البيت العربي
داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي
عدد ابيات القصيدة:40
داءٌ ألَمَّ فَـــخِـــلْتُ فِــيــهِ شَــفَــائِي
مِــنْ صَـبْـوَتِـي فَـتَـضَـاعَـفَـتْ بُـرَحَـائِي
يَـا لَلضَّعـِيـفَـيْـنِ اسْـتَـبَـدَّا بِي وَمَا
فِـي الظُّلـْمِ مِـثْـلُ تَـحَـكُّمـِ الضُّعـَفَاءِ
قَــلْبٌ أَذَابَــتْهُ الصَّبــَابَـةُ وَالْجَـوَى
وَغِــــــلاَلَةٌ رَثَّتـــــْ مِـــــنِ الأَدْوَاءِ
وَالرُّوْحُ بــيْــنَهُــمَــا نَـسِـيـمُ تَـنَهُّدٍ
فِــي حَــالَيَ التَّصــْوِيـبِ وَ الصُّعـَدَاءِ
وَالعَـقْـلُ كَـالمِـصْـبَـاحِ يَـغْـشَى نُورَهُ
كَــدَرِي وَيُــضْــعِــفُهُ نُــضُــوبُ دِمَــائِي
هَــذَا الَّذِي أَبْـقَـيْـتِهِ يَـا مُـنْـيَـتِـي
مِــنْ أَضْــلُعِــي وَحَــشَـاشَـتِـي وَذَكَـائِي
عُـمْـرَيْـنِ فِـيـكِ أَضَـعْـتُ لَوْ أَنْـصَفْتِنِي
لَمْ يَــجْــدُرَا بِــتَــأَسُّفــِي وَبُــكَــائِي
عُـمْـرَ الْفَـتَـى الْفَـانِـي وَعُمْرَ مُخَلَّدٍ
بِــبــيَــانِهِ لَوْلاَكِ فــي الأَحْــيَــاءِ
فــغَــدَوْتَ لَمْ أَنْـعَـمْ كَـذِي جَهْـلٍ وَلَمْ
أغْــنَــمْ كَــذِي عَــقْــلٍ ضَـمَـانَ بَـقَـاءِ
يَـا كَـوْكَـبـاً مَـنْ يَهْـتَـدِي بِـضِـيـائِهِ
يَهْــــدِيــــهِ طَــــالِعُ ضِـــلَّةٍ وَرِيَـــاءِ
يـا مَـوْرِداً يَـسْـقِـي الوُرُودَ سَـرَابُهُ
ظَــمَــأً إِلى أَنْ يَهْــلِكُــوا بِــظَـمَـاءِ
يَــا زَهْـرَةً تُـحْـيِـي رَوَاعِـيَ حُـسْـنِهَـا
وَتُــمِــيــتُ نَــاشِــقَهَــا بِـلاَ إِرْعَـاءِ
هَــذا عِـتَـابُـكِ غَـيْـرَ أَنِّيـَ مُـخْـطِـيـءٌ
أَيُــرَامُ سَــعْــدٌ فِــي هَــوَى حَــسْـنَـاءِ
حَاشَاكِ بَلْ كُتِبَ الشَّقَاءُ عَلَى الْورَى
وَالْحُـــبُّ لَمْ يَـــبْــرَحْ أَحَــبَّ شَــقَــاءِ
نِـعْـمَ الضَّلـاَلَةُ حَـيْـثُ تُـؤْنِسُ مُقْلَتِي
أَنْــوَارُ تِــلْكَ الطَّلــْعَــةِ الزَّهْــرَاءِ
نِــعْـمَ الشَّفـَاءُ إِذَا رَوِيْـتُ بِـرشْـفَـةٍ
مَــكْــذُوبَــةٍ مِــنْ وَهْــمِ ذَاكَ المَــاء
نِـعْـمَ الْحَـيَـاةُ إذا قـضَـيْـتُ بِـنَشْقَةٍ
مِــنْ طِــيــبِ تِـلكَ الرَّوْضَـةِ الغَـنَّاـءِ
إِنِّيـ أَقَـمْـتُ عَـلى التَّعـِلَّةِ بِـالمُنَى
فِــي غُــرْبَــةٍ قَــالوا تَـكُـونُ دَوَائِي
إِنْ يَـشْـفِ هَـذَا الْجِـسْمَ طِيبُ هَوَائِهَا
أَيُـــلَطَّفـــ النِّيــرَانَ طِــيــبُ هَــوَاءِ
أَوْ يُـمْـسِـكِ الْحَـوْبَـاءَ حُـسْنُ مُقَامَهَا
هَــلْ مَـسْـكَـةٌ فِـي البُـعْـدِ للْحَـوْبَـاءِ
عَــبَــثٌ طَــوَافِـي فِـي الْبِـلاَدِ وَعِـلَّةٌ
فِــي عِــلَّةٍ مَــنْــفَــايَ لاِسْــتــشْـفَـاءِ
مُــتَــفَــرِّدٌ بِــصَــبَــابَــتِــي مُــتَـفَـرِّد
بِــكَــآبَــتِــي مُــتَــفَــرِّدٌ بَــعَــنَــائِي
شـاكٍ إِلى البَـحْـرِ اضْـطَرابَ خَوَاطِرِي
