البيت العربي

رويدكم يا غواة الفنون
عدد ابيات القصيدة:30

رويــدكــم يــا غــواة الفــنــون
وأهــل العــلوم وأهــل النــظــر
ويــأتـي الى عـالم النـفـس حـقـا
وقــد حــمــد الورد بــعـد الصـدر
هــــنــــالك يـــرجـــع مـــن عـــالم
غــريــب كــثـيـر العـنـا والخـطـر
وليــس يــعــود الى النــفــس الا
إذا مـا قـضـى واحـتـوتـه الحـفـر
وهـيـهـات يـرجـع مـا عـاش للنـفس
مـــا دام ســـمـــع له أو بـــصــر
ومـــا الاعـــتـــزال ســـوى عــودة
الى النــفــس مــن كــائنـات أخـر
ســــعــــى ثــــم عـــاد الى عـــزلةٍ
ليـــدرك بـــالاعــتــزال الظــفــر
فـــخـــاب ومـــا إن رأى نـــفــســه
ولا مـا اشـتـهـت من منى أو وطر
لقــد كــان يــبــحــث عــن نــفـسـه
وفــي البــدو يـنـشـدهـا والحـضـر
وكــم ســائح جــائل فــي الوجــود
كــمــثــل أســيــر مـن السـجـن فـر
ومــن يــغــرس الدوح فــي حــقــله
فـــمـــا قـــصـــده ورق بــل ثــمــر
أرى الكون قشراً أرى النفس لبا
أزحــه ليــنــزاح عـنـهـا الكـدر
فــفــي القــشــر تــبـحـث عـن لبـه
وفـــي اللب كـــل الذي رمــت قــر
وفــي الكــون تـدرس سـر النـفـوس
ورمــزا دقــيــقــا ومــعــنـى أغـر
وفــي النــفـس تـدرك سـر الوجـود
ومـعـنـى بـقـلب الحـيـاة اسـتـتـر
فــفــي الدر تـفـهـم سـر البـحـار
وغـــايـــة غــوص البــحــار الدرر
لكــم للحــيــاة طــريــق بــعــيــد
ولكــن طــريــقــي لهــا مــخــتـصـر
كــفــانــي عــن درســكــم للوجــود
لنــفــســي درس كــثــيــر العـبـر
يـــوحـــد نــفــســك بــالكــائنــات
مــن النــفــس آثــار فــكــر غــرر
وفــي كــل صـنـع مـن النـفـس جـزء
ســواء أفــيــه اخــتـفـى أم ظـهـر
فــكــل الوجــود مـن النـفـس جـزء
لذلك فــيــهــا الوجــود اســتـقـر
هــي النــفــس أوجــدت الكـائنـات
فــفـيـهـا مـن النـفـس كـل الأثـر
وواســـع عـــلمــك بــحــر يــضــيــق
مـتـى فـي خـليـج النـفـوس انـحدر
مـن النـفـس نـنـصـبّ نـحـو الوجود
وفــي النــفــس يـنـصـب بـحـر وبـر
قــد اتــســعــت نـفـسـكـم للحـيـاة
عـلى مـا حـوت مـن فـسـيح الصور
خـرجـتـم مـن النـفـس نحو الوجود
وعــدتــم لهــا تـشـتـكـون الضـجـر
فـــأنـــتـــم وفـــنــكــم والعــلوم
تــؤوبــون للنـفـس بـعـد السـفـر
فــمـهـمـا تـوسـعـتـم فـي الفـنـون
وأجـهـدتـم فـي البـحـوث الفـكـر
فــيــبــقــى بــعــالمــه لا يـحـن
الى عــالم مــنــه لاقــى الأمــر
له قـــد يـــعــود إذا مــا نــســي
وليـــس يـــعــود إذا مــا ادّكــر
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد الصافي النجفي
ولد أحمد الصافي النجفي في مدينة النجف 1897 وتوفي في بغداد، وعاش في إيران وسوريا ولبنان وتنحدر أصوله من اسرة علمية دينية يتصل نسبها بـ الإمام موسى الكاظم تعرف بآل السيد عبد العزيز، توفي والده بوباء الكوليرا الذي انتشر في العالم في تلك الفترة عندما بلغ عمره 11 عاما, فكفله أخوه الأكبر محمد رضا.
ثم توفيت والدته سنة 1912 وتلقى علومه الأدبية والدينية وبقية العلوم الطبيعية ومحاضرات عن الفلك والكواكب والطب الإسلامي في مجالس الدرس من خلال جهود علماء الدين ثم أخذ يدرس قواعد اللغة والمنطق وعلم الكلام والمعاني والبيان والأصول وشيئا من الفقه على يد الاساتذة المرموقين في النجف وبدأ يقول الشعر في سن مبكرة، عند بلوغه سن العشرين وابان الحرب العالمية الأولى انتقل من النجف إلى البصرة بحثا عن العمل, ولكنه لم يحظى بتلك الفرصة لضعف بنيته واعتلال صحته, فتركها إلى عبادان ومنها إلى الكويت.
- من أهم دواوينه ديوان هواجس
قام بترجمة العديد من الكتب والمؤلفات من اللغة الفارسية إلى اللغة العربية ومن أثاره النادرة في هذا المجال ترجمته الرباعيات.
رحل عن الحياة في السابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) سنة 1977 في وهج الحرب الاهلية اللبنانية حيث اصابته رصاصة أطلقها عليه قناص في منتصف يناير 1976 وهو يبحث عن رغيف خبز يأكله بعد أن أمضى ثلاثة أيام لم يذق فيها الطعام, فحمله بعض المارة إلى مستشفى المقاصد, ولم يطل بها مكوثه لصعوبة الوضع القائم انذاك, فنقل إلى بغداد وقد كف بصره قبل عودته وأصبح مقعداً لابستطيع الحراك فلما وصلها انشد قائلا:
يا عودةً للدارِ ما أقساها *** أسمعُ بغدادَ ولا أراها.
وقال بعدها:
بين الرصاصِ نفدتُّ ضمنَ معاركٍ *** فبرغمِ أنفِ الموتِ ها أنا سالمُ
ولها ثقوبٌ في جداري خمسةٌ *** قد أخطأتْ جسمي وهنّ علائمُ
وهناك اجريت له عملية جراحية ناجحة لإخراج الرصاصة من صدره، ولكن العملية زادت جسده نحولا وضعفا فاسلم الروح بعد عدة أيام لبارئها وهو في "80" من عمره، بعد أن ترك تراثاً شعرياً خصباً، وترجمة دقيقة لـ رباعيات الخيام الخالدة