البيت العربي

سَلامٌ مِن صَبا بَرَدى أَرَقُّ
عدد ابيات القصيدة:55

سَـــلامٌ مِـــن صَـــبـــا بَــرَدى أَرَقُّ
وَدَمــعٌ لا يُــكَــفــكَـفُ يـا دِمَـشـقُ
وَمَــعــذِرَةُ اليَـراعَـةِ وَالقَـوافـي
جَـــلالُ الرُزءِ عَـــن وَصـــفٍ يَـــدِقُّ
وَذِكــرى عَــن خَــواطِـرِهـا لِقَـلبـي
إِلَيـــكِ تَـــلَفُّتـــٌ أَبَـــداً وَخَــفــقُ
وَبــي مِــمّـا رَمَـتـكِ بِهِ اللَيـالي
جِــراحـاتٌ لَهـا فـي القَـلبِ عُـمـقُ
دَخَــلتُــكِ وَالأَصــيـلُ لَهُ اِئتِـلاقٌ
وَوَجــهُــكِ ضـاحِـكُ القَـسَـمـاتِ طَـلقُ
وَتَـحـتَ جِـنـانِـكِ الأَنـهـارُ تَـجري
وَمِـــــــلءُ رُبـــــــاكِ أَوراقٌ وَوُرقُ
وَحَـــولي فِـــتـــيَـــةٌ غُــرٌّ صِــبــاحٌ
لَهُـم فـي الفَـضـلِ غـايـاتٌ وَسَـبـقُ
عَــلى لَهَــواتِهِــم شُــعَــراءُ لُســنٌ
وَفــي أَعــطــافِهِــم خُـطَـبـاءُ شُـدقُ
رُواةُ قَــصــائِدي فَــاِعـجَـب لِشِـعـرٍ
بِـــكُـــلِّ مَـــحَـــلَّةٍ يَــرويــهِ خَــلقُ
غَــمَــزتُ إِبــاءَهُــم حَــتّــى تَــلَظَّت
أُنــوفُ الأُســدِ وَاِضــطَـرَمَ المَـدَقُّ
وَضَــجَّ مِــنَ الشَــكــيــمَــةِ كُـلُّ حُـرٍّ
أَبِــيٍّ مِــن أُمَــيَّةــَ فــيــهِ عِــتــقُ
لَحــاهــا اللَهُ أَنــبــاءً تَــوالَت
عَــلى سَــمــعِ الوَلِيِّ بِــمــا يَـشُـقُّ
يُــفَــصِّلـُهـا إِلى الدُنـيـا بَـريـدٌ
وَيُــجــمِــلُهــا إِلى الآفـاقِ بَـرقُ
تَــكـادُ لِرَوعَـةِ الأَحـداثِ فـيـهـا
تُــخـالُ مِـنَ الخُـرافَـةِ وَهـيَ صِـدقُ
وَقــيــلَ مَــعــالِمُ التـاريـخِ دُكَّت
وَقـــيـــلَ أَصــابَهــا تَــلَفٌ وَحَــرقُ
أَلَســتِ دِمَــشــقُ لِلإِســلامِ ظِــئراً
وَمُـــرضِـــعَــةُ الأُبُــوَّةِ لا تُــعَــقُّ
صَــلاحُ الديــنِ تـاجُـكَ لَم يُـجَـمَّل
وَلَم يــوسَــمَ بِــأَزيَـنَ مِـنـهُ فَـرقُ
وَكُــلُّ حَــضــارَةٍ فـي الأَرضِ طـالَت
لَهــا مِــن سَــرحِــكِ العُـلوِيِّ عِـرقُ
سَـمـاؤُكِ مِـن حُـلى المـاضـي كِتابٌ
وَأَرضُــكِ مِــن حُــلى التـاريـخِ رِقُّ
بَـنَـيـتِ الدَولَةَ الكُـبـرى وَمُـلكاً
غُــبــارُ حَــضــارَتَــيــهِ لا يُــشَــقُّ
لَهُ بِــــالشــــامِ أَعـــلامٌ وَعُـــرسٌ
بَــــشــــائِرُهُ بِــــأَنــــدَلُسٍ تَــــدُقُّ
رُبـاعُ الخـلدِ وَيـحَـكِ مـا دَهـاها
أَحَـــــقٌّ أَنَّهـــــا دَرَسَـــــت أَحَـــــقُّ
وَهَــل غُــرَفُ الجِــنــانِ مُــنَــضَّداتٌ
وَهَــل لِنَــعــيــمِهِــنَّ كَـأَمـسِ نَـسـقُ
وَأَيـنَ دُمـى المَـقـاصِـرِ مِـن حِجالٍ
مُهَــــتَّكــــَةٍ وَأَســــتــــارٍ تُـــشَـــقُّ
بَـرَزنَ وَفـي نَـواحـي الأَيـكِ نـارٌ
وَخَــــلفَ الأَيــــكِ أَفـــراخٌ تُـــزَقُّ
إِذا رُمــنَ السَــلامَـةَ مِـن طَـريـقٍ
أَتَـــت مِـــن دونِهِ لِلمَـــوتِ طُـــرقُ
بِــلَيــلٍ لِلقَــذائِفِ وَالمَــنــايــا
وَراءَ سَـــمـــائِهِ خَـــطـــفٌ وَصَــعــقُ
إِذا عَــصَـفَ الحَـديـدُ اِحـمَـرَّ أُفـقٌ
