قصيدة رضي المسلمون والإسلام للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

رَضِيَ المُسلِمونَ وَالإِسلامُ


عدد ابيات القصيدة:60


رَضِيَ المُسلِمونَ وَالإِسلامُ
رَضِـــــيَ المُـــــســــلِمــــونَ وَالإِســــلامُ
فَــــرعَ عُـــثـــمـــانَ دُم فِـــداكَ الدَوامُ
كَـــيـــفَ نَــحــصــي عَــلى عُــلاكَ ثَــنــاءُ
لَكَ مِــــنــــكَ الثَــــنــــاءُ وَالإِكــــرامُ
هَــل كَــلامُ العِــبـادِ فـي الشَـمـسِ إِلّا
أَنَّهــا الشَــمــسُ لَيــسَ فــيــهــا كَــلامُ
وَمَــــكــــانُ الإِمــــامِ أَعــــلى وَلَكِــــن
بِــــأَحــــاديــــثِهِ يَـــتـــيـــهُ الأَنـــامُ
إيـــهِ عَـــبـــدَ الحَـــمــيــدِ جَــلَّ زَمــانٌ
أَنــــتَ فــــيــــهِ خَــــليــــفَـــةٌ وَإِمـــامُ
مــا رَأَت مِــثــلَ ذا الَّذي تَـبـتَـنـي ال
أَقـــوامُ مَـــجــداً وَلَن يَــرى الأَقــوامُ
دَولَةٌ شـــــادَ رُكـــــنَهـــــا أَلفُ عـــــامٍ
وَمِـــــئاتٌ تُـــــعـــــيـــــدُهــــا أَعــــوامُ
وَأَســاسٌ مِــن عَهــدِ عُــثــمــانَ يُــبــنــى
فــــي ثَــــمـــانٍ وَمِـــثـــلُهُـــنَّ يُـــقـــامُ
حِـــكـــمَـــةٌ حـــالَ كُــلُّ هَــذا التَــجَــلّي
دونَهـــا أَن تَـــنـــالَهـــا الأَفـــهـــامُ
يَسأَلُ الناسُ عِندَها الناسَ هَل في الن
نــاسِ ذو المُــقــلَةِ الَّتــي لا تَــنــامُ
أَم مِــنَ النــاسِ بَــعــدُ مَــن قَــولُهُ وَح
يٌ كَــــــريــــــمٌ وَفِــــــعـــــلُهُ إِلهـــــامُ
صَــــدَقَ الخَــــلقُ أَنــــتَ هَــــذا وَهَــــذا
يـــا عَـــظــيــمــاً مــا جــازَهُ إِعــظــامُ
شَـــــرَفٌ بـــــاذِخٌ وَمُـــــلكٌ كَـــــبــــيــــرٌ
وَيَــــمــــيـــنٌ بُـــســـطٌ وَأَمـــرٌ جِـــســـامُ
عُــــمَــــرٌ أَنــــتَ بَــــيــــدَ أَنَّكــــَ ظِــــلٌّ
لِلبَـــــرايـــــا وَعِــــصــــمَــــةٌ وَسَــــلامُ
مـــا تَـــتَـــوَّجـــتَ بِــالخِــلافَــةِ حَــتّــى
تُـــــوِّجَ البـــــائِســــونَ وَالأَيــــتــــامُ
وَسَــرى الخِــصــبُ وَالنَــمـاءُ وَوافـى ال
بِـــشـــرُ وَالظِــلُّ وَالجَــنــى وَالغَــمــامُ
وَتَـــلَقّـــى الهِـــلالَ مِـــنـــكَ جَـــبــيــنٌ
فـــيـــهِ حُـــســـنٌ وَبِـــالعُـــفــاةِ غَــرامُ
فَـــــسَـــــلامٌ عَــــلَيــــهُــــمُ وَعَــــلَيــــهِ
يَــــــومَ حَـــــيَّتـــــهُـــــمُ بِهِ الأَيّـــــامُ
وَبَــدا المُــلكُ مُــلكُ عُــثـمـانَ مِـن عَـل
يـــاكَ فـــي الذِروَةِ الَّتـــي لا تُـــرامُ
يَهـــــرَعُ العَـــــرشُ وَالمُــــلوكُ إِلَيــــهِ
