البيت العربي

سِربٌ مَحاسِنُهُ حُرِمتُ ذَواتِها
عدد ابيات القصيدة:40

سِــربٌ مَــحــاسِــنُهُ حُــرِمــتُ ذَواتِهــا
دانـي الصِـفـاتِ بَـعـيـدُ مَوصوفاتِها
أَوفـى فَـكُـنـتُ إِذا رَمَـيـتُ بِـمُـقلَتي
بَــشَــراً رَأَيــتُ أَرَقَّ مِـن عَـبَـراتِهـا
يَــسـتـاقُ عـيـسَهُـمُ أَنـيـنـي خَـلفَهـا
تَــتَــوَهَّمــُ الزَفَـراتِ زَجـرَ حُـداتِهـا
وَكَـــأَنَّهـــا شَـــجَـــرٌ بَــدَت لَكِــنَّهــا
شَـجَـرٌ جَـنَـيـتُ المَـوتَ مِـن ثَـمَراتِها
لا سِـرتِ مِـن إِبِـلٍ لَوَ أَنّـي فَـوقَهـا
لَمَــحَــت حَــرارَةُ مَـدمَـعَـيَّ سِـمـاتِهـا
وَحَـمَـلتُ مـا حُـمِّلـتِ مِـن هَذي المَها
وَحَــمَـلتِ مـا حُـمِّلـتُ مِـن حَـسَـراتِهـا
إِنّـي عَـلى شَـغَـفـي بِـمـا فـي خُمرِها
لَأَعِــفُّ عَــمّــا فــي سَــراويــلاتِهــا
وَتَــرى الفُـتُـوَّةَ وَالمُـرُوَّةَ وَالأُبُـو
وَةَ فِـــيَّ كُـــلُّ مَــليــحَــةٍ ضَــرّاتِهــا
هُــنَّ الثَــلاثُ المــانِـعـاتـي لَذَّتـي
فـي خَـلوَتي لا الخَوفُ مِن تَبِعاتِها
وَمَـطـالِبٍ فـيـهـا الهَـلاكُ أَتَـيـتُها
ثَــبــتَ الجَــنـانِ كَـأَنَّنـي لَم آتِهـا
وَمَــقــانِــبٍ بِــمَــقــانِــبٍ غـادَرتُهـا
أَقــواتَ وَحــشٍ كُــنَّ مِــن أَقــواتِهــا
أَقــبَــلتُهـا غُـرَرَ الجِـيـادِ كَـأَنَّمـا
أَيـدي بَـنـي عِـمـرانَ فـي جَـبَهـاتِها
الثــابِــتــيــنَ فُــروسَـةً كَـجُـلودِهـا
فـي ظَهـرِهـا وَالطَـعـنُ فـي لَبّـاتِهـا
العــارِفــيــنَ بِهـا كَـمـا عَـرَفـتُهُـم
وَالراكِــبــيــنَ جُــدودُهُــم أُمّـاتِهـا
فَـكَـأَنَّمـا نُـتِـجَـت قِـيـامـاً تَـحـتَهُـم
وَكَــأَنَّهــُم وُلِدوا عَــلى صَهَــواتِهــا
إِنَّ الكِــرامَ بِــلا كِــرامٍ مِــنــهُــمُ
مِــثـلُ القُـلوبِ بِـلا سُـوَيـداواتِهـا
تِلكَ النُفوسُ الغالِباتُ عَلى العُلى
وَالمَـجـدُ يَـغـلِبُهـا عَـلى شَهَـواتِهـا
سُـقِـيَـت مَـنابِتُها الَّتي سَقَتِ الوَرى
بِــيَـدَي أَبـي أَيّـوبَ خَـيـرِ نَـبـاتِهـا
لَيــسَ التَــعَـجُّبـُ مِـن مَـواهِـبِ مـالِهِ
بَــل مِـن سَـلامَـتِهـا إِلى أَوقـاتِهـا
عَـجَـبـاً لَهُ حَـفِـظَ العِـنـانَ بِـأَنـمُـلٍ
مـا حِـفـظُهـا الأَشياءَ مِن عاداتِها
لَو مَــرَّ يَـركُـضُ فـي سُـطـورِ كِـتـابَـةٍ
أَحــصــى بِـحـافِـرِ مُهـرِهِ مـيـمـاتِهـا
يَـضَـعُ السِـنـانَ بِـحَـيثُ شاءَ مُجاوِلاً
حَــتّــى مِــنَ الآذانِ فــي أَخـراتِهـا
تَـكـبـو وَراءَكَ يـا اِبـنَ أَحـمَدَ قُرَّحٌ
لَيـــسَـــت قَــوائِمُهُــنَّ مِــن آلاتِهــا
رِعَـدُ الفَـوارِسِ مِـنـكَ فـي أَبـدانِها
أَجـرى مِـنَ العَـسَـلانِ فـي قَـنَواتِها
لا خَــلقَ أَســمَــحُ مِــنـكَ إِلّا عـارِفٌ
بِـكَ راءَ نَـفـسَـكَ لَم يَقُل لَكَ هاتِها
