قصيدة رب جرو رباه قدما غني للشاعر أحمد الصافي النجفي

البيت العربي

رب جرو ربّاه قدماً غنيٌ


عدد ابيات القصيدة:46


رب جرو ربّاه قدماً غنيٌ
رب جـــرو ربّـــاه قــدمــاً غــنــيٌ
فـقـضـى فـي حـمـاه عـهـد الشباب
يــسـأل المـشـتـريـن فـي نـظـرات
قـد حـوت للطـوى مـعـانـي كـتـاب
صـمـتـه فـي السـؤال أبـلغ نـطـق
فـــــائقٌ هـــــذرَ ســــائلٍ كــــذاب
واقــفــا دونــهـم يـرجـي نـوالا
ثـــم يـــعــدو بــجــيــئة وذهــاب
فــمــتــى يــنــهـروه عـاد بـيـأس
دون حـــب لنـــقـــمـــة وعـــقـــاب
ومــتــى يــطــعـمـوه عـاد بـشـكـر
مـلقـيـا فـي الوفاء أسمى خطاب
ولكـــم أم مـــطــعــمــاً لكــبــاب
يــتــغــذا بــشــم ريــح الكـبـاب
يــلحــس الأرض إذ يـشـم قـتـاراً
لشــواء فــيـهـا مـسـيـل اللعـاب
شــعــره طـال مـن هـزال فـأضـحـى
ســاتــراً للعــظــام والأعـصـاب
فــتــوجـهـت نـحـو أهـليـه أبـغـي
لهــم بــالعــتــاب طــعــن حــراب
ثـم مـا كـدت أدخـل الدار حـتـى
لاح فـيـهـا جـرو جـمـيل الإهاب
سـكـن البـيـت بـعـد ذيالك الكل
ب مـــهـــنّــاً بــأكــله والشــراب
رحـت أبـدي العتاب مرّاً لرب ال
بــيــت فــاعــجــب لهـذا الجـواب
أنـا أدرى بـلؤم أبـنـاء جـنـسي
فــأرى لؤمــهــم بـلا اسـتـغـراب
غـيـر أنـي فـكـرت فـي ذلك الكل
ب أيــلقـى عـذرا لذاك العـقـاب
لم يـجـد بـيـن جـنـسـه غـير عطف
يـــتـــجـــلى بـــهـــزة الأذنـــاب
ووفــاء مــا بــيــنــهــم تــجــلى
بـالتـآخـي بـعد العوا والسباب
صـار قـلبـي يـذوب حـزنـا عـليـه
ودمــوعــي تــجــول فــي أهـدابـي
أطـرق الرأس إذ أرى ذلك الكـل
ب وألوي مــنــه عــلى أعــقـابـي
خـجـلا مـن شـنـيـع أفـعـال جنسي
فــكــأنـي عـوقـبـت عـن أصـحـابـي
يـشـحـذ الخـبـز حـول بـائع خـبز
مــن يـد المـشـتـريـن دون طـلاب
جـــائلا فـــي أزقّـــة ضـــيــقــات
وعــــليــــه عــــلائم الأوصــــاب
فـمـضـى هـائما على الوجه يبكي
أهـــله والوفـــا بــقــلب مــذاب
فــإذا أهــل بــيــتــه أخــرجــوه
ليـجـازوا اقـتـرابـه بـاجـتـناب
راكـضـاً خـلفـه متى تركب الخيل
ومــا يــشــتــكـي مـن الأتـعـاب
يـتـبـع الصـيـد فـي مـجـاهل غابٍ
طــارد الوحــش هـازئاً بـالذئاب
قـانـعـاً بـالعـظـام عن أكل لحمٍ
راضــيــاً عــن فـراشـه بـالتـراب
وإذا عاد في الظلام وألفى ال
بــاب قـد سـد نـام عـنـد البـاب
قــانــعــاً أن يــشــم ريـح أنـاس
تـــخـــذوه لهـــم مـــن الحــجــاب
وإذا أم بــيــتَ أهــليــه ضــيــفٌ
راح فــيــه مــحــدّقـا بـارتـيـاب
يـمـعن الفكر فيه هل من أعادي
أهــله أم لهــم مــن الأحــبــاب
ولقـد يـطـردونـه مـن حـمى الغر
فــة حـيـنـا ظـلمـا بـلا أسـبـاب
فـتـراه يـطـيـل فـي خـارج البـا
ب وقـــوفـــا بــهــيــئة البــواب
وأرى الكـلب كـان يـبـصـر عـذرا
لفـراري لو كـان يـعـلم مـا بـي
مــنـصـتـا للحـديـث لم يـع مـنـه
غــيــر رنـاتـه اللطـاف العـذاب
ثـم أضـحـى يـبـص بـالذيـل عـطفا
يـطـلب الأذن مـنـهـمُ بـاقـتـراب
ويـديـم الألعـاب قـفـزا ورقـصاً
ليــســلي الصــغــار بــالألعــاب
ولقـــد يـــضــربــونــه دون ذنــب
وهـــو للعـــض مـــالك حـــد نــاب
فـهـو لو شـاء عـضّهـم ثـم أبـقـى
لانـتـقامٍ ذكرى دمٍ في الثياب
غـيـر أن الوفـاء مـا زال طبعا
فـيـه يـدعـوه لاحـتـمال العذاب
هـم يـسـومـونه العذاب امتهانا
وهــو يــعــوي لهـم عـواء عـتـاب
يحرس البيت أن يغيبوا وإن عا
دوا تـلقـى الجـمـيـع بـالترحاب
مــر فــي بــيـتـهـم عـليـه زمـان
خــاله حــقــبــة مــن الأحــقــاب
ثــم ألفــيــتــه يـنـوء بـأقـذار
هـــزيـــلاً مـــعـــرضـــاً للذبـــاب
وإذا صـيـح بـاسـمـه هـاج بـشـرا
ولوى رأســـه عـــلى الأعـــتـــاب
صــرت آبــى مـن نـسـبـتـي لأنـاس
فـضـحـونـا حـتـى أمـام الكـلاب
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

هو أحمد بن علي الصافي الحسيني العلوي يعود نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم.
ولد أحمد الصافي النجفي في مدينة النجف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية يتصل نسبها بـ الإمام موسى الكاظم تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا.
ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت.
- من أهم دواوينه ديوان هواجس
قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرباعيات.
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها:
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ 
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
             وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة أيام لبارئها وهو في                  "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة