البيت العربي

عَفا واسِطٌ مِن أَهلِهِ فَمَذانِبُه
عدد ابيات القصيدة:33

عَــفــا واسِــطٌ مِــن أَهـلِهِ فَـمَـذانِـبُه
فَــرَوضُ القَــطــا صَـحـراؤُهُ وَنَـصـائِبُه
وَلَكِــنَّ هَــذا الدَهـرَ أَصـبَـحَ فـانِـيـاً
تَــسَــعـسَـعَ وَاِشـتَـدَّت عَـلَيـهِ تَـجـارِبُه
وَقَــد كــانَ مَـحـضـوراً أَرى أَنَّ أَهـلَهُ
بِهِ أَبَــداً مـا أَعـجَـمَ الخَـطَّ كـاتِـبُه
عَـفـا ذو الصَفا مِنهُم فَأَمسى أَنيسُهُ
قَـليـلاً تَـعـاوى بِـالضُـبـاحِ ثَـعالِبُه
وَحَـــلَّ بِـــصَــحــراءِ الإِهــالَةِ حَــذلَمٌ
وَمـا كـانَ حَـلّالاً بِهـا إِذ نُـحـارِبُه
خَـلا لِبَـنـي البَـرشاءِ بَكرِ بنِ وائِلٍ
مَـجـاري الحَصى مِن بَطنِ فَلجٍ فَجانِبُه
نَـفـى عَـنـهُـمُ الأَعـداءَ فُرسانُ غارَةٍ
وَدَهــمٌ يَــغُـمُّ البُـلقَ خُـضـرٌ كَـتـائِبُه
فَـنَـحنُ أَخٌ لَم يُلقَ في الناسِ مِثلُنا
أَخـاً حـينَ شابَ الدَهرُ وَاِبيَضَّ حاجِبُه
وَإِنّــا لَصُــبــرٌ فـي مَـواطِـنِ قَـومِـنـا
إِذا مـا القَـنا الخَطِّيُّ عُلَّت مَخاضِبُه
وَإِنّــا لَحَــمّــالو العَــدُوِّ إِذا غَــدا
عَــلى مَــركَــبٍ لا تُــسـتَـلَذُّ مَـراكِـبُه
وَغَــيــرانَ يَــغـلي بِـالعَـداوَةِ صَـدرُهُ
تَــذَبـذَبَ عَـنّـي لَم تَـنَـلنـي مَـخـالِبُه
فَـإِن كُـنـتَ قَـد فُتَّ الكُلَيبِيَّ بِالعُلى
فَـقَـد أَهـلَكَـتـهُ فـي الحِراءِ مَثالِبُه
وَظَـــلَّ لَهُ بَـــيــنَ العُــقــابِ وَراهِــطٍ
ضَــبــابَــةُ يَـومٍ لا تُـوارى كَـواكِـبُه
رَأَيــتُـكَ وَالتَـكـليـفَ نَـفـسَـكَ دارِمـاً
كَـشَـيـءٍ مَـضى لا يُدرِكُ الدَهرَ طالِبُه
فَـإِن يَـكُ قَـد بـانَ الشَـبـابُ فَـرُبَّمـا
أُعَــلِّلُ بِــالعَــذبِ اللَذيــذِ مَـشـارِبُه
وَلَيـلَةِ نَـجـوى يَـعتَري أَهلَها الصِبا
سَـلَبـتُ بِهـا ريـمـاً جَـمـيـلاً مَسالِبُه
فَــأَصــبَــحَ مَـحـجـوبـاً عَـلَيَّ وَأَصـبَـحَـت
بِــــظــــاهِـــرَةٍ آثـــارُهُ وَمَـــلاعِـــبُه
وَبِــتــنــا كَــأَنّـا ضَـيـفُ جِـنٍّ بِـليـلَةٍ
يَـعـودُ بِهـا القَـلبَ السَقيمَ طَبائِبُه
فَــيــالَكِ مِـنّـي هَـفـوَةً لَم أَعُـد لَهـا