غَــلِتَ الَّذي حَــسَــبَ العُـشـورَ بِـاّيَـةٍ
تَــرتــيــلُكَ السـوراتِ مِـن آيـاتِهـا
كَــرَمٌ تَــبَــيَّنـَ فـي كَـلامِـكَ مـاثِـلاً
وَيَـبـيـنُ عِـتـقُ الخَـيلِ في أَصواتِها
أَعـــيـــا زَوالُكَ عَــن مَــحَــلٍّ نِــلتَهُ
لا تَـخـرُجُ الأَقـمـارُ عَـن هـالاتِها
لا نَــعـذُلُ المَـرَضَ الَّذي بِـكَ شـائِقٌ
أَنـــتَ الرِجـــالَ وَشــائِقٌ عِــلّاتِهــا
فَـإِذا نَـوَت سَـفَـراً إِلَيـكَ سَـبَـقـنَها
فَـأَضَـفـتَ قَـبـلَ مُـضـافِهـا حـالاتِهـا
وَمَـنـازِلُ الحُـمّـى الجُسومُ فَقُل لَنا
مـا عُـذرُهـا فـي تَـركِهـا خَـيـراتِها
أَعـجَـبـتَهـا شَـرَفـاً فَـطـالَ وُقـوفُهـا
لِتَــأَمُّلــِ الأَعــضــاءِ لا لِأَذاتِهــا
وَبَــذَلتَ مــا عَـشِـقَـتـهُ نَـفـسُـكَ كُـلَّهُ
حَـــتّـــى بَـــذَلتَ لِهَـــذِهِ صِــحّــاتِهــا
حَــقُّ الكَــواكِـبِ أَن تَـزورَكَ مِـن عَـلٍ
وَتَــعــودَكَ الآســادُ مِـن غـابـاتِهـا
وَالجِـنُّ مِـن سُـتُـراتِهـا وَالوَحـشُ مِن
فَـلَواتِهـا وَالطَـيـرُ مِـن وُكـنـاتِهـا
ذُكِـرَ الأَنـامُ لَنـا فَـكـانَ قَـصـيـدَةً
كُـنـتَ البَـديـعَ الفَردَ مِن أَبياتِها
فـي النـاسِ أَمـثِـلَةٌ تَـدورُ حَـياتُها
كَــمَـمـاتِهـا وَمَـمـاتُهـا كَـحَـيـاتِهـا
هِـبـتُ النِـكـاحَ حِـذارَ نَـسـلٍ مِـثلِها
حَـتّـى وَفَـرتُ عَـلى النِـسـاءِ بَناتِها
فَــاليَــومَ صِــرتُ إِلى الَّذي لَو أَنَّهُ
مَــلَكَ البَـرِيَّةـَ لَاِسـتَـقَـلَّ هِـبـاتِهـا
مُــســتَــرخَــصٌ نَــظَـرٌ إِلَيـهِ بِـمـا بِهِ
نَــظَــرَت وَعَــثــرَةُ رِجـلِهِ بِـدِيـاتِهـا
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: المُتَنَبّي
الشاعر الحكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة المعاني المبتكرة.
ولد بالكوفة في محلة تسمى كندة وإليها نسبته، ونشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس.
قال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة (بين الكوفة والشام) فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه.
وفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب فمدحه وحظي عنده. ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه.
قصد العراق وفارس، فمدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز.
عاد يريد بغداد فالكوفة، فعرض له فاتك بن أبي جهل الأسدي في الطريق بجماعة من أصحابه، ومع المتنبي جماعة أيضاً، فاقتتل الفريقان، فقتل أبو الطيب وابنه محسّد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول في الجانب الغربي من سواد بغداد.
وفاتك هذا هو خال ضبة بن يزيد الأسدي العيني، الذي هجاه المتنبي بقصيدته البائية المعروفة، وهي من سقطات المتنبي.