فَــيُــجِــيــبُـنِـي بِـرِيَـاحِهِ الهَـوْجَـاءِ
ثــاوٍ عَــلَى صَــخْــرٍ أَصَــمَّ وَلَيْــتَ لِي
قَـــلْبـــاً كَهَــذِي الصَّخــْرَةِ الصَّمــَّاءِ
يَــنْــتَـابُهَـا مَـوْجٌ كَـمَـوْجِ مَـكَـارِهِـي
وَيَــفُــتُّهــَا كَــالسُّقـْمِ فِـي أَعْـضَـائِي
وَالبَــحْــرُ خَــفَّاـقُ الْجَـوَانِـبِ ضَـائِقٌ
كَــمَــداً كــصَــدْرِي سَـاعَـةَ الإِمْـسَـاءِ
تَــغْــشَــى الْبَــريَّةـَ كُـدْرَةٌ وَكَـأَنَّهـَا
صَــعِــدَتْ إِلى عَــيْــنَـيَّ مِـنْ أَحْـشَـائي
وَالأُفْــقُ مُــعْــتَــكِــرٌ قَـرِيـحٌ جَـفْـنُهُ
يُــغْـضِـي عَـلَى الْغَـمَـرَاتِ وَالأَقْـذَاءِ
يــا لَلْغُــرُوبِ وَمَــا بِهِ مِــنْ عِـبْـرَةٍ
للِمْــــسْـــتَهَـــامِ وَعِـــبْـــرَةٍ لِلرَّائي
أَوَلَيْــسَ نَــزْعــاً لِلنَّهــَارِ وَصَــرْعَــةً
لِلشَّمـــْسِ بَـــيْــنَ مَــآتِــمِ الأَضْــوَاءِ
أَوَلَيْـسَ طَـمْـسـاً لِلْيَـقِـيـنِ وَمَـبْـعَـثاً
للِشَّكـــِّ بَـــيْــنَ غَــلاَئِلِ الظَّلــْمَــاءِ
أَوَلَيْــسَ مَــحْــواً لِلْوُجُـودِ إِلى مَـدىً
وَإبَــــادَةً لِمَـــعَـــالِمِ الأَشْـــيَـــاءِ
حَــتَّى يَـكُـونَ النُّورُ تَـجْـدِيـداً لَهَـا
وَيَــكــونَ شِــبْهَ الْبَـعْـثِ عَـوْدُ ذُكَـاءِ
وَلَقَـــدْ ذَكَـــرْتُــكِ وَالنَّهــَارُ مُــوَدِّعٌ
وَالْقَـــلْبُ بَـــيْــنَ مَهَــابَــةٍ وَرَجَــاءِ
وَخَــوَاطِــرِي تَـبْـدُو تُـجَـاهَ نَـوَاظِـرِي
كَــلْمَــى كَــدَامِــيَـةِ السَّحـَابِ إزَائِي
وَالدَّمْـعُ مِـنْ جَـفْـنِـي يَـسِيلُ مُشَعْشَعاً
بِـسَـنَـى الشُّعـَاعِ الْغَارِبِ المُتَرَائِي
وَالشَّمــْسُ فِـي شَـفَـقٍ يَـسِـيـلُ نُـضَـارُهُ
فَــوْقَ الْعَــقِــيــقِ عَـلى ذُرىً سَـوْدَاءِ
مَــرَّتْ خِــلاَلَ غَــمَــامَــتَـيْـنِ تَـحَـدُّراً
وَتَــقَــطَّرَتْ كَــالدَّمْــعَــةِ الحَــمْــرَاءِ
فَــكَــأَنَّ آخِــرَ دَمْــعَــةٍ لِلْكَــوْنِ قَــدْ
مُــزِجَــتْ بِــآخِــرِ أَدْمُــعِــي لِرِثَــائِي
وَكـــأَنَّنـــِي آنَــسْــتُ يَــوْمِــيَ زَائِلاً
فَـرَأَيْـتُ فِـي المِـرْآةِ كَـيْـفَ مَـسَـائي
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: خليل مطران
شاعر، غواص على المعاني، من كبار الكتاب، له اشتغال بالتاريخ والترجمة.
ولد في بعلبك (بلبنان) وتعلم بالمدرسة البطريركية ببيروت، وسكن مصر، فتولى تحرير جريدة الأهرام بضع سنين.
ثم أنشأ "المجلة المصرية" وبعدها جريدة الجوائب المصرية يومية ناصر بها مصطفى كامل باشا في حركته الوطنية واستمرّت أربع سنين.
وترجم عدة كتب ولقب بشاعر القطرين، وكان يشبّه بالأخطل، بين حافظ وشوقي.
وشبهه المنفلوطي بابن الرومي في تقديمه العتابة بالمعاني وبالألفاظ كان غزير العلم بالأدبين الفرنسي والعربي، رقيق الطبع، ودوداً، مسالماً له (ديوان شعر - ط) أربعة أجزاء توفي بالقاهرة.