عَـــلى جَـــنَــبــاتِهِ وَاِســوَدَّ أُفــقُ
سَــلي مَـن راعَ غـيـدَكِ بَـعـدَ وَهـنٍ
أَبَــيــنَ فُــؤادِهِ وَالصَــخــرِ فَــرقُ
وَلِلمُــســتَــعــمِــريـنَ وَإِن أَلانـو
قُـــلوبٌ كَـــالحِـــجـــارَةِ لا تَــرِقُّ
رَمــاكِ بِــطَــيــشِهِ وَرَمـى فَـرَنـسـا
أَخــــو حَـــربٍ بِهِ صَـــلَفٌ وَحُـــمـــقُ
إِذا مـــــاجـــــاءَهُ طُــــلّابُ حَــــقٍّ
يَــقـولُ عِـصـابَـةٌ خَـرَجـوا وَشَـقّـوا
دَمُ الثُــوّارِ تَــعــرِفُهُ فَــرَنــســا
وَتَــــعــــلَمُ أَنَّهــــُ نــــورٌ وَحَــــقُّ
جَــرى فــي أَرضِهــا فــيــهِ حَـيـاةٌ
كَــمُــنــهَــلِّ السَـمـاءِ وَفـيـهِ رِزقُ
بِــلادٌ مــاتَ فِــتـيَـتُهـا لِتَـحـيـا
وَزالوا دونَ قَــومِهِــمُ لِيَــبـقـوا
وَحُــرِّرَتِ الشُــعــوبُ عَـلى قَـنـاهـا
فَــكَــيــفَ عَــلى قَـنـاهـا تُـسـتَـرَقُّ
بَـنـي سـورِيَّةـَ اِطَّرِحـوا الأَمـاني
وَأَلقـوا عَـنـكُـمُ الأَحلامَ أَلقوا
فَـمِـن خِـدَعِ السِـيـاسَـةِ أَن تُغَرّوا
بِـــأَلقـــابِ الإِمـــارَةِ وَهـــيَ رِقُّ
وَكَــم صَــيَــدٍ بَــدا لَكَ مِـن ذَليـلٍ
كَـمـا مـالَت مِـنَ المَـصـلوبِ عُـنـقُ
فُـتـوقُ المُـلكِ تَـحـدُثُ ثُـمَّ تَـمـضي
وَلا يَــمــضـي لِمُـخـتَـلِفـيـنَ فَـتـقُ
نَــصَـحـتُ وَنَـحـنُ مُـخـتَـلِفـونَ داراً
وَلَكِــن كُــلُّنــا فــي الهَــمِّ شَــرقُ
وَيَـجـمَـعُـنـا إِذا اِخـتَـلَفَـت بِلادٌ
بَــيــانٌ غَــيــرُ مُــخــتَــلِفٍ وَنُـطـقُ
وَقَــفــتُــم بَــيـنَ مَـوتٍ أَو حَـيـاةٍ
فَـإِن رُمـتُم نَعيمَ الدَهرِ فَاِشقوا
وَلِلأَوطــــانِ فــــي دَمِ كُـــلِّ حُـــرٍّ
يَـــدٌ سَـــلَفَــت وَدَيــنٌ مُــســتَــحِــقُّ
وَمَـن يَـسـقـى وَيَـشـرَبُ بِـالمَـنايا
إِذا الأَحرارُ لَم يُسقوا وَيَسقوا
وَلا يَـبـنـي المَـمالِكَ كَالضَحايا
وَلا يُــدنــي الحُـقـوقَ وَلا يُـحِـقُّ
فَــفــي القَـتـلى لِأَجـيـالٍ حَـيـاةٌ
وَفـي الأَسـرى فِـدىً لَهُـمـو وَعِـتقُ
وَلِلحُــــرِّيَّةـــِ الحَـــمـــراءِ بـــابٌ
بِــــكُـــلِّ يَـــدٍ مُـــضَـــرَّجَـــةٍ يُـــدَقُّ
جَـزاكُـم ذو الجَـلالِ بَـنـي دِمَـشقٍ
وَعِــــزُّ الشَــــرقِ أَوَّلُهُ دِمَــــشــــقُ
نَــصَــرتُــم يَـومَ مِـحـنَـتِهِ أَخـاكُـم
وَكُـــلُّ أَخٍ بِـــنَــصــرِ أَخــيــهِ حَــقُّ
وَمــا كــانَ الدُروزُ قَــبــيـلَ شَـرٍّ
وَإِن أُخِـذوا بِـمـا لَم يَـسـتَـحِقّوا
وَلَكِــــن ذادَةٌ وَقُــــراةُ ضَــــيــــفٍ
كَـيَـنـبـوعِ الصَـفـا خَشُنوا وَرَقّوا
لَهُـــم جَـــبَـــلٌ أَشَـــمُّ لَهُ شَــعــافٌ
مَـوارِدُ فـي السَـحـابِ الجونِ بُلقُ
لِكُــــلِّ لَبــــوءَةٍ وَلِكُــــلِّ شِـــبـــلٍ
نِــــضـــالٌ دونَ غـــايَـــتِهِ وَرَشـــقُ
كَـأَنَّ مِـنَ السَـمَـوأَلِ فـيـهِ شَـيـئاً
فَــــكُــــلُّ جِهــــاتِهِ شَـــرَفٌ وَخَـــلقُ
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: أحمد شوقي
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932