قصيدة عتاب على الدنيا وقل عتاب للشاعر الأعمى التطيلي

البيت العربي

عِتابٌ على الدُّنيا وَقَلَّ عِتابُ


عدد ابيات القصيدة:53


عِتابٌ على الدُّنيا وَقَلَّ عِتابُ
عِــتــابٌ عــلى الدُّنــيــا وَقَــلَّ عِــتــابُ
رضــيــنــا بــمــا تَـرْضـى ونـحـنُ غِـضـابُ
وقــالتْ وأصــغــيـنـا إلى زُورِ قـولهـا
وقــد يَــسْــتَــفِــزُّ القــولُ وهــو كــذابُ
وَغَــطَّتــْ عــلى أبــصــارِنــا وقــلوبِـنَـا
فــطــالَ عــليــهــا الحَــوْمُ وهـي سَـراب
ودانــت لهــا أفــواهُــنَــا وعــقُـولنَـا
وهــل عِــنْــدَهَــا إلا الفــنــاءُ ثــواب
وتــــلك لعــــمـــرُ ا أمـــا ركـــوبُهَـــا
فَهُــــلْكٌ وأمـــا ُحـــكْـــمُهَـــا فَـــغِـــلاب
نـــلذُّ ونـــلهـــو والأعـــزَّةُ حـــولهـــا
رُفَـــاتٌ ونـــبـــنـــي والديـــارُ خـــراب
وَتــخْــدَعُــنَــا عــمـا يُـرَادُ بـنـا مـنـىً
لبــحــرِ المــنــايــا دونــهــنَّ عُــبَــاب
ونـــغـــتــنــمُ الأيــامَ وهــيَ مــصــائبٌ
لهــــنَّ عــــليــــنـــا جـــيـــئةٌ وَذَهـــاب
بـكـتْ هـنـدُ مـن ضِـحْـكِ المـشيب بمفرقي
أَمَـــا عَـــلِمَـــت أنَّ الشـــبــابَ خِــضَــاب
وقــالت غُــبَــارٌ مــا أَرى وتــجــاهــلت
وليــــس عـــلى وَجْهِ النّهـــارِ نِـــقَـــاب
هـل الشـيـبُ إلا الرُّشْـدُ جـلَّى غـوايتي
فــأصــبــحــتُ لا يَــخْــفَــى عــليّ صــواب
وَأَصْــبَــحَ شــيــطــانــي يَــعَــضُّ بــنــانَهُ
وقـــد لاحَ دونـــي للقَـــتـــيــرِ شِهَــاب
أأعــفــو لِصَــرفِ الدَّهْــرِ عــن هَـفَـوَاتِهِ
عــلى حــيــنَ لا يــأتــي عــليَّ عِــقَــاب
وأتــــركُهُ يَــــمْـــضـــي عـــلى غُـــلَوَائِهِ
وقـــد قَـــلَّ إعـــتـــابٌ وطـــال عـــتــاب
بـــرئتُ مـــن العـــليـــاءِ إن لم أردَّهُ
ولي ظُـــفُـــرٌ قـــد عَـــاثَ فــيــه ونــاب
وإن لم أنَهْــنِه مــن شَــبَــاهُ بِــعَـزَمَـةٍ
تَـــذِلُّ لهـــا الأِشــيــاءُ وهــي صــعــاب
وقــائلةٍ مــا بــالُ حــمــصٍ نَــبَــت بــه
وَرُبَّ ســـــؤالٍ ليـــــس عــــنــــه جــــواب
نـبـت بـي فـكـنـتُ العُرفَ في غيرِ أهلْه
يـــعـــودُ عــلى أهــليــه وهــو تَــبَــاب
فـبـالله مـا اسـتـوطَـنْتُها قانعاً بها
ولكــــنَّنــــي ســــيــــفٌ حــــواهُ قِــــراب
أيُــغْـضِـبُ حُـسَّاـدي قـيـامـي إلى العُـلا
وقــد قــعَــدوا لمــا ظــفــرتُ وخـابـوا
وَأروَعَ لا يــــنـــأى عـــلى عَـــزَمَـــاتِهِ
مَـــرَامٌ ولا يُـــخْــفِــي سَــنَــاهُ حِــجَــاب
من الحضرميّين الأُولى أحْرَزوُا العلا
بَـنَـوا فـأطـالوا أو رَمْـوا فـأصـابـوا
مـن المـانـعـيـنَ الدهـرَ حـوزةَ جـارِهِمْ
وأشــلاؤهُ بــيــن الخُــطُــوبِ نــهــضــاب
هــمُ عَـرَضُـوا دون المـعـالي فـأصْـبَـحَـت
مــــطــــالبَ لا يـــدنـــو لَهُـــنَّ طِـــلاَب
وهـم جَـنَـحـوا بـالمـعـتـفـيـن إلى ندىً
هــو القَــطْــرُ لا يـأتـي عـليـه حـسـاب
ســجــايــا عــلى مـرِّ الليـالي كـأنَّمـا
هـــي المُـــزْنُ فـــيـــه رحــمــةٌ وعــذاب
مـــواردَ فـــيــهــا سَــمُّ كــلِّ مُــعَــانــدٍ
ولكـــنـــهـــا للمُـــسْـــتَـــقِــيــدِ عــذاب
تُــخَــوِّفُــنــي صَــرفَ الزمــانِ وقـد حَـدَث
بــرحــلي إلى ابــنِ الحَــضْــرَمِـيِّ ركـاب
إذا الله ســـنَّى لي لقـــاءَ مـــحـــمــدٍ
تـــفـــتَّحـــَ دونـــي للســـمـــاحــةِ بــاب
