قصيدة خليلي مرا بي على أم جندب للشاعر امرؤ القَيس

البيت العربي

خَليلَيَّ مُرّا بي عَلى أُمِّ جُندَبِ


عدد ابيات القصيدة:55


خَليلَيَّ مُرّا بي عَلى أُمِّ جُندَبِ
خَــليــلَيَّ مُــرّا بــي عَــلى أُمِّ جُــنــدَبِ
نُــقَــضِّ لُبــانــاتِ الفُــؤادِ المُــعَــذَّبِ
فَــإِنَّكــُمــا إِن تُــنــظِــرانِــيَ ســاعَــةً
مِـنَ الدَهـرِ تَـنـفَـعـنـي لَدى أُمِّ جُـندَبِ
أَلَم تَــرَيــانــي كُــلَّمـا جِـئتُ طـارِقـاً
وَجَــدتُ بِهــا طــيــبــاً وَإِن لَم تُـطَـيَّبِ
عَــقــيــلَةُ أَتــرابٍ لَهــا لا ذَمــيـمَـةٌ
وَلا ذاتُ خَـــلقٍ إِن تَـــأَمَّلــتَ جَــأنَــبِ
أَلا لَيـتَ شِـعـري كَـيـفَ حـادِثُ وَصـلِهـا
وَكَــيــفَ تُــراعــي وَصــلَةَ المُــتَــغَــيِّبِ
قــامَــت عَـلى مـا بَـيـنَـنـا مِـن مَـوَدَّةٍ
أُمَــيــمَــةُ أَم صــارَت لِقَــولِ المُـخَـبِّبِ
فَـإِن تَـنـأَ عَـنـهـا حِـقـبَةً لا تُلاقِها
فَــإِنَّكــَ مِــمّــا أَحــدَثَــت بِــالمُــجَــرِّبِ
وَقـالَت مَـتـى يُـبـخَـل عَـلَيـكَ وَيُـعـتَلَل
يَــسُــؤكَ وَإِن يُــكــشَــف غَــرامُـكَ تَـدرُبِ
تَــبَـصَّر خَـليـلي هَـل تَـرى مِـن ظَـعـائِنٍ
سَـوالِكَ نَـقـبـاً بَـيـنَ حَـزمَـي شَـعَـبـعَـبِ
عَــلَونَ بِــأَنــطــاكِــيَّةــٍ فَــوقَ عَــقـمَـةٍ
كَــجِــرمَــةِ نَــخــلٍ أَو كَــجَــنَّةــِ يَـثـرِبِ
وَلِلَّهِ عَــيــنــا مَــن رَأى مِــن تَــفَــرُّقٍ
أَشَـــتَّ وَأَنـــأى مِــن فُــراقِ المُــحَــصَّبِ
فَــريـقـانِ مِـنـهُـم جـازِعٌ بَـطـنَ نَـخـلَةٍ
وَآخَــرُ مِــنــهُــم قــاطِـعٌ نَـجـدَ كَـبـكَـبِ
فَــعَـيـنـاكَ غَـربـا جَـدوَلٍ فـي مَـفـاضَـةٍ
كَــمَــرِّ الخَــليــجِ فــي صَــفـيـحٍ مُـصَـوَّبِ
وَإِنَّكــَ لَم يَــفــخَــر عَــلَيــكَ كَــفـاخِـرٍ
ضَــعــيــفٍ وَلَم يَــغــلِبــكَ مِـثـلُ مُـغَـلِّبِ
وَإِنَّكــَ لَم تَــقــطَــع لُبــانَــةَ عــاشِــقٍ
بِــــمِــــثــــلِ غُــــدُوٍّ أَو رَواحٍ مُــــؤَوَّبِ
بِــأَدمــاءَ حُــرجــوجٍ كَــأَنَّ قُــتــودَهــا
عَـلى أَبـلَقِ الكَـشـحَـيـنِ لَيـسَ بِـمُـغـرِبِ
يُــغَــرِّدُ بِــالأَســحــارِ فـي كُـلِّ سَـدفَـةٍ
تَــغَــرُّدَ مَــيّــاحِ النَــدامــى المُـطَـرَّبِ
أَقَــبَّ رَبــاعٍ مِــن حَــمــيــرِ عَــمــايَــةٍ
يَــمُــجُّ لِعــاعَ البَـقـلِ فـي كُـلِّ مَـشـرَبِ
بِــمَــحـنِـيَّةـٍ قَـد آزَرَ الضـالُ نَـبـتَهـا
مَـــجِـــرَّ جُـــيـــوشٍ غــانِــمــيــنَ وَخُــيَّبِ
وَقَـد أَغـتَـدي وَالطَـيـرُ فـي وُكُـنـاتِها
وَمـاءُ النَـدى يَـجـري عَـلى كُـلِّ مِـذنَـبِ
بِـــمُـــنــجَــرِدٍ قَــيــدِ الأَوابِــدِ لاحَهُ
طِـــرادُ الهَـــوادي كُــلَّ شَــأوٍ مُــغَــرِّبِ
عَـــلى الأَيـــنِ جَــيّــاشٌ كَــأَنَّ سُــراتَهُ
عَـلى الضَـمـرِ وَالتَـعـداءِ سَـرحَةُ مَرقَبِ
يُــبـاري الخَـنـوفَ المُـسـتَـقِـلَّ زِمـاعُهُ
تَــرى شَــخــصَهُ كَــأَنَّهــُ عــودُ مَــشــجَــبِ
لَهُ أَيــطَــلا ظَــبــيٍ وَســاقـا نَـعـامَـةٍ
وَصَهـــوَةُ عـــيــرٍ قــائِمٍ فَــوقَ مَــرقَــبِ
وَيَــخــطــو عَــلى صُــمٍّ صِــلابٍ كَــأَنَّهــا
حِـــجـــارَةُ غــيــلٍ وارِســاتٌ بِــطُــحــلُبِ
لَهُ كَـــفَـــلٌ كَـــالدِعـــصِ لَبَّدَهُ النَــدى
إِلى حــارِكٍ مِــثــلِ الغَـبـيـطِ المُـذَأَّبِ
وَعَــيــنٌ كَــمِــرآةِ الصَــنـاعِ تُـديـرُهـا
لِمِــحــجَــرِهــا مِـنَ النَـصـيـفِ المُـثَـقَّبِ
