قصيدة رجعت لسالف أياميه للشاعر أحمد الصافي النجفي

البيت العربي

رجعت لسالف أياميه


عدد ابيات القصيدة:36


رجعت لسالف أياميه
رجـــعـــت لســـالف أيـــامـــيـــه
وعــدت إلى صــبــوتــي ثــانـيـه
فـهـل أنـا مـسـتـغـرق فـي سبات
وهــل مــا أشــاهـد أحـلامـيـه
وهـيـهـات بـل كـنـت مـسـتـغـرقا
بــنــوم مـن العـمـر وافـانـيـه
وهـا قـد صـحـوت وهـا قـد أفقت
بــمــرأى الطــفــولة قــدامـيـه
هـلمـوا لنـلعـبْ مـعـا يا رفاق
فــهــذي ثـمـار الصـبـا دانـيـه
هـلمـوا هـلمـوا أمـا تـسـمـعون
أمـــــا لكـــــم أذن واعــــيــــه
وضــعــت أمـامـيَ سـفـر الحـيـاة
فــأرنــو اليــه ويــرنــو ليــه
كـأن الصـغـار بـجـنـبـي تـسـيـر
فــنــشــدو بــأغــنــيــة زاكـيـة
فــأبـصـرت فـيـه عـنـاء وجـهـدا
وأشــيــاء أســطــرهــا خــافـيـه
فــــخــــلت بـــأنـــيَ ذو جـــنـــة
يــســيــر بـأوهـامـه الطـاغـيـه
وأبــصــرتــنــي مــثــل ســيــارة
ومــا زيـتـهـا غـيـر أوهـامـيـه
فـيـا ليـت أبـقى هنا لا أعود
الى حــرب عــيــشـتـي الدامـيـه
وهـيـهـات فـالقـلب أضـحـى يـحس
بــشــوق لســالف أشــجــانــيــه
فــقــلت لنــفـسـي لعـل الزمـان
غـــيّـــر لي صـــرفـــه حـــاليـــه
وأصــبــحــت غــيـر الذي كـنـتـه
فــأحــضــرت للحــال مــرآتــيــه
وأبـصـرتـنـي غارقاً في الخليج
فـيـا ليـتـهـا كـانـت القـاضيه
كـأنـي بـالأمـس أطـوي الزقـاق
وأركــض فــي رجــلي الحــافـيـه
فــلســت بــنــاس عـهـود الصـبـا
ولســـت بـــنـــاس لألعـــابــيــه
فــانــي طــفـل كـمـا قـد عـهـدت
وليــس مــشــيــبـي سـوى عـازيـه
وســرت بــفــكــري سـريـعـا وقـد
بـلغـت الطـفـولة فـي ثـانـيـه
نـفـضـت بـفـكـري غـبـار السنين
ومــزقـت أثـوابـهـا البـاليـه
كــأن الليــالي لروحــي قـبـور
وأكــفـانـهـا البـيـض أيـامـيـه
أنـا ذلك الطـفـل كـيف اكتسيت
مــظــاهــر شــيــخــوخـة قـاسـيـه
أقـول لهـا مـن حـيـالي ابـعدي
لأمـشـي عـلى سـيـرتـي الماضيه
إذا سـرت يـمشي بجنبي الوقار
فــألقــي له نــظــرة جــافــيــه
أمـيـل الى القـفـز إمـا مـشيت
فــتــمــسـكـنـي كـفـه العـاتـيـه
سـأعـتـاض فـي جـسـم طـفـل صغير
لأعــمــل مــا تـشـتـهـي ذاتـيـه
فـليـسـت حـياة الورى غير لعب
له صــــور جــــمــــة بـــاديـــه
ولعب الطفولة قد فاق بالروح
ألعــاب شــيــخــوخــة فــانــيــه
أغــالط نـفـسـي بـعـد السـنـيـن
لتــزهــوَ لي زهــرتـي الذاويـه
أنـا ذلك الطـفـل مـهـمـا كبرت
وأكــبــر صــحــبــي مـن شـانـيـه
أرانــي طــفـلا بـرغـم الزمـان
ورغــم تــصــاريــفــه الداهـيـه
ويــؤلمــنــي قـول خـلي الفـتـى
لأنــت أبـي البـر أو خـاليـه
فــمــا ضــره لو دعــانــي أخــي
أو ابـنـيَ أو يا ابْنَ اخوانيه
فـأبـصـرت وجـهـي عـلته الغصون
وجــســمــي تــغـيـر مـمـا بـيـه
وأبـصـرت رأسـي عـلاه المـشـيب
وأبــصـرت روحـي عـلى مـاهـيـه
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

هو أحمد بن علي الصافي الحسيني العلوي يعود نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر الكاظم.
ولد أحمد الصافي النجفي في مدينة النجف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية يتصل نسبها بـ الإمام موسى الكاظم تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا.
ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت.
- من أهم دواوينه ديوان هواجس
قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرباعيات.
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها:
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ 
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
             وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة أيام لبارئها وهو في                  "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة