قصيدة سلم على الدار بذي تنضب للشاعر بَشّارِ بنِ بُرد

البيت العربي

سَلِّم عَلى الدارِ بِذي تَنضُبِ


عدد ابيات القصيدة:80


سَلِّم عَلى الدارِ بِذي تَنضُبِ
سَــلِّم عَــلى الدارِ بِــذي تَــنـضُـبِ
فَـــشَـــطِّ حَــوضــى فَــلِوى قَــعــنَــبِ
وَاِســتَـوقِـفِ الرَكـبَ عَـلى رَسـمِهـا
بَــل حُــلَّ بِــالرَســمِ وَلا تَــركَــبِ
لَمّــا عَــرَفــنــاهــا جَــرى دَمــعُهُ
مـا بَـعـدَ دَمـعِ العـانِـسِ الأَشيَبِ
طــالِب بِــسُــعـدى شَـجَـنـاً فـائِتـاً
وَهَــل لِمــا قَــد فـاتَ مِـن مَـطـلَبِ
وَصـــاحِـــبٍ قَـــد جُـــنَّ فـــي صِـــحَّةٍ
لا يَــشـرَبُ التِـريـاقَ مِـن عَـقـرَبِ
جــافٍ عَــنِ البـيـضِ إِذا مـا غَـدا
لَم يَــبــكِ فــي دارٍ وَلَم يَــطــرَبِ
صــــادَيـــتُهُ عَـــن مُـــرَّ أَخـــلاقِهِ
بِـــحُـــلوِ أَخــلاقــي وَلَم أَشــغَــبِ
حَـتّـى إِذا أَلقـى عَـلَيـنـا الهَوى
أَظـفـارَهـث وَاِرتـاحَ فـي المَـلعَبِ
أَصــــفَــــيــــتُهُ وُدّي وَحَــــدَّثــــتُهُ
بِــالحَــقِّ عَـن سُـعـدى وَعَـن زَيـنَـبِ
أَقــــولُ وَالعَـــيـــنُ بِهـــا غُـــصَّةٌ
مِــن عَــبــرَةٍ هــاجَـت وَلَم تَـسـكُـبِ
إِن تَـــذهَـــب الدارُ وَسُــكّــانُهــا
فَــإِنَّ مــا فـي القَـلبِ لَم يَـذهَـبِ
لاغَــــروَ إِلاّدارُ سُـــكّـــانِـــنـــا
تُـمـسـي بِهـا الرُبـدُ مَـعَ الرَبرَبِ
تَــنــتــابُهــا سُـعـدى وَأَتـرابُهـا
فــي ظِــلِّ عَــيــشٍ حــافِــلٍ مُــعـجِـبِ
مَـــرَّ عَـــلَيـــنـــا زَمَــنٌ مُــصــعَــبٌ
بَــعــدَ زَمــانٍ لَيــسَ بِــالمُــصـعَـبِ
فَــاِجــتَــذَّ سُــعـدى بِـحَـذافـيـرِهـا
غَــيــرَ بَـقـايـا حُـبِّهـا المُـصـحَـبِ
قَــد قُــلتُ لِلســائِلِ فــي حُــبِّهــا
لَمّــا دَنــا فــي حُــرمَـةِ الأَقـرَبِ
يـا صـاحِ لا تَـسـأَل بِـحُـبّـي لَهـا
وَاِنــظُــر إِلى جِـسـمِـيَ ثُـمَّ اِعـجَـبِ
مِــن نــاحِــلِ الأَلواحِ لَو كِــلتَهُ
فــي قُــلبِهــا مَــرَّ وَلَم يَــنــشَــبِ
شَـــتّـــانَ مَـــجـــدودٌ وَمَـــن جَـــدُّهُ
كَــالكَـعـبِ إِن تَـرحَـل بِهِ يَـرتُـبِ
أَغـرى بِـسُـعـدى عِندَنا في الكَرى
مَـن لَيـسَ بِـالدانـي وَلا المُصقَبِ