لَهُ أُذُنــانِ تَــعــرِفُ العِـتـقَ فـيـهِـمـا
كَــســامِــعَــتَــي مَــذعــورَةٍ وَسـطَ رَبـرَبِ
وَمُــســتَــفــلِكُ الذِفــرى كَــأَنَّ عِـنـانَهُ
وَمِـــثـــنــاتَهُ فــي رَأسِ جِــذعٍ مُــشَــذَّبِ
وَأَســـحَـــمُ رَيّـــانُ العَـــســيــبِ كَــأَنَّهُ
عَــثـاكـيـلُ قِـنـوٍ مِـن سَـمـيـحَـةَ مُـرطِـبِ
إِذا مـا جَـرى شَـأوَيـنِ وَاِبـتَـلَّ عِـطـفُهُ
تَــقــولُ هَــزيــرُ الريـحِ مَـرَّت بِـأَثـأَبِ
يُــديــرُ قُــطــاةً كَــالمُـحـالَةِ أَشـرَفَـت
إِلى سَــنَــدٍ مِــثــلُ الغَـبـيـطِ المُـذَأَّبِ
وَيَــخــضِــدُ فــي الآرِيِّ حَــتّــى كَـأَنَّمـا
بِهِ غِــرَّةٌ مِــن طــائِفٍ غَــيــرِ مُــعــقِــبِ
فَــيَــومــاً عَــلى سِــربٍ نَــقِــيِّ جُــلودُهُ
وَيَــومــاً عَــلى بَــيــدانَــةٍ أُمِّ تَــولَبِ
فَــبَــيــنـا نِـعـاجٌ يَـرتَـعـيـنَ خَـمـيـلَةً
كَـمَـشـيِ العَـذارى في المِلاءِ المُهَدَّبِ
فَــكــانَ تَــنــاديــنــا وَعَــقـدَ عِـذارِهِ
وَقــالَ صِــحــابـي قَـد شَـأَونَـكَ فَـاِطـلُبِ
فَـلَأيـاً بِـلَأيٍ مـا حَـمَـلنـا غُـلامَـنـا
عَــلى ظَهــرِ مَــحــبـوكِ السَـراةِ مُـجَـنَّبِ
وَوَلّى كَـــشُـــؤبــوبِ الغَــشِــيِّ بِــوابِــلٍ
وَيَــخــرُجــنَ مِــن جَــعــدٍ ثَــراهُ مُـنَـصَّبِ
فَــــلِلســــاقِ أُلهــــوبٌ وَلِلسَــــوطِ دُرَّةٌ
وَلِلزَجــرِ مِــنــهُ وَقــعُ أَهــوَجَ مُــتـعَـبِ
فَــأَدرَكَ لَم يَــجــهَـد وَلَم يَـثـنِ شَـأوَهُ
يَــمُــرُّ كَــخُــذروفِ الوَليــدِ المُــثَــقَّبِ
تَرى الفارَ في مُستَنقَعِ القاعِ لاحِباً
عَــلى جَــدَدِ الصَـحـراءِ مِـن شَـدِّ مُـلهَـبِ
خَــفــاهُــنَّ مِــن أَنــفــاقِهِــنَّ كَــأَنَّمــا
خَـــفـــاهُـــنَّ وَدقٌ مِـــن عَــشِــيٍّ مُــجَــلَّبِ
فَــعــادى عِــداءً بَــيــنَ ثَـورٍ وَنَـعـجَـةٍ
وَبَــيــنَ شَــبــوبٍ كَــالقَـضـيـمَـةِ قَـرهَـبِ
وَظَــلَّ لِثــيــرانِ الصَــريــمِ غَــمــاغِــمٌ
يُــداعِــسُهــا بِــالسَــمــهَــرِيِّ المُـعَـلَّبِ
فَــكــابٍ عَــلى حُــرِّ الجَــبــيــنِ وَمُــتَّقٍ
بِـــمَـــدرِيَّةـــٍ كَـــأَنَّهــا ذَلقُ مِــشــعَــبِ
وَقُـلنـا لِفِـتـيـانٍ كِـرامٍ أَلا اِنزِلوا
فَــعــالوا عَـلَيـنـا فَـضـلَ ثَـوبٍ مُـطَـنَّبِ
وَأَوتـــــادَهُ مـــــاذَيَّةــــٌ وَعِــــمــــادُهُ
رُدَيـــنِـــيَّةـــٌ بِهـــا أَسِــنَّةــُ قُــعــضُــبِ
وَأَطـــنـــابَهُ أَشــطــانُ خــوصٍ نَــجــائِبٍ
وَصَهـــوَتُهُ مِـــن أَتـــحَـــمِــيٍّ مُــشَــرعَــبِ
فَــلَمّــا دَخَــلنــاهُ أَضَــفـنـا ظُهـورَنـا
إِلى كُــــلِّ حــــارِيٍّ جَـــديـــدٍ مُـــشَـــطَّبِ
كَــأَنَّ عُــيــونَ الوَحــشِ حَـولَ خِـبـائِنـا
وَأَرجُــلِنــا الجَــزعَ الَّذي لَم يُــثَــقَّبِ
نَــمُــشُّ بِــأَعــرافِ الجِــيــادِ أَكُــفَّنــا
إِذا نَــحــنُ قُــمــنـا عَـن شِـواءٍ مُـضَهَّبِ
وَرُحــنــا كَــأَنّــا مِــن جُـؤاثـى عَـشِـيَّةٍ
نُـعـالي النِـعـاجَ بَـيـنَ عَـدلٍ وَمُـحـقَـبِ
وَراحَ كَــتَــيــسِ الرَبــلِ يَــنـفُـضُ رَأسَهُ
أَذاةٌ بِهِ مِــــن صــــائِكٍ مُــــتَــــحَــــلِّبِ
كَـــأَنَّ دِمـــاءَ الهــادِيــاتِ بِــنَــحــرِهِ
عُـــصـــارَةُ حَـــنّـــاءٍ بِــشَــيــبٍ مُــخَــضَّبِ
وَأَنــتَ إِذا اِســتَــدبَــرتَهُ سَــدَّ فَــرجَهُ
بِــضــافٍ فُــوَيــقَ الأَرضِ لَيـسَ بِـأَصـهَـبِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

