قصيدة سرى طيفه لا بل سرى بي سرابه للشاعر ابن سناء الملك

البيت العربي

سرىَ طيفُه لا بَلْ سَرى بي سَرابُهُ


عدد ابيات القصيدة:51


سرىَ طيفُه لا بَلْ سَرى بي سَرابُهُ
ســرىَ طــيــفُه لا بَـلْ سَـرى بـي سَـرابُهُ
وقَــد طَــارَ مِــنْ وَكْــرِ الظـلام غـرابُهُ
ومـا كـان يَـدْرِي الطَّيـفُ قـبـلَ طُـروقـهِ
بــأَنَّ انْــفِـتـاحَ الجَـفْـنِ مِـنِّيـ حِـجَـابُه
لئِنْ شَــــرَّ نَــــفْـــســـي قُـــرْبُه ودُنُـــوُّه
لَقــد سَــاءَهــا تَــشْــتِـيـتُه واغْـتِـرابُه
ولولا انْغِمارُ القَلْبِ في غَمرةِ الهَوى
لكــــانَ سَــــواءً نــــأْيُه واقْـــتِـــرابُه
أَتَــتْ مــع نِـقْـسِ اللَّيـلِ صـفـحـةُ وجـهـه
فــقــلتُ حــبــيــبٌ قــد أَتـانِـي كِـتَـابُه
وأَمْــلَى عِــتـابـاً يُـسـتَـطـابُ فـلَيْـتَـنـي
أَطَــلْتُ ذُنُــوبِــي كَــيْ يَــطــولَ عِــتَــابُه
وَبـــي رشَـــأٌ حُـــلْوُ الشَّمـــائِلِ أَهْــيَــفٌ
ويَــفْــتِــنُ قَــلْبِـي إِنْ خَـلاَ بِـي خِـلاَبُه
ويَــنْــثُــر ضَــمِّيــ فــوقَ نَهــدَيْه عِـقـدَه
ويُــمْــحَــي بِــلَثْـمـي مِـنْ يَـدَيْه خِـضَـابُه
وقَــد عَــقَّ صَــبْـري حـسـنُه لاَ تـمـائِمـي
وكـــم مَـــسَّ جَــلْدي مِــسْــكُه لا تُــرابُه
وذلِكَ بـــــــدرٌ والهـــــــلالُ لِثَــــــامُه
فــلا تَــحْــسَــبُـوا أَنَّ الهـلاَلَ نِـقَـابُه
وفـــي غَـــزَلِي ذكــرُ العُــذَيــبِ وبــارقٍ
ومـــــا ذَاك إِلا ثَـــــغْــــرُه ورُضَــــابُه
وذاك رُضــــابٌ للرحـــيـــق اعـــتـــزاؤه
وذَلكَ ثَـــغْـــر للحَـــبَـــاب انْــتِــسَــابُه
وفـي القـلبِ شَـوقٌ كـاد مـن ذكـرِه فمي
تُــــــحِّرقُه نِــــــيـــــرَانُه والْتِهـــــابُه
إِلى غــائِب إِنْ جَــاءَنــي عــنــه ســائلٌ
فــســائِلُ دَمْــع المُــقْــلَتــيــن جَــوابُه
لّقَــدْ شَــقِــيَــتْ بِــالبُـعْـدِ مِـنْه رِبَـاعُه
كَــمَــا سَــعِــدتْ بــالقُـرْب مِـنـه رِكَـابُه
وإِنَّ حُــدَا حَــادِي الحــبــيــبِ غِــنَــاؤُه
وإِنَّ صَــدى ربْــع الحــبــيـبِ انْـتِـحـابُه
إِذا اسْـتَـبـطـأَ المـشـتـاقُ أَوْب حـبيبِه
فَــمــنْ لي بــمــحــبــوبٍ يُــرَجَّى إِيــابُه
يَــــذُمُّ اللَّيــــالي وهــــيْ أَهْــــلٌ لِذَمِّه
فُـــؤَادٌ دَهَـــاه ظُــلمــهــا واكْــتِــئَابُه
عــلى أَنَّ شــكـوى المـرءِ للدَّهـرِ عـادةٌ
