قصيدة طال عليها القدم للشاعر أحمد شوقي

البيت العربي

طالَ عَلَيها القِدَم


عدد ابيات القصيدة:68


طالَ عَلَيها القِدَم
طـالَ عَـلَيها القِدَم
فَهـــيَ وُجـــودٌ عَــدَم
قَد وُئِدَت في الصِبا
وَاِنبَعَثَت في الهَرَم
بــالَغَ فِــرعَـونُ فـي
كَــرمَـتِهـا مَـن كَـرَم
أَهــرَقَ عُــنــقـودَهـا
تَــقــدِمَــةً لِلصَــنَــم
خَـــبَّأـــَهــا كــاهِــنٌ
نـاحِـيَـةً فـي الهَرَم
اِكــتُــشِـفَـت فَـاِمَّحـَت
غَـيـرَ شَـذاً أَو ضَـرَم
أَو كَــخَــيــالٍ لَهــا
بَــعــدَ مَــتــابٍ أَلَم
نَــــمَّ بِهـــا دَنُّهـــا
وَهــيَ عَــلَيــهِ أَنَــم
بـــي رَشَـــأٌ نــاعِــمٌ
مـا عَـرفَ العُمرَ هَم
أَخـرَجَهـا اللَهُ كَال
زَهـرَةِ وَالحُـسـنُ كِـم
تَــخــطُــرُ عَـن عـادِلٍ
لَم يُـــرَ إِلّا ظَـــلَم
تَــبــسِــمُ عَــن لُؤلُؤٍ
قَـــدَّرَهُ مَـــن قَــسَــم
كَــرَّمَهُ فــي النَــوى
هَــذَّبَهُ فــي اليُـتَـم
مُــضــطَهَــدٌ خَــصـرُهـا
جــانِــبُهُ مُهــتَــضَــم
طــاوَعَ مِــن صَـدرِهـا
أَيَّ قَــــوِيٍّ حَــــكَــــم
حَــــمَّلــــَهُ ثِـــقـــلَهُ
ثُــمَّ عَــلَيــهِ اِدَّعَــم
تَــســأَلُ أَتــرابَهــا
مــومِــئَةً بِــالعَـنَـم
أَيُّ فَــــتـــىً ذَلِكُـــن
نَ العَــرَبِـيَّ العَـلَم
يَــشــرَبُهــا سـاهِـراً
لَيـــلَتَهُ لَم يَـــنَــم
قُـــلنَ تَـــجــاهَــلتِهِ
ذَلِكَ رَبُّ القَــــــــلَم
شــاعِــرُ مِـصـرَ الَّذي
لَو خَـفِـيَ النَجمُ لَم
قُــلتُ لَهـا لَيـتَ لَم
نُــرمَ وَفــي نُــتَّهــَم
عـاذِلَتـي في الطِلى
لَو أَنـصَـفَت لَم أُلَم
إِن عَـبَـسَ العَيشُ لي
عُـذتُ بِهـا فَـاِبـتَسَم
يَــشــرَبُهــا كــابِــرٌ
بَــيـنَ ضُـلوعـي أَشَـم
يَــبـذُلُ إِلّا النُهـى
يَهــتِـكُ إِلّا الحُـرَم
يُــكــسِــبُهــا خُــلقَهُ
يَـمـزُجُهـا بِـالشِـيَـم
يَــمــنَــعُهــا حِــلمَهُ
إِن دَفَـعَـتـهُ اِحـتَشَم
تِـلكَ شُـمـوسُ الدُجـى
أَم ظَـبِـيّـاتُ الخِـيَم
تُــقــبِـلُ فـي مَـوكِـبٍ
شَــقَّ سَــنـاهُ الظُـلَم
خِــــلتُ بِـــأَنـــوارِهِ
قَــرنَ ذُكــاءٍ نَــجَــم
مَـــقـــصِــدُهــا سُــدَّةٌ
آلَ إِلَيـهـا العِـظَـم
حَـيـثُ كِـبـارُ المَلا
بَـعـضُ صِـغـارِ الخَدَم
قَـد وَقَـفـوا لِلمَهـا
فَـاِنـسَـرَبَـت مِن أَمَم
تَـخـطِـرُ مِـن جَـمـعِهِم
بَــيــنَ لُيــوثٍ بُهَــم
خــارِجَــةً مِــن شَــرىً
داخِـــلَةً فـــي أَجَــم
نــاعِــمَــةً لَم تُــرَع
لاهِــيَــةً لَم تَــجَــم
اِنـــتَـــشَــرَت لُؤلُؤاً
في المُهَجاتِ اِنتَظَم
تَــمــرَجُ فــي مَـأمَـنٍ
مِـثـلَ حَـمـامِ الحَرَم
مُـــؤتَـــلِفٌ سِــربُهــا
حَـيـثُ تَلاقى اِلتَأَم
مُــنــدَفِــعــاتٌ عَــلى
مُـخـتَـلِفـاتِ النَـغَـم
بَــيــنَ يَــدٍ فـي يَـدٍ
أَو قَــدَمٍ فــي قَــدَم
تَـذهَـبُ مَـشـيَ القَطا
تَــرجِـعُ كَـرَّ النَـسَـم
تَــبــعَــثُ أَنّـى بَـدَت
ضَــوءَ جَــبــيـنٍ وَفَـم
تُـعـجِـلُ خَـطـواً تَـني
فــاتِــنَــةً بِـالرَسَـم
تَـجـمَـعُ مِـن ذَيـلِهـا
تَـــتـــرُكُهُ لَم يُــلَم
تَــرفُــلُ فـي مُـخـمَـلٍ
نَـــمَّ وَلَمّـــا يَــتِــم
تَـتـبَـعُ إِلّا الهَـوى
تَــقـرَبُ إِلّا التُهَـم
فَـاِجـتَـمَـعَت فَاِلتَقَت
حَــولَ خِــوانٍ نُــظِــم
مُـــنـــتَهَــبٍ كُــلَّمــا
ظُـنَّ بِهِ النَـقـصُ تَـم
مــــائِدَةٌ مَــــدَّهــــا
بَــحــرُ نَــوالٍ خِـضَـم
تَــحــسَــبُهــا صُــوِّرَت
مِــن شَهَـواتِ النَهَـم
لَم تُــرَ فــي بـابِـلٍ
مــا عُهِـدَت فـي إِرَم
حــاتِــمُ لَو شـامَهـا
أَقــلَعَ عَــمّــا زَعَــم
مَـعـنُ لَوِ اِنـتـابَها
أَدرَكَ مَـعـنى الكَرَم
أَشـبَهُ بِـالبَـحـرِ لا
يُــحــرِجُهــا مُـزدَحَـم
قـامَ لَدَيـها المَلا
يَــبـلُغُ أَلفَـيـنِ ثَـم
مُـقـتَرِحاً ما اِشتَهى
مُـلتَـقِـيـاً مـا رَسَـم
لَو طَـلَبَ الطَـيرَ مِن
أَيـكَـتِهِ مـا اِحـتَرَم
يـا مَـلِكـاً لَم تَـضِق
ســاحَــتُهُ بِــالأُمَــم
تَــجــمَــعُ أَشـرافَهـا
مِــن عَــرَبٍ أَو عَـجَـم
تُــخــطِــرُ مَـن أَمَّهـا
بَـيـنَ صُـنـوفِ النِعَم
ســادَةُ أَفــريــقـيـا
لُجَّتـــِهـــا وَالأَكَــم
أَنـتَ رَشـيـدُ العُـلى
في المَلأَينِ اِحتَكَم
لَيــلَتُــكُــم قَـدرُهـا
فَـوقَ غَـوالي القِيَم
مُــشــرِقَــةٌ مِــثـلُهـا
فــي زَمَــنٍ لَم يَـقُـم
لا بَـرَحَ الصَـفوُ في
ظِــلِّكُــمــو يُـغـتَـنَـم
مــا شَـرِبـوهـا وَمـا
طـالَ عَـلَيها القِدَم
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير، يلقب بأمير الشعراء، مولده ووفاته بالقاهرة، كتب عن نفسه: (سمعت أبي يردّ أصلنا إلى الأكراد فالعرب) نشأ في ظل البيت المالك بمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وارسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبلية، واطلع على الأدب الفرنسي وعاد سنة 1891م فعين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجينيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد. وأراد أن يجمع بين عنصري البيان: الشعر والنثر، فكتب نثراً مسموعاً على نمط المقامات فلم يلق نجاحاً فعاد إلى الشعر.
مولده 16-10-1868 ووفاته 14-10-1932