البيت العربي
سرى مَوْهِناً طَيْفُ الخَيال المؤرِّقِ
عدد ابيات القصيدة:43
ســرى مَــوْهِــنــاً طَــيْــفُ الخَــيـال المـؤرِّقِ
فــهــاج الهــوى مــن مــغــرم القـلب شَـيِّقِ
تــخــطَّى إليــنــا مــن بــعــيــد وبـيـنَـنـا
مَهــــامِهُ مَــــوْمـــاةٍ مـــن الأرض سَـــمْـــلَقِ
يــــجــــوب خُــــدارِيّــــاً كــــأنَّ نُــــجــــومَه
ذُبـــــالٌ يُـــــذَكَّى فــــي زُجــــاج مُــــعَــــلَّقِ
أتــى مــضــجــعــي والرَّكــبُ حــولي كـأنَّهـم
سُـــكـــارى تــســاقَــوْا مــن سُــلاف مُــعــتَّقِ
فـــخـــيَّلـــ لي طـــيــفُ البــخــيــلة أَنّهــا
أَلَمَّتـــْ بـــرَحْـــلِي فـــي الظَّلــام المــروّق
فـــأرَّقَـــنـــي إِلمْـــامُهــا بــي ولم يــكــن
سِـــوى حُـــلُم مـــن هـــائم القــلب مــوثَــقِ
أِســـيـــرِ صـــبَـــابـــاتٍ تـــعـــرَّقـــن لحــمَه
وأمـــســـكــن مــن أنــفــاســه بــالمُــخَــنَّقِ
إذا مــا شــكــا العــشّــاقُ وجــداً مـبِّرحـاً
فــكــلُّ الذي يــشــكــونــه بــعــضُ مـا لَقِـي
عـــــــلى أنّه لولا الرَّجـــــــاءُ لِأَوْبَــــــة
تــقــرِّبُــنــي مــن وصــل سُــعْـداه مـا بَـقِـي
نـــظـــرت ولي إنـــســـانُ عـــيـــنٍ غــزيــرةٍ
مــتــى يَــمْــرِهــا بَــرْحُ الصــبَّاـبـة يَـغْـرَقِ
إلى عَـــلَم مـــن دار سُــعْــدَى فــشــاقــنــي
ومـــن يَـــرَ آثـــارَ الأحـــبّـــة يَـــشْـــتَـــقِ
فــظَــلْتُ كــأنّــي واقــفــاً عــنــدَ رســمـهـا
طَــــعــــيــــنٌ بـــمـــذروب الشَّبـــاة مُـــذَلَّقِ
وقــد كــنــت مــن قــبــل التَّفـَرُّق بـاكـيـاً
لِعــلمــي بــمــا لاقــيــت بــعــدَ التَّفــرُّقِ
وهــل نــافـعـي والبـعـدُ بـيـنـي وبـيـنَهـا
إِجـــالةُ دمـــع المُـــقـــلة المـــتـــرقــرقِ
وأشــعــثَ مــثــلِ السَّيــف قــد مَـنَّهـُ السُّرَى
وقــطــعُ الفــيــافــي مُهْــرَقـاً بـعـدَ مُهْـرَقِ
مـــن القـــوم مــغــلوب تَــمــيــل بــرأســه
شُـــفـــافـــاتُ أَعـــجــاز النُّعــاس المــرنِّقِ
طَــردت الكَــرى عــنــه بـمـدح أخـي العُـلَى
أبـي الهَـيْـج ذي المـجـد التَّلـِيد المُعَرَّقِ
حُــــســـام الجُـــيـــوش عـــزّ دولة هـــاشـــم
حــــليــــف السَّمــــاح والنَّدَى المـــتـــدفِّقِ
فــتــى مــجــدُه يــنــمــي بــه خــيــرُ والد
إلى شـــــرف فـــــوقَ السَّمـــــاء مـــــحــــلِّقِ
عــــلى وجـــهـــه نـــورُ الهـــدى وبـــكـــفّه
مــفــاتــيــحُ بــابِ المــبــهــم المــتـغـلِّقِ
إذا انـــفـــرجـــت أبـــوابُه خِـــلْت أنَّهـــا
تـــفـــرَّج عـــن وجـــه مــن البــدر مُــشــرقِ
وإن ضــــاق أمــــر بـــالرِّجـــال تـــوجَّهـــَتْ
عـــزائكـــه فـــاســـتـــوســـعـــت كـــلَّ ضــيِّقِ
تــــرى مــــالَه نَهْـــبَ العُـــفـــاة وعِـــرضَهُ
يــطــاعــن عــنــه بــالقَــنــا كــلُّ فَــيْــلَقِ
جَـــمُـــوع لأشـــتـــات المــحــامــد كــاســب
لهـــا أبـــداً مـــن شـــمـــل مـــال مــفــرَّقِ
ســـعَـــى وهْـــوَ فـــي حــدّ الحَــداثــة حــدّه
له فـــي مـــســـاعـــي كـــلّ ســـعــي مــشــقَّقِ
تـــلوح عـــلى أَعـــطـــافــه سِــمَــةُ العــلى
كـــبـــرق الحَـــيـــا فـــي عـــارض مــتــألِقِ
مـــن النَّفـــَر الغُــرّ الأُلى عــمَّتــِ الورى
صـــنـــائعُهـــم فـــي كـــلّ غـــرب ومـــشـــرقِ
إذا فـــخَـــروا لم يــفــخَــروا بــأُشــابــةٍ
ولا نــســبٍ فــي صــالحــي القــوم مُــلْصَــقِ
هـم الْهـامـةُ العُـلْيـا ومـن يُـجْـرِ غـيـرَهُمْ
إلى غــايــة فــي حَــلْبَــة المــجـد يُـسْـبَـقِ
إذا مــا هــضــابُ المــجــد ســدّ طــلوعـهـا
ولم يَــرْقَهــا مــن ســائر النّــاس مُــرْتَــقِ
تــوقَّلــَ عــبــد الله فــيــهــا ولم يــكــن
يــزاحــمــه فــيــهــا امْــرُؤٌ غــيــرُ أحـمـقِ
صفا لك يا ابنَ الحارثِ القَيْلِ في العلى
مَــــشــــاربُ وِردٍ صــــفــــوُهــــا لم يُــــرَنَّقِ
مــتــى رُمــتُ فــي اســتــغـراق وصـفـك حَـدَّه
أبــى العــجــز إلا أن يــقــول ليَ ارفُــقِِ
فــلســت وإِنْ أســهـبـتُ فـي القـول بـالغـاً
مَــداه بــنَــعْــتٍ أو بــتــحــريــرِ مــنــطــقِ
إلا إنّ أثــــوابَ المــــكـــارم فـــيـــكُـــمُ
بَـــواقٍ عـــلى أحـــســـابـــكـــم لم تُــخَــرَّقِ
يـــجـــدّدُهـــا إيـــمـــانـــكــم ويَــزِيــدُهــا
بَــقــاكــم عــلى تــجــديــدهـا فـضـلَ رَوْنَـقِ
لك الخُــلُقُ المــحــمــودُ مــن غـيـر كـلفـة
ومـــا خُـــلُقُ الإنـــســـانِ مــثــلَ التَّخــَلُّقِ
إذا مــا نَــداك الغَـمْـرُ نـابَ عـن الحَـيـا
غَــنِــيــنــا بـه عـن سـاكـب الغـيـث مُـغْـدِقِ
فـــمـــا مــدحُــكــم مــمّــا أُعــاب بــقــوله
إذا أفـــســـد الأقـــوالَ بـــعــضُ التَّمــَلُّقِ
ولكـــنْ بـــقــول الحــقّ أغــربــت فــيــكُــمُ
ومـــن يَـــتَـــوَخَّ الحَـــقَّ بــالحَــقِّ يــنــطِــقِ
فـــإِن نِـــلْتُ مـــا أمَّلـــْتُه مـــن وَلائكـــمْ
ومـــدحِـــكُــمُ يــا ابــنَ الكــرام فــأَخْــلِقِ
ومــا دونَ مــا أبــغــي حــجــابٌ يــصُــدُّنــي
بـــرّدٍ ولا بـــابٍ عـــن الخـــيـــر مُـــغْــلَقِ
إذا أنــــا أحــــرزت المـــودَّةَ مـــنـــكُـــمُ
فــحــســبــي بــهـا إذْ كـنـتُ عـيـنَ المـوفَّقِ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: ابن جيّا الحلي
(1) انظر كلام العماد في ترجمته في صفحة القصيدة السابعة من هذا الديوان وأولها: هنئت باليوم المطير.
قال: قد اتفق أهل العراق اليوم أنه ليس له نظير في الترسل، وأن روضه نضير في الفضل صافي المنهل. يستعان به في الإنشاء، ويستبان منه أسلوب البلغاء.