وشــكــواهُ عِــنْــدي للخَــصــاصــةِ عــابُه
ومــن هــابَ مــن هــذا الأَنـامِ زمـانَه
فـــقـــلْ لِزمـــانـــي إِنَّنــي لا أَهَــابُه
وسِــيَّاــنَ عِــنــدي صــابُ حَــالي وشـهـدُه
عــلى غـيـر مَـحْـلٍ مـنـه أَو صـابَ صَـابُه
وكـيـف يَـخـافُ الفـقـرَ أَوْ يَرهبُ الرَّدى
فـتـىً مِـنْ يـدَيْ عـبـدِ الرَّحيمِ اكتسابُه
فَــمَــنْ كــان مِـثْـلي آويـاً فـي جَـنَـابِه
فــيـا عُـذْرَ دهـر قَـدْ نَـبَـا عَـنْه نَـابُه
وقـــد صُـــحِّفـــَتْ جـــنَّاــتُه أَو جِــنَــانُه
فــقــيــل عــلى رَغْــمِ الحَـسـودِ جَـنَـابُه
ومَـــا بَـــرِحَـــتْ تُـــرخَــي عَــلَّي ظِــلالُه
كَـــمـــا أَنَّهـــا تُـــزْجَــي إِليّ سَــحــابُه
وكَــمْ مــن كَــذوبٍ رَامَ تــغــيـيـر رَأْيِه
عـــلَّي فـــلم تَــنْــفُــق عَــليــه كِــذَابُه
ولا نُهْـــنِهَـــت بــالزُّور عَــنْه أَنَــاتُه
ولا زُلْزِلَت للحــــلمِ مِــــنْه هِـــضَـــابُه
وحَـــالَ مُـــحــالاً ليــس يَــدْري جَهــالَةً
بــــأَنَّ لنــــا رَبّـــاً عَـــلَيْه حِـــسَـــابُه
يُــعَــجِّلــُ مِــنْ تــكــذيــبِه مِــنْه خَـجْـلَةٌ
ســيــعــقُــبــهــا عَــمَّاــ قَـلِيـلِ عِـقَـابُه
فَــبُــورِكَ مَــنْ مَـا زالَ عِـنْـدي نـعـيـمُه
كَــمــا عِــنْــدكُـمْ يَـا حـاسـديـن عَـذَابُه
وإِنْ قُــلتُ عِـنْـدِي بـعـضُ أَخْـبـارِ مَـجـدِه
فَـــمـــنــصِــبُه الرَّاوِي لهــا ونِــصــابُه
وَمَــا ارْتَــابَ فـي عـليـائِه قَـطُّ حَـاسِـدٌ
إِلى أَنْ يــقـولُوا زالَ عَـنْه ارْتِـيـابُه
يُــــزَفُّ له مِــــن كُــــلِّ راوٍ مَــــديــــحُه
ويُهــــدَى له مــــن كُــــلِّ رأْيٍ صَــــوابُه
ومــا الفــضْــلُ إِلاَّ مــا حَـوَتْهُ طُـروسُه
ولاَ المَــجْــدُ إِلاَّ مــا حَــوَتْه ثِـيَـابُه
إِلى حَــوْزَةِ العَــافــيـن تَهـوِي هِـبَـاتُه
وَفــي قِــمَّةــِ الجَــوْزَاءِ تَـعْـلُو قِـبَـابُه
أَضَــــرَّ بــــإِفْــــراطِ النَّوالِ عُـــفَـــاتَه
فَـــرَغْـــبَــتُهــم فِــي أَنْ تَــغِــبَّ رِغَــابُه
وأَغْــنــى وأَقْــنَــى القَـاصِـدِيـن لِبَـابِه
فَـــجـــاءَ له مـــن كُـــلِّ شُــكــرٍ لُبــابُه
فـــلا مُـــلتـــجٍ إِلا عـــليــه اتِّكــالُه
ولا مُـــــرتَـــــجٍ إِلا إليـــــه مَـــــآبُه
