قصيدة سقى الغيث أطلال الأحبة بالحمى للشاعر ابن زيدون

البيت العربي

سَقى الغَيثُ أَطلالَ الأَحِبَّةِ بِالحِمى


عدد ابيات القصيدة:50


سَقى الغَيثُ أَطلالَ الأَحِبَّةِ بِالحِمى
سَقى الغَيثُ أَطلالَ الأَحِبَّةِ بِالحِمى
وَحاكَ عَلَيها ثَوبَ وَشيٍ مُنَمنَما
وَأَطلَعَ فيها لِلأَزاهيرِ أَنجُما
فَكَم رَفَلَت فيها الخَرائِدُ كَالدُمى
إِذِ العَيشُ غَضٌّ وَالزَمانُ غُلامُ
أَهيمُ بِجَبّارٍ يَعِزُّ وَأَخضَعُ
شَذا المِسكِ مِن أَردانِهِ يَتَضَوَّعُ
إِذا جِئتُ أَشكوهُ الجَوى لَيسَ يَسمَعُ
فَما أَنا في شَيءٍ مِنَ الوَصلِ أَطمَعُ
وَلا أَن يَزورَ المُقلَتَينِ مَنامُ
قَضَيبٌ مِنَ الرَيحانِ أَثمَرَ بِالبَدرِ
لَواحِظُ عَينَيهِ مُلِئنَ مِنَ السِحرِ
وَديباجُ خَدَّيهِ حَكى رَونَقَ الخَمرِ
وَأَلفاظُهُ في النُطقِ كَاللُؤلُؤِ النَثرِ
وَريقَتُهُ في الإِرتِشافِ مُدامُ
سَقى جَنَباتِ القَصرِ صَوبُ الغَمائِمِ
وَغَنّى عَلى الأَغصانِ وُرقُ الحَمائِمِ
بِقُرطُبَةَ الغَرّاءَ دارِ الأَكارِمِ
بِلادٌ بِها شَقَّ الشَبابُ تَمائِمي
وَأَنجَبَني قَومٌ هُناكَ كِرامُ
فَكَم لِيَ فيها مِن مَساءٍ وَإِصباحِ
بِكُلِّ غَزالٍ مُشرِقِ الوَجهِ وَضّاحِ
يُقَدِّمُ أَفواهَ الكُؤوسِ بِتُفّاحِ
إِذا طَلَعَت في راحِهِ أَنجُمُ الراحِ
فَإِنّا لَإِعظامِ المُدامِ قِيامُ
وَيَومٍ لَدى النَبتِيِّ في شاطِئِ النَهرِ
تُدارُ عَلَينا الراحُ في فِتيَةٍ زُهرِ
وَليسَ لَنا فَرشٌ سِوى يانِعِ الزَهرِ
يَدورُ بِها عَذبُ اللَمى أَهيَفُ الخَصرِ
بِفيهِ مِنَ الثَغرِ الشَنيبِ نِظامُ
وَيَومٍ بِجَوفِيِّ الرَصافَةِ مُبهِجِ
مَرَرنا بِرَوضِ الأُقحُوانِ المُدَبَّجِ
وَقابَلَنا فيهِ نَسيمُ البَنَفسَجِ
وَلاحَ لَنا وَردٌ كَخَدٍّ مُضَرَّجِ
نَراهُ أَمامَ النورِ وَهوَ إِمامُ
وَأَكرِم بِأَيّامِ العُقابِ السَوالِفِ
وَلَهوٍ أَثَرناهُ بِتِلكَ المَعاطِفِ
بِسودِ أَثيثِ الشَعرِ بيضِ السَوالِفِ
إِذا رَفَدوا في وَشيِ تِلكَ المَطارِفِ
فَلَيسَ عَلى خَلعِ العِذارِ مُلامُ
وَكَم مَشهَدٍ عِندَ العَقيقِ وَجِسرِهِ
قَعَدنا عَلى حُمرِ النَباتِ وَصُفرِهِ
وَظَبيٍ يُسَقّينا سُلافَةَ خَمرِهِ
حَكى جَسَدي في السُقمِ رِقَّةَ خَصرِهِ
لَواحِظُهُ عِندَ الرُنُوِّ سِهامُ
فَقُل لِزَمانٍ قَد تَوَلّى نَعيمُهُ
وَرَثَّت عَلى مَرِّ اللَيالي رُسومُهُ
وَكَم رَقَّ فيهِ بِالعَشِيِّ نَسيمُهُ
وَلاحَت لِساري اللَيلِ فيهِ نُجومُهُ
عَلَيكَ مِنَ الصَبِّ المَشوقِ سَلامُ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزومي الأندلسي، أبو الوليد.
وزير، كاتب وشاعر من أهل قرطبة، انقطع إلى ابن جهور من ملوك الطوائف بالأندلس، فكان السفير بينه وبين ملوك الأندلس فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف.
فهرب واتصل بالمعتضد صاحب إشبيلية فولاّه وزارته، وفوض إليه أمر مملكته فأقام مبجّلاً مقرباً إلى أن توفي باشبيلية في أيام المعتمد على الله ابن المعتضد.
ويرى المستشرق كور أن سبب حبسه اتهامه بمؤامرة لإرجاع دولة الأمويين.
وفي الكتاب من يلقبه بحتري المغرب، أشهر قصائده: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا.
ومن آثاره غير الديوان رسالة في التهكم بعث بها عن لسان ولاّدة إلى ابن عبدوس وكان يزاحمه على حبها، وهي ولاّدة بنت المستكفي.
وله رسالة أخرى وجهها إلى ابن جهور طبعت مع سيرة حياته في كوبنهاغن وطبع في مصر من شروحها الدر المخزون وإظهار السر المكنون.
تصنيفات قصيدة سَقى الغَيثُ أَطلالَ الأَحِبَّةِ بِالحِمى