وَبَـــنـــو العَــصــرِ وَالوُلاةُ الفِــخــامُ
هَــــكَــــذا الدَهــــرُ حــــالَةٌ ثُـــمَّ ضِـــدٌّ
مـــــا لِحـــــالٍ مَـــــعَ الزَمـــــانِ دَوامُ
وَلَأَنـــــــــــتَ الَّذي رَعَّيـــــــــــتُهُ الأُس
دُ وَمَـــــســـــرى ظِــــلالِهــــا الآجــــامُ
أُمَّةـــــُ التُـــــركِ وَالعِــــراقُ وَأَهــــلو
هُ وَلُبــــنــــانُ وَالرُبــــى وَالخِـــيـــامُ
عــــالَمٌ لَم يَــــكُـــن لِيُـــنـــظَـــم لَولا
أَنَّكـــــــَ السِـــــــلمُ وَســــــطَهُ وَالوِئامُ
هَــذَّبَــتـهُ السُـيـوفُ فـي الدَهـرِ وَاليَـو
مَ أَتَـــــمَّتـــــ تَهــــذيــــبَهُ الأَقــــلامُ
أَيَــــقــــولونَ سَــــكــــرَةٌ لَن تَــــجَــــلّى
وَقُــــعــــودٌ مَــــعَ الهَــــوى وَقِــــيــــامُ
لَيَـــــذوقُـــــنَّ لِلمُهَــــلهِــــلِ صَــــحــــواً
تَـــشـــرُفُ الكَـــأسُ عِـــنـــدَهُ وَالمُـــدامُ
وَضَـــعَ الشَـــرقُ فـــي يَـــدَيـــكَ يَـــدَيــهِ
وَأَتَــــت مِــــن حُــــمــــاتِهِ الأَقـــســـامُ
بِــــالوَلاءِ الَّذي تُــــريـــدُ الأَيـــادي
وَالوَلاءِ الَّذي يُــــريــــدُ المُــــقــــامُ
غَـــيـــرَ غـــاوٍ أَو خـــائِنٍ أَو حَـــســـودٍ
بَــــــــرِئَت مِـــــــن أولَئِكَ الأَحـــــــلامُ
كَـــيـــفَ تُهــدى لِمــا تُــشــيــدُ عُــيــونٌ
فـــي الثَـــرى مِــلؤُهــا حَــصــىً وَرُغــامُ
مُــــقَـــلٌ عـــانَـــتِ الظَـــلامَ طَـــويـــلاً
فَـــعَـــمــاهــا فــي أَن يَــزولَ الظَــلامُ
قَـد تَـعـيـشُ النُـفـوسُ فـي الضَـيـمِ حَـتّى
لَتُـــري الضَـــيـــمَ أَنَّهـــا لا تُـــضـــامُ
أَيُّهـــا النـــافِــرونَ عــودوا إِلَيــنــا
وَلِجـــــوا البـــــابَ إِنَّهــــُ الإِســــلامُ
غَــــرَضٌ أَنــــتُـــمُ وَفـــي الدَهـــرِ سَهـــمٌ
يَـــومَ لا تَـــدفَـــعُ السِهـــامَ السِهــامُ
نِـــمـــتُــمُ ثُــمَّ تَــطــلُبــونَ المَــعــالي
وَالمَـــعـــالي عَـــلى النِـــيــامِ حَــرامُ
شَــرُّ عَــيــشِ الرِجــالِ مــا كــانَ حُـلمـاً
قَـــد تُـــســـيـــغُ المَــنِــيَّةــَ الأَحــلامُ
وَيَــــبــــيــــتُ الزَمـــانُ أَنـــدَلُسِـــيّـــاً
ثُــــمَّ يُــــضــــحــــي وَنــــاسُهُ أَعـــجـــامُ
عـــالِيَ البـــابِ هَـــزَّ بـــابُـــكَ مِـــنّــا
فَـــسَـــعَــيــنــا وَفــي النُــفــوسِ مَــرامُ
وَتَــجَــلَّيــتَ فَــاِســتَـلَمـنـا كَـمـا لِلنـا
سِ بِـــالرُكـــنِ ذي الجَـــلالِ اِســـتِــلامُ
نَــســتَــمــيــحُ الإِمــامَ نَــصــراً لِمِـصـرٍ