أَرى الدَّهْرَ بحراً وهْو في البحر دُارُه
وكُـــلُّ الورَى حَـــصْـــبـــاؤه وحَـــبَـــابُه
يَــــقِــــلُّ له أَنَّ البـــســـيـــطـــةَ دَارُه
وأَنَّ نــجــومَ الأُفْــقِ فــيــهــا صِـحَـابُه
وَمـــا هُـــو إِلاَّ لِلفـــضَـــائِلِ أُفْــقُهــا
وخـــاطُـــره الوقَّاــدُ فِــيــهــا شِهــابُه
تُـــفَـــلِّلُ عَــزْمــاتِ الكَــتــائِب كُــتْــبُه
ويُـــذْهِـــبُ أَزْمَــاتِ الخُــطُــوبِ خِــطَــابُه
يُــــفــــرِّسُ أَلْبــــابَ الرِّجـــال كَـــلامُه
فــمــا هــو إِلاَّ اللَّيـثُ والطِّرسُ غَـابُه
أَمَـــوْلاَيَ أَشْـــكُــو جَــوْرَ دَهــرٍ مُــبَــرِّحٍ
تَـطَـاولَ بِـي لمَّاـ انْتَشَى بي انْتشَا بُه
أَتَـــانِـــي لَكِـــن أَيْـــن مِــنِّيــ رُجُــوعُه
وأَقْـــبَـــلَ لكـــن أَيْـــن مِــنِّيــ ذَهَــابُه
قَــســا قَــلْبُ دَهْــرِي بَـعْـد ليـنٍ أَلِفْـتُه
وَمَــنْ لِي بِــدَهــرٍ لاَ يُـخَـافُ انْـقِـلابُه
وإِنْ لَمْ تَــجُــد لِي مِـنْ يَـدَيْـك سَـحـابَـةٌ
فَــبَــيْــنـي وبَـيْـن الْهَـالِكـيـن تَـشَـابُه
وإِنِّيــ مَــنْ كَــسْــبُ المَــعَــالي مُــرادُه
وغَــيــرُ جَــزِيــلاَتِ العَــطَــايَـا طِـلاَبُه
أَنــا الحَــائرُ السَّاــري وأَنْـت شِهَـابُه
أَو الحــائُم الصَّاــدِي ومِــنْــك شَــرَابُه
فــكــمْ حـاجـةٍ لي ضـاع مِـنِّيـ نَـجـاحُهـا
وكــم أَمَــلٍ لي طــالَ مِــنِّيــ ارْتِـقَـابُه
ومـــا الدَّهْـــرُ إِلا خـــادِمٌ أَنـــتَ ربُّه
ولا الرِّزْق إِلا مَـــنـــزِلٌ أَنْــتَ بَــابُه
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

هبة الله بن جعفر بن سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله السعدي أبو القاسم القاضي السعيد.
شاعر من النبلاء، مصري المولد والوفاة، كان وافر الفضل، رحب النادي جيد الشعر بديع الإنشاء، كتب في ديوان الإنشاء بمصر مدة، ولاه الملك الكامل ديوان الجيش سنة 606 هـ.وكان ينبز بالضفدع لجحوظ في عينيه
له (دار الطراز- ط) في عمل الموشحات، (وفصوص الفصل- خ) جمع فيه طائفة من إنشاء كتاب عصره ولاسيما القاضي الفاضل، و(روح الحيوان) اختصر به الحيوان للجاحظ و "كتاب مصايد الشوارد"، و(ديوان شعر- ط) بالهند، وفي دار الكتاب الظاهرية بدمشق الجزء الثاني من منظومة في (غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم) يُظن آنها له.