امرؤ القيس بن حجر بن الحارث الكندي.
شاعر جاهلي، أشهر شعراء العرب على الإطلاق، يماني الأصل، مولده بنجد، كان أبوه ملك أسد وغطفان وأمه أخت المهلهل الشاعر.
قال الشعر وهو غلام، وجعل يشبب ويلهو ويعاشر صعاليك العرب، فبلغ ذلك أباه، فنهاه عن سيرته فلم ينته، فأبعده إلى حضرموت، موطن أبيه وعشيرته، وهو في نحو العشرين من عمره.
أقام زهاء خمس سنين، ثم جعل ينتقل مع أصحابه في أحياء العرب، يشرب ويطرب ويغزو ويلهو، إلى أن ثار بنو أسد على أبيه فقتلوه، فبلغه ذلك وهو جالس للشراب فقال:
رحم الله أبي! ضيعني صغيراً وحملني دمه كبيراً، لا صحو اليوم ولا سكر غداً، اليوم خمر وغداً أمر. ونهض من غده فلم يزل حتى ثأر لأبيه من بني أسد، وقال في ذلك شعراً كثيراً
كانت حكومة فارس ساخطة على بني آكل المرار (آباء امرؤ القيس) فأوعزت إلى المنذر ملك العراق بطلب امرئ القيس، فطلبه فابتعد وتفرق عنه أنصاره، فطاف قبائل العرب حتى انتهى إلى السموأل، فأجاره ومكث عنده مدة.
ثم قصد الحارث بن أبي شمر الغساني والي بادية الشام لكي يستعين بالروم على الفرس فسيره الحارث إلى قيصر الروم يوستينيانس في القسطنطينية فوعده وماطله ثم ولاه إمارة فلسطين، فرحل إليها، ولما كان بأنقرة ظهرت في جسمه قروح، فأقام فيها إلى أن مات.
تصنيفات قصيدة خَليلَيَّ مُرّا بي عَلى أُمِّ جُندَبِ