوان شعر- ط) بالهند، وفي دار الكتاب الظاهرية بدمشق الجزء الثاني من منظومة في (غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم) يُظن آنها له.
وترجم له الصفدي في الوافي قال:
قال ابن سعيد المَغرِبي": كان غالياً في التشيّع (ثم سمى كتبه ثم قال):
وقال ياقوت الحموي: حدثني الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم، قال: كان سناء الملك واسمه رَزين رجلاً يهودياً صيرفيّاً بمصر وكانت له ثروةٌ، فأسلم ثم مات، وخلّف ولدَه الرشيد جعفراً، وكان له مضارَباتٌ وقُروضٌ وتجاراتٌ اكتسب بها أموالاً جمّةً ولم يكن عنده من العلم ما يشتهِر إلا أنه ظفِر بمصر بجزء من كتاب الصِحاح الجَوهري، وهو نِصف الكتاب بخط الجوهري نفسِهِ فاشتراه بشيء يسير، وأقام عنده محروساً عدّة سنين إلى أن ورد إلى مصر رجلٌ أعجمي ومعه النصف الآخر من صحاح الجوهري، فعرضه على كتبيّ بمصر، فقال له: نصف هذا الكتاب الآخر عند الرشيد بن سناء الملك، فجاءه به وقال: هذا نصف الكتاب الذي عندك، فإما أن تُعطِيَني النصفَ الذي عندك وأنا أدفَعُ إليك وزنَه دراهم، فجعل الرشيد يضرب أخماساً لأسداس ويخاصم نفسَه في أحد الأمرين حتى حمل نفسه وأخرج دراهم ووزَن له ما أراد، وكان مقدارها خمسةَ عشر ديناراً، وبقيت النسخة عنده، ونشأ له السعيد ابنهُ هبةُ الله، فتردّد بمصر إلى الشيخ أبي المحاسن البَهنَسي النحوي، وهو والد الوزير البهنسي الذي وزر للأشرف بن العادل، وكان عنده قَبولٌ وذكاء وفطنة، وعاشر في مجلسه رجلاً مغربيّاً كان يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال، فوقّفه على أسرارها وباحثه فيها وكثّر حتى انقَدَح له في عملها ما زاد على المَغاربة حُسناً، وتعانى البلاغة والكتابة، ولم يكن خَطّه جيّداً، انتهى، قلتُ: وكان يُنبَز بالضفدع لجحوظٍ في عينيه، وفيه يقول ابن الساعاتي، وكتب ذلك على كتابه "مصايد الشوارد":
وفيه يقول أيضاً وقد سقط عن بغل له، كان عالياً جدّاً ويسمَّى الجَمَل:
وهذا دليل على أن ابنَ سناء الملك كان شيعيّاً، ...إلخ
ولم يذكر ابن خلكان أن جده كان يهوديا ولا أنه كان ينبز بالضفدع قال:
ابن سناء الملك القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد
سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد السعدي، الشاعر المشهور، المصري صاحب ديوان الشعر البديع والنظم الرائق، أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، ...إلخ.
وفي السلوك للمقريزي ترجمة نادرة لوالده الرشيد في وفيات سنة 592 ونصها:
وفي خامس ذي الحجة: مات القاضي الرشيد ابن سناء الملك. قال القاضي الفاضل فيه: "ونعم الصاحب الذي لا تخلفه الأيام، ولا يعرف له نظير من الأقوام: أمانة سمينة، وعقيدة ود متينة، ومحاسن ليست بواحدة، ومساع في نفع المعارف جاهدة. وكان حافظا لكتاب الله، مشتغلا بالعلوم الأدبية، كثير الصدقات، نفعه الله، والأعمال الصالحات، عرفه الله بركاتها".
ومن شعر ابن سناء الملك قصيدة في 68 بيتا يودع بها والده القاضي الرشيد في سفرة له إلى دمشق، وفيها قوله:
ومن مدائحه في الرشيد الموشح الذي مطلعه:
أَخْمَلَ ياقوتَ الشفقْ - دُرُّ الدراري
وفيه قوله:
ثم أورد العماد موشحا له في رثاء أمه أوله:
وكلا الموشحين ليسا في ديوانه المنشور في إصدارات الموسوعة السابقة
(1) قلت أنا بيان: انفرد ياقوت بهذه المعلومة الخطيرة وقد فندها الأستاذ محمد إبراهيم نصر في كتابه (ابن سناء الملك) انظر كلامه كاملا في صفحة القصيدة الدالية التي أولها:
تصنيفات قصيدة حَسْبي كَما حَكَم الغرامُ وحَسْبُها