وترجم له الصفدي في الوافي قال:
قال ابن سعيد المَغرِبي": كان غالياً في التشيّع (ثم سمى كتبه ثم قال):
وقال ياقوت الحموي: حدثني الصاحب الوزير جمال الدين الأكرم، قال: كان سناء الملك واسمه رَزين رجلاً يهودياً صيرفيّاً بمصر وكانت له ثروةٌ، فأسلم ثم مات، وخلّف ولدَه الرشيد جعفراً، وكان له مضارَباتٌ وقُروضٌ وتجاراتٌ اكتسب بها أموالاً جمّةً ولم يكن عنده من العلم ما يشتهِر إلا أنه ظفِر بمصر بجزء من كتاب الصِحاح الجَوهري، وهو نِصف الكتاب بخط الجوهري نفسِهِ فاشتراه بشيء يسير، وأقام عنده محروساً عدّة سنين إلى أن ورد إلى مصر رجلٌ أعجمي ومعه النصف الآخر من صحاح الجوهري، فعرضه على كتبيّ بمصر، فقال له: نصف هذا الكتاب الآخر عند الرشيد بن سناء الملك، فجاءه به وقال: هذا نصف الكتاب الذي عندك، فإما أن تُعطِيَني النصفَ الذي عندك وأنا أدفَعُ إليك وزنَه دراهم، فجعل الرشيد يضرب أخماساً لأسداس ويخاصم نفسَه في أحد الأمرين حتى حمل نفسه وأخرج دراهم ووزَن له ما أراد، وكان مقدارها خمسةَ عشر ديناراً، وبقيت النسخة عنده، ونشأ له السعيد ابنهُ هبةُ الله، فتردّد بمصر إلى الشيخ أبي المحاسن البَهنَسي النحوي، وهو والد الوزير البهنسي الذي وزر للأشرف بن العادل، وكان عنده قَبولٌ وذكاء وفطنة، وعاشر في مجلسه رجلاً مغربيّاً كان يتعانى عمل الموشحات المغربية والأزجال، فوقّفه على أسرارها وباحثه فيها وكثّر حتى انقَدَح له في عملها ما زاد على المَغاربة حُسناً، وتعانى البلاغة والكتابة، ولم يكن خَطّه جيّداً، انتهى، قلتُ: وكان يُنبَز بالضفدع لجحوظٍ في عينيه، وفيه يقول ابن الساعاتي، وكتب ذلك على كتابه "مصايد الشوارد":
وفيه يقول أيضاً وقد سقط عن بغل له، كان عالياً جدّاً ويسمَّى الجَمَل:
وهذا دليل على أن ابنَ سناء الملك كان شيعيّاً، ...إلخ
ولم يذكر ابن خلكان أن جده كان يهوديا ولا أنه كان ينبز بالضفدع قال:
ابن سناء الملك القاضي السعيد أبو القاسم هبة الله بن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر بن المعتمد
سناء الملك أبي عبد الله محمد بن هبة الله بن محمد السعدي، الشاعر المشهور، المصري صاحب ديوان الشعر البديع والنظم الرائق، أحد الفضلاء الرؤساء النبلاء، ...إلخ.
وفي السلوك للمقريزي ترجمة نادرة لوالده الرشيد في وفيات سنة 592 ونصها:
وفي خامس ذي الحجة: مات القاضي الرشيد ابن سناء الملك. قال القاضي الفاضل فيه: "ونعم الصاحب الذي لا تخلفه الأيام، ولا يعرف له نظير من الأقوام: أمانة سمينة، وعقيدة ود متينة، ومحاسن ليست بواحدة، ومساع في نفع المعارف جاهدة. وكان حافظا لكتاب الله، مشتغلا بالعلوم الأدبية، كثير الصدقات، نفعه الله، والأعمال الصالحات، عرفه الله بركاتها".
ومن شعر ابن سناء الملك قصيدة في 68 بيتا يودع بها والده القاضي الرشيد في سفرة له إلى دمشق، وفيها قوله:
ومن مدائحه في الرشيد الموشح الذي مطلعه:
أَخْمَلَ ياقوتَ الشفقْ - دُرُّ الدراري
وفيه قوله:
ثم أورد العماد موشحا له في رثاء أمه أوله:
وكلا الموشحين ليسا في ديوانه المنشور في إصدارات الموسوعة السابقة
(1) قلت أنا بيان: انفرد ياقوت بهذه المعلومة الخطيرة وقد فندها الأستاذ محمد إبراهيم نصر في كتابه (ابن سناء الملك) انظر كلامه كاملا في صفحة القصيدة الدالية التي أولها:
تصنيفات قصيدة سرىَ طيفُه لا بَلْ سَرى بي سَرابُهُ