البيت العربي

خَجِلَت مِن عَطائِكَ الأَنواءُ
عدد ابيات القصيدة:87

خَـــجِـــلَت مِــن عَــطــائِكَ الأَنــواءُ
وَتَـــجَـــلَّت بِـــنـــورِكَ الظَـــلمـــاءُ
وَاِســتَـجـابَـت لَكَ المَـمـالِكُ إِذعـا
نــاً وَفــيــهــا عَــلى سِـواكَ إِبـاءُ
أَصــبَـحَـت فـي يَـدَيـكَ وَاِتَّفـَقَـت طَـو
عــاً عَــلَيــكَ القُــلوبُ وَالأَهــواءُ
نَــسَـخَ العَـدلُ فـي إِيـالَتِـكَ الجَـو
رَ كَـمـا يَـنـسَـخُ الظَـلامَ الضِـيـاءُ
وَأَهَـنـتَ المـالَ العَـزيـزَ عَـلى غَي
رِكَ حَـتّـى اِسـتَـوى الثَرى وَالثَراءُ
وَرَمَــيــتَ الأَعــداءَ مِــنـكَ بِـخَـطـبٍ
فـــادِحٍ لا تُـــطـــيـــقُهُ الأَعــداءُ
وَكَــشَــفـتَ الغَـمّـاءَ عَـن مَـوطِـنٍ لَو
لاكَ فــيــهِ لَم تُــكــشَــفِ الغَـمّـاءُ
وَأَطـــاعَـــتــكَ أَرضُ مِــصــرٍ وَمِــصــرٌ
حــيــنَ تُــدعــى وَحــشِــيَّةـٌ عَـصـمـاءُ
وَاِسـتَـقـادَت بَـعدَ الشِماسِ وَقَد أَس
مَــعَهــا بِــالعِـراقِ مِـنـكَ النِـداءُ
وَاِغـتَـدَت خِـطَّةـُ الصَـعـيدِ تُذيبُ ال
صَــخــرَ أَنـفـاسُ أَهـلِهـا الصُـعَـداءُ
أَنـكَـحَـتـهـا بـيـضَ الصَـوارِمِ غارا
تُــكَ وَهــيَ العَــقــيــلَةُ العَــذراءُ
ذَخَــرَتــهـا لَكَ اللَيـالي وَكَـم حـا
مَـت عَـلَيـهـا مِـن قَـبـلِكَ الخُـلَفاءُ
مَــلَكَــتــهــا يَــداكَ وَاللَهُ يُـؤتـي
مُــلكَهُ مِــن عِــبــادِهِ مَــن يَــشــاءُ
وَقَــضــى اللَهُ فـي زَمـانِـكَ أَن يَـخ
رُجَ مِــنــهــا مُــلوكُهـا العُـظَـمـاءُ
أَسـلَمَـتـهـا ذُلّاً كَـمـا صَـنَـعَـت قَـب
لُ بِـــأَربـــابِ مُــلكِهــا صَــنــعــاءُ
غـادَرَتـهُـم فَـيـئاً يُـقـادُ إِلى بـا
بِـــكَ مِـــنـــهُـــم نَهــائِبٌ وَسِــبــاءُ
تَــصــطَــفـي وادِعـاً كَـرائِمَ مـا أَب
قَــتــهُ ذُخــراً مُـلوكُهـا القُـدَمـاءُ
يـا إِمـامـاً أَغـنَت عُلاهُ عَنِ الأَش
عـــارِ طَهَ وَالنَـــمــلُ وَالشُــعَــراءُ
مَـدَحَـتـهُ السَـبعُ المَثاني فَما تَب
لُغُ غـــايـــاتِ مَـــدحِهِ البُـــلَغــاءُ
أَنــتَ فَـليَـرغَـمِ العِـدى حُـجَّةـُ اللَ
هِ وَأَنــتَ المَــحَــجَّةــُ البَــيــضــاءُ
أَنـتَ حَـبلُ اللَهِ الَّذي فازَ مَن أَد
نَــــتــــهُ مِــــنــــهُ مَــــوَدَّةٌ وَوَلاءُ
وَأَبـــوكَ الَّذي بَـــدَعــوَتِهِ فــي ال
مَـحـلِ دَرَّت عَـلى البِـلادِ السَـمـاءُ