فــتــىً لم تُــسَــافِــر عـنـه آمـالُ آمـلٍ
وكـــــان لهـــــا إلاَّ إليـــــه إيـــــاب
ولا ظَــمِــىءَ العــلمُ المُــضَــيَّعـُ أهْـلُهُ
فــــــســــــاغ له إلا لديـــــه شـــــراب
لهُ هِـمَـمٌ فـي البـأسِ والجـودِ والنـدى
لهــا فــوق أثْــبــاجِ النــجــوم قـبـاب
وَأقْـــسِـــمُ لولا مـــا لَهُ مـــن مــآثــرٍ
لأصــبــح رَبْــعــث المــجـدِ وهـو يَـبَـابُ
مــآثــرُ هــنَّ المــجــدُ لا كــسـبُ درهـمٍ
وهـــنَّ المـــعـــالي لا حُـــلَىً وثــيــاب
يــغــيــظُ العــدا مــنــه أغــرُّ حُـلاحِـلٌ
أشــــمُّ طُــــوَالُ الســـاعـــديـــن لُبَـــاب
ولا عَــيْــبَ فــيــه لامــرىءٍ غـيـر أنَّه
تُـــعَـــابُ له الدنــيــا وليــس يُــعَــابُ
هــو الأسَــدُ الوَرْدُ الذي ســار ذِكْــرُهُ
وليـــــسَ له إلا البَـــــسَــــالَةُ غــــاب
تَــبَــوَّأ مــن دارِ الخــلافــةِ مَــقْـعَـداً
له فــيــه عَــنْ حُــكْــمِ القــضـاءِ مَـئاب
تــبــاهَـتْ بـه مـنـذُ اسـتـقـلَّ بـأمـرهـا
كـــمـــا تـــتـــهــادى لِلْجــلاءِ كَــعَــابِ
سَـلِ الديـنَ والدنـيـا هـل ابـتهجا به
كـمـا انـجـابَ عـن ضـوءِ النـهـار ضبابُ
نَــضَــاهُ أمــيــرُ المــؤمــنـيـن مُهـنّـداً
له الحِـــلْمُ مَـــتْــنٌ والمــضــاءُ ذُبَــاب
له المَــثَـلُ الأعـلى مَـعـاداً ومـبـدءاً
وللحـــاســـدِ العـــاوي حـــصــىً وتــراب
ألانــتْ لك الأشــيــاءَ وهــي صــليـبـةٌ
عــــــزائمُ فــــــي ذات الإله صِــــــلاب
إليــك أبــيَّاــتــاً مـن الشِّعـْرِ قُـلْتُهَـا
بُـــــودِّيَ لَوْ أنـــــيِّ لهـــــنَّ كـــــتــــاب
فــإن تَــتَــقَــبَّلــْهَــا وتــلك مــطــيـتـي
فــيــا مَــنْ رأى خــطـبـاً ثـنـاه خـطـاب
وهــل أنــا إلا الروضُ حــيَّاــكَ عَــرْفُهُ
وقـــد بَـــاكَـــرَتْهُ مـــن نَــدَاكَ سَــحَــاب
ومــن يُــثْــنِ بـالصُّنـْعِ الجـمـيـلِ فـإنَّه
شَـــكُـــورٌ ولا مــثــلَ المــزيَــدِ ثــواب
وهــل أنــا إلا عــبــدُ أنْـعُـمِـكَ التـي
هـــي الأريُ إذ كـــلُّ المـــواردِ صَـــاب
ومــا شــهــدَ المــجــدُ الذي أنـت سـرُّه
فــــإنــــك بــــحــــرٌ والكـــرامُ سَـــرَاب
وهــا أنـا يـا رِضْـوَانُ بـاسـمـك هـاتـفٌ
فــهــل لي إلى دار المُــقَــامَــةِ بــاب
وهـل يُـدْرِكُ الحـسَّاـدُ غَـورَكَ فـي العُلا
وإن طـــالَ مَـــكْـــرٌ مـــنـــهـــمُ وخِــلاَب
إذا نـافـسُـوكَ المـجـدَ كـنـتَ غـضـنـفراً
إذا زار لم تَـــثْـــبُـــت عـــليــه ذِئاب
ومــا احــمــرَّ إلا مــن صِـيـالِكَ مَـعْـرَكٌ
ولا اخْـــضَـــرَّ إلا مــن نَــداكَ جَــنَــاب
شاركها مع اصدقائك

مشاركات الزوار

شاركنا بتعليق مفيد

الشاعر:


ترجم له ابن بسام في الذخيرة وأورد نماذج من ترسله وشعره وكناه أبا جعفر قال:
له أدب بارع، ونظر في غامضه واسع، وفهم لا يجارى، وذهن لا يبارى، ونظم كالسحر الحلال، ونثر كالماء الزلال، جاء في ذلك بالنادر المعجز، في الطويل منه والموجز؛ نظم أخبار الأمم في لبة القريض، وأسمع فيه ما هو أطرف من نغم معبد والغريض. وكان بالأندلس سر الإحسان، وفردا في الزمان، إلا أنه لم يطل زمانه، ولا امتد أوانه، واعتبط عندما به اغتبط، وأضحت نواظر الآداب لفقده رمدة، ونفوس أهله متفجعة كمدة. وقد أثبت ما يشهد له بالإحسان والانطباع، ويثني عليه أعنة السماع.
تصنيفات قصيدة عِتابٌ على الدُّنيا وَقَلَّ عِتابُ