وَيــالَكَ قَــلبــاً أَهــلَكَـتـهُ مَـذاهِـبُه
دَعــانـي إِلى خَـيـرِ المُـلوكِ فُـضـولُهُ
وَإِنّــي اِمــرُؤٌ مُــثـنٍ عَـلَيـهِ وَنـادِبُه
وَعــالِقُ أَســبــابِ اِمـرِئٍ إِن أَقَـع بِهِ
أَقَــع بِــكَــريــمٍ لا تُــغِــبُّ مَـواهِـبُه
إِلى فـاعِـلٍ لَو خـايَـلَ النيلَ أَزحَفَت
مِــنَ النــيــلِ فَــوّاراتُهُ وَمَــثـاعِـبُه
وَإِن أَتَـــــعَـــــرَّض لِلوَليــــدِ فَــــإِنَّهُ
نَـمَـتـهُ إِلى خَـيـرِ الفُـروعِ مَـضـارِبُه
نِــســاءُ بَــنــي كَــعــبٍ وَعَـبـسٍ وَلَدنَهُ
فَـنِـعـمَ لَعَـمـري الجـالِبـاتُ جَـوالِبُه
رَفـيـعُ المُـنـى لا يَـسـتَـقِـلُّ بِـحِـملِهِ
سَـؤومٌ وَلا مُـسـتَـنـكَـشُ البَحرِ ناضِبُه
تَــجــيــشُ بِــأَوصــالِ الجُـزورِ قُـدورُهُ
إِذا المَحلُ لَم يَرجِع بِعودَينَ حاطِبُه
مَـطـاعـيـمُ تَـغـدو بِـالعَـبيطِ جِفانُهُم
إِذا القُـرُّ أَلوَت بِـالعِـضـاهِ عَصائِبُه
تُــضــيـءُ لَنـا الظَـلمـاءَ غُـرَّةُ وَجـهِهِ
إِذا الأَقـعَـسُ المِبطانُ أَرتَجَ حاجِبُه
وَمـا بَـلَغَـت خَـيـلُ اِمـرِئٍ كـانَ قَـبلَهُ
بِــحَــيــثُ اِنــتَهَـت آثـارُهُ وَمَـحـارِبُه
وَتُـضـحـي جِـبالُ الرومِ غُبراً فِجاجُها
بِــمــا أَشــعَــلَت غـاراتُهُ وَمَـقـانِـبُه
مِـنَ الغَـزوِ حَـتّـى اِنـضَـمَّ كُـلُّ ثَـميلَةٍ
وَحَـتّـى اِنـطَـوَت مِن طولِ قَودٍ جَنائِبُه
يَــمُـدُّ المَـدى لِلقَـومِ حَـتّـى تَـقَـطَّعـَت
حِـبـالُ القُـوى وَاِنـشَـقَّ مِـنهُ سَبائِبُه
فَـتـى النـاسِ لَم تُـصهِر إِلَيهِ مُحارِبٌ
وَلا غَــنَــوِيٌّ دونَ قَــيــسٍ يُــنــاسِــبُه
مشاركات الزوار
شاركنا بتعليق مفيد
الشاعر: الأَخطَل
شاعر مصقول الألفاظ، حسن الديباجة، في شعره إبداع. اشتهر في عهد بني أمية بالشام، وأكثر من مدح ملوكهم. وهو أحد الثلاثة المتفق على أنهم أشعر أهل عصرهم: جرير والفرزدق والأخطل.
نشأ على المسيحية في أطراف الحيرة بالعراق واتصل بالأمويين فكان شاعرهم، وتهاجى مع جرير والفرزدق، فتناقل الرواة شعره. وكان معجباً بأدبه، تياهاً، كثير العناية بشعره. وكانت إقامته حيناً في دمشق وحيناً في الجزيرة.