مَـــكِّيـــَّةٌ تَــبــدو إِذا مــا بَــدَت
بِـالمـيـثِ مِـن نَـعـمـانَ أَو مَـغرِبِ
عُــلِّقــتُ مِــنــهــا حُـلُمـاً كـاذِبـاً
يــا لَيـتَ ذاكَ الحُـلمَ لَم يَـكـذِبِ
وَمَـــلعَـــبِ النــونِ يُــرى بَــطــنُهُ
مِــن ظَهــرِهِ أَخــضَــرَ مُــســتَــصـعَـبِ
عَـطـشـانَ إِن تَـأخُـذ عَـلَيهِ الصَبا
يَـفـحُـش عَـلى البـوصِـيِّ أَو يَـصـخَبِ
كَــــأَنَّ أَصــــواتــــاً بِـــأَرجـــائِهِ
مِـــن جُـــنــدُبٍ فــاضَ إِلى جُــنــدُبِ
رَكِـــبـــتُ فـــي أَهـــوالِهِ ثَــيِّبــاً
إِلَيـــكَ أَو عَـــذراءَ لَم تُـــركَـــبِ
لَمّــا تَــيَــمَّمــتُ عَــلى ظَهــرِهــا
لِمَــجــلِسٍ فــي بَــطـنِهـا الحَـوشَـبِ
هَــيَّأــتُ فــيــهـا حـيـنَ خَـيَّسـتُهـا
مِــن حــالِكِ اللَونِ وَمِــن أَصــهَــبِ
فَــأَصــبَــحَــت جــارِيَــةً بَــطــنُهــا
مَــلآنُ مِــن شَــتّــى فَــلَم تُــضــرَبِ
لا تَشتَكي الأَينَ إِذا ما اِنتَحَت
تُهـــدى بِهـــادٍ بَـــعـــدَهــا قُــلَّبِ
راعــي الذِراعَــيــنِ لِتَـحـريـزِهـا
مِـــن مَـــشــرَبٍ غــارَ إِلى مَــشــرَبِ
إِذا اِنــجَــلَت عَــنــهـا بِـتَـيّـارِهِ
وَاِرفَــــضَّ آلُ الشَــــرَفِ الأَحــــدَبِ
ذَكَــرتُ مِــن هِــقــلٍ غَـدا خـاضِـبـاً
أَو هِــقــلَةٍ رَبــداءَ لَم تَــخــضِــبِ
تَــصِــرُّ أَحــيــانــاً بِــسُــكّــانِهــا
صَـريـرَ بـابِ الدارِ فـي المِـذنَـبِ
بِــمِــثــلِهــا يُـجـتـازُ فـي مِـثـلِهِ
إِن جَـــدَّ جَـــدَّت ثُـــمَّ لَم تَـــلعَــبِ
دُعــمــوصُ نَهــرٍ أَنــشَــبَــت وَســطَهُ
إِن تَــنــعَـبِ الريـحُ لَهـا تَـنـعَـبِ
إِلى إِمـــامِ النـــاسِ وَجَّهـــتُهـــا
تَــجــري عَــلى غـارٍ مِـنَ الطُـحـلُبِ
إِلى فَــتـىً تَـسـقـي يَـداهُ النَـدى
حــيــنـاً وَأَحـيـانـاً دَمَ المُـذنِـبِ
إِذا دَنــا العَــيــشُ فَــمَــعــروفُهُ
دانٍ بِــعَــيــشِ القـانِـعِ المُـتـرِبِ
زَيـنُ سَـريـرِ المُـلكِ في المُغتَدى
وَغُــرَّةُ المَــوكِــبِ فــي المَــوكِــبِ
كَـــأَنَّ مَـــبــعــوثــاً عَــلى بــابِهِ
يُـدنـي وَيُـقـصـي نـاقِـداً يَـجـتَـبي
إِذا رَمـــاهُ النَـــقَــرى بِــاِمــرِئٍ
لانَ لَهُ البـــابُ وَلَم يُـــحـــجَـــبِ
دَأَبــــتُ حَــــتّــــى جِــــئتُهُ زائِراً
ثُـــــمَّ تَـــــعَـــــنَّيـــــتُ وَلَم أَدأَبِ
مـا اِنـشَـقَّتـِ الفِـتـنَـةُ عَـن مِثلِهِ
فــي مَــشــرِقِ الأَرضِ وَلا مَــغــرِبِ
أَطَــــــبَّ لِلديــــــنِ إِذا رَنَّقــــــَت
عَــيــنــاهُ مِــن طــاغِــيَــةٍ مُـجـرِبِ
أَلقـــى إِلَيـــهِ عُـــمَـــرٌ شــيــمَــةً
كـــانَـــت مَــواريــثَ أَبٍ عَــن أَبِ
قــودَ المَــطــايــا بِـعَـمـى مـارِقٍ
عــوتِــبَ فــي اللَهِ فَــلَم يُــعـتِـبِ
إِنَّ يَـــزيـــداً فَــاِدنُ مِــن بــابِهِ
فـي الضـيـقِ إِن كـانَ أَوِ المَرحَبِ
أَجـدى عَـلى النـاسِ إِذا أَمـحَلوا
يَـومـاً وَأَكـفـى لِلثَـأَى المُـنـصِـبِ
دِعـــامَـــةُ الأَرضِ إِذا مــا وَهَــت
سَـــمـــاؤُهُ عَـــن لاقِـــحٍ مُـــقـــرِبِ
الجـــالِبُ الأُســـدَ وَأَشــبــالَهــا
يَــزُرنَ مِــن دورَيـنِ فـي المِـجـلَبِ
بِـــعَـــســكَــرٍ ظَــلَّت عَــنــاجــيــجُهُ
فـي القـودِ مِـن طِـرفٍ وَمِـن سَـلهَبِ
مَـجـنـوبَـةَ العَـصـرَيـنِ أَو عَـصرَها
بِـــسَـــيــرِ لا وانٍ وَلا مُــتــعَــبِ
يَــتــبَــعــنَ مَــخــذولاً وَأَشـيـاعَهُ
بِـالعَـيـنِ فَـالرَوحـاءَ فَـالمَـرقَـبِ
حَــتّـى إِذا اِسـتَـيـقَـنَ مِـن كَـبـوَةٍ
وَكُــــنَّ مِــــنــــهُ لَيـــلَةَ المِـــذَّبِ
خَـــرَجـــنَ مِــن سَــوداءَ فــي غِــرِّةٍ
يَـرديـنَ أَمـثـالَ القَـنـا الشُرَّبِ
لَمّــا رَأَوا أَعــنــاقَهــا شُــرَّعــاً
بِــالمَــوتِ دونَ العَــلَقِ الأَغــلَبِ
كــانــوا فَــريـقَـيـنِ فَـمِـن هـارِبٍ
وَمُــقــعِــسٍ بِــالطَــعــنِ لَم يَهــرُبِ
مِــثــلَ الفَــزارِيِّ الَذي لَم يَــزَل
جَــداهُ يَــكــفــي غَــيــبَـةَ الغُـيَّبِ
أَنــزَلنَ عَــبــدَ اللَهِ مِــن حِـصـنِهِ
إِذ جِــئنَهُ مِــن حَــيــثُ لَم يَـرهَـبِ
وَاِنــصَــعـنَ لِلمَـخـدوعِ عَـن نَـفـسِهِ
يَـــذُقـــنَ مــا ذاقَ فَــلَم يُــصــلَبِ
وَلَو تَـــرى الأَزدِيَّ فـــي جَــمــعِهِ
كـــانَ كَـــضِــلّيــلِ بَــنــي تَــغــلِبِ
أَيّــــامَ يَهــــزُزنَ إِلَيــــهِ الرَدى
بِـكُـلِّ مـاضـي النَـصـلِ وَالثَـعـلَبِ
حَــــتّــــى إِذا قَــــرَّبَهُ حَــــيــــنُهُ
مِـنـهـا وَلَولا الحَـيـنُ لَم يَـقرُبِ
خــاضَ اِبــنُ جُـمـهـورٍ وَلَو رامَهـا
مُــطــاعِــنُ الأُسـدِ عَـلى المَـشـرَبِ
وَزُرنَ شَـــيـــبـــانَ فَـــنــامَــت بِهِ
عَــيــنٌ وَلَم تَــأرَق عَــلى مُــذنِــبِ
أَجــلى عَـنِ المَـوصِـلِ مِـن وَقـعِهـا
أَو خَـرَّ مِـن حُـثـحـوثِهـا المُـطـنِبِ
هُــنـاكَ عـادَ الديـنُ مُـسـتَـقـبَـلاً
وَاِنـتَـصَـبَ الديـنُ عَـلى المَـنـصِـبِ
وَعــــاقِــــدُ التـــاجِ عَـــلى رَأسِهِ
يَــبــرُقُ وَالبَــيــضَــةُ كَــالكَـوكَـبِ
لا يَـــضَـــعُ اللَأمَــةَ عَــن جِــلدِهِ
وَمِــحــمَــلَ السَـيـفِ عَـنِ المَـنـكِـبِ
جَــــلّابُ أَتــــلادٍ بِــــأَشـــيـــاعِهِ
قُــــلتُ لَهُ قَــــولاً وَلَم أَخـــطُـــبِ
لَو حَـــلَبَ الأَرضَ بِـــأَخـــلافِهـــا
دَرَّت لَكَ الحَـــربُ دَمـــاً فَــاِحــلُبِ
يــا أَيُّهــا النــازي بِــسُـلطـانِهِ
أَدلَلتَ بِـــالحَـــربِ عَــلى مِــحــرَبِ
الغِــيُّ يُــعــدي فَــاِجـتَـنِـب قُـربَهُ
وَاِحــذَر بُــغــى مُـعـتَـزَلِ الأَجـرَبِ
أَنــهــاكَ عَــن عــاصٍ عَــدا طَــورَهُ
وَأَلهَــبَ القَــصــدَ عَــلى المُـلهِـبِ
لا تَــعــجَــلِ الحَـربَ لَهـا رَحـبَـةٌ
تُــغــضِــبُ أَقــوامــاً وَلَم تَــغـضَـبِ
إِن سَــرَّكَ المَــوتُ لَهــا عــاجِــلاً
فَــاِســتَـعـجِـلِ المَـوتَ وَلا تَـرقُـبِ
مــا أُحــرِمَــت عَــنــكَ خَـطـاطـيـفُهُ
فَــاِرقَ عَــلى ظَــلعِــكَ أَو قَــبـقِـبِ
إِنَّ الأُلى كــانــوا عَــلى سُـخـطِهِ
مِــن بَــيــنِ مَــنــدوبٍ وَمُـسـتَـنـدِبِ
لَمّـــا دَنـــا مَــنــزِلُهُ أَطــرَقــوا
إِطــراقَــةَ الطَـيـرِ لِذي المِـخـلَبِ
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

بشار بن برد العُقيلي، أبو معاذ.
أشعر المولدين على الإطلاق. أصله من طخارستان غربي نهر جيحون ونسبته إلى امرأة عقيلية قيل أنها أعتقته من الرق. كان ضريراً.
نشأ في البصرة وقدم بغداد، وأدرك الدولتين الأموية والعباسية، وشعره كثير متفرق من الطبقة الأولى، جمع بعضه في ديوان. اتهم بالزندقة فمات ضرباً بالسياط، ودفن بالبصرة
تصنيفات قصيدة سَلِّم عَلى الدارِ بِذي تَنضُبِ