مِــثــلَمــا يَــنــصُــرُ الحُـسـامَ الحُـسـامُ
فَــــلِمِــــصــــرٍ وَأَنــــتَ بِـــالحُـــبِّ أَدرى
بِــكَ يــاحــامِــيَ الحِــمــى اِســتِــعـصـامُ
يَــــشــــهَــــدُ اللَهُ لِلنُــــفـــوسِ بِهَـــذا
وَكَــــفـــانـــا أَن يَـــشـــهَـــدَ العَـــلّامُ
وَإِلى السَـــيِّدِ الخَـــليـــفَـــةِ نَــشــكــو
جَـــــــورَ دَهـــــــرٍ أَحــــــرارُهُ ظُــــــلّامُ
وَعَــــدوهــــا لَنـــا وُعـــوداً كِـــبـــاراً
هَــل رَأَيــتَ القُــرى عَــلاهــا الجَهــامُ
فَـــمَـــلَلنــا وَلَم يَــكُ الداءُ يَــحــمــي
أَن تَـــــمَـــــلَّ الأَرواحُ وَالأَجــــســــامُ
يَــمــنَــعُ القَــيــدُ أَن تَـقـومَ فَهَـل تـا
جٌ فَــــبِــــالتــــاجِ لِلبِــــلادِ قِـــيـــامُ
فَـــاِرفَـــعِ الصَـــوتَ إِنَّهـــا هِــيَ مِــصــرٌ
وَاِرفَــــعِ الصَــــوتَ إِنَّهــــا الأَهــــرامُ
وَاِرعَ مِـــصـــراً وَلَم تَـــزَل خَـــيــرَ راعٍ
فَـــــلَهـــــا بِـــــالَّذي أَرَتـــــكَ زِمــــامُ
إِنَّ جُهـــــدَ الوَفـــــاءِ مــــا أَنــــتَ آتٍ
فَــــليَــــقُــــم فــــي وَقـــائِكَ الخُـــدّامُ
وَليَــصــولوا بِــمَــن لَهُ الدَهــرُ عَــبــدٌ
وَلَهُ السَـــــعـــــدُ تـــــابِـــــعٌ وَغُــــلامُ
فَـــــاللِواءُ الَّذي تَـــــلَقَّوا رَفــــيــــعٌ
وَالأُمــــورُ الَّتــــي تَــــوَلَّوا عِـــظـــامُ
مَـــن يُـــرِد حَـــقَّهـــُ فَـــلِلحَـــقِّ أَنــصــا
رٌ كَــــثــــيـــرٌ وَفـــي الزَمـــانِ كِـــرامُ
لا تَـــروقَـــنَّ نَـــومَـــةُ الحَـــقِّ لِلبـــا
غـــي فَـــلِلحَـــقِّ هَـــبَّةـــٌ وَاِنـــتِـــقـــامُ
إِنَّ لِلوَحــــشِ وَالعِــــظـــامُ مُـــنـــاهـــا
لَمَـــنـــايـــا أَســـبـــابُهُـــنَّ العِــظــامُ
رافِـــعَ الضـــادِ لِلسُهـــا هَـــل قَــبــولٌ
فَــيُــبــاهــي النُــجــومَ هَــذا النِـظـامُ
قــامَــتِ الضــادُ فــي فَــمــي لَكَ حُــبّــاً
فَهـــيَ فـــيـــهِ تَـــحِـــيَّةـــٌ وَاِبــتِــســامُ
إِنَّ فـــــي يَـــــلدِزِ الهَــــوى لَخِــــلالا
أَنـــا صَـــبٌّ بِـــلُطـــفِهـــا مُـــســـتَهـــامُ
قَــــد تَـــجَـــلَّت لِخَـــيـــرِ بَـــدرٍ أَقَـــلَّت
فـــــي كَـــــمـــــالٍ بَـــــدَت لَهُ أَعــــلامُ
فَـــاِلزَمِ التَـــمَّ أَيُّهــا البَــدرُ دَومــاً
وَاِلزَمِ البَــــدرَ أَيُّهــــَذا التَــــمــــامُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932
تصنيفات قصيدة رَضِيَ المُسلِمونَ وَالإِسلامُ