هُـوَ خَـيـرُ الأَنـامِ بَـعـدَ رَسولِ ال
لَهُ أَفــــتَـــت بِـــذَلِكَ الفُـــقَهـــاءُ
شَــرَفــاً شَــيَّدَت مَــبــانـيـهِ قِـدمـاً
أَوَّلوكَ المُـــلوكُ وَالأَنـــبِـــيـــاءُ
خَــيـرَةُ اللَهِ فـي الأَنـامِ وَأَعـلا
مُ الهُـــدى وَالأَئِمَّةـــُ العُــلَمــاءُ
لا يُـعَـدُّ الفَـخـارُ وَالشَـرَفُ البـا
ذِخُ إِلّا لِقَــــومِــــكُـــم وَالعَـــلاءُ
لَكُــمُ المَــحــتِـدُ المُـقَـدَّسُ وَالمَـج
دُ القُــدامــى وَالغُـرَّةُ القَـعـسـاءُ
وَمَــزايــا مَــآثِــرٍ كَــالحَــصـا يَـن
فَــدُ مِــن دونِ عَــدِّهــا الإِحــصــاءُ
أَنــتُــمُ عِــتــرَةُ النَــبِــيِّ وَأَنـتُـم
وارِثــــــوهُ وَآلُهُ الرُحَــــــمــــــاءُ
مـا اِعـتَـلَت هـاشِـمٌ وَلا شَـرُفَت مَك
كَـــةُ لَولاكُـــمُ وَلا البَـــطـــحــاءُ
أَنــتُــمُ القــائِمــونَ لِلَّهِ بِــالأَم
رِ وَأَنــتُــم فــي خَــلقِهِ الأُمَـنـاءُ
أَنتُمُ في الدُنيا هُداةٌ وَفي الأُخ
رى لِمَـــن ضَـــلَّ سَــعــيُهُ شُــفَــعــاءُ
أَنــتُــمُ خَــيــرُ مَــن أَقَــلَّتــهُ أَرضٌ
وَسَـــمـــاءٌ وَالنــاسُ بَــعــدُ سَــواءُ
رُبَّ يَــومٍ عَــلى العِــدى أَيـوَمٍ تَـت
لوهُ بِــــالشَــــرِّ لَيــــلَةٌ لَيــــلاءُ
حَــسَــمَــت فــيــهِ بِــالصَــوارِمِ آرا
ؤُكَ داءَ العَــــدُوِّ وَالبَـــغـــيُ داءُ
أَبـــرَأَت داءَ صَـــدرِهِ وَمَـــتـــى أَع
ضَــــلَ داءٌ فَـــالمَـــشـــرَفِـــيُّ دَواءُ
عـــاجَـــلَتــهُ بَهِــمَّةــٍ تَــسَــعُ الدُن
يـا وَجَـيـشٍ يَـضـيـقُ عَـنـهُ الفَـضـاءُ
هِــمَّةــٍ أَزعَــجَــت قُــلوبَ الأَعــادي
وَاِطــمَــأَنَّتــ بِــعَـدلِهـا الدَهـمـاءُ
كـانَ فَـتـحـاً لِلمُـسـتَضيءِ بِأَمرِ ال
لَهِ فــيــهِ دونَ الأَنــامِ اِبـتِـلاءُ
مَـــلِكٌ تَـــخــضَــعُ الوُجــوهُ إِذا أَش
رَقَ مِــــــن نـــــورِ وَجـــــهِهِ لَألاءُ
مُــســتَــقِــلٌّ عِـبـءَ الخِـلافَـةِ مِـنـهُ
هِـــمَّةـــٌ لا تَــؤودُهــا الأَعــبــاءُ
هــاشِــمِــيٌّ عَــلى مُــحَـيّـاهُ مِـن هَـد
يِ النَــبِــيِّ اِبــنِ عَــمِّهــِ ســيـمـاءُ
لَيــــسَ إِلّا لِلَّهِ أَو لِأَمـــيـــرِ ال
مُــؤمِــنــيــنَ العُـلُوُّ وَالكِـبـرِيـاءُ
وَلَقَـــد سَـــرَّ آنِـــفـــاً ظَــفَــرٌ جــا
ءَت عَـــلى رِقـــبَــةٍ بِهِ الأَنــبــاءُ
خَـــبَـــرٌ طَـــبَّقـــَت بَــشــائِرُهُ الأَر
ضَ فَـــمِـــنـــهُ السَـــرّاءُ وَالضَــرّاءُ
فَهــوَ فــي الرومِ وَالكَـنـائِسِ رُزءٌ
وَهـوَ فـي الشَـأمِ وَالعِـراقِ هَـنـاءٌ
وَتُــراهُ فــي سَــمــعِ قَــومٍ نَــعِـيّـاً
وَهــوَ فــي سَــمــعِ آخَــريــنَ غِـنـاءُ
وَقـعَـةٌ بِـالثُـغـورِ أَمـسى لِكَلبِ ال
رومِ فــيــهــا مِــنَ الزَئيـرِ عُـواءُ
غــادَرَتــهُ خَـوفـاً وَأَكـبَـرُ مـا يَـر
جـوهُ بَـعدَ المُلكِ العَقيمِ النَجاءُ
يَـومَ وافـى الخَـليـجَ حَرّانَ لا يَم
لِكُ نَــقــعَ الغَــليـلِ مِـنـهُ المـاءُ
وَرَمـاهُ عَـلى اللُقـانِ اِبـنُ مَـسـعو
دٍ بِـــنَـــحــسٍ غَــداةَ جَــدَّ اللِقــاءُ
رَقَّتـِ النَـصـرَ حـيـنَ أَوفَـت عَلى أَع
وادِهــا فــي بِــلادِكَ الخُــطَــبــاءُ
فَـــأَمَـــدَتـــهُ راحَـــتــاكَ بِــإِمــدا
دِ جُــيــوشٍ مِــضــمــارُهُــنَّ السَـمـاءُ
نــاضَـلَت عَـنـهُ بِـالدُعـاءِ وَيـا رُب
بَ أَكُـــــفٍّ سِـــــلاحُهُــــنَّ الدُعــــاءُ
لَم تَـعُـد عَـنـهُمُ الظُبا حينَ أَشلا
هــا عَــلَيــهِــم إِلّا وَهُــم أَشــلاءُ
شــارَفَـتـهُـم زُرقُ الأَسِـنَّةـِ هـيـمـاً
وَاِنــثَــنَــت وَهــيَ بِـالدِمـاءِ رَواءُ
كَـــفِـــلَت بــيــضُهُ لِأَرضٍ أَغــاضــوا
مـاءَهـا أَن تَـسـيـلَ فـيها الدِماءُ
أَجــدَبَـت عِـنـدَ وَطـئِهِـم فَـسَـقَـتـهُـم
دَيـــمَـــةٌ مِــن دِمــائِهِــم وَطــفــاءُ
كَـيـفَ تُـلوى كَـتـيـبَـةٌ لِبَـني العَب
بــاسِ آلِ النَــبِــيِّ فــيــهــا لِواءُ
أَقـسَـمَ النَـصـرُ لا يُـفـارِقُ جَـيـشاً
لَهُــــمُ فــــيــــهِ رايَــــةٌ سَــــوداءُ
وَيَــمــيــنــاً لِتَــمــلِكَــنَّ وَشــيـكـاً
مــا أَظَــلَّتــهُ تَــحـتَهـا الخَـضـراءُ
وَلَيــوفــي عَــلى أَقــاصــي خُـراسـا
نَ غَـــداً مِـــنـــكَ غـــارَةٌ شَــعــواءُ
بِــجِــيــوشٍ تَــصُــمُّ مَـسـمَـعَ أَهـلِ ال
صــيــنِ مِــنــهــا كَـتـيـبَـةٌ خَـرسـاءُ
رامِـيـاً في بِلادِها التُركَ بِالتُر
كِ فَــتَــغــزو آبــاءَهــا الأَبـنـاءُ
كَـم تُـذادُ الجِـيـادُ وَهـيَ إِلى جَـي
حـونَ مِـن بَـعـدِ نـيـلِ مِـصـرَ ظِـمـاءُ
إِن تَــنــاءى مَــزارُهــا فَـسَـيُـدنـي
هـــا إِلَيـــكَ الإِدلاجُ وَالإِســراءُ
لَسـتَ مِـمَّنـ يَـخـشـى عَـدُوّاً وَلا تَـن
أى عَـــلَيـــهِ مَـــســـافَـــةٌ عَـــدواءُ
كُــلَّ يَــومٍ أَنــضـاءُ رَكـبٍ عَـلى بـا
بِـــكَ مِـــنـــهُـــم رَكــائِبٌ أَنــضــاءُ
وَوُفــــودٌ عَــــلى وُفــــودٍ أَبــــادَت
عــيــسَهُــم فــي رَجــائِكَ البَـيـداءُ
رُسُـــلاً لِلمُـــلوكِ مــا مَــلَكَــت أَم
راً عَــلَيـهـا مِـن قَـبـلِكَ الأُمَـراءُ
تَـتَـنـافـى اللُغاتُ وَالدينُ وَالأَخ
لاقُ مِــنــهُــمُ وَالزِيُّ وَالأَســمــاءُ
أَلَّفَــتــهُـم مَـعَ التَـبـاعُـدِ نَـعـمـا
ؤُكَ حَــــتّــــى كَـــأَنَّهـــُم خُـــلَطـــاءُ
نَـزَلوا مِـن جَـنـابِكَ الرَحبِ في جَن
نَــةِ عَــدَنٍ تُــظِــلُّهــا النَــعــمــاءُ
نَـــزَعَ الغِـــلَّ مِــن صُــدورِهِــمُ عِــن
دَكَ جــودٌ لا يَــنــبَــغــى وَعَــطــاءُ
يَــتَــلاقــونَ بِــالتَــحِــيَّةــِ وَالإِك
رامِ لا بُـــغـــضَــةٌ وَلا شَــحــنــاءُ
لَهُــمُ فــي جِــوارِكَ الأَمـنُ وَالمَـع
روفُ عَــفــواً وَالبِــرُّ وَالإِحــفــاءُ
فَــإِذا فــارَقــوا بِــلادَكَ ظَــنّــوا
أَنَهُـــم فـــي بِـــلادِهِـــم غُــرَبــاءُ
سُـنَّةـٌ فـي السَـمـاحِ مـا سَـنَّهـا لِل
نــــاسِ إِلّا آبــــاؤُكَ الكُـــرَمـــاءُ
فَـاِبـقَ يـا صـاحِـبَ الزَمـانِ فَـأَيّـا
مُـكَ فـي مِـثـلِهـا يَـطـيـبُ البَـقـاءُ
آمِــراً يَــقــتَــضــي أَوامِــرَكَ الدَه
رُ وَيَــجــري بِـمـا تَـشـاءُ القَـضـاءُ
فــي نَــعــيــمٍ لا يَـعـتَـريـهِ زَوالٌ
وَسُــرورٍ لا يَــقــتَـضـيـهِ اِنـقِـضـاءُ
أَنـتَ أَعـلى مِـن أَن نُهَـنّـيـكَ قَدراً
لِلَّيـــالي إِذا سَـــلِمــتَ الهَــنــاءُ
وَاِسـتَـمِـعـهـا عَـذراءَ ما مُدِحَت قَب
لَكَ يَــومــاً بِــمِــثـلِهـا الخُـلَفـاءُ
حُـــرَّةٌ مَـــحـــضَـــةٌ وَمــازالَتِ الأَش
عـــارُ مِـــنـــهـــا لَقــائِطٌ وَإِمــاءُ
كَـالمُـدامِ الشَـمـولِ يَـحـدُثُ في عِط
فِ السَـخِـيِّ الكَـريـمِ مِنها اِنتِشاءُ
فِــقَــرٌ يَـجـتَـدي السَـمـاحَـةَ وَالإِق
دامُ مِـنـهـا البُـخّـالُ وَالجُـبَـنـاءُ
مِــدَحٌ فــيــكَ لي سَــيَــقــتَــصُّ آثــا
رِيَ فــيــهـا مِـن بَـعـدي الشُـعَـراءُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: سِبطِ اِبنِ التَعاويذي
شاعر العراق في عصره، من أهل بغداد مولداً ووفاةً، ولي فيها الكتابة في ديوان المقاطعات، وعمي سنة 579 هـ وهو سبط الزاهد أبي محمد ابن التعاويذي، كان أبوه مولى اسمه (نُشتكين) فسمي عبيد الله.